مهل بن عتيق الرياحي "منادي"

[نبض المشاعر]

فيما مضى كانت القهوة لا تتواجد الا عند القليل من الرجال الذين يملكون تكاليفها ويقومون بأعبائها المادية التي تتطلب الكثير من المال خصوصاً في تلك الأثناء حيث لم تكن الأمور ميسرةٍ والفقر يفرض سيطرته على السواد الأعظم من الناس وهذه القصة حدثت مع رجل يتصف بخصال حميدة مكنته من الزعامة في قومه ، مثل الكرم والشهامة والشجاعة , وهو الشيخ مهل بن عتيق بن غفيلان الرياحي البقمي , إذ كان مجلسه مقراً دائماً لأفراد قبيلته وضيوفهم ، حيث يبدأ الشيخ مهل موقداً ناره بعد صلاة الفجر مباشرة ومقرباً نجره ودلاله ، وكان نجره يسمى ( منادي ) لرنينه العالي الذي يدعو الجيران كل ما سمعوا صوته أتوا لتناول القهوة في مجلس الشيخ مهل , ولكن ظروف ذلك الوقت لم تستثن الشيخ مهل من تقلباتها العجيبة وأحوالها المتغيرة بحيث أجبرته الظروف المادية القاسية على بيع نجره الشهير بين القبائل والملقب بـ ( منادي ) وكذلك الدلال واشترى بدلاً منها نجراً خشبياً لا صوت له وبدلاً من الدلال اشترى برّاداً أسود ثم عاد الى مرابع قومه ، وفي الصباح وبعد أن صلى صلاة الفجر أوقد ناره وأخذ في إعداد فنجانه اليومي وأنتظر فلم يأت أحداً من جيرانه وجماعته كعادتهم ، فأرسل ابنه (حراز) لدعوتهم وبعد أن اجتمعوا في المجلس وتناولوا القهوة سألهم الشيخ مهل عن سبب عدم مجيئهم كما جرت عليه عادتهم كل يوم فقالوا : نحن لم نسمع صوت منادي هذا اليوم ، فقلنا لا بد أن الشيخ مشغول ببعض الأمور عن عمل القهوة , فقال لهم لا والله ما يشغلني عن قهوتكم شيء , ولكن أجبرتني الظروف على بيع نجري منادي والدلال واشتريت هذا النجر الخشبي وهذا البرّاد الأسود كما ترون ، ثم قال هذه القصيدة في الحال:



يا الله يا اللي تجعل النور بادي
يا مطـّلع فالبيّنه والخفيّات
تفرج هموم ٍ تدّلج في فوادي
والعين عيّت لا تخليني ابات
أنا احمد اللي عاضني في منادي
بنجرٍ صموتٍ ما يهيـّض بالأصوات
وشرَيت برّادٍ كسَاه السوادي
من عقب هذيك الدِلال العذيّات
يا ( حءراز ) ما حنـّا الرخوم الزهَادي
حنا هل الطالات في كل الأوقات
يا زين فوح دءلالنا بالقنادي
ولـءيا هبَطت اشـءري لها سبع حاجات
ويا زين سوقه للوجيه البوادي
بُن ٍ مصفـّى ما يجي فيه خِلات
زال الولد في شبّته له هَدادي
ورزقه على الله ما يفيد التشمّات
ليَا ادءرَج له الله رزق ماهوب غادي
وكثر الحسايف ما تجيبه ليا فات



هنا كانــ مروريــــ

معــ كلـ الودـ

التوقيع

دنيــــا ومــن يـــــدري كلــــ شــــئ يصـــير فيهــــا