الرئيسية التسجيل التحكم


اختيار تصميم الجوال

العودة   الهيـــــــــــــلا *** منتدى قبيلة عتيبة > المنتدى الإسلامي > شريعة الإسلام

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: ياطيب راسك يالحافي (آخر رد :@ـايل)       :: نسأل الله السلامه والعافيه (آخر رد :@ـايل)       :: فيحان بن تركي بن ربيعان في ذمة الله (آخر رد :@ـايل)       :: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته (آخر رد :@ـايل)       :: ترا الخوي لاصار طيب ومحمود (آخر رد :ابو طارق الشمري)       :: اصحاب اللنميمه (آخر رد :ابو طارق الشمري)       :: مدح في قليلة شمر (آخر رد :ابو طارق الشمري)       :: منهم العرب الان هم السعودية (آخر رد :أبن ســنيّن)       :: نسب بعض الاسر من شتى القبائل العربيه (آخر رد :أبن ســنيّن)       :: معجم اللهجات المحكية في المملكة العربية السعودية (آخر رد :أبن ســنيّن)      

إضافة رد
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
غير مقروء 30-Oct-2006, 11:11 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الأمــير

رابطة محبي الهيلا

إحصائية العضو







الأمــير غير متواجد حالياً

إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى الأمــير إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى الأمــير إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى الأمــير
افتراضي `~'*¤!| مــو ســوعــةفــن الــدعــوة ووســائــل الــتأ ثــير |!¤*'~`

اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي

اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي

ابوضيف الله ارجوا التثبيت

احترام العقول أولاً !
(1)

إن من أعظم ما وهب الله للعبد عقلاً سليماً ، وفكراً ناضجاً ، وإدراكاً ثاقباً ، وسعة في الأفق ، واستيعاب للحق ، به يرتقي أناس ، وينحط به آخرون .
ميّز به الإنسان عن بقية الحيوانات ، بتعطيله ، أو انحطاط تفكيره يفقد الإنسان إنسانيته ، وينخرط في عالم الحيوان البهيمي {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}.
{ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} .
به يسود الفرد ، وينال الصدارة ، ويميز الخير من الشر ، ويعمل النفع ويبتعد عن الضر ، ويؤصل أمته إلى بحر الأمان حتى ولو كان نحيل الجسم ، وذميم الخلقة " إنما المرء بأصغريه بلسانه وعقله " .
ولعظم منزلة هذا العقل كان أحد الضرورات الخمس التي اتفقت الشرائع على حفظها ، فحفظه حسياً ومعنوياً غاية من غايات هذه الشرائع .


(2)


ومما يمدح به الفرد ، أو الشعوب حينما يتصف بصفات العقل السليم التي وهبها الله للعبد ، ولهذا فلا غروى أن يكون أغلى ما تملكه الشعوب من الثروات هي هذه العقول ، وإن كانت فقيرة بالثروات المادية ، لكنها استطاعت أن تتقدم على شعوب طغت عليها الثروات المادية في جميع الميادين ، وبعقولها استطاعت أن تسود الأمم . و تشجع هجرة عقول الأمم الأخرى جماعات ووحداناً ، وتحتضنها وتغذيها . وانحطت شعوب وأمم لما انحطت عقولها ، وزهدت في عقول رجالاتها ، وكان هم الواحد منهم لا يتجاوز أسقطة المتاع ؛ مع أنها من أغنى الشعوب بالثروات المادية .
ولمكانة العقول السليمة لدى الشعوب الواعية الطموحة المثمنة للكنوز يكون همها ليل نهار الحفاظ على هذه الكنوز ، واحترامها وتقديرها ، والاحتفاء بها ، والدفاع عنها ، وتسخير ما تستطيعها من قدرات لتطويرها وتفعيلها ، وتُهيأ الأسباب والأجواء لتنتج الكثير ، وما الاهتمام الفائق بالموهبين الصادق إلا نتاج ذلك .
وهذه العقول لا تخل منها أمة من الأمم ، أو شعب من الشعوب " إن بني عمك فيهم رماح "فهذا من عدل الله ورحمته وإحسانه بعباده المتتابعة .
ومن سنة الله في خلقة تفاوت هذه العقول تفكيراً ، ووعياً ، وإدراكاً ، وهداية ، واستفادة . مع اتفاق في أصل العقل وسلامته وأنها قابلة للزيادة في التعقل والتأمل ، وهيئت للسعي فيها قدماً ، و التوسع في المدارك والأفق .


(3)


ومن حق هذه العقول علينا احترامها وتقديرها والاستفادة منها ، وعدم الاستخفاف أوالاستهانة بها ، أو الإسقاط من شأنها ، أو السعي الحثيث لقصرها على ما يراد منها لا ما تريده .
والاستخفاف بالعقول له صور وأشكال ظهر الكثير منها والبعض الأخر في طريقه إلى الظهور ، لأن مشوار الاستخفاف بالعقول ما زال مستمراً ، وتعدد ممتهن هذا الاستخفاف بدلاً ما كان مقتصراً على أصحاب السياسة ، وأرباب الشعارات ، والذاتيين ، فبدأنا نسمعه ونشاهده ممن يدعي الإصلاح ، والسعي الحثيث لتوعية العقول وتوسعة المدارك ، والنقلة بالأمة .
وإن كان ظاهر صيحاتهم ونداءاتهم النصحة للأمة ، والخوف من المستقبل ، حلت بثوب الرحمة والشفقة ، إلا أن الحفاظ على رأس المال مقدم على الربح .


(4)


وللتطور الهائل في هذا العصر في وسائل المعلومات ، والاتصال ؛ حتى أصبح العالم كالقرية الواحدة ، فبدأ الوعي ينتشر في أوساط المجتمع ، ويحرص الناس على معرفة الحقيقة ، وأنهم ما عاد تنطوي عليه الأمور مثل ما كانت تنطوي عليهم في السابق ، فمصادر المعرفة تيسرت ، وتعددت ، وأحبوا أن يعرفوا الأمور بأنفسهم لا أحد يملها عليهم ، وبدؤوا يستقلون بتفكيرهم وأرائهم ونتائجهم الحاضرة والمستقبلية ليتحرروا من تبعية الغير وتسير الأخر لما يريده هو لا ما يريدونهم . وأن حبال الثقة المتبادل قد انقطع ، ويَردوا قانون " وما أريكم إلا ما أرى " إلى مقننه ومستحسنه . وأنهم لا يريدون السياسة الفرعونية أن تمرر عليهم ؛ سياسة " فاستخف قومه فأطاعوه " .

(5)


ومن صور وأشكال الاستخفاف بالعقول أنه عندما نقوم بطرح الأفكار والآراء سواءً كانت فكرية أو سياسية أو تربوية ..... نطرحها وفي قرارة أنفسنا أن المجتمع ما زال مصاب بسطحية التفكير وضحالته ، وقلة الوعي ، وأنه تمشي عليه بساطة الأمور فكيف بعظامها ، وأنه يجيد سرعة الاقتناع ، ونخاطبه على أنه مجتمع ما قبل التسعينات ؛ ولهذا تأتي الطرحات والأفكار هزيلة ومتميزة بالبساطة والسذاجة والشطط ، ومما يحزن المرء أن كثيراً ممن يتصف بهذا ممن يحمل شهادات عالمية عالية ، ويقال أيضاً أن مثل هذا الطرح يلق رواجاً ممن يحمل مثل هذه الشهادات .
ومن هذه الصور أننا نجيد التهرب من فشل طروحاتنا وخيبة أفكارنا ، وسذاجة تحليلاتنا، ومن ثَم نحمل هذا الفشل الذريع إلى فهم الآخرين له ، وأن ما قلناه لا غبار له ، وإنما أتى الخلل من هذا الفهم ، ولإصراره على هذا الاستخفاف يصعب عليه الاعتراف بمجانبة الصواب مع أن ما قاله لم يخصه بأفراد ، وإنما قاله على الملأ ، ولجودة هذا الطرح حُرص على حفظه واقتنائه فلهذا لا يمكن أن يندثر أو يطوي في عالم النسيان ، فالأفكار والآراء من أصعب الأمور نسياناً وتجاهلاً .


