باسم الله خير الرازقين .
هل ـ حقًّا ـ زيادة الراتب هي الحلّ الناجع لمشكلة هذا الغلاء الفاحش ؟
هذا السؤال يرد على الذهن مُلحًّا حين تأمّل كثرة المطالبة هذه الأيام بزيادة الراتب ، وجعله من الكثير هو الحلّ الوحيد لمشكلة الغلاء وزيادة الأسعار . فهل زيادة الراتب هي الحلّ ـ حقًا ـ لهذا الأمر المشكل ؟
وقبل الإجابة عنه الصائبة ينبغي أن نسأل الآتي من السؤال : ما سبب هذا الغلاء وارتفاع الأسعار هذا ؟
والجواب عنه يتركّز في انضمام بلدنا المستورد لا المصدّر في المقام الأوّل إلى منظّمة التجارة العالمية التي تشترط السوق الحرّة ، فنتج من هذا الانضمام رفع يد وزارة التجارة عن السوق وما به من بضائع و طرائق و تجّار خاصّة في مجال الأسعار ، ومعها ما يُسمّى بحماية المستهلك ، فخلا الجوّ لهذا التاجر وذاك ممّن أعينهم على جيوب العباد لا نفعهم مع الاستنفاع منهم ونفع البلاد ـ وهم كُثر ـ ليرفعوا الأسعار ما شاؤوا من دون رقيب ولا حسيب ، حتى ولو تجاوزت المقبول ، بل المعقول ، وليس هذا فحسب ، بل إنهم سيلتهمون دون أية غُصص كلّ زيادة في الراتب ، إن حصلت ، وإن بلغت العشرين بالمئة وأزود !
وبعد تقرير هذه الحقيقة المؤسفة نعود إلى إجابة السؤال السابق الصائبة ـ بإذن الله تعالى ـ؛ فنقول : إنّ زيادة الراتب مهما بلغت ستحلّ ـ إذن ـ في جيوب هؤلاء التجار المنتظريها بفارغ الصبر حتى تفيض جوبهم أضعافًا مضاعفة على ما هي عليه من فيض ، ولن تحلّ ـ أبدًا ـ مشكلة الغلاء وارتفاع الأسعار التي أثقلت كاهل المواطن برفعهم الأسعار في ظلّ هذه السوق الحرّة التابعة لمنظّمة التجارة العالمية ؛ (( فكأنّك ـ يا أبو زيد ـ ما غزيتَ )) ! .
وبعد معرفة هذه الحقيقة الأكيدة يأتي هذه التساؤل مُلحًّا هو الآخر ، وهو : ما الحلّ الناجع النافع لمشكلة الغلاء وارتفاع الأسعار ؟
والجواب الصواب ـ بإذن الله تعالى ـ في اتخاذ أحد القرارين الجادّين الآتيين ، أو كليهما معًا :
الأوّل : التخلّص من براثن هذه المنظّمة بارتكاب أقلّ الضررين بدفع ضريبة الخروج منها ، والخروج بأقلّ الخسائر ؛ لتعود إلى وزارة التجارة المقدرة التامّة والحرية المطلوبة في علاج أية مشكلة قد يصطنعها هذا التاجر الشجع أو ذاك ، ومنها رفع الأسعار بلا مبرّر يُذكر ، ولو كان هذا العلاج لها بآخر الدواء ، وهو الكيّ .
الآخر: أن تستورد الدولة بنفسها البضائع الاستهلاكية الأساسية من مصادرها الرئيسة بلا وساطة من تاجر أو غيره ، ومِن ثمّ تبيعها المستهلك بسعر مناسب له ولها ؛ فلا ضرر ولا ضرار .
وإنّي أعلم أنّني بهذه الإجابة الصائبة لهذه المشكلة الماثلة سأكون عدوًا لكلّ تاجر جشع ، إن قدّر له أن يطّلع على هذا المقال ، أو يسمع به ، ولكنّ لا يهمّني البتة ؛ فعداوته ، ومالي في جيبي ـ قريبًا ـ بإذن الله تعالى ـ بحلّ هذه المشكلة بما ورد ، ولا محبّته ، ومالي في جيبه ؛ كما هي الحال ـ الآن ـ التي نعوذ بالله من دوامها !
كتبه : أبو عبد الملك الرويس .
22 / 9 / 1434هـ
آخر تعديل أبو عبد الملك الرويس يوم 31-Jul-2013 في 09:08 AM.