بسم الله . والحمد لله .
ثورة شباب ، أم شيّاب ؟!
مازال الإعلام الخادع المخادع كما كان ـ جريًا على عادته المتبوعة وسماته المطبوعة ـ يزوّر الحقائق ويلوّن الوقائع ، ومن ذلك وصفه لما يحدث في ليبيا ومصر واليمن من ثورة ( ثوارة ) بأنّها ثورة الشباب !؟
ولكنّ المتابع العاقل حينما ينظر إلى وجوه دعاة هذه الثورات ( الثوارات ) ومؤجّجي نارها مجرّد نظرة عابرة يجد أنّ الأمر على خلاف ما ذُكر ؛ فما يرى إلا وجوهًا بهتت وشاخت فقد رسمت عليها السنون التجاعيد والحفر وشيب الشعر إشعارًا لأصحابها أنّ دنوّهم من القبر قد اقترب ، وأجسادًا قليلة اللحم واهنة العظم إلا أنّ لأفواه هذه الوجوه الشاحبة والأجساد الواهنة لعابًا غزيرًا ها هو يسيل على الأذقان طمعًا في الجاه والمال وحبًا معميًا في السلطة ورغبةً جامحة في الرئاسة ؛ فكأنّ كلّ ما بقي مِن طاقاتهم الجسدية والنفسية قد تجمّع في غددهم اللعابية ليفرزه بهذه الكثرة شهوة ورغبة في كسب الرئاسة أملهم المكبوت مِن أيام الدراسة الذي شاخت وهرمت أجسادهم من طول السنين إلا أنه هو وحده في نفوسهم يشبّ ويقوى يومًا بعد يوم ؛ حتى نفّس عنه في هذه الأيام الراهنة بمجيء الثورات القائمة التي هي له الفرصة السانحة !؟
فما أكبر كذبة الإعلام ـ على عادته ـ هذه المرّة ! وما أعظم تزويره للحقيقة ! إلا أنه هذه المرّة لم يجعل من الحبة قبة ، وإنّما جعل منها مجرّة بهذه الكذبة المدوية حينما وصف أطماع هؤلاء الهرمين والشياب المنتهين بثورة الشباب تجميلاً لها لتسويقها بين السذّج والمنقادين بأنّها من الشعب العربي الشابّ نشأت وإلى صالحه قصدت .. وما هي ـ في حقيقتها ـ إلى مِن سنيّ الرئيس ومنافسيه على الحكم قد نشأت وإلى وصولهم للحكم والرئاسة قد قصدت ، فسعت ، ثم وصلت !
ولذا فمن الظلم والإجحاف وصف هذه الثورات ووسمها بأنّها ثورات شباب ، وكلّ متابع عاقل وناضج عادل يرى أنّ زعماءها كلّهم هرمون ، وليس هذا فحسب ، بل ها هم ذا ـ وهو الأهمّ ـ قد حادوا كلّ الحيد عن مصالح الشباب أجمعين وتحقيق مطالبهم مِن توفير فرص العمل وأسباب اكتساب المال الحلال والعدل في توزيع الثروات والمساواة بينهم وفق ما شرع الله ـ جلّ في علاه ـ وغير ذلك ، وهم الذين سوّقوا ومن ورائهم ودونهم إعلامهم المأجور هذه الثورات وروّجوا لها باسم أولئك الشباب ليس غير .. أقول : هاهم ذا قد حادوا إلى مطاردة الرؤساء السابقين ونسائهم أملاً بنهب أموالهم بطريقة أو أخرى ونقل أرصدتهم مِن حساباتهم باسم المصلحة العامّة إلى حساباتهم هم الخاصّة ؛ وما يجري في تونس ومصر خير شاهد على ما ذُكر !
فماذا جنا الشباب العربي من هذه الثورات إلا اللهث واللأواء ، والبقاء في نفس الشقاء ؛ فكأنّهم ـ من حالهم ومآلهم ـ كبعير السواني يرتوي غيره من جهده وهو ظامئ مع تعبه !
ومن هذا كلّه ؛ فحقيق أن :
1- تُسمّى هذه الثورات ( الثوارات ) بـ ( ثورة الشيّاب ) وحدهم لا الشباب ـ أبدًا ـ للفوز بالرئاسة وتقاسم الكعكة المادية والمعنوية مِن هذه الرئاسة هدفهم الأول والأخير ؛ لأنّهم على درب أسلافهم ممن سبقهم من الرؤساء يسيرون ، وبنفس النظرة وعلى نفس المنهجية وإلى نفس المقاصدية يهدفون ، وإن تغيّرت الوجوه ، وتبدّلت الأساليب ، وتنوّعت الأكاذيب ؛ فالطمع سيّد الموقف ، ومسيّر الموكب !
2-على الشباب العربي الذين جيّرت باسمه ـ فقط ـ هذه الثورات ، ولكن جيّرت مكاسبها وخيراتها كلّها باسم الشيّاب ـ فقط ـ أن يحذر كل الحذر أن يكون ألعوبة مرّة أخرى كما كان في أيدي هؤلاء الشيّاب وأطماعهم في مستقبل الأيام !
3-كلّ مطالب ومدعٍ بالخير والحريّة والعدل والتقدميّة لأبناء بلده ، ولكنّه في الوقت نفسه يجعل مِن بلده كلّه باتّفاقيّات يوقّعها أو نحوها أسيرًا لدولٍ أخرى ومرتعًا لأطماعها ـ كما فعل جماعة المجلس الانتقالي الليبي ـ فهو ـ ولا شكّ ـ كاذب في دعواه ، ومضلّل عن مبتغاه ، ومخادع لأبناء بلده ، وحقيق بأنّ يوصف بالعمالة وأن يقلّد وسام الخيانة بقيّة حياته ، وأن يُحذر منه وأمثاله ؛ فهم رأس الشرّ ومنبت الفتنة لمضرّة البلد والأمة ؛ فلا خير ـ البتة ـ فيمَن أو ممّن يجعل عنان بلده في يدّ عدوّه يفعل به ما يشاء مِن : ركوب وإحمال ، و حلب وإذلال ، وعسف وخسف ، وسلب وتلف !
بقلم :
*عاشق الحقيقة*
11 / 7 / 1432هـ
التوقيع |
الآراء كثيرة مُتباينة .. وتبقى الحقيقة واحدة .. تراها العين التى ترَى بالعقل من منظار النقل و الهُدى ، لا العين التي ترَى من منظار الفِسق والهَوى !؟
.
.
|