(6)


ومن أشكال الاستخفاف والاستهتار بعقول الناس : الشعارات البراقة ، والوعود المطمئنة ، والدعايات الساحرة بدأً بالسياسة ، ومررواً بالاقتصاد وحقوق المرأة ، وانتهاءً بمحاضن التربية والتوجيه ولا أخالك ناسياً مسمار جحا هذا العصر " الإرهاب والتطرف " ومصطلحة الحرية والديمقراطية .
فيبدأ بمشواره رافعاً عبارات براقة مع وعود مؤكدة فتذهب الأيام والسنون فلا نراء لهذه اللافتات أثراً في الواقع ، وإنما نسمع جعجعة ولا نراء طحناً .
ولغلبت المادة على الكثير منا استغل ذلك ضعاف النفوس ، مع استغلال وسائل الدعاية الحديثة والمتنوعة ، فيبدأ بطرح مشاريعه التجارية مع وعود بأرباح باهرة مع وقت قصير تجعل المرء يقبل عليها بشراهة وبدون تروي فلا مكان له مع هذه الأرباح فالفرصة لا تعوض ، فيذهب الوقت المحدد وأضعافه ، وصاحبنا لم يستيقظ إلا وهو في وسط الفخ ، فوصل به الحال إلى أن يتمنى رأس ماله ، وعلم أن هذه الوعود ذهبت مع أدراج الرياح ، بل وصل ببعض هؤلاء النفوس أنه استغل الدين وأهله في ترويج نصبه وخداعه .


(7)


وممن الأسباب التي تجعل المرء يتمادى ويستميت بهذا الاستخفاف أن نظره مقصور على الساعة الحاضرة فهو وقتي فلا يفكر في عاقبة طرحه عند وقوف الآخرين على الحقيقة ، ولا يهمه ذلك ، ولا يستشعر حال الناس إذا فرغ صبرهم من طول انتظارهم للوعود التي دغدغت مشاعرهم ، والتوصيات ، والحلول الناتجة عن دراسات وتحاليل .
فهذا أحد النخب ! على الملأ في أحد القنوات الفضائية لم طُرح عليه عمله الذي خالف فيه أحد الأحاديث الصحاح مع أنه لا يمكن له بحال من الأحوال أن يتجاوز ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قيد أنمله ـ وهذا هو المؤمل من كل إنسان ـ أجاب بكل ثقة أنه بعد ما جمع طرق هذا الحديث ودرسها توصل إلى أن معنى هذا الحديث يختلف اختلاف جذرياً مع ما عَلمه من مشايخه وأساتذته وهو المعنى السائد لدى الناس ، والذي على إثره انبهر المستمعين ، وعندما ترجع إلى دواوين الحديث تجد أن هذا الحديث لا طريق له إلا طريق واحد عن أحد الصحابة ، فهل فكر صاحبنا بالساعة التي تلي البحث من الآخرين عن هذا الحديث ومعناه !؟ .
وهناك أستاذ آخر من عِلية النُخب مما طرحه من أفكاره في مجمع من المجامع الثقافية متعددة المدارس والأطياف أن من مميزات عصور طفرة الثقافة المتقدمة أنها لم تتقيد بمدرسة واحدة أو مذهب واحد يُقصر الناس عليه بل أن السلطة في ذلك الزمن ضمنت لكل فئام المجتمع وأطيافه حريته الثقافية ، وأراه العقدية أياً كان ما دام أن صاحبها مُستظل تحت مظلة الإسلام بخلاف حالنا الآن .
فهذه النتيجة يعلم صغار السن والمعرفة أن صاحبها قد أبعد النجعة ، وأن التاريخ يكذب ذلك .
فنقول لصاحبنا هل عصر المأمون ـ الذي يُعد من أزهى عصور الثقافة لدى فئام من المثقفين ـ ينطبق عليه ما طرحته ؟ فماذا يُعد امتحان خيرة علماء ذلك العصر ، وضرب خيارهم بعدما قيدوا بالأغلال ، وامتحن إمام أهل السنة أحمد بن حنبل ، ويدرك ذلك عوام الأمة فضلاً عن النخب .
وقل ذلك في ما بين القرني الرابع والتاسع في مصر ، وابن تيمية وكتبه ومدرسته وتلاميذه شاهد على خلاف هذا الطرح .
بل أن الدين الحق لا يمكن أن يرضى بذلك ، وأن الكثير يعلم ما هي مهمة درة عمر الخطاب التي في كل عصر يتمناه كل غيور .
فثقة المرء لدى فئام من الناس لعلمه وطرحه وإدارته وماضيه تجعله يتكئ على هذه الثقة عند طروحاته وأفكاره الحاضرة والمستقبلية ، ومن ثم تؤثر على جودة طرحه وصدقه ، بل قد يصل به الحال إلى الاستخفاف بالعقول واستتغفالها ، وبما أن الناس أغلاء ما يملكون هي عقولهم لا يتحملون ذلك منه فيبدأ مد ثقته ينحسر شيئاً فشيئاً ، فينفضون من حوله جماعات ووحداناً .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد هادي البشرية إلى الرشاد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .


===========

من الجدير بالاهتمام لمن عرف أهمية الدعوة إلى الله تعالى ولمس الحاجة الماسة إليها في مجتمعاتنا أن يعرف بعض القواعد التي ينبغي استحضارها وتطبيقها في واقعنا لتكون دعوتنا مؤثرة ناجحة وتصل إلى مبتغاها. فهاك بعض القواعد العامة المعينة في الدعوة إلى الله تعالى:

1 - قبل أن ندعوهم لا بد أن نملك قلوبهم:
إن الداعية إلى الله عز وجل ينبغي أن يكون ذا قلب كبير يسع الناس جميعاً بمختلف أوضاعهم ونفسياتهم وجنسياتهم، ويتعامل معهم برفق، ويقدم لهم أفضل ما عنده من فنون التعامل، ويتخير لهم أفضل القول وأجمل المنطق مع بذل الندى وكف الأذى. ولقد كسب النبي صلى الله عليه وسلم قلوب من حوله مع مجانبة تقليدهم في انحرافاتهم؛ فكانوا يسمونه: (الصادق الأمين) قبل أن يبعث؛ فقد ملك قلوب الناس بحسن خلقه وسماحته.
قال تعالى : وإنك لعلى" خلق عظيم {القلم: 4} وقال سبحانه : لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم {التوبة: 128} .

