حماس أردوغان وعرب بني عريان !!
بعد أحداث "أسطول الحرية" المستفزّة للحلم العربي ردَّد أغلب كتّاب اليمين العربي الليبرالي - والله ليس بيمين ولكنه بنيامين!! - أوهام المصلحة الإيرانية والأهداف التركية وحروب الأيديولوجيا وغيرها من أعذار البليد، كما فعلوا مع أحداث غزة الدامية العام الماضي؛ وذلك لتحويل المعركة إلى ضفاف الخليج وتحوير القضية الفلسطينية إلى "صراع طائفي"، وذر رماد الأيديولوجيا في عيون الحقيقة التي ترى القوة الصهيونية والانبطاح العربي المهين!!
ببلاهة متـناهية أجمع كتّاب "العرب العارية" على أن مبادرة أسطول الحرية، وتضحيات الأتراك والإيرلنديين، "لعبة قذرة" من تركيا لمعالجة مشاكلها مع الاتحاد الأوروبي! وكأنه لا يوجد شعب فلسطيني محاصر وقضية فلسطينية تُـدمي التاريخ العربي الحزين، وكأنه لا يوجد حق عربي وباطل صهيوني وتواطؤ أمريكي في جانب سياسي مظلم ومحاولات من شعوب العالم الحر لنصرة شعب مغلوب على أرضه ومقدساته وحليب أطفاله في جانب إنساني مبـين..
كل كتّاب الإنسانية الليبرالية العربية الشوهاء يجلدون مجتمعنا وثقافـتـنا بسياط صهيونية واضحة، ويكتبون بأساليب ليّنة وطرائق ناعمة:
إنّ الليبرالية وإنْ لانت ملامسها... في أنيابها عند التقلب العطب
يكتبون عن كراهيتهم لمجتمع الكراهية، ويدعون لمزيد من الإنسانية في التعامل مع الآخر، ولكن لا يرون إنسانيتـنا المسحوقة التي ذهبت للتعبئة الأمريكوصهيونية وقوداً، ولا يرون أطفالنا الذين دخلت عليهم الصواريخ وهم نائمون، ولا نساءنا اللاتي كُتب القتل والقتال عليهن وغيرهن من نساء العالمين رقود، ثم يسعون بإنسانية تـنويرية "خبـيثة" لتحويل مأساة الفلسطينيين المحاصرين خلف البوابات وقصص أطفال فلسطين الذين يموتون تحت الدبابات والمرضى الذين يهلكون في الممرات إلى مجرد رغبة لإيران في خلق دعاية سياسية .
(propaganda)! لذا يجب على العرب ألا يفعلوا شيئاً حتى لا تستفيد إيران أو تركيا أو نصر الله!! ويحهم؛ كيف يفكرون؟! هل يدفعون حماس إلى تسليم مفاتيح القضية إلى وسيط السلام الأمريكي الإنساني الذي صوّر لنا الإنسانية بكامل تموّجاتها وخزعبلاتها في ملجأ العامرية ومساجد الفلوجة و(أبو غريب) وجوانتانامو!!!
ثم يأتي التهكُّم والسخرية والأسئلة الاستفزازية لتحوير القضية إلى جدل بيزنطي سخيف!! أحدهم يسأل في مقال له: "ماذا قدّم الأتراك للقضية الفلسطينية"؟! ثم يعطي الجواب، ثم يعلّق: "هذا صحيح"!! لقد ذكّرني ببرنامجه الحواري السخيف، وكيف يمارس (الفزلكة) على الضيوف والمشاهدين بطريقة أبعد ما تكون عن المهنية الإعلامية والمصداقية الشخصية!!
