الرئيسية التسجيل التحكم


اختيار تصميم الجوال

العودة   الهيـــــــــــــلا *** منتدى قبيلة عتيبة > المنتديات العامة > مجلس الهيلا العام

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: ياطيب راسك يالحافي (آخر رد :@ـايل)       :: نسأل الله السلامه والعافيه (آخر رد :@ـايل)       :: فيحان بن تركي بن ربيعان في ذمة الله (آخر رد :@ـايل)       :: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته (آخر رد :@ـايل)       :: ترا الخوي لاصار طيب ومحمود (آخر رد :ابو طارق الشمري)       :: اصحاب اللنميمه (آخر رد :ابو طارق الشمري)       :: مدح في قليلة شمر (آخر رد :ابو طارق الشمري)       :: منهم العرب الان هم السعودية (آخر رد :أبن ســنيّن)       :: نسب بعض الاسر من شتى القبائل العربيه (آخر رد :أبن ســنيّن)       :: معجم اللهجات المحكية في المملكة العربية السعودية (آخر رد :أبن ســنيّن)      

إضافة رد
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
غير مقروء 15-Jun-2008, 09:33 PM رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
فواز أبوخالد
عضو ماسي
إحصائية العضو







فواز أبوخالد غير متواجد حالياً

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة % المفرجي % مشاهدة المشاركة
اخوي فواز ابو خالد مجهود رائع تشكر عليه

الله لايهينك على المشاركة















رد مع اقتباس
غير مقروء 17-Jun-2008, 12:54 AM رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
فواز أبوخالد
عضو ماسي
إحصائية العضو







فواز أبوخالد غير متواجد حالياً

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مقرن العتيبي مشاهدة المشاركة
الله يجزاكـ خير يالغالي


الله لايهينك على المشاركة















رد مع اقتباس
غير مقروء 19-Jun-2008, 01:55 AM رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
فواز أبوخالد
عضو ماسي
إحصائية العضو







فواز أبوخالد غير متواجد حالياً

افتراضي

استقرار أبي العباس السفاح واستقلاله بالخلافة وما اعتمده في أيامه من السيرة الحسنة

قد تقدم أنه أول ما بويع له بالخلافة بالكوفة يوم الجمعة الثاني عشر من ربيع الآخر‏.‏

وقيل‏:‏ الأول من هذه السنة، سنة ثنتين وثلاثين ومائة‏.‏

ثم جرد الجيوش إلى مروان فطردوه عن المملكة وأجلوه عنها، وما زالوا خلفه حتى قتلوه ببوصير من بلاد الصعيد، بأرض مصر، في العشر الأخير من ذي الحجة من هذه السنة على ما تقدم بيانه، وحينئذ استقل السفاح بالخلافة واستقرت يده على بلاد العراق وخراسان والحجاز والشام والديار المصرية، خلا بلاد الأندلس، فإنه لم يحكم عليها ولا وصل سلطانه إليها، وذلك أن بعض من دخلها من بني أمية استحوذ عليها وملكها، كما سيأتي بيانه‏.‏

وقد خرج على السفاح في هذه السنة طوائف، فمنهم‏:‏ أهل قنسرين بعد ما بايعوه على يدي عمه عبد الله بن علي وأقر عليهم أميرهم مجزأة بن الكوثر بن زفر بن الحارث الكلابي، وكان من أصحاب مروان وأمرائه، فخلع السفاح ولبس البياض، وحمل أهل البلد على ذلك فوافقوه‏.‏

وكان السفاح يومئذ بالحيرة، وعبد الله بن علي مشغول بالبلقاء يقاتل بها حبيب بن مرة المزي ومن وافقه من أهل البلقاء والبثنية وحوران على خلع السفاح، فلما بلغه عن أهل قنسرين ما فعلوا صالح حبيب بن مرة وسار نحو قنسرين، فلما اجتاز بدمشق - وكان بها أهله وثقله - استخلف عليها أبا غانم، عبد الحميد بن ربعي الكناني في أربعة آلاف‏.‏

