2 - استمع إلى شكواه ورغبته أو ادفعه للتعبير عن نفسه وما يعاني منه :
وشكوى المريض إذا لم تكن على وجه السخط والضجر أو رد القضاء والقدر
فهي ليست مذمومة ؛ فربما عبر لك عما يعانيه وهو يرجو منك كلمة تخفف مصابه
وتهون عليه وقع الألم أو يرجو منك دعوة في ظاهر الغيب وخاصة إذا كنت من
المقربين إليه . والرسول صلى الله عليه وسلم عندما شكى له أصحابه الحمى التي
أصابتهم لم ينكر عليهم شكواهم « استأذنت الحمى على النبي صلى الله عليه وسلم
فقال : من هذه ؟ قالت : أم مِلْدَم . قال : فأمر بها إلى أهل قباء ، فلقوا منها ما يعلم
الله ، فشكوا ذلك إليه ، فقال : ما شئتم ، إن شئتم أن أدعو الله لكم فيكشفها عنكم ،
وإن شئتم أن تكون لكم طهوراً . قالوا : يا رسول الله ! أو تفعَل ؟ ! قال : نعم .
قالوا : فدعها » [14] ، ووجه الدلالة منه أنه لم يؤاخذهم بشكواهم ، ووعدهم بأنها
طهور لهم [15] .
ومن حق المريض على الطبيب خاصة إذا شكى له أن يبث روح الأمل في
نفسه ويعده بمساعدته حتى ولو كانت الحالة ميئوساً منها ؛ فالله لا يعجزه شيء ،
وأن يراعي التدرج في إخبار المريض عن طبيعة شكواه ، وما المرض الذي يعانيه .
وتبلغ أهمية التدرج مبلغها إذا كانت الحالة شديدة أو خطرة وأن لا يتعجل ؛
فالصراحة المؤلمة والمستعجلة والخالية من الأمل والثقة بالله تسبب انهيار المريض
نفسياً ، وليتذكر الطبيب المسلم أن هذا المريض مزيج من أحاسيس ومشاعر
يستطيع أن يمتلكها كما يمتلك أغلى شيء عنده .
3 - علِّمه كيف يتلقى الأحداث بكل صبر واحتساب ، وذكِّره بالأجر ،
والثواب : فعن عائشة - رضي الله عنها - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا
يصيب المؤمن شوكة فما فوقها إلا رفعه الله بها درجة ، أو حط عنه بها خطيئة » [16]
وقال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - : « يكفّر عن المسلم حتى بالنكبة ،
وانقطاع شسعه ، وحتى البضاعة ، يضعها في كمه ، فيفقدها ، فيفزع فيجدها في
صحيفته » [17] ، ورغِّبه - رعاك الله - بالخير العاجل في الدنيا من حصول سعادة
النفس وطمأنينتها ورضاها بما قدر ، ووعد الله للصابرين وحبه لهم ، وما أعده الله
لهم في الدنيا والآخرة وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ( آل عمران : 146 ) .
4 - إذا رأيت منه خوفاً أو جزعاً فأثنِ عليه :
بذكر أعماله الفاضلة - مهما قلَّت - ليذهب خوفه ، وليحسن ظنه بالله ، وحتى
لا يضعف كذلك توكله على الله سبحانه وتعالى .5
- للقصة أثر كبير في حياة الإنسان لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي
الأَلْبَابِ ( يوسف : 111 ) يأخذ منها العظة والعبرة ؛ فلا تغفل عن هذا الجانب
وأهميته :
وينبغي أن يكون ذلك مع مراعاة دقة الخبر وصحة النقل ، وخير القصص ما
كانت من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم « ومتى أيقن العباد أن ما
يتلى عليهم من قصص القرآن وما بلغهم من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم
كله حق وصدق ، فإنه سيكون له أثر عظيم في تقويم نفوسهم ، وتهذيب طباعهم ،
وأخذهم العبر والعظات من هذه القصص » [18] ، وكذلك قصص السلف ومدى
صبرهم ، والمعاصرين من أهل العلم وغيرهم .
6 - ذكِّره بالتوبة من الذنوب والمعاصي ورد الحقوق والمظالم :
وتجديد التوبة مأمور بها المريض والمعافى « لأن التوبة مطلوبة في كل
حال » [19] ، وتذكيره يمكن أن يكون بالتصريح أو بالإشارة غير المباشرة أو
بالقصة وغير ذلك .
يتبع باذن الله...
التوقيع |
قال أبوبكر الصديق - رضي الله عنه - ( الموت أهون مما بعده، و أشدّ مما قبله )
حسبي الله ونعم الوكيل
كتبت وقد أيقنت يوم كتابتي .. بأن يدي تفنى ويبقى كتابها
فإن كتبت خيراً ستجزى بمثله .. وإن كتبت شرا عليها حسابها |