2 - عطاء من لا يخشى الفقر:
إن من السمات المميزة للدعاة إلى الله تعالى كرمهم وبذلهم كل خير للناس؛ فيبذلون للناس الخلق الحسن والجاه إن احتيج إليه، ويبذلون ما يستطيعون للناس من مرتفقات هذه الدنيا؛ ليبينوا لهم أنهم ليسوا طلاب دنيا وأن الدنيا آخر اهتماماتهم، فيبذلوا الدنيا للناس ليستجلبوا قلوبهم إلى الدين؛ فمنهج رسولنا صلى الله عليه وسلم هو منهج العطاء والبذل؛ فقد كان الأعرابي يرجع إلى قومه ويقول: يا قوم أسلموا؛ فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفقر.

3 - احترام الآخرين والاهتمام بقضاياهم:
فإن النفوس تميل إلى من يحترمها ويرفع من قدرها خاصة إذا كان أولئك أصحاب مكانة في قومهم؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يُنَزَّل الناسُ منازلهم.
وإن من أهم أسباب إسلام كثير من الصناديد هو رفع منزلتهم في الإسلام: كالأقرع بن حابس، وأبي سفيان، وعيينة بن حصن، وثمامة بن أثال.
ولقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الاهتمام بقضايا المسلمين حتى لقد كان يهتم بأمور العبيد والموالي.
فها هو يشفع لمغيث عند زوجه بريرة لكي ترجع إليه بعدما عُتِقَت وهو عبد، وغير ذلك كثير من أمثلة اهتمامه صلى الله عليه وسلم بقضايا أمَّته.

4 - الكلمة التي من القلب لا تخطئ القلب :
إن من أهم الأمور التي ينبغي استحضارها: أن يكون الداعية صادقاً في كلمته مشفقاً على المدعو، وأن تخرج الكلمات من قلبه بحرارة مباشرة إلى قلوب المدعوين، ثم تثمر الاستجابة بإذن الله.

5 - قوة الصلة بالله والاستعانة به:
إن أهم زاد للداعية في طريقه لتبليغ دعوة الله إلى الناس هو اتصاله بالله تعالى واعتماده عليه وتفويض جميع أموره إليه؛ فقلوب الناس بين أصابعه سبحانه كقلب واحد يقلبها كيف يشاء، ولو شاء لهدى الناس كلهم أجمعين؛ فبالاعتماد عليه وتفويض الأمور إليه تنفتح الأبواب، ويسهل الصعب، ويقرب البعيد.
ولقد ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب أروع الأمثلة في قوة الاتصال بالله تعالى وخاصة عند الأزمات، وعندما يُعرض الناس عن دعوة الحق. فها هو الطفيل بن عمرو الدوسي يأتي شاكياً قومه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكأنه يستعديه عليهم ليدعو عليهم لما أعرضوا عن دعوته؛ فما كان من نبي الرحمة إلا أن رفع يديه إلى ربه وسأله أن يهدي دوساً ويأتي بهم؛ فما أن رجع الطفيل رضى الله عنه إلى قومه حتى استجابوا جميعاً.

6 - عندما نترفع عن دنياهم :
من أهم ما يزين الداعية ويلبسه ثوب وقار، ويجعله أقرب إلى الاحترام ومن ثم القبول: أن يكون مترفعاً عن ملاحقة كماليات هذه الدنيا؛ فليس يخوض إذا خاض الناس في الشاء والبعير وأنواع السيارات والحديث عن العقارات، والسباحة في بحور الأمنيات الدنيوية؛ فهو لا يجيد السباحة في هذه البحور التي لا ساحل لها؛ بل لا تراه إلا في الدعوة وحولها يدندن.
وليس معنى ذلك أن يهجر الداعية حياته وأصحابه، وأن يكون جاهلاً بواقعه، كلا، ولكننا نريد ارتقاء بالاهتمامات، وتميزاً في الرغبات، وألاَّ يغيب عن همِّ الدعوة، كيلا نكون كالهمج الرعاع الذين يجرون خلف كل ناعق.
فإن أهل العلم دائماً يستحقرون هذه الدنيا وإن عظمت صورتها وحقيقتها عند العامة والدهماء.
اقرأ إن شئت قصة قارون: فخرج على" قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم 79 وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون {القصص: 79، 80}.

قد هيؤوك لأمر لو فطنت له *** فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل

ومن الأمور المهمة أيضاً استغناء الداعية عن الناس قدر إمكانه، وعدم إراقة ماء وجهه ما استطاع، بل هو الذي يبذل الخير للناس.

7 - اعرفى واقعهم وسترحميهم :
إن مما يشد همة الداعية إلى الله لينطلق بقوة إلى الدعوة والإصلاح نظره في واقع مَنْ حولَه وبُعدهم عن الله تعالى، وعمق الهوة السحيقة التي وقعوا فيها أو أوشكوا... فعند ذلك يتدفق من قلبه شعور برحمة هؤلاء، ثم يثمر الرغبة في تغيير واقعهم كيلا يوافوا الله تعالى وهم على هذا الحال .

8 - تحت الرغوة اللبن الصافي:
نعم! فلا يغرنك المظهر، وكذا في واقع الدعوة؛ فإن الناس وإن وقعوا في مآثم ومنكرات بل حتى موبقات فإنهم لا يزال فيهم خير ما داموا موحدين.
ومن هنا ينبغي لنا ألاَّ نترفع عليهم ونكشر أنيابنا في وجوههم، بل ينبغي أن نجلِّي لهم أبواب التوبة المفتوحة، ونرغبهم برحمة الله ولا نقنطهم منها، وأن نحاول تنمية جوانب الخير عندهم.
ومن الطرائف في ذلك أن بعض الدعاة كانوا في فرنسا، فذهبوا إلى حديقة مليئة بالناس والمنكرات، فوجدوا شاباً عربياً معه آلات موسيقية ويغني، فما كان منهم إلا أن ذهبوا إليه ودار الحوار الآتي:
الداعية: مَنِ الأخ.. أعني ما اسمك؟
الرجل: محمد...
الداعية: ما شاء الله ما شاء الله! هذا اسم الرسول صلى الله عليه وسلم .
الرجل: ولكني لا أصلي.
الداعية: ما شاء الله. الله أكبر. دائماً المؤمن لا يكذب ومنهجه الصراحة. وأنت كذلك...
فما كان من ذلك الرجل إلا أن ذهب مع الداعية إلى سكنه، وثم هداه الله تعالى على يديه.
ولقد ضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في ذلك؛ فها هو صلى الله عليه وسلم يسمع أبا محذورة يقلد الأذان؛ فما كان منه إلا أن أثنى على جمال صوته، ومن ثم علَّمه الأذان فصار بعدُ مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم .


===========
وها هو يمنع أي أحد أن يتعرض لمن جلده في الخمر بعد جلده ويقول: "لا تعينوا الشيطان على أخيكم"(1).
إن بُعدنا عن صاحب المعصية والنظر إليه شزراً على أنه عاصٍ لَهُوَ من أسباب عون الشيطان عليه ونفرته من أهل الصلاح؛ ولكن عندما نفتح له قلوبنا ونتعامل مع أخطائه برفق وحنان فسينتج ما لم نره من قبل.

