المتتبع للساحة الفكرية قديمًا ( الأفضل أن نقول بالضبط قبل كم سنه لان قديما هذه غير محددة ) يجد أنه هناك العديد من المصطلحات ( القومية والاشتراكية والتقدمية و الشيوعية و البعثية إضافة إلى الرأس مالية ) وكان للفكر القومي بريقٌ في الساحة الفكرية السعودية حتى أثبتت الأحداث فشله ، اليوم بعضها انتهى وبعضها امتزج مع مصطلح قريب في التوجه والآخر لازال والآخر تحول من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين نتيجة لفشله في إثبات صلاحيتها للتعاطي !
وتحقيق تطلعات المجتمعات التي تم تطبيقه فيها .
ونتيجة لفشل هذه المصطلحات الفكرية في تحقيق النهضة التي تنشدها المجتمعات لتواكب من خلالها التطورات التنموية و المعرفية والحضارية العالمية لتكون مجتمعات فاعلة ، نتيجة لهذا الحراك الاجتماعي الذي يعتبر حراكًا طبيعيًا تمليه طبيعة تكوين هذه المجتمعات ظهر لدينا في الآونة الأخيرة العديد من المصطلحات الفكرية ( العلمانية –الأصولية – الصحوية – التنويرية ) ونتيجة لاختلاف توجهاتها الفكرية المتضادة ظهر لدينا ما يسمى بالصراع الفكري بين هذه المصطلحات الفكرية المتضادة .
لن أتطرق للتعريف بهذه المصطلحات ومتى نشأت و ما هي البيئة التي نشأت فيها ، وسوف أتناول مصطلحين من هذه المصطلحات أرى أن أنصارهم يحملون نظرة الإقصاء والمصادرة لبقية أفراد المجتمع بل وينصبون أنفسهم أوصياء فكريين على البقية ....
مصطلح الصحوة:
يعتقدون أتباعه بأن المجتمع كان غافلاً ونائمًا و انه خارج عن الطريق القويم و أنَّ من مسؤوليتهم أن يصرخوا في أذنيه لكي يقوم من غفوته وينتبه إلى انه خارج عن الطريق القويم ، الشيء الملفت للنظر أن من يقومون بذلك ليسوا من المكلفين ( الهيئة ) أو من أولى العلم المكلفين بذلك والواجب الاستماع لهم والأخذ بما يأمرون به ، ولكن من ما يسمون ( طلبة العلم ) هذه الكلمة المطاطة التي تسمح لمن يتصف بها أن لا يكون تحت طائل المساءلة الاجتماعية ، وهم في ذلك يستخدمون القاعدة الشرعية ( درء المفاسد مقدمٌ على جلبِ المصالح ) ليضعوا تحتها أ!
ي أمر لا يتناسب مع توجههم الفكري حتى لو كان غير مخالف للضوابط الشرعية ...
مصطلح التنوير :
يعتقد أتباع هذا المصطلح انه يجب تحرير الفكر من الضوابط التي يعتقدون أنها مقيدة له ، ومن ضمن هذه الضوابط الدعوة المطلقة إلى تجاوز التراث وهم تحت هذه الدعوة يمكن أن يضعوا أي شيء يريدون تجاوزه تحت مصطلح ( التراث )
ومن هنا فإنهم يعتبرون كل من يخالفهم ظلامي التفكير غير قادر على التحرر الفكري الذي ينادون به ، بل يتهمونه بأنه من معوقات التحرر الفكري و الاجتماعي الذي يعطل عجلة التقدم والتطور والنهضة ، وهم من خلال ذلك الطرح يستخدمون ( التراث ) كقاعدة يضعون تحتها أي مسألة لا تتناسب مع طرحهم ، و( المسألة ) هنا تعبير عائم يشوبه الكثير من الشكوك التي قد تصل إلى المساس بالثوابت الدينية و التي لا تتوافق مع توجههم وتعيق طرحهم الفكري .
ووفق هذان التصوران أصبح المجتمع :. مجتمعًا نائمًا و(مخطئًا ) لجادة الصواب ويجب رده و إيقاظه حسب الطرح الصحوي ، أو مجتمع ظلامي تراثي يجب تنويره و الأخذ بإشاعة النور بين جميع فئاته و فصلة عن تراثه الذي يعتبر عائق للتحرر حسب الطرح التنويري وكلاَّ من هذين الفكرين فكرين متطرفين ، وهما يلتقيان بأسلوب ممارستهم وطرح فكرهم ، لأنهم يسلكون أسلوب الإقصاء والمصادرة وفرض الوصاية على المجتمع .
بكل تأكيد فان هذا الصراع بين هذين المصطلحين كان له تأثير سلبي على المجتمع ، لان المجتمع مجتمع محافظ مجتمع وسطي لا يقبل المساس بثوابته ، مجتمع لا يميل ولا يقبل التغير السريع سواء إلى اليمن المتطرف أو إلى اليسار المتطرف بل يسير إلى التطور المتوازن البطيء المدروس ، التغير المقبول والسهل الاستيعاب من قبل كافة أطياف المجتمع ..
وكل شئ ................ ايجوز