فلما جاوز البلد وانتهى إلى حمص نهض أهل دمشق مع رجل يقال له‏:‏ عثمان بن عبد الأعلى بن سراقة فخلعوا السفاح وبيضوا وقتلوا الأمير أبا غانم وقتلوا جماعة من أصحابه وانتهبوا ثقل عبد الله بن علي بن وحواصله، ولم يتعرضوا لأهله‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 10/57‏)‏

وتفاقم الأمر على عبد الله وذلك أن أهل قنسرين تراسلوا مع أهل حمص وتزمروا واجتمعوا على أبي محمد السفياني، وهو‏:‏ أبو محمد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، فبايعوه بالخلافة وقام معه نحو من أربعين ألفاً، فقصدهم عبد الله بن علي فالتقوا بمرج الأخرم فاقتتلوا مع مقدمة السفياني وعليها أبو الورد فاقتتلوا قتالاً شديداً، وهزموا عبد الله عبد الصمد، وقتل من الفريقين ألوف، فتقدم إليهم عبد الله بن علي ومعه حميد بن قحطبة فاقتتلوا قتالاً شديداً جداً، وجعل أصحاب عبد الله يفرون وهو ثابت هو وحميد‏.‏

وما زال حتى هزم أصحاب أبي الورد، وثبت أبو الورد في خمسمائة فارس من أهل بيته وقومه، فقتلوا جميعاً وهرب أبو محمد السفياني ومن معه حتى لحقوا بتدمر، وأمن عبد الله أهل قنسرين وسودوا وبايعوه ورجعوا إلى الطاعة، ثم كر عبد الله راجعاً إلى دمشق وقد بلغه ما صنعوا، فلما دنا منها تفرقوا عنها ولم يكن منهم قتال، فأمنهم ودخلوا في الطاعة‏.‏

وأما أبو محمد السفياني فإنه مازال مضيعاً ومشتتاً حتى لحق بأرض الحجاز فقاتله نائب أبي جعفر المنصور في أيام المنصور، فقتله وبعث برأسه وبابنين له أخذهما أسيرين فأطلقما المنصور في أيامه‏.‏

وقد قيل‏:‏ إن وقعة السفياني يوم الثلاثاء آخر يوم من ذي الحجة سنة ثنتين وثلاثين ومائة، فالله أعلم‏.‏

وممن خلع السفاح أيضاً‏:‏ أهل الجزيرة حين بلغهم أن أهل قنسرين خلعوا، فوافقهم وبيضوا وركبوا إلى نائب حران من جهة السفاح - وهو‏:‏ موسى بن كعب - وكان في ثلاثة آلاف قد اعتصم بالبلد، فحاصروه قريباً من شهرين‏.‏

ثم بعث السفاح أخاه أبا جعفر المنصور فيمن كان بواسطة محاصري ابن هبيرة، فمر في مسيره إلى حران بقرقيسيا وقد بيضوا فغلقوا أبوابها دونه، ثم مر بالرقة وعليها بكار بن مسلم وهم كذلك، ثم بحاجر وعليها إسحاق بن مسلم فيمن معه من أهل الجزيرة يحاصرونها فرحل إسحاق عنها إلى الرها‏.‏

وخرج موسى بن كعب فيمن معه من جند حران فتلقاه المنصور ودخلوا في جيشه، وقدم بكار بن مسلم على أخيه إسحاق بن مسلم بالرها فوجهه إلى جماعة ربيعه بدارا وماردين، ورئيسهم حروري يقال له‏:‏ بريكة، فصارا حزباً واحداً، فقصد إليهم أبو جعفر فقاتلهم قتالاً شديداً، فقتل بريكة في المعركة، وهرب بكار إلى أخيه بالرها، فاستخلفه بها ومضى بمعظم العسكر حتى نزل سميساط وخندق على عسكره، وأقبل أبو جعفر فحاصر بكاراً بالرها، وجرت له معه وقعات‏.‏

وكتب السفاح إلى عمه عبد الله بن علي أن يسير إلى سميساط، وقد اجتمع على إسحاق بن مسلم ستون ألفاً من أهل الجزيرة، فسار إليهم عبد الله واجتمع إليه أبو جعفر المنصور، فكاتبهم إسحاق وطلب منهم الأمان فأجابوه إلى ذلك، على إذن أمير المؤمنين‏.‏