ولأن لكل مقال "حبكة" درامية لتغيير الموضوع فقد جاءت حبكاتهم متوالية (تقطع نياط القلب السليم).. واحد يقول: "لماذا يصفّق الفلسطينيون في البرلمان لتركيا أكثر من مصر؟"!! ويربط ذلك بعقلية العرب فيقول: "التصفيق لغضبة تركيا وتجاهل الفعل المصري يكشفان عقلية المواطن العربي الذي تحرّكه عواطفه.."!! والله لقد عيل صبري يا صبري!! فهل يعرف ما يجري أم أنه يكتب لقرّاء بدائيين في غابات الأمازون أم أنه يشخبط (شخبطات زغبي) ليشاهدها جماهير (دروغبا) في ساحل العاج؟!! وآخر يقول: "لماذا تركيا تتحمس لغزة ولا تتحمس لرام الله؟"!! أما الطبقة المتـفسخة من كتّاب الليبرالية فلم تحرّك مشاعرهم القضية الفلسطينية برمتها، وهبّوا يكتبون عن إباحة الأغاني ورياضة النساء وتأنيث مدارس الأولاد والاختلاط في المسابح العامة!!
لقد حوّلوا الموضوع إلى إيران وعقلية الشارع العربي وكلام مجاني وشعارات فارغة.. إلخ، وصوّروا جهود وتضحيات (أسطول الحرية) على أنها مجرد دعاية مجانية لإيران وتركيا، وزاد من تحليلاتهم الجهنمية أن كل ما حدث جاء كـ "معركة لكسب الشارع العربي بالخطب الحماسية والدعاية السياسية"!! لقد أصبحت هذه التخيلات بمثابة "حصان طروادة" يركب عليه اليمين العربي المتطرف!! كلما زأرت إسرائيل في وطنهم السليب بممارسة عنف ومجزرة أو كلما قلبت عليهم أمريكا ظهر المجن ورمت بصداقتهم وحلفهم ونفطهم تحت عجلات المجنزرة!! كان يوم (شؤم) للقضية العربية (هل تتذكرونه)؟!!
يا للعجب! الآن أصبحت إيران، وربما تركيا، "حجر عثرة" في طريق العرب؛ فلا يستطيعون عمل شيء.. أي شيء!! هم لا يستطيعون فك الحصار عن غزة حتى لا تستفيد إيران!! ولا يستطيعون توصيل كسرة خبز واحدة للفلسطينيين الجوعى حتى لا ترتفع أسهم نصر الله!! ولا يستطيعون إقناع أمريكا وإسرائيل ونيكاراجوا (لا بالمرونة ولا بالقوة)!! بهذه الحالة الإنسانية المأساوية لملايين السكان المحاصرين من أعدائهم وبني عمومتهم بسبب جندي واحد أسير!! وذلك حتى لا تفرح إيران بأية مكاسب من أكياس طحين تدخل إلى المحاصرين!!
في نظرية الإعلام توجد طريقة PR بارعة تسمى "فن التحويل" the art of diversion يـبدع فيها الصهاينة الذين يسيطرون على الإعلام على مستوى العالم، وأخيرا بدؤوا في وضع "قدم قذرة" في حلق الإعلام الخليجي المتخم بالتفاهات قبل الصهاينة فماذا سيكون بعد.. (هم)؟!! تقضي هذه الطريقة بتحويل دلالات الخبر أو القصة الإعلامية إلى موضوع آخر قد يكون تافهاً أو سطحياً؛ فتضيع أهمية القصة ومدلولاتها في غياهب النقاشات البيزنطية ومقالات الجدل الممل والتبرير المثير، ويهرب القاتل في جنح ظلام الأقلام العربية العارية!! وينسى الناس الضحية في سراديب الوهم بتفسير مصالح إيرانية ومكاسب تركية و(فشخرات) عربية!! أقلام اليمين العربي الليبرالي تسعى لتحويل دلالات الاعتداء الصهيوني المتوحش على أسطول الحرية إلى مسائل الحرب الأيديولوجية ودور الطرف الإيراني وحماس أردوغان وأخطاء حماس.. إلخ؛ لتـشتيت الانـتباه عن "المسجد المحاصر" بالمستوطنات ومعاناة الفلسطينيين المخذولين من العرب، وهذه خدمة ليس مثلها خدمة للدولة الوباء ومَنْ يساندها.
د. صنهات العتيبي
هذا هو الموضوع عن اذن صاحب النقل جزاة الله خير وبارك الله فية .
والدكتور صنهات الدعجاني العتيبي غني عن التعريف ودائم صريح في مقالاتة .
| التوقيع |
|
migeed33@hotmail.com |
« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
12-Jul-2010, 08:54 PM
العرض العادي
