مقال د. صنهات بدر العتيبي: "يحكى أن جيشا أراد أن يغزو الصين، وفي الطريق إلى إحدى الحواضر الصينية قبضوا على مزارع صيني ومعه ابنه وقالوا له: زودنا بمعلومات عن الجيش الصيني وإلا... فقال لهم المزارع: لدي معلومات ولكني أخاف من هذا الصبي أن يبلغ عني، أقتلوه وأعطيكم ما تريدون.. ورغم استغرابهم الشديد، إلا أنهم قتلوا الابن ثم عادوا إلى الرجل فقال: لقد كنت أخاف أن يعطيكم ابني معلومات عن وطني، ولكن الآن لن تحصلوا مني على شيء مهما فعلتم"!!
انتهى وهذه قمة الوطنية رسمها المزارع الصيني بدم ابنه وخلاف ذلك نشاهد اليوم من يخون أمته من اجل إعلان واحد فقط أو ميزانية إعلانات!! انه العار بعينه ذلك الإعلان الذي تبثه إحدى القنوات الفضائية العربية بدعوى الحرب على الإرهاب ويصور فظاعات (مفبركة) في دارفور (فقط)!! وكلنا يعرف قصة دارفور ومن يريد منها أن تكون بمثابة "قميص عثمان"!! أما فظاعات الإرهاب الرسمي التي تقع على رؤوس العرب ليل نهار من حصار وسفك وإرهاب وانتهاكات في فلسطين والعراق والصومال وغيرها فليس لها عند فضائية العرب وزن لأنها لا تدر عليهم نقودا وعقودا وربما راقصات!!
ومما يثير الاستغراب أن بعض الفضائيات درجت على نشر تقارير تصور الحياة الأمريكية وكأنها "جنة النعيم" وتأتي عادة بعد خبر عن تفجيرات قام بها العرب هنا أو هناك أو بعد خلافات وصراعات عربية كما هي العادة فيحتار المشاهد من تصوير القناة العربية للفرق بين الثقافتين ويكاد يقول "لمن تعرض الصور"!!، ذلك اليوم كانت القناة تعرض خبرا عن قدرات بعض المعاقين الأمريكيين على التعايش مع إعاقاتهم وفي الشريط الإخباري تُعرض المزيد من المآسي العربية التي صنعها العرب بأنفسهم أو صُنعت لهم!! ولن يمكن أن أنسى ذلك التقرير الذي بثته قناة عربية ويتحدث عن مدى حرص الطيارين الإسرائيليين على عدم إصابة المدنيين الفلسطينيين عند تنفيذ عملياتهم الهجومية ضد مطلقي الصواريخ (يا عمري)!!
قبل عدة سنوات، كان القادة والمسئولون العرب يشتكون من جور الإعلام الغربي الذي يصور العرب دوما على أقبح صورة موسومة بالتخلف والعنف وحكاية البعير والخيمة وبئر النفط، ولهم عذرهم فحرب الصور مؤلمة!! أما اليوم فان بعض القنوات العربية المحسوبة علينا تقذفنا ليل نهار بالتخلف والتطرف ولا تترك عيبا أو شذوذا إلا وجعلت منه قضية القضايا ومصدر التهكم!! لماذا؟ ولو غلّبنا حسن النية فان هذه القنوات العربية تمارس غباءً منقطع النظير عندما تجلب للمشاهدين العرب تقارير محبطة وأخبارا مدسوسة مصممة في بيوت (..)!! أقصد دور العلاقات العامة الغربية وهي مدفوعة!! بشكل رسمي لتشويه العرب وتلطيخ صورهم كبيرهم وصغيرهم فالعداء الصهيوني لا يجعل فرقا بين العرب العاربة والمستعربة فكلهم في الهم شرق!!
وقد سمعت أن البعض من بني جلدتنا قد تنادوا لتأسيس مركز أبحاث يزود الدوائر الغربية بالمعلومات عن المجتمع والثقافة العربية (من أجل شوية دولارات)!! وان كان البعض يرى ذلك مجرد دراسات ونشاط علمي فان هناك من يراه أسلوبا رسميا يتعمد (كشف عورات) المجتمع العربي والمساهمة في بناء صور نمطية سلبية تستخدمها المؤسسات الإعلامية والعسكرية الغربية لتحقيق مآربها وضخ المزيد من التشويه للعرب وثقافتهم وتاريخهم وشخصياتهم وصولا إلى ابن تيمية ومن قبله ومن بعده..!! وللتذكير فان من صلب الإستراتيجية الأمريكية عند تنفيذ الغزو الإعلامي أو الثقافي استخدام وسائل ناعمة أو ملفقة مثل مراكز الأبحاث والجمعيات الخيرية ومراكز العون الاجتماعي أو توظيف الشخصيات البارزة والممثلين المشهورين والصحفيين المرموقين والولوج إلى المجتمعات وفق أسلوب "خطوة خطوة"، والقادم أتعس!!
sunotaibi@alriyadh.com
| التوقيع |
|
migeed33@hotmail.com |
« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
30-Jun-2007, 09:15 PM
مقال قوي للدكتور صنهات العتيبي... من اجل اعلان.
العرض العادي