وولى السفاح أخاه أبا جعفر المنصور الجزيرة وأذربيجان وأرمينية، فلم يزل عليها حتى أفضت إليه الخلافة بعد أخيه، ويقال‏:‏ إن إسحاق بن مسلم العقيلي إنما طلب الأمان لما تحقق أن مروان قد قتل، وذلك بعد مضي سبعة أشهر وهو محاصر، وقد كان صاحباً لأبي جعفر المنصور فآمنه‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 10/58‏)‏

وفي هذه السنة‏:‏ ذهب أبو جعفر المنصور عن أمر أخيه السفاح إلى أبي مسلم الخراساني وهو أميرها، ليستطلع رأيه في قتل أبي سلمة، لأنه كان يريد أن يصرف الخلافة عنهم، فيسأله هل ذلك كان عن ممالأة أبي مسلم لأبي سلمة في ذلك أم لا ‏؟‏

فسكت القوم، فقال السفاح‏:‏ لئن كان هذا عن رأيه إنا لَبعَرَ بلاء عظيم، إلا أن يدفعه الله عنا‏.‏

قال أبو جعفر‏:‏ فقال لي أخي‏:‏ ما ترى ‏؟‏

فقلت‏:‏ الرأي رأيك‏.‏

فقال‏:‏ إنه ليس أحد أخص بأبي مسلم منك، فاذهب إليه فاعلم لي علمه، فإن كان عن رأيه احتلنا له، وإن لم يكن عن رأيه طابت أنفسنا‏.‏

قال أبو جعفر‏:‏ فخرجت إليه قاصداً على وجل‏.‏

قال المنصور‏:‏ فلما وصلت إلى الري إذا كتاب أبي مسلم إلى نائبها يستحثني إليه في المسير، فازددت وجلاً فلما انتهيت إلى نيسابور إذا كتابه يستحثني أيضاً‏.‏

وقال لنائبها‏:‏ لا تدعه يقر ساعة واحدة‏.‏

فإن أرضك بها خوارج، فانشرحت لذلك، فلما صرت من مرو على فرسخين، خرج يتلقاني ومعه الناس، فلما واجهني ترجل فقبل يدي، فأمرته فركب‏.‏

فلما دخلت مرو نزلت في داره، فمكث ثلاثاً لا يسألني في أي شيء جئت، فلما كان اليوم الرابع سألني‏:‏ ما أقدمك ‏؟‏

فأخبرته بالأمر‏.‏

فقال‏:‏ أفعلها أبو سلمة ‏؟‏

أنا أكفيكموه‏.‏

فدعا مرَّار بن أنس الضبي فقال‏:‏ اذهب إلى الكوفة فحيث لقيت أبا سلمة فاقتله، وانته في ذلك إلى رأي الإمام‏.‏

فقدم مرَّار الكوفة الهاشمية، وكان أبو سلمة يسمر عند السفاح، فلما خرج قتله مرِّار، وشاع أن الخوارج قتلوه، وغلقت البلد‏.‏

ثم صلى عليه يحيى بن محمد بن علي أخو أمير المؤمنين، ودفن بالهاشمية، وكان يقال له‏:‏ وزير آل محمد‏.‏

ويقال لأبي مسلم‏:‏ أمير آل محمد‏.‏

قال الشاعر‏:‏

إن الوزير وزير آل محمد * أودى فمن يشناك كان وزيرا

ويقال‏:‏ إن أبا جعفر إنما سار إلى أبي مسلم بعد قتل أبي سلمة وكان معه ثلاثون رجلاً على البريد، منهم‏:‏ الحجاج بن أرطأة، وإسحاق بن الفضل الهاشمي، وجماعة من السادات‏.‏

ولما رجع أبو جعفر من خراسان قال لأخيه‏:‏ لست بخليفة ما دام أبو مسلم حياً حتى تقتله‏.‏

