الادب والشعر - الهيـــــــــــــلا *** منتدى قبيلة عتيبة

ابو شبيب النفيعي · 03-Jan-2008, 04:32 AM

[align=center]

بسم الله الرحمن الرحيم

نبدأ بالأدب

الأدب : كلمة جامعة لمحاسن الأقوال وأحاسن الأفعال التي تحرز الإنسان عن الخلل وتعصمه من الزلل . وهو على ضربين :
الضرب الأول : الطبيعي ، وهو ما طبعه الله في الإنسان من صفات حميدة وسجايا شريفة مثل الحلم والكرم .
الضرب الثاني : الكسبي ، وهو ما اكتسبه الإنسان في حياته من تعليم ، من خلال الدرس والنظر والحفظ ، وهو المقصود لنا في هذا البحث ، وأول ما يتوجب على طالب العربية معرفته أن لسان العرب ومحور كلامها يدور على قسمين :
1- المنظوم 2- المنثور
أما المنظوم ، فما نظمته العرب على أوزان معروفة ومعدودة ، وهو ما يسمى الشعر ، وبالتالي يخرج من ذلك ما نراه الآن من شعر متداول في الصحافة والكتب الحديثة ، من شعر حر أو شعر حديث أو حداثه ، ولكن الوضع الحالي المعاصر يجبرنا على تغيير قولنا السابق وإدخال ذلك ضمن الشعر أو مسمى
" الشعر " وتقييد النثر بما هو غير ذلك ، أي ما هو مجرد من العاطفة والخيال ، ولنبدأ حديثنا أولاً عن الشعر ، فنقول وبالرحمن الاستعانة .

معرفة الشعر

ولنتحدث أولاً عن الشكل الأصلي للشعر العربي ، وما بدأت عليه العرب توقها في الشعر ، فقد بنت كلامها على " البيت " وكان المعنى العام متفرداً في المغزى لكل بيت .
(1) البيت : يتكون من مجموعة كلمات تتألف من أجزاء تنتهي بقافيه ، يسمى البيت الواحد " مفرداً أو يتيماً " كقول القائل :
لقد ذهب الحمار بأم عمرو فلا رجعت ولا رجع الحمارُ
ويسمى البيتان " نتفه " كقول القائل :
كن ابن من شئت واكتسب أدبا يغنيك محموده عن النسب
إن الفتى من يقول ها أنذا ليس الفتى من يقول أبي
وتسمى الأبيات من الثلاثة إلى الستة " قطعة " كقول القائل :
يا أيها الداعي أدعنا وأبشر وكن قضاعياً ولا تُنَزْر
نحن بنو الشيخ الهجان الأزهر قضاعه بن مالك بن حمير
النسب المعروف غير المنكر في الحجر المنقوش تحت المنبر
وفي السبعة فصاعداً ، فتسمَى " قصيدة " كالمعلقات وقصائد العرب المعروفة ، ويتكون البيت من شطرين ، ويسمى الشطر الأول ( صدر ) ويسمى الشطر الثاني ( عجز ) كقول المتنبي :
ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
صـــدر عجـــز
(2) القافية : القافية في اللغة ، مؤخر العنق ، وفي اصطلاح أهل العروض .
قال الخليل بن أحمد : هي من آخر ساكن في البيت إلى أقرب ساكن يليه ، مع متحرك قبله ، وقال الأخفش : هي الكلمة الأخيرة . وعلى كل حال ، فالقافية هي الرَوي الذي تبني عليه القصيدة ، فلا بد من تكريره في كل بيت ، والحروف التي تلزم القافية ستة :
1- الروي. 2- الوصل. 3- الخروج.
4- الردف. 5- التأسيس . 6- الدخيل .
وهي كلمات إذا دخلت على أول الشعر ،ألزمت بقية الأبيات عليها .
(3) القصيدة : قد تقدم أنها من السبعة الأبيات فما فوق .
(4) بيت القصيد : هو أنفس ما في القصيدة من أبيات ، وهو البيت المشتمل على غاية الشاعر ومراده . ولذا يضرْب به المثل . ويكفىَ به عن الغاية
فيقال : انتهى به الحديث إلى بيت القصيدْ .
(5) القصائد المثليٌة : وهي القصائد التي لكل بيت فيها قافيةَ الصدر تماثلْ قافية العجز ، ولكل بيت قافية مغايرة ، وتستخدمْ غالباً للحكمْ أو للتعليم أو لسرد الروايات ، وغالباً ما يكون بحر الرجز كوزن معتمد عليه في هذا الضرب من القصيدْ ، لكثرت الزحاف فيه .
(6) الألفيَة : وهي القصائد التي تتجاوز أبياتها الألف بيت ، مثل حرز الأماني ووجه التهاني ، للإمام الشاطبي في علم القراءات ، وهذا الضرب غالباً للمْ شتات علم من العلوم أو فن من الفنون .

