لجينات ..الكاتب /ماجد الجهني
ـ يقول الله جل وعلا في محكم التنزيل مثنياً على أئمة الهدى من العلماء الربانيين الذين يخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله جل وعلا : ((إنما يخشى الله من عباده العلماء)).
ولقد دخل رجل البصرة فقال : من سيد هذه القرية؟ فقالوا : "الحسن البصري" ، فقال : "بم سادهم؟" ، قالوا : "احتاجوا إلى علمه ، واستغنى عن دنياهم".
وقال سفيان بن عيينة : "أرفع الناس منزلةً من كان بين الله وبين عباده ، وهم الأنبياء والعلماء".
وروى الحافظ الخطيب البغدادي بسنده في شرف أصحاب الحديث عن يحيى بن أكثم قال:"قال لي الرشيد :"ما أنبل المراتب؟" قلت:" ما أنت فيه يا أمير المؤمنين" ، قال : " فتعرف أجلَّ مني؟" ، قلت "لا." ، قال : " لكني أعرفه ، رجلٌ في حلقةٍ يقول:حدثنا فلان عن فلان ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم..." ، قال : قلت : " يا أمير المؤمنين ، هذا خيرٌ منك وأنت ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وولي عهد المسلمين؟" ، قال: " نعم ، ويلك! هذا خيرٌ مني ؛ لأن اسمه مقترنٌ باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يموت أبدا ، نحن نموت ونفنى ، والعلماء باقون ما بقي الدهر".
وهنا مربط الفرس فلقد كتب الله جل وعلا للعلماء الربانيين العاملين بعلمهم شرف الدنيا والآخرة لأن رفعتهم متواصلة ، وذكرهم خالد حتى بعد رحيلهم من هذه الدنيا بما خلفوه من العلم والهدى والحق المبين ، والأمم العاقلة الرشيدة من أول من تفاخر بهم هم العلماء ، وإذا رأيت أمةً من الأمم لاتقيم لعلمائها وزنا ولا قيمة فاعلم أن ذلك من أمارات خذلانها ودلالات تخلفها وضعفها وخزيها ، ولذا فإن التاريخ لم يسجل لنا في عصر من عصور هذه الأمة أن حشدت لمجابهة الفتن فساقها ، ولا راقصيها ومغنيها ، ولا قدمت في صفوف نهضتها جوقة المنتفعين والكذابين أتباع كل ناعق لكي يبرهنوا على رقيها وتقدمها ، وهي كلما ضعفت وأخفقت وفعلت مثل ذلك كلما زادها الله جل وعلا ضعفا وخورا وتراجعا وخزيا.
اليهود يحفظون قدر علمائهم ، والنصارى يقيمون الحروب من أجلهم والبوذيون لايسمحون بمساس رموزهم الدينية بسوء ، والرافضة يشعلون حروبا إعلامية شعواء لو نيل أحد مراجعهم مع أنهم نالوا من خير البشرية بعد محمد صلى الله عليه وسلم.
في بلادنا تثور ثائرة البعض من أجل قسيس كُتب عنه تلميحا في زاوية من زوايا بعض الصحف ، ويتم بعد ذلك إخفاء المقال من تلك الصحيفة وتقديم الاعتذار عن تلك الزلة ، ومن أجل السستاني ينبري لنا رئيس تحرير لا يمثل إلا نفسه متشبعا بما لم يعطه ، يتحدث بغرور وصفاقةٍ واستعلاء عن أحد دعاتنا من أجل ذلكم السستاني الذي له من الفتاوى والتحريض لأتباعه على هذه البلاد وأهلها ما لايخفى على متابع حصيف.
حين تأتي هذه الاعتذارات الفجة السامجة التي لا لون لها ولا طعم غير طعم الاستخذاء والاستجداء الذي يأنفه الحر فماذا عسانا أن نقول ونحن نشاهد الفتنة الكبرى التي تمارس في بعض صحفنا ووسائل إعلامنا التي سعى بعض كتبتها إلى تمزيق المجتمع ومحاولة عزل علمائه عنه والتحريش بين الولاة والعلماء وعامة المجتمع.
في أسوأ الأحوال كما تم الاعتذار لذلكم القسيس والدفاع عن ذلك المرجع العراقي الإيراني المشترك لماذا لا نرى دفاعا ، واعتذارا لعلمائنا ودعاتنا الذين تناوشتهم أقلام السفهاء وبغاة الفكر والقلم.
