من المعروف بإن الرحالة الهولندي مارسيل كوربر شوك قضى مدة ليست بالقصيرة عاش فيها مع قبيلة عتيبة وفي عفيف تحديداً ، وعرف الكثير عن عاداتهم ، واكثر المستشرقين تفهماً لهذه العادات وتأثراً بها .وفي كتابه البدوي الاخير دراسات مهمة وملفته لهذا الرحالة .
وهنا انقل لكم وصفه للمفطح والضيافة عند البدو في ذلك الوقت:
"يقتضي الأتكيت ألا يأكل المضيف مع ضيوفه. فهو يطوف حولهم ، مرحباً بهم ، يشجع الجميع على أكل المزيد، ويقطع بسكين مخيفة أكبر الكتل الرجراجة من اللحم والشحم.
الضيوف يتخذون وضع الهجوم مشمرين عن الساعد الأيمن مع اسناد الرسخ بارتخاء إلى الركبة اليمنى المرفوعة ، بينما تتدلى اليد من على الركبة . ثم تتلى "بسم الله الرحمن الرحيم"وتمتد الأيدي
في البداية بقدر من الوجل كرجل بدأ يداعب بلوزة امرأة متظاهراً بالعبث على رسله بقلادتها ثم (...)
اولاً يغترف الأيدي من الأرز ما يحدث تجويفاً على حافة الطبق يحدد دائرة نفوذها. يملأ التجويف باللبن الرائب وحساء الخضار من السلطانيات الموضوعة حول الطبق على الأرض . البرجال يغمسون أصابعهم بعناية في الرز الساخن مطعماً بالوز والزبيب،
ثم ينقضون بكامل اليد. ومع المرق في التجويف يعجنون الرز، مستخدمين الابهام في كرة يرمونها بحركة سريعة من الرسغ إلى مؤخرة الحلق وتبتلع اللقمة دفعه واحده (...) مع صمت المضغ ومصمصة الشفاة تتحسس الانامل قطع اللحم، تسحب رقائق من الجلد وتداعب الشحم في الحواف
الحاضرون ينقضون بقوة أشد على الخروف الذي يجثم مترجرجاً على قمة جبل الرز، اخيراً تكون الأيدي طليقة في هجماتها . مفاصل كاملة تتكسر ، يدان يمنيان تساعد احداهما الاخرى في تقطيع اللحم (اليد اليسرى غير طاهرة ومحرم استخدامها في الأكل ). تقطع الذبيحة بسكين جزار ، وتختفي اذرع إلى مافوق الكوع
عميقاً في جوف البطن والأحشاء ثم تعود ظافرة بالكبد في قبضتها ."
ثم يضيف في موضع أخر:
"لدى النهوض من الدائرة المحيطة بالطبق كان بمقدور سعود أن ينتقي كماً هائلاً من مجاملات الضيافة . وكنت إزاءه أرى عبارتي البسيطة ،"الله يزيد فضلكم" هزيلة جداً بالمقارنة مع مجاملاته الكثيرة :
"أكرمك الله"،"أنعم الله عليكم وأرحم الله والديكم"،"جعل هذا طبعكم وحنّا من ربعكم"،"جعله محل عامر ودايم"،"عسى والداك في الجنة"،"خلف الله عليك"،"الله يسّر عليك بيسره"،
"زادك الله من زوايد فضله"،"الله يعينك ولا يهينك"،"ياراع الماعون الله يعينك". كان سعود يطلق من دون عناء ، سلسلة من هذه العبارات في الطريق من الذبيحة إلى المغسلة ."