وبقي نقطتان منهجيتان في الدعوة ينبغي ألاَّ يغفلهما الدعاة وإن كانتا ليستا من طرق كسب الناس والتأثير فيهم:
الأولى: الصبر على ما يصيب الداعية في ذات الله؛ فإنه مأجور فيه، وله العاقبة بإذن الله إن صبر وثبت على منهجه الحق، وأظن أن عندك أخي القارئ من الآيات والأحاديث في ذلك ما يربو على ما عندي.
الثانية: أن على الداعية أن يؤدي ما عليه وهو واجب البلاغ، وأن النتائج ليست إليه ولا يؤخذ بها إذا أدى ما عليه. قال تعالى : إن عليك إلا البلاغ {الشورى: 48} .
تلكم كانت إضاءات وخواطر وقواعد دعوية اختلجت في صدري، فأبديتها ناصحاً نفسي وإخوتي، علها أن تؤدي ثمراتها .
وعلى الله قصد السبيل.

فلقد جاءت شريعة الإسلام بمنهج واف للحياة يلم شعثها ويصلح مافسد منها ويقوم ما اعوج من سبلها فلا يوجد خير إلا ودل الإسلام عليه ولا يوجد شر إلا وحذر الإسلام منه فلله الحمد والشكر على ما امتن به على عباده.

وإن من جوانب الحياة المهمة التي شملها هذا الدين العظيم وحرص على تقويتها جانب مهم ألا وهو جانب الأخلاق ، فلقد جاء نبينا متمما لصالح الأخلاق " إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق ".

ولقد تظاهرت النصوص الشرعية الدالة على أهمية الأخلاق وأن الخلق محصلة من محصلات التدين ومن لم يكن ذا دين فلن ينفعه خلقه عند الله عزوجل شيئا يقول الله عزوجل واصفا نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم " وإنك لعلى خلق عظيم " ، يقول ابن عباس رضي الله عنهما عن هذه الآية ( لعلى دين عظيم ، لادين أحب إلي ، ولا أرضى عندي منه , وهو دين الإسلام ) ، وفي الصحيحين أن هشام بن حكيم سأل عائشة رضي الله عنهما عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : كان خلقه القرآن.

نعم خلقه القرآن ، فهو إذا خلق تدين وعبادة وخشوع وإخبات لله رب العالمين محركه حب الله ووقوده طاعة الله وماء حياته الرصيد الهائل من التقرب إلى الله والاعتصام بحبله المتين وصراطه المستبين ، وهو خلق ينبع من القرآن عنه يصدر وإليه يأرز ورايته المرفوعة وعلامته الموسومة الاحتساب وابتغاء ماعند الله عزوجل والدار الآخرة.
وإن من الأخلاق العظيمة التي حث الشرع المطهر عليها خلق الحلم ، والحلم بالكسر معناه كما قال صاحب القاموس المحيط هو " الأناة والعقل" وجمعه أحلام وحلوم ومنه الرجل الحليم والحليم يجمع على حلماء وأحلام
وأما معناه الاصطلاحي فهو : ضبط النفس عند الغضب ، وكفها عن مقابلة الإساءة بمثلها وإلزام هذه النفس حال غضبها بحكم الإسلام.

لقد أثنى نبينا صلى الله عليه وسلم على أشج عبد القيس بقوله : " إن فيك خلتين يحبهما الله ، قلت : وماهما يارسول الله ؟ قال : الحلم والأناة ....... الحديث رواه البخاري في الأدب المفرد.

الله أكبر الحلم من الخصال التي يحبها الله فهل استشعرنا هذا المعنى حال هجوم سورة الغضب علينا ؟ هل نستشعر أن هذه الخلة من محبوبات الله عزوجل فيحملنا ذلك الشعور على الصبر الجميل والحلم العظيم ونحن نقول بلسان الحال والقال : " سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير".

وصف شريف ورداء نظيف يلبسه الله لمن يشاء من أوليائه الذين لايرتدونه إلا احتسابا ولايرتدونه رياءا وسمعة وخيلاءا ، فهذا نبي الله وخليله إبراهيم عليه السلام استحق وصف الحليم إن إبراهيم لحليم أواه منيب) ، ولقد بعث الله له من ذريته غلاما حليما ونبيا كريما إنه إسماعيل عليه السلام : ( فبشرناه بغلام حليم ) ، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم سيد الحنفاء والحلماء قال عنه ربه ( وإنك لعلى خلق عظيم ) , وقد قال الله عزوجل موصيا نبيه عليه الصلاة والسلام ومربيا االأمة على هذا الخلق ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) ويقول سبحانه مثنيا على أصحاب هذا الخلق النبيل ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ** الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين).

إنها معالم نورانية للسالكين وبراهين ربانية لشحذ همم السائرين ترشدهم إلى الخلق الذي يستوعبون به الناس لينقلوهم من ضيق النفوس إلى سعة القلوب والصدور , وإن من أحوج الناس لتلمس تلك الدلالات والمعاني الذين يتصدرون لدعوة الناس " فالذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لايخالط الناس ولا يصبر على أذاهم " والنبي صلى الله عليه وسلم خالط الناس في دعوته بالاحتساب والصبر والحلم والأناة ولم يخالطهم بالفظاظة والغلظة والقسوة والغضب وصدق الله ( ولوكنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) .

وحياته صلى الله عليه وسلم وسيرته العطرة دليل الصدق على سمو نفسه عليه الصلاة والسلام فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : "كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة ، حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته . ثم قال : يامحمد ، مر لي من مال الله الذي عندك ، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أمر له بعطاء " رواه البخاري في كتاب اللباس .

موقف رهيب ، وحلم عجيب ، وبهاء وروعة ، وسمو وتواضع ، وحنو مصدره إيمان وحلم يزين جبين الرحمة المهداة والمنة المسداة لهذه البشرية الحائرة التي كانت قبل محمد صلى الله عليه وسلم لا تعرف ما معنى الرحمة ولا ما معنى الخلق .

بالله عليكم يا أحبابنا لوكانت هذه المعاني مستحضرة في واقعنا وواقع تعاملنا مع عباد الله عزوجل كيف سيكون حال دعوتنا ؟ كيف لو استحضر المعلم هذا المعنى مع طلابه ورواد درسه؟ وكيف لو استحضرت المعلمة ذلك مع طالباتها ؟ وكيف لو تأمل الداعية والمربي والشيح والعالم في هذا الموقف من النبي صلى الله عليه وسلم وتمثله أصحاب الرسالات والدعوات في حياتهم ، كيف سيكون حال الناس ؟

إن الشعور النبوي الكريم والشفقة على الخلق قد فاضت حتى انطبعت في قلوب اتباعه وأصحابه حبا وتضحية يفوق وصف الواصفين وقبولا ماله نظير وكيف لا يكون الأمر كذلك وهو الرحمة التي أنقذ الله بها البشرية من غول التيه والحيرة.

