|
.:" الأسطوره ":.
بندر بن سرور
إعداد / خالد النفيعي ( قلم شاع ـر )
حديثنا عن هذا الشاعر ذو شجون , فقصائدة راسخة في عمق الصحراء متأصلةٍ بها , رغم سلاستها
وقوة جزالتها , إلا أنك تحس بنكهة البداوة فيها , وليس هذا مستغرباً على شاعرنا فكيف لا ,
وهو قد رعى الأبل في الصحاري الحارقة , دعونا نستهل حديثنا في هذا الجزء من حيث وقفتنا الأخيرة وهو السؤال اللذي يقول : هل هو شاعر موعضة , أم شاعر غزل ؟
الإجابة على هذا السؤال هو ماسوف تجدونه في قصائدة الخالدة الرائعة , رغم بعض القصائد الغزلية
إلا أنه للموعضة أقرب , - وأعلم جيّداً - أنه هناك من يعارض على هذا الكلام , ولكن هل وقفنا لحظة تأمل
حول هذا البيت اللذي للأسف لا يعرفه الكثيرون سوى بعض من اللذين يحفظون قصائده , دعونا نتأمل فقط
هذا البيت
يقول بندر :
يوم أسجد النفلات خوفي من النار = اللي عيال اليوم فيها يطيحون
صلاة النافله ,, وما دعاه إلى ذلك سوى خوفه من الله سبحانه وتعالى وخوفه من نار جهنم والعياذ بالله , لنجد في الشطر الثاني توضيح لحال الشباب اليوم اللذي لا يعلمون سوى الصلاة الواجبة فقط ناهيكم عن صلاة النافلة ماتكون من حالها لديهم 0 وهل فقط هذا البيت أم أن هناك المزيد ..؟
بندر بن سرور طرح أغلب بل وجلّ قصائدة في الموعضة فلا تكاد تخلوا قصيدة من ذكر الله سبحانه وتعالى حتى ولو كانت القصيدة غزلية , وهذا ماسوف نشير إليه في قصائد الغزل للشاعر , لدرجة أن الغالب على
قصائده رحمه الله تبدأ بذكر الله , ومنها قصيدته المشهوره اللتي قالها في الشيخ زايد آل نهيان
رحمه الله ,
يقول بندر :
بديت ذكر اللي بسط سبع بوتاد = واللي رفع سبع بليا عمدها
وأيظاً في التوجد يقول بندر :
يا رب أنـا لـي حاجهٍ صـكـة الـقوع = بأقصى بحر تسعين صكة نحرها
وأيظاً يقول بندر :
يالله يا جال الأمور المهمة = تجلى وهق قلب برى حال راعيه
وأيظاً يقول بندر :
بديت ذكر الله علـى كـل جابـه = يستاهل الذكر العزيـز الجليلـي
وأيظاً يقول بندر :
بديت ذكرالله على كل ماقيـل = رب الفلك منه الفلك ينتهي لـه
لله درّه عليه رحمة الله , دعونا نعود قليلاً إلى الوراء , وهو السؤال اللذي يقول:
هل هو شاعر موعضة أم شاعر غزل ؟
إن الشاعر أياً كان لا بد أن يعطي القريحة مايصادفها من المواقف , لتعبر عن ذاتها بما يناسبها ,
إن كان غزلياً أم موقف مؤثراً كالوفاة أو حتى الهِجاء , تتعدد أغراض الشعر إلا أن وجدانية بندر بن سرور
أنحصرت مابين التوجد والهِجاء والمدح فقط حتى في قصائدهِ الغزلية , ولكي تتضح لنا الرؤياء دعونا نتأمل
هذا البيت
يقول بندر :
يابنت ياللي عمرها صدر وردوف = بيض محاجرها وحلو نباها
ودي بشوفك مير يوم اقصر الشوف = عيني بعد هاك الرمد قل ماها
كل نفس توّاقة للمحاسن أياً كان الحُسن , سواء في الطبيعة أو منزلاً أو حتى إنسان وهذه غريزة في البشر لاينكرها إلا جاحد , واللذي دعى شاعرنا عن غض البصر وهو في قوله ( اقصر الشوف ) , أنه تاب من التغزل بمعنى آخر طابت النفس , كيف لا وبندر بن سرور عند وفاته لم يتجاوز من العمر ( 41 عاماً ) ولم يصب بالرمد من ولادته حتى وفاته , هذا من جهه ومن جهة أخرى لا يعتريه الخوف لو طرح قصيدته متغزلاً بتلك الفتاة كما تغزل بغيرها بدون رادع , مادعاه على ذلك إلى رمد العين وهو الخشية والخوف من الله سبحانه .
