☩ سقوط بغداد عسكرياً امام الغزو الإنجلو ـ امريكي عيّنه ليس إلا لحال الأمة العربية. لقد خالطت نفسي فكرة ارعبتني: ما الذي يمنع التحالف الانجلو ـ امريكي من تكرار التجربة البغدادية في اقطار عربية اخرى؟ كل ما هو مطلوب هو (الإخراج السياسي) ويبدو ان التحالف الانجلو ـ امريكي ـ بعد كابول وبغداد ـ صار يتسلح بخزين من الخبرة العسكرية الميدانية في الشرق الاوسط تشجعه على المضي في مشروع الهيمنة والإلحاق الذي يتابعه في المنطقة بكل نشاط وحيوية.
☩ الملاءة الإعلامية التي بحوزة التحالف الانجلو ـ امريكي كفيلة بتغطية وترويج وتسويق اي مشروع تدخل عسكري جديد في المنطقة سواء ضد ايران او سوريا او لبنان ويبدو ان كل افكار ومشاريع التدخل العسكري الانجلو ـ امريكي مربوطة برباط وثيق بما يسمونه (الأمن الإسرائيلي) حتى ما يسمونه (بخريطة الطريق) ـ التي الغت تماماً حق العودة وحق مقاومة الاحتلال ـ حتى هذه سنلاحظ ان التحالف الانجلو ـ امريكي يقف وراءها بكل قوة ويتهم كل طرف عربي او فلسطيني يعارضها بأنه (ارهابي) او (يؤوي الإرهاب) . وهكذا سنلاحظ ان حرب التحالف الانجلو ـ امريكي على (الارهاب!!) تحولت الى حرب فعلية على (حق تقرير المصير) و(حق مقاومة الاحتلال) و(حق الوطن) و(حق الحياة الحرة الكريمة) وكلها حقوق أقرتها الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة، وأهم من ذلك أقرتها مرجعيتنا التشريعية المتمثلة بالقرآن الكريم وهي أعلى مرجعية عندنا.
☩ تحول العرب خلال الحملة الانجلو ـ امريكية على كابول وبغداد الى جمهور من المتفرجة برغم الضجيج في صحفهم وفضائياتهم. وتمكن التحالف الانجلو ـ امريكي من تسويق وترويج الفكرة التالية: ان الحملة على كابول هدفها اسقاط حكم طالبان، وكفى وان الحملة على بغداد هدفها اسقاط صدام حسين وتحرير الشعب العراقي من نيره وظلمه وكفى. ونسي العرب او تناسوا ان يضعوا الحملة على كابول والحملة على بغداد في سياقها الاستراتيجي الصحيح بحيث يتم شرح (الاستهدافات بعيدة المدى للحملتين) وهي استهدافات كانت موضوعة اصلاً بغض النظر عن وجود طالبان في كابول وصدام حسين في بغداد، على الرغم ان الاداء العام لكل من طالبان وصدام حسين أوحى اعلاميا بأنه ربما كان مبرراً كافيا للحملتين. ومن يراجع كلام العرب خلال الحملتين الرسمي والشعبي لا يحتاج لكثير ذكاء للخلوص الى ان العرب كانت تعتقد بأن طالبان وصدام حسين كانا يشكلان فعلا محور الاستهداف الانجلو ـ امريكي وهو قطعاً غير ذلك.
☩ لقد فضحت الحملة على كابول والحملة على بغداد العرب ايما فضيحة وحولت العرب قاطبة حكومات وشعوبا الى اطراف هامشية لا قيمة استراتيجية لها ولا وزن ضمن التدافع الاستراتيجي الذي يشهده العالم اليوم. وفي يقيني ان هذا العجز المقيم والترهل وفقدان المبادرة DECAY & LOSS OF VIGOR الذي تعانيه العرب سوف يشجع ويشحذ التحالف الانجلو ـ امريكي على المضي في مشروع الهيمنة واللحاق الاستراتيجي الذي يتابعه في المنطقة بكل نشاط وحيوية. صحيح ان التحالف الانجلو ـ امريكي سيواجه (مشاكل) ميدانية تتمثل ببعض جيوب المقاومة المتمثلة ببعضي (صغير) من التيارات الاسلامية في المنطقة، الا ان السيناريو العام للعرب جاهز لعملية اغتصاب تاريخية لم تشهد المنطقة مثله منذ قرون.
☩ هل للعرب قيامه بعد كل هذا؟ هل ثمة أمل؟ ما العمل؟!
(يتبع ان شاء الله)
(1) بقلم: د. عبد الله فهد النفيسي