يا معشر الدعاة يا معشر المربين يا معشر العلماء والفضلاء والنبلاء الحلم الحلم فإنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فلتسعوهم بأخلاقكم

بعد أن تغربت كيف تدخل المجال الدعوي

بعض الشباب عندما يتغير عليه المكان وينتقل إلى بيئة جيدة قد يتعطل عن العمل الخيري ، مثل المعلمين الذين يتعينون بعيداً عن مدنهم أو طلاب الجامعات أو الموظفين أو ..... فيجدون أنفسهم قد أغلقت عليهم الأبواب بسبب عدم معرفتهم للتعامل مع هذه الظروف وأمثالها ، فنهدي له هذه الكلمات لعلها تنفعهم إنشاء الله وهي نقاط غير مرتبه ولكن خذ ما يناسبك منها :
1. ارتبط بإمام المسجد الذي تصلي فيه وحاول التعرف عليه والقرب منه ( دون أن يكون دخولك معه دخول شبهه فقد يخاف منك ) ومنه قد تنطلق للتعرف على الأعمال الخيرية وقد يكون هو الذي يدلك على من يقوم بها .
2. كلم إمام المسجد عن مشروع خيري واضح كتوزيع أشرطة مصرح به أو كتيبات أو مطويات أو .... وبعده تنطلق معه إلى ما تشاء .
3. لا تمانع من قبول دعوة من أحد جماعة المسجد وخاصة في أيامك الأولى حتى تتعرف عليهم وعلى عاداتهم أو ينفعونك في ما تريد .
4. قبل أن تغادر بلدتك اذهب لأحد المشائخ أو طلبة العلم الذين تعرفهم وقل له أنك انتقلت إلى تلك البلدة فيمكن أن يعرف أحد الشباب هناك أو المشائخ فيتولى أمرك وتوجيهك لما يناسبك . أو قد يرسل الشيخ معك بعض الأغراض لهم خاصة إذا كان الشيخ معروفاً منهم .
5. أن تقوم { بكتابة أفكار في ورقة أو نقل خبرة من الخبرات ( كنقل بعض الأمور الإدارية لتلك الجهة وقد نقلت لهم أرقام تلفونات المشائخ وطريقة تنسيق المحاضرات معهم ) أو تجمع مالاً أو تحضر بعض الأشرطة أو الكتيبات أو المطويات أو تذهب لأحد التسجيلات القريبة من بلدتك والبعيدة عن البلدة الجديدة وتأخذ منهم عروض وطرق مساعدة الأعمال الخيرية } وتذهب لأحد الجهات الدعوية كمكتب الجاليات أو جمعية تحفيظ القرآن الكريم أو مكتب الدعوة أو هيئة الإغاثة أو القاضي في تلك البلدة وتطلب مقابلة المدير وتسلم عليه وتعرفه بنفسك وعملك وتعطيه هذه الأشياء لعلها تكون الخطوة الأولى لبدء حياة دعوية جديدة .
6. أن تذهب لقاضي تلك البلدة وتعرفه بنفسك وعملك وأنك تريد المشاركة في الدعوة فيوجهك لما تشاء
.
وأخيراً : من كان دم الدعوة إلى الله يجري في عروقه فسيجد له طريقاً يسير به أو يفتح هو منفذاً جديداً لأنه يحمل همّ هذا الدين ويحترق من أجله .

إن الله رفيق يحب الرفق



قال ابن القيم رحمه الله نظما :
وهو الرفيق يحب أهل الرفق ... يعطيهم بالرفق فوق أمان

وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في شرحه لهذا البيت :
ومن أسمائه سبحانه
الــرفيــق
وهو مأخوذ من الرفق الذي هو التأني في الأمور والتدرج فيها
وضده العنف الذي هو الأخذ فيها بشدة واستعجال ..

والتفسير لهذا الاسم الكريم مأخوذ من
قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح :
" إن الله رفيق يحب الرفق , وإن الله يعطي على الرفق مالا يعطي على العنف "

فالله تعالى رفيق في أفعاله حيث خلق المخلوقات كلها بالتدريج شيئا فشيئا بحسب حكمته ورفقه ، مع انه قادر على خلقها دفعة واحدة وفي لحظة واحدة ..

وهو سبحانه رفيق في أمره ونهيه فلا يأخذ عباده بالتكاليف الشاقة مرة واحدة ، بل يتدرج معهم من حال إلى حال حتى تألفها نفوسهم وتأنس إليها طباعهم ، كما فعل ذلك سبحانه في فرضية الصيام وفي تحريم الخمر والربا ونحوهما ...

فالمتأني الذي يأتي الأمور برفق وسكينة ، اتباعا لسنن الله في الكون واقتداء بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تتيسر له الأمور وتذلل الصعاب , لا سيما إذا كان ممن يتصدى لدعوة الناس إلى الحق فانه مضطر إلى استشعار اللين والرفق كما قال تعالى : " ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم "

قال ابن القيم رحمه الله نظما :
وهو الرفيق يحب أهل الرفق ... يعطيهم بالرفق فوق أمان

وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في شرحه لهذا البيت :
ومن أسمائه سبحانه
الــرفيــق
وهو مأخوذ من الرفق الذي هو التأني في الأمور والتدرج فيها
وضده العنف الذي هو الأخذ فيها بشدة واستعجال ..

والتفسير لهذا الاسم الكريم مأخوذ من
قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح :
" إن الله رفيق يحب الرفق , وإن الله يعطي على الرفق مالا يعطي على العنف "

فالله تعالى رفيق في أفعاله حيث خلق المخلوقات كلها بالتدريج شيئا فشيئا بحسب حكمته ورفقه ، مع انه قادر على خلقها دفعة واحدة وفي لحظة واحدة ..

وهو سبحانه رفيق في أمره ونهيه فلا يأخذ عباده بالتكاليف الشاقة مرة واحدة ، بل يتدرج معهم من حال إلى حال حتى تألفها نفوسهم وتأنس إليها طباعهم ، كما فعل ذلك سبحانه في فرضية الصيام وفي تحريم الخمر والربا ونحوهما ...

فالمتأني الذي يأتي الأمور برفق وسكينة ، اتباعا لسنن الله في الكون واقتداء بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تتيسر له الأمور وتذلل الصعاب , لا سيما إذا كان ممن يتصدى لدعوة الناس إلى الحق فانه مضطر إلى استشعار اللين والرفق كما قال تعالى : " ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم "



============
رسـائـل

~ 1 ~

رسالة إلى دعاة الحق والفضيلة والى كل ناصح مرشد مشفق نقول :

رفقا بالمنصوحين وقولا لينا ، فإن في ذلك مدعاة لقبول نصحكم والاهتمام به ...
فهلا تأملتم خطاب الله جل وعلا لكليمه موسى و أخيه هارون عليهما السلام في قوله تعالى :
" اذهبا إلى فرعون إنه طغى * فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى "
أي اذهبا إلى فرعون الطاغية الذي جاوز الحد في كفره وطغيانه وظلمه وعدوانه " فقولا له قولا لينا "
أي : سهلا لطيفا برفق ولين وأدب في اللفظ ، من دون فحش ولا صلف ولا غلظة في المقال او فظاظة في الأفعال " لعله " بسبب القول اللين " يتذكر " ما ينفعه فيأتيه " أو يخشى " ما يضره فيتركهفإن القول اللين داع لذلك والقول الغليظ منفر عن صاحبه وقد فسر القول اللين في قوله تعالى : " فقل له هل لك إلى أن تزكى * وأهديك إلى ربك فتخشى "
فإن في هذا الكلام من لطف القول وسهولته وعدم بشاعته مالا يخفى على المتأمل فإنه أتى بـ " هــل " الدالة على العرض والمشاورة والتي لا يشمئز منها أحد ودعاه إلى التزكي والتطهر من الأدناس التي أصلها التطهر عن الشرك , الذي يقبله عاقل سليم ولم يقل " أزكيـك " بل قـال " تـزكى " أنت بنفسك ثم دعاه إلى سبيل ربه الذي رباه و أنعم عليه بالنعم الظاهرة والباطنة التي ينبغي مقابلتها بشكرها وذكرها فقال : " و أهديك إلى ربك فتخشى "
(( فإن كان أسلوب الخطاب هذا لذلك الطاغية فكيف بإخوانكم المسلمين يرحمكم الله ))

~ 2 ~
رسالة إلى كل مسؤول نقول :
إلى كل من ولي أمر المسلمين سواء كانت ولاية عامة أو ولاية خاصة كن رفيقا بمن هم تحت مسئوليتك فقد قال صلى الله عليه وسلم : " اللهم من ولي من أمتي شيئا فرفق بهم فأرفق به ومن ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه "
فكن معينا لهم على قضاء حوائجهم ، و إياك أن تماطل بهم أو تسعى للإضرار بهم فإن الله ســائلك عن ذلك فإن أحسنت أحسن الله إليك و إن أسأت جازاك الله على إساءتك بما تستحق وكنت مذموما في الدنيا والآخرة .