لعل البعض من القراء يتسائلون , إذا كان الشاعر كما قلنا عنه , فمن تكون حصه , ميثاء الغرابي ,
منيره , ساره , وضحى , عيّده , ضيحه .. خاصة إذا علمنا أنه تزوج مرة واحدة فقط وكان الزواج فاشلاً ؟
قبل الإجابة على هذا السؤال , نود أن نعيد الذكريات الى الوراء قليلاً , فعند أهل البادية قديماً وحتى يومنا الحاظر في بعض القرى والهجر , أن الرجل الكبير في السن يجتمع مع بعض أقرباءه عندما يزورهم ويكون هذا التجمع شاملاً الأب والأم أو الجدة , وهن كبيرات بالسن , ولكن تجمع على شرف وعز , ويكون هنا بعض الاحيان إما فتاة لم تتزوج خلف أمها تسمع الأحاديث وهي بالعادة من تحظر القهوة والشاهي , ولو نظرنا إلى قصائد الشاعر سوف نلاحظ كلمة ( القول ) أي الكلام فقط وليس الفعل .. وهذه عادة كل شاعر مرهف الحس عندما يشاهد فتاة فإن قريحة تغدق عليه بكل ماهو جميل , ولكن بالكلام الحسن الجميل العفيف , ونقف عند بعض من أبياته حول هذا الموضوع ,
يقول بندر :
ياليتني سيّرت يم الغرابي = من شان ميثا شوفها رحمة لي
في الشطر الأول كلمة سيّرت أما في الشطر الثاني كلمة ( شوفها ) , فقط النظر ,
وحتى نكون أكثر تأكيداً دعونا نرى البيت اللذي يقول فيه بندر :
عز الله اني عن هوى البيض تايب = لكن ردتني على القول سارة
نلاحظ هنا في الشطر الثاني قوله ( ردتني على القول ) أي ان ساره هيضت قريحته وأعادته لقول الشعر الغزل , ولكن الغزل العفيف , ويقول بندر أيظاً:
عز الله اني جزت عن كل ما اقول = لا شك ردتني على القول ضيحة
وهنا أيظاً في الشطر الأول كلمة ( جزت ) بمعنى تبت أو أقلعت , وفي الشطر الثاني كلمة ( القول ) , والقول هنا كما سبق شرحه هو شعر الغزل , يقول بندر بن سرور أيظاً :
كما هو معلوم عند الجميع أن الرجل عندما يسافر ويكون قريباً من أحد معارفه فمن الطبيعي أن يزورهم فشاعرنا ذكر عيده وهي من أحد معارف الشاعر لحسن إبداعها في طريقة تحظير القهوة , مع العلم إن مشروب بندر بن سرور الشاهي كما ورد في قصائده وأبدع في التصوير 0 نعود لنقول أن الشاعر بندر بن سرور رحمه الله تعالى , قصائده الطابع الأول عليها وعضية حتى وإن كانت القصيدة غزلية فلا بد من أن يصبغ عليها طابع الموعضة والإرشاد , ولنا في قصيدته ( عجل على المسجد ) خير برهان
يقول بندر :
ياكثر يافيحان صبر صبرناه = امس الشهر عديت باقي اسبوعه
لاتغبط اللي صار زوده بدنياه = يتبع هوى نفسه وغير طبوعه
مخطي طريق الحق غاد بعمياه = يجمع وصخ مال زوال نفوعه
اغبط تقي صار زوده بتقواه = عبد لصوت الرب يرخي سموعه
يفرح بصوت منادي الحق ناداه = عجل على المسجد بطيْ ركوعه
والا ترى الدنيا حدود مسماه = لابد مايقفي وتقفي زروعه
أعلم جيّداً أن هناك تباين كبير حول هذا الموضوع ولكن , قبل أن تطرح تساؤلاتك , هل وقفت على أول قصيدة لبندر بن سرور واللي قيلت قبل أربعين سنه ..؟ فمن المعروف أن ماضي الشخص ينبيك بحاضره وإن كان ميتاً ينبيك بسيرته , فهذه القصيدة للشاعر لم تدون من قبل , وقد رواها الشاعر خلف المحدى , وكانت مرسله للشيخ متعب بن محروت الهذال , شيخ مشايخ قبيلة عنزة , بسبب موقف معين حدث للشاعر , وهي قلة المعيشة والمؤنة آنذاك وقال في هذا الموقف هذه القصيدة
بعنوان ( ياراكب اللي ) ,
يقول بندر :
يا راكب اللي كن سلفه ليا نيـش = مثل المحاله يوم يمـرس رشاهـا
يلحق فروخ مصخرات ابرق الريش = شقر الحرار اللي عزيـز غذاهـا
عده لابن هذال ريـف الهتاتيـش = ليا زارها الطرقي همومه نساهـا
قل له يحـل الكايـدات المباليـش = اللي عسرني حلهـا مـن غثاهـا
أصبحت بالدنيـا كثيـر التباليـش = وازريت اميز وجهها مـن قفاهـا
يوم توردنـا الديـار المعاطيـش = ويوم توردنـا علـى بـرد ماهـا
[size=7] يتبع [size] |
|