السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
كانت هناك محاولات عدة لتوحيد أجزاء في الوطن العربي الكبير ولكنها فشلت ولم تفلح، أكثر من تجربة وحدوية جرت لقيام وحدة عربية شاملة ولكنها لم يكتب لها النجاح، أما في جزيرة العرب فكانت تجربة ناجحة بكل المقاييس تلك التي قام بها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود (يرحمه الله تعالى)، تجربة رائدة للوحدة العربية بكل ما لهذه الكلمة من معنى تلك التي قام بها مؤسس المملكة العربية السعودية (يرحمه الله تعالى).
حقيقة أن قيام الدولة السعودية الموحدة يعتبر إنجازا تاريخيا عربيا وحدويا عظيما لا مثيل له في القرن العشرين، إنجاز يستحق الإشادة والتقدير مع جميع دعاة الوحدة العربية والمنادين بها في عصرنا الراهن، فالذي قام بهذا الإنجاز التاريخي الرائع رجل واحد لا يختلف عن بقية الرجال في شيء إلا بإيمانه بأرضه وبتصميمه على جعل بلاده قوية موحدة تجابه الأعاصير الهوجاء والرياح العاتية بقوة وصلابة، ففي مثل هذه الأيام قبل (77) عاما تحقق للملك عبدالعزيز آل سعود ما كان يريد ويتمنى، ففي يوم 21 من شهر جمادى الأول لعام 1351هـ الموافق 23 من شهر سبتمبر (أيلول) لعام 1932م أشرق يوم جديد في سماء الجزيرة العربية، يوم دخل التاريخ من أوسع ابوابه، يوم فتح صفحة جديدة في دنيا العروبة والإسلام وكان إيذانا ببدء عصر جديد لأرض الجزيرة العربية مترامية الأطراف وما حولها، مرحلة جديدة لإنسان هذه الأرض العربية في شتى الميادين وعلى مختلف الأصعدة وبداية حقيقية لدولة عربية مسلمة قوية متماسكة الأركان متينة البنيان وعميقة الجذور.
في مثل هذه الأيام أصدر المرحوم الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود أمرا ملكيا قضى بتوحيد أجزاء بلاده شمالا وجنوبا وشرقا وغربا تحت اسم المملكة العربية السعودية، وقد جاء ذلك بعد كفاح طويل مرير يعد بحق معجزة من معجزات العصر الحديث، وقامت المملكة العربية السعودية على رمال الصحراء وفي قلب الجزيرة العربية، دولة عربية مسلمة مستقلة ذات سيادة لها ثقلها ولها وزنها بين دول العالم أجمع.
لم يكن تأسيس هذه الدولة العربية العملاقة وقيامها في تلك الظروف الصعبة من تاريخ الجزيرة العربية وتاريخ العرب بشكل عام بالأمر الهين او السهل، ولم تكن الأجواء في حينها مهيأة لمثل هذا الحدث الهام في تاريخنا العربي والإسلامي، ولكن همم الرجال وشجاعة (إخوان نورة) جعلت من العسير يسيرا ومن الصعب سهلا، نعم كان الملك عبدالعزيز آل سعود (يرحمه الله تعالى) على رأس هؤلاء الرجال وفي مقدمة أولئك الشجعان، كان (يرحمه الله) قوي الشكيمة صعب المراس، لا يتردد ولا يتراجع عن قضية كان يؤمن بها ويرى أنها هي الحق والعدل، وهو الذي عرف بالبسالة والإقدام واشتهر بالفطنة والذكاء والدهاء السياسي، كان رجلا في دولة ودولة في رجل، قاد المملكة العربية السعودية قبل وبعد إعلان توحيدها في عام 1932م حتى انتقاله الى رحمة الله تعالى في عام 1953م، فقد كان خلال فترة حكمه خير قائد وخير حاكم، نعمت الدولة العربية السعودية في عهده الزاهر بالأمن والأمان وبالاستقرار والازدهار، والى اللقاء في الجزء الثاني لنكمل حديثنا عن المملكة العربية السعودية وتجربة الوحدة العربية.