الذي يمارس في وسائل إعلامنا تجاه علمائنا ودعاتنا ليس حرية رأي بل هي والله بوادر فتنة يسعى بعض المأجورين إلى إشعالها للاستفادة مما قد يتوهمونه من سقوط هيبة العلماء في نفوس الناس ، وكذلك لزرع ما يتوهمونه من تخويف للعلماء أن ينكروا المنكر ويأمروا بالمعروف ويشاركوا في دروب الإصلاح الحقيقية وأن ينبهوا المجتمع إلى حقيقة مايحيق بهم من أخطار.
الحوثيون تعدوا على بلادنا ، وإيران كانت وما زالت من الداعمين لهم ولاعتداءاتهم ، ولم نسمع لهؤلاء المرضى صوتا في نقد مذهب إيران التوسعي ، ولا لفتاوى مراجعها الذين وسموا علماء السنة بكل نقيصة ، بل ودعوا إلى الإلحاد في البيت الحرام في الحج فضلا عن تأييدهم المطلق لحادثة البقيع في المدينة المنورة حرسها الله وحماها.
هناك أسئلةٌ كثيرةٌ تدور في أوساط المجتمع مفادها: إلى أين يسير بنا الإعلام؟ وماهي مقاصد هذه الحملة المنسقة والمنظمة على العلماء والدعاة؟ ومتى ستنتهي؟ ومن يقف خلفها؟ ولماذا كلما خبت فترة عادت في أخرى أشد شراسة ، وأقوى ضراوة؟.
إن ما نشاهده من هذه الحملة الظالمة الآثمة لهو نذير شر وسوء وبلاء إن لم يتدارك عقلاؤنا هذه الفتنة ويضربوا بيد الحق هام الزور والكذب والتحريش لأن ما يحصل لا يمكن أن يفصل أبداً عن سياق التخطيط الأسود لتدمير هذه البلاد من الداخل وهلهلة بنيانها من خلال تفتيت الثوابت والقيم وإسقاط هيبة كل من يساهم في فضح تيار المد التغريبي الجارف الذي يستهدف رأس حربة الدفاع عن ثوابت الأمة ممثلا في علمائها ودعاتها.
هذه ليست حرية لقد تعدت حملات هؤلاء المرضى كل ماله علاقة بالخطوط الحمراء ، وليس من حق أي أحد كائنا من كان أن يعطي لهؤلاء المستصحفين الحرية المطلقة في النيل من ثوابت هذه الأمة والتهكم بعلمائها ، والاعتداء على أعراض الناس بالكذب والتلفيق والتزوير ، ولئن ضاعت حقوق من اعتدت عليهم أقلام السوء بغير حق في هذه الدنيا فإنها عند الله لن تضيع ، وعند الله تجتمع الخصوم ، ولن يفيد أتباع مدرسة راند حينها كل تقارير راند ، ولا تقارير وسائل الإعلام الغربية ، ولا الحماية الغربية التي يتكئون عليها ويستترون بسترها.
لقد أصبحت بعض صحفنا مرجعاً عالمياً في شهادة الزور والكذب بسبب مجموعة اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس ، وصار بعض مسترزقيها مثالاٍ فجاٍ للجهالة والعمالة الفكرية .
إنني أطالب بالمحاسبة الشرعية والقانونية لهؤلاء الكذبة الذين استمرأوا التأليب والافتئات والتحريش والوشاية المغرضة ، ولا بد أن يترك المجال للشرع ليقول كلمته فيهم فإما أن يثبتوا صدق دعاواهم بالحجة والبرهان أمام القضاء وفي أجواء محاكمة عادلة ونزيهة وإما يواجهوا عقوبة كذبهم وتزويرهم ، وهذا هو عين التعامل الحضاري ، وإذا كان الغرب هو قدوة هؤلاء فإنني أقول: إن لهم في الكاذبين من أمثالهم في الإعلام الغربي ممن أدينوا بسوء استخدام سلطة الإعلام خير أسوة عندما حوكموا ونالوا جزاء كذبهم وسوء استخدامهم للإعلام.
« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
07-Jan-2010, 11:46 AM
بينكم وبين العلماء يوم القضاء
العرض العادي