بداية الشعر

لم نعرف حتى الآن مصدر الشعر وأول من قاله ، وقد خفي علينا كأكثر الأمم بداياته ومصادره ، وقد ذكر أحد المؤرخين : إن أقدم شعر وصل إلينا لا يتجاوز المائة والثلاثين سنة قبل الهجرة وقد ذكر المؤرخين وأصحاب السير كابن اسحاق وابن هشام ونقل عنهم الكثير من الكتَاب والنسَاخ أشعاراً وردت على لسان آدم عليه السلام وأبنائه قابيل وهابيل . ولا أظن عاقلاً يصٌدق هذه الأقوال . وإنما كانت من كلام الرواة في العصر الأموي الذين نظموا هذه الأشعار ونحلوها على لسان آدم عليه السلام والملائكة كما نحلوا أشعاراً كثيرة على ألسنة الشعراء الجاهليين ، وقد تنقب لها الباحثون والنقاد وكشفوها ، فمنهم من زاد وخرج عن المألوف كطه حسين وتلاميذه حيث ألغو الشعر الجاهلي بجملته ، ومنهم من أعتدل وأنصف حيث ألغي الشعر الواضح انتحاله ، ولمراجعة ذلك فقد ألف الدكتور ناصر الدين الأسد كتابه الموسوم بـ " مصادر الشعر الجاهلي " والذي يعد من المنصفين في هذه المسألة ، قال الأستاذ الكبير السيد أحمد الهاشمي : إن ما نسب لآدم عليه السلام وإبليس والملائكة من شعر فهو حديث خرافة ، وأن الشعر الذي صحت روايته هو منذ أواسط القرن الثاني قبل الهجرة ، تنتهي أقدم مقولاته للشاعر المهلهل بن أبي ربيعه الملقَب كما يقال بـ " الزير سالم " ومعظم الشعر الموجود في سيرة المهلهل والمنسوب لأخيه كليب والملك تبع اليماني وغيره هو من الشعر المنتحل على لسانهم ، وقد نحله الرواه كما أسلفنا من قبل . والأصل في بداية الشعر كانت عن البدوي لا الحضري ، فكانت السماء الممتدة في أفق عينيه والأرض المنبسطة أمام رجليه ، وأبله التي يحدوها ، كانت مصدراً لخلق وإيجاد القول المشتمل على الحكمة والمتضمن للمعاناة ، لتسليه الروح وتمضية الوقت ، فكان القول على البيت أو البيتين فقط ، وكانت الموسيقى العروضيَة داخل كلمات البيت ترجع للفطرة السليقيه التي فطر الله العرب عليها ، فكانت تنظم هذه الموسيقى التفعيليه ولم تدر فحواها حتى وزنها الخليل بن أحمد ، واكتشافه علم العروض ، ولم يزل الأمر عالقاً بالبيت أو البيتين حتى جاء المهلهل الذي يقال بأنه أول من أطال الشعر وقصد القصيد ، ومن ثم تبعه شعراء آخرون ليصل الأمر إلى المعلقات السبعة أو العشرة والتي هي جوهر الشعر الجاهلي ، ولباب الأدب العربي القديم ، أما القافية فقد وحدها الشاعر في أبياته لتكون للحفظ أسهل وفي القلب أحلى – وقد وجد اللغة العربية ملاذاً كبيراً يلجأ إليه لكثرة مترادفاتها وتعَدد لهجاتها .