~ 3 ~

رسالة إلى كل أب و أم أنعم الله عليهما بالبنين والبنات والى كل معلمه ومعلم انعم الله عليهما بذلك العلم
نقول :
رفقا بالقوارير من بناتكم ومربيات الأجيال ورفقا بالبنين من أبنائكم صناع المجد بإذن الله فإنكم برفقكم وحسن أسلوبكم تصلون إلى مالا تستطيعون أن تصلوا إليه بالشدة والعنف فالتربية بالرفق والإحسان أكثر نفعا و أشد قبولا في نفوس هؤلاء الأولاد ليكون ذلك أدعى لقبولهم ومحبتهم للخير و أهله فالعنف معهم دون سبب بين وكحالة استثنائية لا يولد إلا العنف والكراهية والانفعالات لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه "

~ 4 ~

رسالة إلى كل ابن كريم نقول :

أبني رفقا بوالديك وقولا لينا ...
ألم تشعر يوما ما بقسوتك في التعامل معهما وهما اللذان سهرا على تربيتك والإحسان إليك ....
فإذا كان الرفق مطلوب مع الآخرين فهو مع الوالدين أوجب و أولى بل إن التأفف في وجههما إثم وقطيعة وجريمة ...
وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان فأحسن صحبتهما وأرفق بهما فانهما باب من أبواب الجنة ...
أبني هل سمعت بوصيته تعالى لك في قوله جل وعلا : " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا "
إنها وصية الله لك من فوق سبع سماوات ... من كتاب الله جل وعلا ...
هاهما بجوارك قد بدأ المشيب إليهما واحدودب منهما الظهر وارتعشت الأطراف لا يقومان إلا بصعوبة ولا يجلسان إلا بمشقة أنهكتهما الأمراض وزارتهما الأسقام فعليك بالبر والإحسان ولا تبخل عليهما بمالك وجهدك وحسن خلقك وطيب معشرك يا رعاك الله ...

~ 5 ~

رسالة إلى كل الأزواج نقول :
رفقا بزوجاتكم ورحمة بهن فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أرفق وارحم بعائشة رضي الله عنها من أبيها أبو بكر رضي الله عنه حينما جرى بينها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم كلام حتى دخل أبو بكر حكما بينهما .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " تكلمي أو أتكلم "
فقالت رضي الله عنها : تكلم أنت ولا تقل إلا حقا ..
فلطمها أبو بكر رضي الله عنه حتى أدمى فاها وقال : أو يقول غير الحق يا عدوة نفسها ؟
فاستجارت برسول الله صلى الله عليه وسلم وقعدت خلف ظهره ..
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
" إنا لم ندعك لهذا , ولم نرد منك هذا " صحيح البخاري
فقد كان الزوج العظيم أرفق بزوجته من أبيها و أحلم عليها منه وأشفق عليها .
فهلا اقتديتم برسول الله صلى الله عليه وسلم يا رعاكم الله

~ 6 ~

رسالة إلى كل الزوجات نقول :
رفقا بأزواجكن ورحمة بهم تقديرا لظروفهم وعدم الإثقال على كاهلهم وتكليفهم بما لا يستطيعون خاصة بأمر الطلبات وكثرتها فالكفاف خير يا رعاكن الله
وليكن لنا في أمهات المؤمنين رضي الله عنهن قدوة حسنة حينما آثروا واختاروا الباقية على الفانية بعد ان خيرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله تعالى : " إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن و أسرحكن سراحا جميلا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما "

~ 7 ~

رسالة إلى كل ممن أنعم الله عليهم بالخدم والأجراء نقول :
ترفقوا في هؤلاء الخدم وتجنبوا ان تكلفونهم مالا يطيقون وامتثلوا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : " ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم "
كما أننا ندعوكم للتصدق عليهم على أجرائكم وخدمكم زيادة على مستحقاتهم ففيهم أجر وصدقة وهم لها مستحقون وإلا لما تغربوا عن أبنائهم و أطفالهم ثم لتبرأ ذمتك من زلل أو خطأ أو قسوة وتقصير ...
يقول عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم , هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن جعل الله أخاه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا يكلفه من العمل ما يغلبه فإن كلفه ما يغلبه فليعنه عليه "
وقال صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة , ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة : رجل أعطي بي ثم غدر , ورجل باع حرا فأكل ثمنه , ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يوفه حقه "


==========

نماذج من رفق رسول الله صلى الله عليه وسلم

الحديث الأول

عن عائشة رضي الله عنها قالت : إن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال اليهود : السام عليكم ( الموت عليكم ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وعليكم قالت عائشة رضي الله عنها : السام عليكم ولعنكم الله وغضب عليكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مهلا يا عائشة !! عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش ) فقالت عائشة رضي الله عنها : أو لم تسمع ما قالوا فقال الرسول صلى عليه وسلم : ( أو لم تسمعي ما قلت رددت عليهم " فيستجاب لي ولا يستجاب لهم في " ) رواه البخاري ... وفي رواية مسلم :
( لا تكوني فاحشة فإن الله لا يحب الفحش والتفحش )

الحديث الثاني

عن أنس رضي الله عنه قال : بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يصيحون به : مه مه ( أي أترك ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تزرفوه دعوه ( لا تقطعوا بوله ) فيترك الصحابة الأعرابي يقضي بوله ثم يدعوا الرسول عليه الصلاة والسلام الأعرابي فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم للأعرابي : إن المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر إنما هي لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين صبوا عليه دلوا من الماء . فقال الأعرابي : اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا .
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لقد تحجرت واسعا ) " أي ضيقت واسعا " متفق عليه ...

فانظر أخي القارئ أختي القارئة إلى الآثار المباركة بالرفق فاعمل به تسعد وتسعد الآخرين وإياك والعنف فإنه شقاء لك وللآخرين ...