لما رأى من طاعة العساكر له، فقال له السفاح‏:‏ اكتمها‏.‏ فسكت‏.‏

ثم إن السفاح بعث أخاه أبا جعفر إلى قتال بن هبيرة بواسط، فلما اجتاز بالحسن بن قحطبة أخذه معه، فلما أحيط بابن هبيرة كتب إلى محمد بن عبد الله بن الحسن ليبايع له بالخلافة فأبطأ عليه جوابه، فمال إلى مصالحة أبي جعفر، فاستأذن أبو جعفر أخاه السفاح في ذلك فأذن له في المصالحة، فكتب له أبو جعفر كتاباً بالصلح، فمكث ابن هبيرة يشاور فيه العلماء أربعين يوماً‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 10/59‏)‏

ثم خرج يزيد بن عمر بن هبيرة إلى أبي جعفر في ألف وثلاثمائة من البخارية، فلما دنا من سرادق أبي جعفر همَّ أن يدخل بفرسه فقال الحاجب سلام‏:‏ انزل أبا خالد‏.‏ فنزل‏.‏

وكان حول السرادق عشرة آلاف من أهل خراسان، ثم أذن له في الدخول فقال‏:‏ أنا ومن معي ‏؟‏

قال‏:‏ لا ‏!‏ بل أنت وحدك‏.‏

فدخل ووضعت له وسادة فجلس عليها، فحادثه أبو جعفر ساعة ثم خرج من عنده فأتبعه أبو جعفر بصره، ثم جعل يأتيه يوماً بعد يوم في خمسمائة فارس وثلاثمائة راجل، فشكوا ذلك إلى أبي جعفر فقال أبو جعفر للحاجب‏:‏ مره فليأت في حاشيته‏.‏

فكان يأتي في ثلاثين نفساً، فقال الحاجب‏:‏ كأنك تأتي متأهباً ‏؟‏

فقال‏:‏ لو أمرتموني بالمشي لمشيت إليكم‏.‏

ثم كان يأتي في ثلاثة أنفس، وقد خاطب ابن هبيرة يوماً لأبي جعفر فقال في غبون كلامه‏:‏ يا هناه - أو قال‏:‏ يا أيها المرء -‏.‏

ثم اعتذر إليه بأنه قد سبق لسانه إلى ذلك، فأعذره‏.‏

وقد كان السفاح كتب إلى أبي مسلم يستشيره في مصالحة ابن هبيرة فنهاه عن ذلك‏.‏

وكان السفاح لا يقطع أمراً دونه، فلما وقع الصلح على يدي أبي جعفر لم يحب السفاح ذلك ولم يعجبه، وكتب إلى أبي جعفر يأمر بقتله، فراجعه أبو جعفر مراراً لا يفيده ذلك شيئاً، حتى جاء كتاب السفاح‏:‏ أن أقتله لا محالة، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، كيف يعطي الأمان وينكث‏؟‏ هذا فعل الجبابرة‏.‏

وأقسم عليه في ذلك‏.‏

فأرسل إليه أبو جعفر طائفة من الخراسانية فدخلوا عليه وعنده ابنه داود وفي حجره صبي صغير، وحوله مواليه وحاجبه، فدافع عنه ابنه حتى قتل، وقتل خلق من مواليه، وخلصوا إليه، فألقى الصبي من حجره وخرَّ ساجداً، فقتل وهو ساجد، واضطرب الناس، فنادى أبو جعفر في الناس بالأمان إلا عبد الملك بن بشر وخالد بن سلمة المخزومي، وعمر بن ذر‏.‏

فسكن الناس ثم استؤمن لبعض هؤلاء وقتل بعضاً‏.‏

وفي هذه السنة‏:‏ بعث أبو مسلم الخراساني محمد بن الأشعث إلى فارس، وأمره أن يأخذ عمال أبي سلمة الخلال فيضرب أعناقهم، ففعل ذلك‏.‏

وفيها‏:‏ ولى السفاح أخاه يحيى بن محمد الموصل وأعمالها، وولى عمه داود مكة والمدينة واليمن واليمامة، وعزله عن الكوفة وولى مكانه عليها عيسى بن موسى، وولى قضاءها ابن أبي ليلى، وكان على نيابة البصرة سفيان بن معاوية المهلبي، وعلى قضائها الحجاج بن أرطأة، وعلى السند منصور بن جمهور، وعلى فارس محمد بن الأشعث‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 10/60‏)‏

وعلى أرمينية وأذربيجان والجزيرة أبو جعفر المنصور، وعلى الشام وأعمالها عبد الله بن علي عم السفاح، وعلى مصر أبو عون عبد الملك بن يزيد‏.‏

وعلى خراسان وأعمالها أبو مسلم الخراساني، وعلى ديوان الخراج خالد بن برمك‏.‏

وحج بالناس فيها داود بن علي‏.‏

..... البداية والنهاية .















