![]() |
اختيار تصميم الجوال
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | |||
|
![]() معركة إشريفة (نقرة الدم) الكائنة بين قبيلة بني رشيد وقبيلة عنزة 1319هـ / بقلم الباحث: ناصر بن نوران بن عجوين : في أحضان الصحراء القاحلة، حيث تتراقص الرمال مع نسمات الريح الحارة، وتتكلم الهضاب بلغة الصمت والتاريخ، دارت معركةٌ خلّدتها ذاكرة الزمن، معركة إشريفة، أو كما عُرفت بـ"نقرة الدم"، التي جرت في عام 1319هـ بين قبيلة بني رشيد وعنزة. لم تكن هذه المعركة مجرد صدام بين قبيلتين، بل كانت ملحمةً جسدت صراع البقاء، والشرف، والسيطرة على مراعي الصحراء الشحيحة، تلك الأرض التي كانت بالنسبة لهم ليست مجرد تراب، بل شريان حياة ومسرحٍ للكرامة. •مسرح الملحمة تقع إشريفة، مسرح هذه الواقعة، في قلب صحراء نجد، على بعد 150 كيلومترًا غرب حائل، حيث تتربع الهضبة الحمراء بين بيضاء نثيل ووادي سبطر، محاطةً بجبال سلسلة المسمى غرباً، وجبل ساق شمالاً، والأبيتر جنوباً. هنا، حيث تتداخل الأرض مع الأفق، وتتجلى قسوة الصحراء في تضاريسها، كتب التاريخ فصلاً من فصول الصراع القبلي، حين التقى السيف بالسيف، والشجاعة بالشجاعة. •أبطال الملحمة على صهوات الخيل، تقدمت قبيلة عنزة بقيادة الشيخ فرحان بن بدر الأيداء، يسانده العقيد عسكر العواجي وابنه الفارس مشعان، إلى جانب الفارس شميط الطلوحي وفرسان من ولد علي وولد سليمان. انضم إليهم أيضاً قسم من الغزلان، فرسان الشرارات الذين تحالفوا مع عنزة بعد نزاع سابق، ليصبحوا جزءاً من نسيج الجعافرة. في المقابل، وقفت قبيلة بني رشيد، بقيادة الشيخ قاسم بن براك الرشيدي، شيخ شمل القبيلة في الحجاز ونجد، كليثٍ يدافع عن أرضه وعرينه. •جذوة الصراع كانت بداية النزاع شرارةً أشعلتها التنافس على مراعي إشريفة، تلك الأرض الخصبة التي استقرت فيها قبيلة بني رشيد لفترة طويلة. وصلت أنباء إلى الشيخ فرحان الأيداء، وهو يستقر مع قومه في مراتع عروة، بأن الشيخ قاسم بن براك الرشيدي، شيخ شمل قبائل بني رشيد في شبه الجزيرة العربية، يرفض مشاركة أحد في مراعي إشريفة، معلناً أن "الرعي بحد السيف". هذا التحدي لم يكن مجرد كلام، بل إعلان حرب. أرسل عسكر العواجي رسولاً إلى قاسم بن براك يطالبه بالرحيل، لكن الأخير رفض بصلابة، فكانت الدعوة للغزو. تحركت قبيلة عنزة، بقيادة فرحان الأيداء وعسكر العواجي، ومعهم فرسان الغزلان، لمواجهة قبيلة بني رشيد في إشريفة. بدأت المعركة مع شروق الشمس، حيث تصادمت الخيول وتطايرت الرماح، وارتفع غبار الصحراء كستارٍ يحجب الأفق. استمرت المعركة طوال النهار، في كرٍ وفرٍ، حتى غروب الشمس، حيث شهدت الأرض دماء الأبطال وصيحات الشجعان. • ذروة الملحمة في خضم المعركة، سقط الشيخ قاسم بن براك، قائد بني رشيد، ليترك فراغاً في القيادة سرعان ما ملأه الفارس محمد بن عجوين (راعي الصفراء) والفارس غنام بن حمود القلادي (راعي سحيما). استمرت قبيلة بني رشيد في القتال بشراسة، تسعى لأخذ ثأر قائدها، فكانت الضربة القاصمة التي أودت بحياة أكثر من تسعين شيخاً وفارساً من قبيلة عنزة، بينهم أسماء بارزة من شيوخ قبيلة عنزة ![]() لم تقتصر المأساة على القتلى، بل أُسر الشيخ فرحان الأيداء نفسه، ليُطلق سراحه لاحقاً بعد فترة من الأسر، في لفتةٍ عكست أخلاقيات القبائل مُمثلة في قبيلة بني رشيد حتى في خضم الحروب. •صدى القصائد خلّدت هذه المعركة قصائد شعرية، كانت بمثابة سجلٍ شعريٍ للأحداث. من أبرزها قصيدة الفارس عتقا بن مجبي بن داموك الرشيدي، التي عُرفت بـ"الشيخة"، حيث يقول فيها: بديت في ذكر الولي قبل الأبيات من قدم المولى فهو مايخيبي جانا معشي الضيف بالجمع زافات وأخوات بقـشـة منزحين الحريبي جمع جهينة مع بلي والشرارات مثل التهامي يوم شمسه تغيبي يشدون دكات الدبا جوك زافات