المعلقات العشرة

اختلف النقاد والأدباء حول عددها ، هل هي سبعة أم عشرة ؟ والواضح أنها سبعة ثم زيد لها الثلاثة الباقية لتكمل العشرة . والمتفق عليه أنها تمثل جوهر الشعر الجاهلي ولباب الأدب في ذلك العصر . والحق كل الحق أنها أثراً تاريخياً وثقافياً هاماً للإنسان العربي في تاريخ ما قبل الإسلام ، لما تتضَمنه من فكر وبلاغه وتاريخ وثقافة والراجح أنها سميت بالمعَلقات أو المذهَبات ، لأنها كتبت بماء الذَهب وعُلَقت في جوف الكعبة ، وقد اختلف الأدباء أيضاً في أسماء أصحابها ، فالسيد الهاشمي يرى أن النابغة الذبياني طرفاً أساساً فيها بقصيدته التي يقول في مطلعها :
عوجوا فحيٌوا لنعمة الدار ماذا تحيون من نؤىً وأحجارُ
والشتقيطى يرى أن عبيد بن الأبرص أحق من نابغة ذبيان بقصيدته التي يقول مطلعها :
أقفر من أهله ملحوب فالقطبيات فالذنوب
ويعتبرها من المعلقات بدلاً من قصيدة النابغة . والأرجح ما ذكره الهاشمي وعلى اعتبار ذلك فإننا سنذكر مطالع هذه القصائد :
(1) امرئ القيس :
قفانبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل
(2) طرفه بن العبد :
لخولة أطلال ببرقة ثهمدُ تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد
(3) زهير بن أبي سلمى :
أمن أم أوفي دمنه لم تكلم بحومانة الدًرًاج فالمتثلَم
(4) لبيد بن أبي ربيعة :
عفت الديار محلها فمقامها بمنى تأبد غولها فرجامها
(5) عمرو بن أم كلثوم :
ألا هبي بصحنك فأصبحينا و لا تبقي خمور الأندرينا
(6) عنترة العبسي :
هل غادر الشعراء من متردم أم هل عرفت الدار بعد توهم
(7) الحارث بن حلزة :
آذ نتنا ببينها أسماءُ ربً ثاوٍ يُملٌ منه الثواء
(8) الأعشى ميمون :
ودع هريرة إن الركب مرتحلُ وهل تطيق وداعاً أيها الرجلُ
(9) النابغة الذبياني :
عوجوا فحيٌوا لنعمة الدار ماذا تحيون من نؤىً وأحجارُ
وقيل أن المعلقة هي :
يا دار ميه في العياء فالسند أقوت وطال عليها سالف الأمد
(10) علقمه الفمل :
طحابك قلب في الحسان طروب بعيد الشباب عصر حان مشيبُ

وعند العرب قصائد مشهورة غير المعلٌقات ، مثل المجمهرات والمنتقيات والمذهبات والمشوبات والملحمات ، بالمجمهرات مثلاً هي سبع قصائد لمشاهير الجاهلية من الطبقة الثانية بعد المعلقات ، وسميت بذلك تشبيهاً لها بالناقة المجمهرة وهي المتداخلة الخلق كأنه جمهور من الرمل ، أي انها عالية الطبقة محكمة السبك ،وأصحابها : النابغة الذبياني ، عبيد بن الأبرص ، عدي بن زيد ، بشر بن أبي حازم ، وأمية بن أبي الصلت ، خداش بن زهير ، النمر بن تولب . وكل لهذي من المجمهرات والمنتقيات والمذهبات ، والمشوبات والملحمات ، وكلها بهذا الترتيب بعد المعلقات ولكلها من سبع قصائد ، وهذا يدل على أن المعلقات في أصلها سبعة .

