«قصر الحمراء»..و«زري المشلح» أسّود دون تغيير!
أكد الأمير تركي على أن الزهد كان أحد عناوين الملك فيصل -رحمه الله-، مستشهداً بحادثتين في هذا المجال، وقال:كان -رحمه الله- نائب الملك على وقت الملك عبدالعزيز في الحجاز، وبعدما تطورت البلاد، وانتقل عمله إلى مكة -التي كانت عاصمة الحجاز في ذلك الحين ولا تزال-، وصار يقضي وقتاً طويلاً في جدة، ومقابلات الضيوف الأجانب بعدما كان وزيراً للخارجية، إلى جانب استقبال الزوار -الذين كان أغلبهم يأتون بالبواخر في ذلك الوقت مثل الحجيج-، وغير ذلك من النشاطات التي كان يمارسها، وبقي حوالي 15 سنة على هذا العمل، وليس لديه منزل في جدة، حيث كان يسكن في منزل إيجار لأحد تجار جدة، وتم إشعار الشيخ "عبدالله السليمان" -وزير المالية- أن الملك فيصل -رحمه الله- ليس له بيت في جدة مع انه يقضي وقتاً طويلاً فيها، فجاء "عبدالله السليمان" للملك فيصل، وسأله: "هل فعلاً ما عندك منزل؟"، فقال:"أبداً ولم أفكر في ذلك، فالنيابة العامة أجّرت لي بيتاً وأنا ولله الحمد مرتاح"، وعندما جاء الملك عبدالعزيز - رحمه الله - في فترة الحج؛ بُلّغ أن "الأمير فيصل" ليس له منزل في جدة، فأمر جلالته أن يُشترى له البيت الذي أصبح بعد ذلك قصر الملك فيصل في "البغدادية"، وقد كان بيتاً حديثاً بنته "عائلة زينل".وأضاف: أن الحادثة الثانية تتعلق بقصر الحمراء بجدة، وهذا القصر بُني أصلاً للملك فيصل -رحمه الله- من ماله الخاص، والذين كانوا يتولون البناء أتوا بحرفيين بنائين من مصر لزخرفة القصر من الداخل، وفعلاً أبدعوا في الزخرفة ب"البوية"، بحيث إنها خرجت كتحفة معمارية من ناحية الديكور والنقوش داخل القصر، ومكث العمل بالقصر خمس سنوات تقريباً، وعندما انتهى البناء في القصر ذهب الملك فيصل - رحمه الله - لكي يرى القصر قبل الانتقال إليه، فدخل الملك فيصل المدخل، ثم وقف هناك وطالع الزخرفة التي نُفذت، واستدار وهو خارج، والوالدة -رحمها الله - كانت معه، وقال لها:"إذا كنت ترغبي في السكن في هذا البيت فاسكني، أما أنا فلن أسكن هذا البيت؛ بسبب هذه الزخرفة، ثم خرج ولم يدخل هذا القصر مرة أخرى"، وشرع في حينها في إنشاء بيت آخر له بجانب قصر الحمراء.وقدّم الأمير تركي مثالاً آخر لزهده -رحمه الله- من ناحية الملابس، وقال: كان لا يحب "الفخفخة"، وتحديداً في شراء "البشوت"، فقد كانت له مواسم معينة، وأحياناً تمر سنين دون أن يغيّر المشلح إلى أن يسوّد الزري، وطبعاً الوالدة - رحمها الله - كانت تصرّ عليه وتقول له: "ترى ما يجوز أنت ملك!"، فيرد عليها:"طيب أنا مرتاح كذا..الناس تعرفني لأني فلان، ولست لأن لبسي كذا، أو أن مكان سكني كذا، أو أن هيئتي كذا"._
_منقول من جريدة الرياض الثلاثاء 5/7/1432هـ_