ولاظلاماً دك روس الجذيبي تشاوحونا تقل مقهور خلفات وردوا عليهم منغصين الشريبي بني رشيد من الظفر جوك ردات الكل يفدع مثل حرٍ قضيبي مسبلين أرواحهم بالصعوبات دون المعوّر وأمهات الحليبي ولا لي حسايف غير عودٍ لنا مات وثراه عنده مثل طش الخشيبي ولاحصلوا منا صمايل وفلحات إلاطياح القش ماهو مثيبي كم واحدٍ من شور فرحان كد فات هذا صويب وذاك ينقل عطيبي تسعة وتسعين المدالي المهمات اللي وطينا طايحٍ بالشعيبي فيهم سباع إشريفة اللي هزيلات مربعات وناشياتن بطيبي تاخذ عليهم ضبعة الضلع كيفات والطير يأكل لين شمسه تغيبي مايأكلن إلا الفطاح العذيات اللي من الويلان عيّا يهيبي حتى أنت يافرحان عقناك بالذات عقناك وأنته فوق زين الهذيبي مشعان كبك في نهار الملاقات وهزاع واللي بدركون المصيبي راحوا على قحص المهار العريبات خلوك يافرحان عشاء كل ذيبي حريمهم يوم المكاسيب كرهات الكل تعوّل مثل خلج العزيبي ياكم هنوفٍ عقب لبس الخمارات على شهود الصبح تقنب قنيبي دليم غايب والنقا فيه عادات لعل قول الشيخ فيكم مصيبي ابن سعيدة عتقك بين لمّات عيّا عليك الله ودمك مريبي في ساعة للموت حليا وشارات لولاه لو صيحت مالك مجيبي مايستوي للموت نفوسٍ كريمات ياللي بلوذات المساعر تطيبي بالقول وحنا ماندوّر لضيفات تحط مع هبر العداوى عصيبي• تصور القصيدة انتصار بني رشيد، وتصف بشاعة المعركة وكثرة الخسائر في صفوف عنزة. وفي المقابل، يرد شاعر قبيلة عنزة بقصيدة تعترف بالهزيمة وتؤكد الخسارة الكبيرة وعدد القتلى الكبير: ثلاث ردات على العسر واللين والرابعة ما رد الأول للتالي وش عاد لو في كل ردة ثلاثين ماصابنا دون الجهامة جفالي ولو طاح دون الشيخ تسعة وتسعين وردوا مبيّعة العمار الغوالي. ويقول الشاعر ابن عطران البراك: يامزنةٍ غرّا غشاه كتامه على(إشريفة) هلهلة تقل ربان سيل عروم وطم روس العدامة وردوا سنا سيله طويلين الأيمان اللاش طاح وقال مامن سلامة واللاش سب اليوم غيبات الأذهان العود مايلحق علينا ملامة ليته تحلى يوم حس الثرى كان ياما ذبحنا واحدٍ من جلاله من ربع مشعانٍ ومن قوم فرحان وابن كحيل اللي تجينا علامه اللي على سور المناكيف عنان كما خلّد الشاعر سليمان بن عبكي الجعفري العنزي المعركة بقصيدةٍ على لحن الدحة، يصف فيها الهوش والقتال، معترفاً بشجاعة الطرفين: رشيدي ياحلو هوشه ياهوش التركي هوشه راعي الصفراء المرشوشه والله ياحمسونا حمسه والأشهب شارقةٍ شمسه مثل أبا قبيس الدخان أهبوا هبيتوا خلق الله تبونن أجحد ثنا الله يابا الزعيم انه قوماني ثناهم ما أجحد ثناهم يامشعان أقطع طرياهم تكره الخيل ملاقاهم شطيّر عيون ويمان ماشفتِ يامال النجم يوم أدرقنا بالرجم والكبري هاجمنا هجم حادينا حس النونان الطيب يامال الجنة يوم الركايب طشنّه في خشم القارة كبنّه أخو مجلي الثمان خيلنا للأبرق كضت وخيلهم للتالي جظّت نعمٍ بعيال الشجعان هم ضّرويّة حرايب لاطوا جنين ٍ للشايب خلوه يدوّج فروان إن معركة إشريفة لم تكن مجرد صراع على المراعي، بل كانت تعبيراً عن روح الصحراء، حيث تتداخل الكرامة والشجاعة والخسارة. خلّدت هذه المعركة في التاريخ ليس فقط بسبب ضراوتها، بل لأنها عكست نسيجاً اجتماعياً وسياسياً معقداً، حيث كانت القبائل تعيش في توازنٍ دقيقٍ بين التحالفات والخصومات. ومع أن قبيلة بني رشيد حققت نصراً عظيماً، فإن دماء الفرسان من الطرفين، التي سالت في نقرة الدم، تظل شاهدةً على ثمن الصراع في تلك الأزمنة الغابرة. إن إشريفة، بكل ما تحمله من قصص وأشعار، ليست مجرد ذكرى، بل درسٌ حيٌ في صمود الإنسان وقوته، وفي قدرته على تسجيل تاريخه بدماء أبطاله وكلمات شعرائه. |
|||
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
العلامات المرجعية |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
![]() |
![]() |