فضائل الشعر

ومن الدليل على عظم الشعر عند العرب ، وجليل خطبه في قلوبهم أنه لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن المعجز نظمه ، المحكم تأليفه ، وأعجب قريشاً ما سمعوا منه . قالوا : ما هذا إلا سحر . وقالوا في النبي صلى الله عليه وسلم
" شاعر نتربص به ريب المنون " وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في ابن الأهتم " إن من البيان لسحرا " وقال " إن من الشعر لحكمة " وقال كعب بن الأحبار : إنا نجد قوماً في التوراه أنا جيلهم في صدورهم ، تنطق ألسنتهم بالحكمة وأظنهم الشعراء . وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أفضل صناعات الرجل الأبيات من الشعر يقدمها في حاجة ، يستعطف بها قلب الكريم ويستميل بها قلب اللئيم . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستمع إلى الشعر ، فقد استمع إلى لأميٌة كعب بن زهير وهو في مسجده النبوي وأعطاه بردته – لذا تسمى القصيدة
بـ " البردة " والتي بيعت لمعاوية بعشرين ألف درهم ثم على السفاح بأربعين ألفاً وسمع النبي صلى الله عليه وسلم من النابغة الجعدي حتى بلغ قوله :
بلغنا السماء مجدنا وسماؤنا وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إلى أين يا أبا ليلى فقال : إلى الجنة يا رسول الله بك . فقال صلى الله عليه وسلم : إلى الجنة إن شاء الله . فلما انتهي إلى
قوله :
ولا خير في علم إذا لم تكن له بوادر تحمي صفوة أن يكدٌرا
ولا خير في جهل إذا لم يكن له حلمُ إذا ما أورد الأمر أصدرا
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا يفضض الله فاك . فعاش مائة وثلاثين سنة . لم تنغض له ثنٌيه .
وقال ابن عباس أنشدت النبي صلى الله عليه وسلم أبياتاً لأميٌة بن الصلت يذكر فيها حملة العرش وفيها :
رجلُ وثور تحت رجل يمينه والنسر للأخرى وليثُ مرصدُ
والشمس تطلع كل آخر ليلة فجراً وتصبح لونها تتوقٌدُ
تبدو فيما تبدو لهم في وقتها إلا معذبة وإلا تجلد
فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم كالمصدق له . وكان يقول عن ذكر أمية
وشعره : آمن لسانه وكفر قلبه .
فكان للشعر شأن جللُ في نفوس العرب في جاهليتهم وإسلامهم ، فكان بمثابة
" الإعلام " اليوم . لذا كانوا يعظمونه ويجلونه ، فما أن ينبغ شاعر في قبيلة ما ، إلا وتأتيها العشائر والقبائل الأخرى مهنئة لها ، لأنه المتكلم على لسانها والمفاخر عنها .
فمنها ما ورد في كتاب الأدب والتاريخ قصةً أو عدداً من القصص للشاعر الكبير
" أعشى قيس " فمنها أن قبيلة من قبائل العرب كانت تسمى " بنو أنف الناقة " وكان هذا الاسم بمثابة الشتيمة لهم . فما يسأل أحدُ فهم . من أي القبائل أنت ؟ حتى يطأطأ رأسه ويقول : من بني أنف الناقة . فلما زارهم الأعشى وأكرموا ضيافته . قال فيهم بيتا واحداً :
قومُ هم الأنف والأذناب غيرهم ومن يسوي بأنف الناقة الذنبا
حتى خرج أفراد القبيلة فرداً فرداً يتفاخرون في أسواق العرب ، من دون أن يسألهم أحد عن نسبهم – نحن من بني أنف الناقة - نحن من بني أنف

منقول لتعم الفائدة

يزن الهيلوم · 03-Jan-2008, 05:28 AM

والغالي//

ابن العم ( ابو شبيب النفيعي )

جامع لعلوم المرجله والنوماس عوايده وعوايد ربعه

مشكور يالغالي وطرحك اكثر من رائع

أبو الوليد · 04-Jan-2008, 08:36 PM

الأخ ابو شبيب النفيعي
موضوع اكثر من رائع
وهو قابل للزيادة والإضافة فيما يتعلق بأنواع الأدب
يعطيك العافية وتقبل التحية

ينقل الى قسم النثر

التوقيع

https://twitter.com/abalwled

عَظيمةٌ أنتِ يـا أرضَ الرسَـالاتِ = يا مهبطَ الوحي فِي خَتْـمِ النبـوَّات
أنْتِ السُّعُوديَّةُ العَلْيَـاءُ فِـي شَمَـمٍ = تَعْلُو عَلَى كُلِّ مَنْ تَحْـتِ السَّمَـوَاتِ