ما أثارته ربيعة قدير الناشطة في شأن حقوق المسلمين «الايغور» قبل ايام من معلومات عن اختفاء آلاف من المسلمين في منطقة «اورمتشي» في شرق الصين امر متوقع في ظل الانظمة الشيوعية التي تؤمن بالعقوبات الجماعية سبيلا لاخماد أي معارضة من أي فئة تطالب بحقوقها، فاعتقال عشرة آلاف مسلم في ليلة واحدة كما ذكرت ربيعة قدير في مؤتمر صحافي في طوكيو الاسبوع الماضي يعكس حجم الانتفاضة التي قام بها المسلمون هناك دفاعا عن دينهم وعن اعراضهم.
وللحكومة الشيوعية في بكين سوابق كثيرة من هذا النوع في الماضي، المظالم ضد المسلمين في الصين قديمة لكن ما استجد هو تطبيق نظام يرغم الفتيات من «الايغور» على السفر للعمل في مصانع ومزارع ومؤسسات في شرق الصين بعيدا عن اهاليهن الامر الذي ترفضه الاسرة المسلمة، ومما زاد الغضب انحياز الحكومة الشيوعية الى الاغلبية العرقية الصينية من فئة «الهان» على حساب الاقلية من «الايغور» والتمييز ضدهم في كل شيء على الرغم من انهم اهل الاقليم وسكانه الاصليون.
واللافت هو ان الحكومة الصينية سارعت الى اتهام تنظيم «القاعدة» بالمسؤولية عن الفتنة في «اورمتشي» وما حصل من انتفاضة، ويبدو ان هذا الادعاء وافق هوى من بعض وسائل الاعلام الغربية التي تعاملت مع احداث شرق الصين في هذا الاطار، وقد صار هذا الشيء الهلامي وغير الواضح الذي يسمونه «القاعدة» مادة تبرر به الانظمة القمعية تصرفاتها، فموسكو تربط بين المقاومة الشيشانية وبين «القاعدة» وتعتبر قمعها للشيشانيين جزءا من «الحرب على الارهاب»، واسرائيل ذبحت الفلسطينيين في غزة بدعوى ان المقاومة الاسلامية هناك امتداد لفكر «القاعدة»، وهناك عدد غير قليل من الحكومات في العالمين العربي والاسلامي يضرب المعارضين ويعتقلهم باسم «القاعدة» و«الحرب على الارهاب»، بل قتلت الطائرات الامريكية في افغانستان والعراق آلافا من المدنيين والابرياء بحجة ملاحقة زعماء «القاعدة».
الانتماء للدعوة الاسلامية عموما صار تهمة مدان صاحبها ولا يغفر له ان يكون معتدلا بل الاعتدال مكروه عندهم اكثر من التطرف، ولم تكن الصين لتقوم بهذه الحملة ضد المسلمين «الايغور» لولا انها ضمنت ان 55 قطرا اسلاميا لها مصالح اقتصادية كبيرة معها لن تحرك ساكنا، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم اذ تحدث عن زماننا هذا فقال «بل انتم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل..».
الكاتب عضو مجلس الامه الكويتي الدكتور وليد الطبطبائي