رد مع اقتباس
غير مقروء 23-Jun-2008, 12:46 AM رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
فواز أبوخالد
عضو ماسي
إحصائية العضو







فواز أبوخالد غير متواجد حالياً

افتراضي

أبو جعفر المنصور.. الحاكم الجاد

(في ذكرى وفاته: 6 من ذي الحجة 158هـ)

أحمد تمام


يعد أبو جعفر المنصور المؤسس الحقيقي للدولة العباسية التي ظلت خمسة قرون زينة الدنيا، ومركز الحضارة، وموئل الثقافة، وعاصمة العالم. نهض إلى الخلافة بعد أن أصقلته التجارب وأنضجته المحن، وخَبِر الناس وعاشرهم ووقف على دواخلهم وخلائقهم، وما إن أمسك بزمام الأمور حتى نجح في التغلب على مواجهة صعاب وعقبات توهن عزائم الرجال وتضعف ثبات الأبطال، وتبعث اليأس والقنوط في النفوس. وكانت مصلحة الدولة شغله الشاغل، فأحكمت خطوه وأحسنت تدبيره، وفجرت في نفسه طاقات هائلة من التحدي، فأقام دولته باليقظة الدائمة والمثابرة الدائبة والسياسة الحكيمة.

مولده ونشأته

في قرية "الحميمة" التي تقع جنوب الشام ولد عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس سنة (95هـ = 714م)، ونشأ بين كبار رجال بني هاشم الذين كانوا يسكنون الحميمة، فشب فصيحا عالما بالسير والأخبار، ملما بالشعر والنثر. وكان أبوه محمد بن علي هو الذي نظّم الدعوة العباسية، وخرج بها إلى حيز الوجود، واستعان في تحركه بالسرية والكتمان، والدقة في اختيار الرجال والأنصار والأماكن التي يتحرك فيها الدعاة، حيث اختار الحميمة والكوفة وخراسان.

وحين نجحت الدعوة العباسية وأطاحت بالدولة الأموية؛ تولى أبو العباس السفّاح الخلافة سنة (132هـ = 749) واستعان بأخيه جعفر في محاربة أعدائه والقضاء على خصومه وتصريف شئون الدولة، وكان عند حسن ظنه قدرة وكفاءة فيما تولى، حتى إذا مرض أوصى له بالخلافة من بعده، فوليها في (ذي الحجة 136هـ = يونيو 754م) وهو في الحادية والأربعين من عمره.

الفترة الأولى من خلافته

لم تكن الدولة العباسية حين تولى أمرها الخليفة أبو جعفر المنصور ثابتة الأركان مستقرة الأوضاع، بل كانت حديثة عهد، يتربص بها أعداؤها، ويتطلع رجالها إلى المناصب الكبرى، وينتظرون نصيبهم من الغنائم والمكاسب، ويتنازع القائمون عليها من البيت العباسي على منصب الخلافة. وكان على الخليفة الجديد أن يتصدى لهذه المشكلات التي تكاد تفتك بوحدة الدولة، وتلقي بها في مهب الريح.

وكان أول ما واجهه أبو جعفر المنصور ثورة عارمة حمل لواءها عمه عبد الله بن علي الذي رأى أنه أحق بالخلافة من ابن أخيه؛ فرفض مبايعته، وأعلن التمرد والعصيان، وزعم أن "أبو العباس السفاح" أوصى بالأمر له من بعده، واستظهر بالجيش الذي كان يقوده في بلاد الشام.