المملكة العربية السعودية الشقيقة وبمناسبة احتفالها بعيدها الوطني السابع والسبعين اقول: ثم حمل الامانة من بعد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود ابنه الاكبر الملك سعود (1964-1953) الذي برزت في عهده ملامح التقدم واكتملت هياكل بعض المؤسسات والاجهزة الاساسية في جميع مرافق المملكة العربية السعودية، ثم اضطلع بحمل الامانة من بعده الملك فيصل (1975-1946) والذي كان بحق رائد التضامن الاسلامي والذي شهدت الدولة العربية السعودية في عهده اول خطة للتنمية ونالت احترام وتقدير العالم أكثر فأكثر، ثم تسلم القيادة من بعده الملك خالد (1982-1974) فاتصل ينبوع الخير وازداد النماء واستمرت الدولة العربية السعودية الشقيقة في خطتها التنموية وجزء من خطة التنمية الثالثة، ثم انتقلت الامانة من بعده الى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد (2005-1982) الذي سار على خطى اسلافه الكرام في قيادة سفينة البلاد العربية السعودية الى بر الامان والاستقرار.
ان الاعمال الجليلة والمواقف العظيمة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود (يرحمه الله تعالى) كثيرة وكثيرة داخليا وخارجيا، واهمها في نظري موقفه البطولي المشرف من الغزو العراقي لدولة الكويت عام 1990، ذلك الموقف النبيل الذي سجل له بأحرف من نور، ذلك الموقف السامي الذي ساهم بشكل فعال في تحرير بلدنا العزيز دولة الكويت من براثن المقبور صدام حسين وزمرته العفلقية الباغية.
ومن بعد الملوك الاربعة من أبناء الملك عبدالعزيز آل سعود (يرحمهم الله جميعا) تسلم سدة الحكم في البلد الشقيق في عام 2005م خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود فوصلت الامانة الى خير خلف لخير سلف لتبلغ المملكة العربية السعودية بفضل الله أولا ثم بفضل قيادته الحكيمة وخدمته لشعبه وأمته ووطنه ما تنعم به اليوم من رخاء وتقدم وأمن وأمان على الصعيد الداخلي، واحترام وسمعة طيبة على المستوى الدولي، فأصبحت المملكة العربية السعودية اليوم محط أنظار دول وشعوب العالم أجمع، وعلى الأخص دول وشعوب مجلس التعاون الخليجي، لما لها من مكانة سياسية واقتصادية جيدة ومستقرة، ولما لها من كلمة مسموعة محترمة.
وفي هذه الايام والمملكة العربية السعودية الشقيقة تحتفل بذكرى عيدها الوطني السابع والسبعين نستذكر بكل عرفان بالجميل موقفها المشرف والمبدئي الحازم الذي وقفته بجانب الحق الكويتي اثناء وبعد الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت عام 1990م، ذلك الموقف الاخوي الصادق الذي لا ولن ينساه الكويتيون ما حيوا، فلخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود (يحفظه الله تعالى) ولشعبه وقيادته دين واي دين في اعناقنا نحن أهل الكويت لا يمكن لاي كويتي مخلص ان ينكره او ينساه ابدا، فالمملكة العربية السعودية وقيادتها وشعبها ساهمت بشكل فعال في تحريرنا من ربقة عدو ظالم لم تعرف الرحمة طريقا الى قلبه ولم تعرف الانسانية مكانا لها في نفسه، فالى المملكة العربية السعودية الشقيقة وقيادتها الكريمة وشعبها الوفي اسمى معاني التهنئة والتحية والاكبار بعيدهم الوطني المجيد اعاده الله عليهم باليمن والبركات وحباهم بعظيم فضله وسابغ نعمه، وادام الله الاخوة الكويتية السعودية ومنحها الثبات والقوة، كما ارجو ذلك لدول مجلس التعاون الخليجي جميعها مع خالص التهنئة والتحية للدولة الشقيقة المملكة العربية السعودية اللهم انا نسألك وندعوك ان تخفظ بلادنا واشقاءنا واخواننا من عين الحاسدين وحقد الحاقدين بحق محمد وآله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين قولوا آمين.