فن تهيئة النفوس


النفوس البشرية أشبه بالمعادن الصلبة . كلاهما يصعب كسره أو ثنيه أو تشكيله إلا في أفران خاصة عالية الحرارة . تلك الأفران التي يمكن فيها تشكيل النفوس البشرية هي أفران التهيئة النفسية .
وتهيئة النفس مرحلة متقدمه علي فعل الفعل . وهي مرحلة هامة . يقصد منها دفع الأفراد ذاتيا إلى تحقيق أعلى معدلات الإنجاز لأي فعل يقدم عليه الإنسان . فأي فعل يقدم الإنسان على فعله –كبر أم صغر - يحتاج إلى حسن تهيئه وجودة إعداد. فبدون هذه التهيئة لا تتوقع غير معدلات الإنجاز المتدنية . لأن حسن التهيئة يصهر البلادة, ويذيب الغفلة , ويذيل الفتور الذي قد يعتري النفس البشرية من حين لحين . كما وتساهم مرحله التهيئة النفسية في تطويع النفس وترويضها ودفعها لانجاز الأفعال التي قد تستثقلها ولا تستسيغها . والأكثر من ذلك إن مرحلة التهيئة النفسية تستنهض همم الأفراد وتجعلهم يخرجون الطاقات المخبوءة داخلهم . وقد يصعب على أي قوة استخراج مثل هذه الطاقات غير قوة التهيئة النفسية .

ويوم تبوك لما فكر الروم أن يعدوا العدة لضرب الإسلام في شمال الجزيرة العربية . استنفر الرسول المسلمين لملاقاة هذا العدوان . ولكن كانت الأيام أيام قيظ , وقحط , وعسرة . والسير إلي العدو م يتطلب جهد كبيرا ونفقات أكبر . إضافة إلى أن " قتال الروم ليس صداماً مع قبيلة محدودة العدد والعدة، بل هو كفاح مرير مع دولة تبسط سلطانها على جملة قارات، وتملك موارد ثرَّة من الرجال والأموال." كما يقول الشيخ محمد الغزالي . فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث المسلمون على التبرع لتجهيز الجيش. فأخذ يهيأهم , ويشجعهم, ويمعن في الترغيب والتحفيز والحث على الإنفاق .استنهض صلى الله عليه وسلم همم أصحابه . وما أن لامست أذان الرجال صيحات الرسول المدوية والمحفزة :
((من جهز جيش العسرة فله الجنة، من جهز جيش العسرة فله الجنة))

حتى تسابق المسلمون في الجهاد بأموالهم تسابقا عجيبا . فهاهو أبو بكر الصديق يأتي بكل ماله. وعمر بن الخطاب يأتي بنصف ماله. وتبارى القوم في التبرع في صورة تُظهر ما في قلوبهم من إيمان راسخ ونفوس سخية. ولم ينفق أحد أعظم نفقة من ذي النورين عثمان بن عفان الذي جهز ثلث الجيش وحده، وجاء بثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها وبألف دينار استرخصها رضي الله عنه وبذلها في سبيل الله . حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم في حقه: "ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم" قالها مرارًا.

ولك أن تتساءل: ما الذي دفع هؤلاء إلى تحقيق معدلات الانجاز هذه ؟ . أسباب عديدة . أهمها حسن التهيئة . فالرسول صلى الله عليه وسلم استطاع أن يسمو بهمم الرجال, ويجعلهم يصلون إلي هذه الدرجة من العطاء لما أحسن تهيئة نفوسهم بالطريقة المناسبة . فحسن التهيئة يعني حسن التلبية . وهذا ما يجب ألا يغيب عن الأذهان .

ويجمع المختصون على أن التهيئة النفسية الحقة تساهم في وضع فسيولوجيا الأفراد في أعلى حالات التأهب من أجل إنجاز المهام المكلفين بها بنجاح .كما ويجمع المختصون أيضا على انه " لا توجد نتائج قويه بدون فسيولوجيا قوية " وببساطة فان مرحلة التهيئة النفسية ما هي إلا تلك القوة الهائلة التي تساهم في خلق حالة نفسية وفسيولوجية عالية لدى الأفراد . لذا يجب الاهتمام بهذا البعد . فكما يقول أنتوني روبينز : " تعد الفسيولوجيا اقوي أداة لدينا لتغيير حالاتنا من اجل النتائج المبهرة" .

ولك أن تتخيل حجم التأثيرات الهائلة التي تحدثها التهيئة النفسية الحقة في طاقة الجسم الكهروحيوية . فهناك إجماع من المختصين علي إن طاقة الجسم الكهروحيوية تتغير بشكل ملحوظ مع تغير حالة الشخص النفسية والمزاجية. والتهيئة النفسية هي القوة الوحيدة القادرة على تحقيق كل هذه النتائج المبهرة .لكن من أجل الحصول على مثل هذه النتائج المبهرة يجب أن تكون التهيئة مبهرة أيضا . " وإذا ما حدث هذا التغيير فإننا يمكننا فعل أشياء تبدو غير ممكنه "كما يقول روبينز.

وهذا ما حدث يوم بدر .قبل التحام الجيشين . لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس فهيأهم وحرضهم . أعطي للتهيئة وقتها الكافي . فهو اعلم الناس بحرج موقف جيش قوامه ثلث عدد جيش العدو . رفع معنويات الجنود . وغير حالتهم النفسية والمزاجية . وانعكس ذلك علي حالاتهم الفسيولوجية . هيأ صلى الله عليه وسلم نفوس الجند لما هي مقبلة عليه . وصاح فيهم قائلا :
والذي نفس محمد بيده ،
لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا ،
مقبلا غير مدبر ،
إلا أدخله الله الجنة .
فأقبل الجند . وأدبر الخوف من قلوبهم. وكان الانجاز . الانجاز الذي وصل معدله إلي 300% تقريبا . إذ استطاع 314 مقاتل أن يصمدوا في وجه . 1000 بل ويلحقوا بهم الهزيمة المذلة.

لذلك فليس من الحكمة أن نقدم على التنفيذ قبل استفراغ الوسع في التحفيز . وليس من الحكمة أن نطلب قبل أن نُرَغب . ولا أن نأمر قبل أن نهيئ . ولا أن يعمل من هم تحت إمرتنا قبل أن تهضم نفوسهم وعقولهم ما هم مقدمون عليه بحسن التهيئة , وبقوة الترغيب وببراعة التحفيز . القول الفصل هنا أن مرحلة التهيئة لابد وأن تسبق مرحلة العمل . عندها توقع الإقبال على تنفيذ الأمور بأفضل المعايير: الرئيس مع مرؤوسيه , والداعي مع مدعويه , والقائد مع جنده ., والمدير مع موظفيه , والمعلم مع طلابه , والأب مع زوجته وأولاده. الكل مطالب بإتقان هذا الفن وفي الأمور كلها .

وليس هناك مستوى معين من البشر يقف عند عتباتهم فن التهيئة. فالكل يحتاج إليه وإن تفاوتت النسب والدرجات . فأنبياء الله ورسله وهم أشرف الخلق وأكملهم هيأهم رب العالمين وأحسن تهيأتهم . هيأهم .للعديد من المشاق والصعاب التي ستواجههم في طريقهم أثناء الدعوة إلى الله .هيأهم بمختلف الطرق الوسائل التي تناسب حال وزمان ومكان كل منهم .وإذا كان هذا المستوى من البشر قد احتاج إلي كل هذه التهيئة فمن باب أولى فكل من هو دونهم صلوات الله وسلامه عليهم أولى ويستحق هذا الأمر . فأمر التهيئة لازم لكل من له نفس وعقل مهما علا شانه أو سمت مكانته في دنيا الناس.

حتى أولئك الين يتعاملون مع الحيوانات والدواب . فلا يعقل أن ينتظر فارس مغوار من فرسه أن يقفز الحواجز العالية وهو يتبختر أو يسير الهوينى . فان لم يحفزه من بعيد وقبل مواجهة الحواجز. إن لم يهيئه ويثير حماسته ويوثق لجامه بقوة .إن لم يرفع همته بصيحاته وحركات أقدامه. فقد يردي الفرس الفارس وقد يهلكا سويا .