لجأ الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور إلى المدينة واتباع الطرق السلمية في علاج الموقف، فبعث إلى عمه رسائل عدة تدعوه إلى الطاعة وترك العصيان، لكنه أعرض عن دعوته وركب رأسه وأعماه الغرور، فلم يجد المنصور بدًا من الاستعانة بالسيف، وأرسل له قائده "أبو مسلم الخراساني" على رأس جيش كبير، فتمكن بعد عدة معارك من هزيمة عم الخليفة المتمرد هزيمة ساحقة في (جمادى الآخرة 137هـ = نوفمبر 754م)، فاضطر إلى الفرار والاختباء عند أخيه سليمان بن علي والي البصرة، ولما علم الخليفة أبو جعفر المنصور بخبره احتال له حتى قبض عليه، وألقى به في السجن حتى توفي.

وما كاد يلتقط الخليفة العباسي أنفاسه حتى أعد العدة للتخلص من أبي مسلم الخراساني، صاحب اليد الطولى في نجاح قيام الدولة العباسية، وكان الخليفة يخشاه ويخشى ما تحت يده من عدد وعتاد في خراسان، ولم يكن الرجلان على وفاق منذ قيام الدولة. وكان أبو مسلم الخراساني يتيه بما صنعه للدولة. وتحين أبو جعفر المنصور الفرصة للتخلص من غريمه، ولجأ إلى الحيلة والدهاء حتى نجح في حمل أبي مسلم على القدوم إليه بعيدًا عن أنصاره وأعوانه في (شعبان 137هـ = فبراير 755م)، وبعد جلسة حساب عاصفة لقي القائد الكبير مصرعه بين يدي الخليفة.

وبعد مقتل أبي مسلم الخراساني اشتعلت ضد الخليفة العباسي عدة ثورات فارسية للثأر لمقتله، غير أن الخليفة اليقظ نجح في قمع هذه الفتن والقضاء عليها.

ثورة محمد النفس الزكية

غير أن أخطر ما واجه المنصور هو ثورة العلويين بقيادة محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب المعروف بالنفس الزكية، وأخيه إبراهيم، وكانا يعدان العدة للخروج على أبي جعفر المنصور، وينتظران الفرصة للانقضاض عليه، واختفيا عن أنظار الخليفة يبثان رجالهما وينشران الدعوة إليهما.

وكان محمد النفس الزكية يرى نفسه أحق بالخلافة من أبي جعفر المنصور، فامتنع عن بيعته، كما امتنع من قبل عن بيعة أبي العباس السفاح، فلما ولي أبو جعفر المنصور رأى في بقاء محمد وأخيه خطرًا يهدد دولته، وأيقن أنهما لن يكفا عن الدعوة إلى أحقية البيت العلوي بالخلافة، وأقلق اختفاؤهما الخليفة اليقظ؛ فبذل ما في وسعه لمعرفة مكانهما فلم ينجح في الوصول إليهما، وعجز ولاة المدينة عن تتبع أخبارهما، فاستعان بوالٍ جديد للمدينة غليظ القلب للوصول إلى مكان محمد النفس الزكية، فلجأ إلى القبض على عبد الله بن الحسن والد الزعيمين المختفيين وهدده وتوعده، وقبض أيضا على نفر من آل البيت، وبعث بهم مكبلين بالأغلال إلى الكوفة فشدد عليهم الخليفة وغالى في التنكيل بهم، فاضطر محمد النفس الزكية إلى الظهور بعد أن مكث دهرا يدعو لنفسه سرا، واعترف الناس بإمامته في مكة والمدينة، وتلقّب بأمير المؤمنين، وكان الناس يميلون إليه لخلقه وزهده وحلمه وبعده عن الظلم وسفك الدماء حتى أطلقوا عليه النفس الزكية. وحين نجحت حيلة المنصور في إجبار محمد النفس الزكية على الظهور بعد القبض على آل بيته، بعث إليه بجيش كبير يقوده عمه عيسى بن موسى فتمكن من هزيمة محمد النفس الزكية وقتله بالمدينة المنورة في (14 من رمضان 145هـ = 6 من ديسمبر 762م).

ثم تمكن من هزيمة الجيش العلوي الثاني الذي كان يقوده إبراهيم أخو محمد النفس الزكية، الذي تغلب على البصرة والأهواز وفارس، ونجح في القضاء عليه بعد صعوبة بالغة في (25 من ذي القعدة 145هـ = 14 من يناير 763م) في معركة حاسمة وقعت في "باخمرى" بين الكوفة وواسط، وبذلك زال خطر هائل كان يهدد سلامة الدولة الناشئة.

