كانا معا رمزا لكل شيء ، يتسامران معا ، يغنيان معا ، يفرحان معا ، ويحزنان معا .
صديقا جمع القدر بينهما فألف قلوبهم حتى من يراهم يظن أنهم أخوة ، عاهدا أنفسهما على أن لا يفترقا ويظلا معا إلى نهاية المطاف .
كلامهم واحد ، ابتسامتهما واحدة ، وقلوبهم واحدة ، أحبا بعضهما بصدق الإحساس وتعاقدا على أن تدوم الصداقة وتسمى إلى أعلى درجة في الوجود . لم يظنا أن القدر خبأ لهم مفاجأة ويالها من مفاجأة ، أضجعت مضجع أحدهما وهزت كيانه ودمرت حياته وفقد من يعز عليه في حادث سير حدث له فخطفه من أمامه ولم يعي إلا وهو يراه جثة هامدة ملقاة على الطريق تسبح في دماء من صنعها هي . خانته الحياة وخطفت منه حياته ، حياة أعز إنسان لديه ، صديقه الذي لم يتعود على فراقه وكيف وهو يراه قد فارقه إلى الأبد ويراه ينازع روحه التي تريد الخروج منه ويراه يتلفظ بكلماته الأخيرة . كيف سيعيش من دونه وهو لم يعرف صديق سواه ولم يذهب إلى أي مكان من دونه .
قد فارقه صديقه الحياة وتركه يصارعها وحده دون مساعدة منه أو مساندة .
حزن عميق ترك بداخله دون مداواة لم يستطع العيش بدون صديقه سوى أسبوع ومن ثم فارق الحياة ليكون معه في مثواه الأخير .
نعم فقدتهما الحياة هما الاثنان فقدت روحهما ، ضحكتهما ، حزنهما ، صورتهما . فقدت أسمى معنى للصداقة وأجمل معنى للوفاء .
فارقا الحياة معا حتى لا يحزن كل منهما على الآخر وحتى لا يفترقا إلى الأبد .
وبذلك طوت الحياة صفحة من صفحاتها الرائعة التي نتمنى أن نجد مثلها الآن ، صفحة الصداقة التي لا يقدرها الكثير في هذا الوقت ولا يعتز بها .