قصيدة محبرة العيون للشاعر الدكتور : سمير العمري
في رثاء المناضل الشهيد : سعيد صيام رحمه الله.
جَفَّتْ دَوَاةُ الشِّعرِ مِنْ قَلَمٍ نَبَا=فَأَسَلْتُ محْبَرَةَ العُيُونِ لِتَكْتُبَا
وَجَلَسْتُ أَنْتَظِرُ الدَّقَائِقَ دَاعِيًا=أَمَلا بِمَنْ يَأْتِي يُكَذِّبُ لِي النَّبَا
وَشَدَهْتُ لا فَرَحٌ يُخَفِّفُ بِالرِّضَا=فَقْدًا وَلا حُزْنٌ يَخِفُّ فَأَطْرَبَا
قَدْ كُنْتُ آمَلُ يَا سَعِيدُ بِأَنْ تَرَى=مِنِّي المَدَائِحَ لا الرِّثَاءَ مَكَبْكَبَا
وَبِأَنْ أَضُمَّكَ فِي عِنَاقِ مُهَنِّئٍ=بِالنَّصْرِ فِي وَطَنٍ يَرَاكَ الكَوْكَبَا
لا زَالَ صُوْتُكَ يَقْتَفِي فِي خَاطِرِي=قَبَسًا بَكَتْ عَيْنُ السِّرَاجِ وَقَدْ خَبَا
وَيَزِيدُنِي لَهَفًا بِفَقْدِكَ يَا أَخِي=ذِكْرَى الفُؤَادِ لِطِيبِ أَيَّامِ الصِّبَا
يَا مَنْ عَرَفْتُ بِهِ المَكَارِمَ كُلَّهَا=عِلْمًا وَحِلْمًا رَاشِدًا وَتَأَدُّبَا
وَتَرَفُّعًا فِي هِمّةٍ وَتَوَاضُعًا=فِي عِزَّةٍ وَتَسَهُّلا وَتَصَعُّبَا
وَشَجَاعَةً فِي فَرْضِ أَمْنِ موَاطِنٍ=وَبَرَاعَةً بِكْرًا مَهَرْتَ وثَيِّبَا
فَقَدَتْ فِلِسْطِينُ الحَبِيبَةُ قَائِدًا=بِكَ يَا سَعِيدُ مُحَنَّكًا وَمُجَرَّبَا
وَنَعَتْ غَطَارِيفُ الكَتَائِبِ فَارِسًا=قَدْ عَاشَ لَيْثًا إِنْ أَقَرَّ وَإِنْ أَبَى
قَدْ كُنْتَ تَنْتَظَرُ الشَّهَادَةَ ضَارِعًا=وَاللهُ بِالمَرْجُوِّ أَكْرَمَ وَاجْتَبَى
وَأَرَاكَ فِي الدُّنْيَا مَحَبَّةَ أُمَّةٍ=تَبِعَتْ جَنَازَتَكَ المَهِيبَةَ مَوْكِبَا
تَبْكِيكَ يَا صَاحِ المَوَاقِفُ فِي الوَغَى=وَالدَّارُ وَالثُّوَّارُ وَالأَبُ وَالإِبَا
وَعُيُونُ غَزَّةَ وَالحَرَائِرُ وَالعُلا=وَحَنِينُ أَهْلٍ وَالأَزَاهِرَ فِي الرُّبَى
مِنْ أَيْنَ يُنْتَدَبُ الأَمَانُ وَقَدْ غَدَا=صُبْحُ الأَمَانِ عَلَى رَحِيلِكَ غَيْهَبَا
قَدْ كُنْتَ لِلقَسَّامِ أَقْرَبَ مَوْرِدًا=فَجَعَلْتَ كَفَّ الغَدْرِ أَبْعَدَ مَطْلَبَا
وَغَرَزْتَ فِي حَلْقِ الجَبَابِرِ شَوْكَةً=وَغَرَسْتَ حَقْلا لِلمَآثِرِ مُعْشِبَا
وَأَبَيتَ إِلا أَنْ تَعِيشَ بِعِزَّةٍ=حَتَّى اتَّخَذْتَ مِنَ الكَرَامَةِ مَذْهَبَا
مَا كَانَ رَدُّكَ إِذْ تَهَدَّدَكَ الرَّدَى=إِلا التَّصَدِّي لِلعَدِوِّ مُقَطِّبَا
فَلَقِيتُهُ وَالعَينُ تَطْلُبُ رَبَّهَا=وَطَرَحْتُهُ ثَوْبًا عَلَيكَ مُخَضَّبَا
ظَنُّوا بِأَنَّكَ قَدْ قُتِلْتَ وَإِنَّمَا=أَحْيُوكَ فِينَا لِلقُلُوبِ مُقَرَّبَا
إِنْ كَانَ إِحْدَى الحُسْنَيَينِ لِطَالِبٍ=فَكَفَى بِفِرْدَوسِ المُهَيمِنِ مَكْسَبَا
قَدْ أَكْثَرَ الزُّعَمَاءِ نُصْحًا لِلوَرَى=وَالمُوتُ يَحْصدُنَا نِزَارَ وَيَعْرُبَا
لا يَرْكَبُ الجَيْشُ العَظِيمُ رِكَابَهُ=حَتَّى يُعَدُّ لَهُ بِقُوَّةِ مَنْ سَبَا
وَالعَقْلُ حِينَ العَجْزِ أَسْلَمُ لِلوَرَى=فَدَعُوا التَّهَوُّرَ بِالجِهَادِ تَنَكُّبَا
وَالدَّهْرُ إِمَّا أَنْ يُبَادِرَ مُخْصِبًا=إِنْ طَالَ صَبْرٌ أَوْ يُغَادِرُ مُجْدِبَا
قَالُوا: هُوَ السَّيلُ الذِي احْتَمَلَ القَذَى=وَنَقُولُ: هَذَا السَّيلُ قَدْ بَلَغَ الزُّبَى
لا عَيشَ لِلأَحْرَارِ بَينَ أَرَاذِلٍ=إِلا إِذَا غَلَبَ الشُّمُوخُ وَأَتْعَبَا
وَإِذَا أَعَادَ المَوتُ عِزَّةَ أُمَّةٍ=سَنَقُولُ أَهْلا بِالمَنُونُ وَمَرْحَبَا
التوقيع |
https://twitter.com/abalwled
عَظيمةٌ أنتِ يـا أرضَ الرسَـالاتِ = يا مهبطَ الوحي فِي خَتْـمِ النبـوَّات
أنْتِ السُّعُوديَّةُ العَلْيَـاءُ فِـي شَمَـمٍ = تَعْلُو عَلَى كُلِّ مَنْ تَحْـتِ السَّمَـوَاتِ
|