وقد أثبتت هذه الأحداث المتلاحقة والثورات العارمة، ما يمتلكه الخليفة أبو جعفر المنصور من براعة سياسية وخبرة حربية، وقدرة على حشد الرجال، وثبات في المحن، ودهاء وحيلة في الإيقاع بالخصوم، وبذلك تمكن من التغلب على المشكلات التي واجهته منذ أن تولى الحكم.

المنصور وبناء بغداد

رغب الخليفة أبو جعفر المنصور في بناء عاصمة جديدة لدولته بعيدة عن المدن التي يكثر فيها الخروج على الخلافة كالكوفة والبصرة، وتتمتع باعتدال المناخ وحسن الموقع، فاختار "بغداد" على شاطئ دجلة، ووضع بيده أول حجر في بنائها سنة (145هـ = 762م) واستخدم عددا من كبار المهندسين للإشراف على بنائها، وجلب إليها أعدادا هائلة من البنائين والصناع، فعملوا بجد وهمة حتى فرغوا منها في عام (149هـ = 766م) وانتقل إليها الخليفة وحاشيته ومعه دواوين الدولة، وأصبحت منذ ذلك الحين عاصمة الدولة العباسية، وأطلق عليها مدينة السلام؛ تيمنا بدار السلام وهو اسم من أسماء الجنة، أو نسبة إلى نهر دجلة الذي يسمى نهر السلام. ولم يكتف المنصور بتأسيس المدينة على الضفة الغربية لدجلة، بل عمل على توسيعها سنة (151هـ = 768م) بإقامة مدينة أخرى على الجانب الشرقي سماها الرصافة، جعلها مقرا لابنه وولي عهده "المهدي" وشيد لها سورا وخندقا ومسجدا وقصرا، ثم لم تلبث أن عمرت الرصافة واتسعت وزاد إقبال الناس على سكناها.

بيت الحكمة

ومن الأعمال الجليلة التي تُذكر للمنصور عنايته بنشر العلوم المختلفة، ورعايته للعلماء من المسلمين وغيرهم، وقيامه بإنشاء "بيت الحكمة" في قصر الخلافة ببغداد، وإشرافه عليه بنفسه، ليكون مركزا للترجمة إلى اللغة العربية. وقد أرسل أبو جعفر إلى إمبراطور الروم يطلب منه بعض كتب اليونان فبعث إليه بكتب في الطب والهندسة والحساب والفلك، فقام نفر من المترجمين بنقلها إلى العربية.

وقد بلغ نشاط بيت الحكمة ذروته في عهد الخليفة المأمون الذي أولاه عناية فائقة، ووهبه كثيرا من ماله ووقته، وكان يشرف على بيت الحكمة قيّم يدير شئونه، ويُختار من بين العلماء المتمكنين من اللغات. وضم بيت الحكمة إلى جانب المترجمين النسّاخين والخازنين الذين يتولون تخزين الكتب، والمجلدين وغيرهم من العاملين. وظل بيت الحكمة قائما حتى داهم المغول بغداد سنة (656هـ = 1258م).

شخصية المنصور

كان الخليفة أبو جعفر المنصور رجل عمل وجد، لم يتخذ من منصبه وسيلة للعيشة المرفهة والانغماس في اللهو والاستمتاع بمباهج السلطة والنفوذ، يستغرق وقته النظر في شئون الدولة، ويستأثر بمعظم وقته أعباء الحكم.

وكان يعرف قيمة المال وحرمته، فكان حريصا على إنفاقه فيما ينفع الناس؛ ولذلك عني بالقليل منه كما عني بالكثير، ولم يتوان عن محاسبة عماله على المبلغ الزهيد، ولا يتردد في أن يرسل إليهم التوجيهات والتوصيات التي من شأنها أن تزيد في دخول الدولة، وكان يمقت أي لون من ألوان تضييع المال دون فائدة، حتى اتهمه المؤرخون بالبخل والحرص، ولم يكن كذلك فالمال العام له حرمته ويجب إنفاقه في مصارفه المستحقة؛ ولذلك لم يكن يغض الطرف عن عماله إذا شك في أماناتهم من الناحية المالية بوجه خاص لأنه كان يرى أن المحافظة على أموال الدولة الواجب الأول للحاكم.

