pp)عبد الباري عطوان
اكد الدكتور محمد البرادعي رئيس وكالة الطاقة الذرية في التقرير الذي قدمه امس الي مجلس الامن الدولي ان الرئيس الامريكي جورج بوش يتنفس كذبا عندما يتحدث عن امتلاك العراق اسلحة الدمار الشامل، وانه قادر علي انتاج اسلحة نووية.(ppp)
تقرير الدكتور البرادعي قدم ادلة علمية و عملية ان العراق لم ينتج اي اسلحة نووية محظورة، ولم يستورد اي كميات من اليورانيوم، واثبت عمليا ان انابيب الالمنيوم التي ادعت الادارة الامريكية انها نواة لصواريخ ذرية، ليست صالحة للاستعمالات العسكرية، ولا يوجد اي دليل علي ان العراق ينوي استخدامها في غير الاغراض المدنية.
والشيء نفسه يقال ايضا عن تقرير زميله هانس بليكس، الذي خلا من اي اثباتات حول امتلاك العراق اسلحة بيولوجية او كيماوية، باستثناء اشارات ملغومة الي عدم تعاون العراق بالكامل مع فرق المفتشين، خاصة النقطة المتعلقة برفضه توفير الحماية لطائرات التجسس من نوع يو 2 .
الادارة الامريكية التي تقرع طبول الحرب ستقرأ تقرير بليكس بسوء نية، وبهدف البحث عن ذرائع لتبرير عدوانها المؤكد علي العراق، وستجد في مسألة عدم التعاون الكامل، وغياب حسن النوايا في الكشف عن اسلحة الدمار الشامل الذريعة التي تبحث عنها.
فعندما يحكم كولن باول وزير الخارجية مسبقا علي تقريري بليكس والبرادعي، ويتهم العراق بعدم التعاون قبل يوم واحد من تقديمهما الي مجلس الامن ويؤكد اثناء خطابه امام منتدي دافوس ان بلاده ستذهب الي الحرب لوحدها، وبدون قرار من مجلس الامن، فان هذا هو منتهي الصلف والتجبر، ولم تعد هناك اي فائدة من الامم المتحدة وقراراتها وميثاقها.
ہ ہ ہ
العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني لم ينطق عن هوي عندما اكد وبما يشبه اليقين، بان ابواب التسوية السلمية للازمة العراقية قد اغلقت، وان الامر يحتاج الي معجزة لمنع الحرب، فقد التقي كولن باول علي هامش المنتدي الاقتصادي المذكور، وزار البيت الابيض خمس مرات في اقل من عامين، ولا بد انه يملك المعلومات، ولا يتحدث من احاسيسه الشخصية مثل الامير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد السعودي الذي قال ان هذه الاحاسيس والمشاعر تدفعه للقطع بان الحرب غير واقعة.
المعجزة التي يلمح اليها الملك عبد الله مستحيلة الحدوث، لاننا لسنا في زمن المعجزات، ولأن الرئيس العراقي لن يركب الطائر الميمون هاربا الي روسيا او كوبا او مكة المكرمة طالبا اللجوء وقضاء بقية ايام حياته مجاورا للحرمين الشريفين، ساجدا لله حمدا علي نعمة البقاء، فهو، ومثلما تشير كل السوابق ليس من النوع الذي يتجنب المواجهة، وان كان مثله مثل بقية زملائه من الزعماء العرب معظمهم دكتاتوريون قمعيون، يفضل البقاء ولكن علي كرسي الحكم وليس في قصور فارهة في المنفي.
ہ ہ ہ
عندما تهبط اسعار الاسهم في بورصة لندن لليوم الحادي عشر علي التوالي، وتفقد نصف قيمتها علي الاقل، وعندما تنهار الاسواق المالية في نيويورك بعد تقديم بليكس وزميله البرادعي لتقريريهما، فهذا يعني ان هناك حربا كارثية في الطريق. فهذه الانهيارات في العصب الحساس للمجتمع الرأسمالي، اي مجتمع المال، دليل علي ان هناك خطأ كبيرا وسيئا في الطريق، وان هناك رعبا في اوساط الاقتصاديين ورجال الصناعة والمال.
هذا يعني، وباختصار شديد، ان نوايا الرئيس بوش تجاه العراق يمكن ان تنطوي علي آثار كارثية علي الاقتصاد العالمي. فليس صدفة ان تنخفض قيمة الدولار باكثر من عشرة في المئة امام اليورو الاوروبي في اقل من اربعة اسابيع. ولو كانت الحرب ستحسم في غضون ثلاثة اسابيع مثلما يبشرنا بعض عناصر الطابور الخامس العربي الذين يكتبون من داخل الدبابات الامريكية، ويحتمون بالعلم الامريكي، فلماذا هذا الانهيار في الاسواق المالية والعملة الامريكية التي تعتبر الملاذ الآمن للمستثمرين في زمن الحروب؟
ہ ہ ہ
المسألة لم تعد مسألة التمديد لفرق المفتشين اسبوعا او اثنين، بقدر ما هي حول ما يمكن ان يحدث بعد ذلك. الرئيس بوش سقط في احبال اللوبي الاسرائيلي، وبات يجر العالم باسره الي هاوية الخراب والدمار، ولهذا لم يكن صدفة ان تعم المظاهرات الاحتجاجية جميع العواصم والمدن العالمية، تحت شعار رفض العدوان، والمطالبة بحل عادل للقضية العربية المركزية.
العراقيون لن يرقصوا في الشوارع مع سقوط الصواريخ الامريكية فوق بغداد الصمود والرجولة والكرامة... العراقيون لن يستقبلوا الغزاة الامريكان بباقات الزهور والزغاريد، والا لما انهارت اسواق المال الامريكية والبريطانية، ولما تصاعدت حدة العداء للامركة واصبح الرئيس بوش الاكثر كرها في العالم.