انظر إلى رسول الله في احد رحلات العودة إلى المدينة . ففي هذا اليوم نزل المسلمون في الطريق، بمنزل بالقرب من قبيلة" لحيان ". وهي قبيلة مشركة تكن العداء الأسود لله ورسوله. كان يفصل بين المسلمين وبين قبيلة" لحيان " جبل . هذا الجبل قد يكون العدو مختبئاً فيه . ولن يغامر رسول الله صلى الله عليه وسلم بجيشه قبل أن يرسل طليعة على الجبل تكشف الأكمة وما وراء الأكمة. فقرر الرسول انتداب احد الصحابة لاستطلاع الأمر واستكشاف الطريق وتأمينه قبل مرور الجيش . ولك أن تتخيل خطورة مهمة من هذا القبيل. ولك أن تتخيل خطورة حياة من سيقوم بها. ولكون رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم ثقل المهمة وخطورتها, فقرر أن يوقد نيران أفران التهيئة النفسية ليصهر فيها نفوس الجند. فاخذ صلي الله عليه وسلم يهيئ ويحفز ويشجع الأفراد قبل أن يكلفهم . ولكن دعنا تتساءل :

* ألم يكن في مقدوره صلى الله عليه وسلم أن يأمر أو يجبر أو يكلف احد أصحابه بتنفيذ هذه المهمة ؟

* ألم يكن في مقدوره صلى الله عليه وسلم أن يصدر التعليمات والأوامر- هو المسئول الأول عن الجيش -بتكليف احد قواده أو مساعديه بتنفيذ هذا الأمر قصرا ؟

* أليس مثل هذه الأمور شيئيا معتادا بل و متعارفا عليه في العرف العسكري ؟

لكنه صلى الله عليه وسلم كان يعلم أن كل نفس مهما علا شانها فهي في حاجة إلي قدر من التهيئة والتحفيز قبل الإقدام على التنفيذ .وان ما تأتي به التهيئة لا يمكن لغيرها من الوسائل الإتيان به . حتى ولو كان الأمر مع كبار الصحابة رضوان الله عليهم .

قام صلى الله عليه وسلم أمام الجميع يدعو بالمغفرة لمن يصعد هذا الجبل الليلة ويأتيه بخبر العدو . جاء هذا الدعاء ليقول لهم : انه ليس بين هذا الذي سيصعد الجبل في الليل البهيم وبين مغفرة الله تعالى له ذنوبه إلا صعود هذا الجبل والإتيان بخبر القوم . وهنا اشرأبت الأعناق. وسمت هامات الرجال . وتنافس الجميع من اجل الفوز بتلك المهمة .

جاءت المهمة من نصيب الصحابي الجليل : سلمه بن الأكوع : يقول سلمه رضي الله عنه وأرضاه : ( فرقيت الليلة الجبل مرتين أو ثلاث ) . ويا للعجب . لقد كان المستهدف انجازه صعود الجبل مرة واحدة لاكتشاف أمر العدو . وهذا يكفي . ولكن التنفيذ تحقق بنسبة300% . لقد كان صعود الجبل على قلب سلمه أشهى من العسل – كما يقول الأستاذ منير الغضبان الذي أضاف معلقا :
( ترى أي جني هذا الذي يصعد الجبل وحده ثلاثة مرات ،
لا يعرف الرعب سبيلاً إلى قلبه ، وهو وحده . ) .

إنها عظمة الرسول وبركات التهيئة النفسية التي كان يجيدها رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أحوجنا أن نتتبع خطاه أن نتعلم منه كيف نتقن فن تهيئة النفوس البشرية مع من نتعامل معهم .

إن تهيئة النفوس فن وعلم . نجح من أتقنه ووعاه في تحقيق أفضل معدلات الانجاز لفعل فعل . لذالك وجب على كل من يتعامل مع النفس البشرية بكل مستوياتها ألا يغفل عن تفعيل هذا الأمر. وألا يقصر في تحقيقه. وان يعطيه الوقت الكافي والجهد المناسب أيضا . وان يضع هذا الأمر نصب عينيه مهما كانت الأعمال بسيطة . والأمور العظام من باب أولى
.















رد مع اقتباس
غير مقروء 30-Oct-2006, 10:34 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
( فتى الجرد )
عضو فضي
إحصائية العضو






( فتى الجرد ) غير متواجد حالياً

إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى ( فتى الجرد )
افتراضي

ذيب الحنابج
الله يجزيك بالخير على النقل واضم صوتي لصوتك لتثبيت هذا الموضوع
لتعم الفائده
ودمتم















رد مع اقتباس
غير مقروء 31-Oct-2006, 10:10 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الأمــير

رابطة محبي الهيلا

إحصائية العضو







الأمــير غير متواجد حالياً

إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى الأمــير إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى الأمــير إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى الأمــير
افتراضي

فتى الجــــرد


لاهنت على المرووووور















رد مع اقتباس
غير مقروء 01-Nov-2006, 10:27 AM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
مخ الذيب
عضو نشيط
إحصائية العضو






مخ الذيب غير متواجد حالياً

افتراضي

الله يجزيك بالخير على النقل واضم صوتي لصوتك لتثبيت هذا الموضوع















رد مع اقتباس
غير مقروء 02-Nov-2006, 10:18 AM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
الأمــير

رابطة محبي الهيلا

إحصائية العضو







الأمــير غير متواجد حالياً

إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى الأمــير إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى الأمــير إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى الأمــير
افتراضي

مخ الذيب


مشكووووور على المرور















رد مع اقتباس
غير مقروء 03-Nov-2006, 03:44 PM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
مــاجد
عضو فعال
إحصائية العضو






مــاجد غير متواجد حالياً

افتراضي

جزاك الله كل خير

فعلا موضوع مهم ومفيد















رد مع اقتباس
غير مقروء 04-Nov-2006, 04:11 PM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
مخ الذيب
عضو نشيط
إحصائية العضو






مخ الذيب غير متواجد حالياً

افتراضي

لاشكر على واجب















رد مع اقتباس
غير مقروء 06-Nov-2006, 07:46 AM رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
الأمــير

رابطة محبي الهيلا

إحصائية العضو







الأمــير غير متواجد حالياً

إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى الأمــير إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى الأمــير إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى الأمــير
افتراضي

ماجد

مشكووووو ر عىل المرورررر















رد مع اقتباس
غير مقروء 06-Nov-2006, 07:48 AM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
الأمــير

رابطة محبي الهيلا

إحصائية العضو







الأمــير غير متواجد حالياً

إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى الأمــير إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى الأمــير إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى الأمــير
افتراضي

مخ الذيب

لاهنت من جديد















رد مع اقتباس
غير مقروء 06-Nov-2006, 08:47 AM رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
عتيبي معاصر
عضو ماسي
إحصائية العضو







عتيبي معاصر غير متواجد حالياً

إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى عتيبي معاصر
افتراضي

.




..



ذيب الحنابج

لاهنت على الموضوع المميز


.















رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن »02:19 AM.


 Arabization iraq chooses life
Powered by vBulletin® Version 3.8.2
.Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
اتصل بنا تسجيل خروج   تصميم: حمد المقاطي