وشغل أبو جعفر وقته بمتابعة عماله على المدن والولايات، وكان يدقق في اختيارهم ويسند إليهم المهام، وينتدب للخراج والشرطة والقضاء من يراه أهلا للقيام بها، وكان ولاة البريد في الآفاق يكتبون إلى المنصور بما يحدث في الولايات من أحداث، حتى أسعار الغلال كانوا يطلعونه عليها وكذلك أحكام القضاء. وقد مكنه هذا الأسلوب من أن يكون على بينة مما يحدث في ولايات دولته، وأن يحاسب ولاته إذا بدر منهم أي تقصير.

ولم يكن المنصور قوي الرغبة في توسيع رقعة دولته ومد حدوده؛ لأنه كان يؤثر توطيد أركان الدولة والمحافظة عليها وحمايتها من العدوان والقلاقل والثورات الداخلية، لكنه اضطر إلى الدخول في منازعات وحروب مع الدولة البيزنطية حين بدأت بالعدوان وأغارت على بلاده، وقد توالت حملاته على البيزنطيين بعد أن استقرت أحوال دولته سنة (149هـ = 766م) حتى طلب إمبراطور الروم الصلح فأجابه المنصور إليه، لأنه لم يكن يقصد بغزو الدولة البيزنطية الغزو والتوسع بقدر إشعارهم بقوته حتى يكفوا عن التعرض لدولته.

وعلى الرغم من الشدة الظاهرة في معاملة المنصور، وميله إلى التخلص من خصومه بأي وسيلة، فقد كان يقبل على لقاء العلماء الزاهدين ويرحب بهم ويفتح صدره لتقبل نقدهم ولو كان شديدا. وتمتلئ كتب التاريخ والأدب بلقاءاته مع سفيان الثوري وعمرو بن عبيد وابن أبي ذئب والأوزاعي وغيرهم. ويؤخذ عليه شططه في معاملة الإمامين الكبيرين: أبي حنيفة النعمان، ومالك بن أنس؛ لاعتقاده أنهما يتفقان مع خصومه من آل البيت العلوي.

دامت خلافة أبي جعفر المنصور اثنين وعشرين عاما، نجح خلالها في تثبيت الدولة العباسية ووضع أساسها الراسخ الذي تمكن من الصمود خمسة قرون حتى سقطت أمام هجمات المغول. وبعد حياة مليئة بجلائل الأعمال توفي الخليفة العباسي في (6 من ذي الحجة 158هـ = 7 من أكتوبر 755م) وهو محرم بالحج والعمرة، ودُفن في مقبرة المعلاة (بئر ميمون) في أعلى مكة المكرمة.

* من مصادر الدراسة:

الطبري (محمد بن جرير) تاريخ الرسل والملوك: تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم- دار المعارف- القاهرة- 1976م.

الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد- مطبعة السعادة- القاهرة- 1349هـ = 1931م.

حسن إبراهيم حسن: تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي- مكتبة النهضة المصرية- القاهرة- 1948م.

شاكر مصطفى: دولة بني العباس- وكالة المطبوعات- الكويت- 1393هـ = 1973م.

علي أدهم: أبو جعفر المنصور- دار الكاتب العربي للطباعة والنشر- القاهرة- 1969م.

........ من موقع إسلام أون لاين .......
















رد مع اقتباس
غير مقروء 26-Jun-2008, 01:29 AM رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
فواز أبوخالد
عضو ماسي
إحصائية العضو







فواز أبوخالد غير متواجد حالياً

افتراضي

الردود والمشاركات .... أقل من القليل ......!!

هل أتوقف عن الكتابة لتلك الأحداث .......؟؟

.......















رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن »10:40 AM.


 Arabization iraq chooses life
Powered by vBulletin® Version 3.8.2
.Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
اتصل بنا تسجيل خروج   تصميم: حمد المقاطي