لاتزال عبارات التضجر والتأفف تملأ طرقات العمل كلما مرّ منه « ناصر» ولايزال الكثير من زملائه يديرون له ظهورهم كلما قابلوه خشية أن تبدر منهم كلمات تخرج عن الذوق والاحترام، بسبب سؤال ناصر أحد زملائه يوماً عن راتب زوجته وهل يأخذ منه شيئاً أم يتركه لها؟ سؤال جعل الكثير من زملاء ناصر ينظرون له بنظرة الاشمئزاز والاحتقار وكرر السؤال بصيغة أخرى لزميل آخر أمام الزملاء عن مدى ارتياحه مع زوجته وهل بينه وبينها مشاكل فأحرجه الزميل كثيراً أمام الجميع وقال له «يا أخي أترك اللقافة ولا تصير حشريا، عيب عليك» كلمات أشعلت نار الخجل في نفس ناصر وجعلته منبوذا من جميع زملائه في العمل . الكثير ممن هم على شاكلة ناصر يغصّ بهم مجتمعنا والناس على اختلاف في كيفية التعامل مع هذه الفئة من الفضوليين.
تطفل
يقول «طارق الغامدي» إن أكبر عيب على الإنسان التدخّل في خصوصيات غيره وأن يحاول معرفة ما يدور في بيوتهم أو في مجتمعهم الخاص وابتليت منذ سنوات سابقة بأحد الزملاء يحاول التدخل في أموري الشخصية، وقد لمّحت له مراراً وتكراراً بأن البيوت أسرار ومن العيب أن يتدخل الصديق مهما كانت صداقته في خصوصيات غيره، إلا أن بعض الناس لا يمكن أن يكف شرها أو تترك «اللقافة» إلا بعد أن تأخذ علقة ساخنة أمام الملأ . وبالفعل أتى اليوم الذي يجب أن يقف فيه هذا الزميل الكريه عند حده، وسألني عن شيء لا يعنيه وليس من حقه أن يعرفه فأجبته بهذه العبارات «يا أخي اترك اللقافة وعيب تتدخل في الأمور الشخصية» فما كان منه إلا أن سكت ومضى في حال سبيله ولم أرَ منه أي تدخّل في أموري الخاصة.
نوعية
عيب
ويضيف «طارق الزهراني» أن الحياء مهم جدا واذا ذهب فلا غرابة أن تجد الإنسان يتدخّل في جميع خصوصيات غيره وأن بعض الناس يظن أنه خفيف على زملائه، بينما هو أثقل ما يكون على زملائه سواءً في طريقة كلامه أو مزحه أو حتى في من الزملاء، لذلك تجد الكثير من الزملاء يتحاشى أن يطلع مع هذه النوعية من الناس حتى لا تتسم الطلعة بـ «الملل» وأحد الأشخاص كان يظن أنه طريف وخفيف دم على زملائه واكتشف أن زملاءه يطلعون بشكل أسبوعي ولا يعطونه أي اهتمام بل إنهم يتحاشون أن يعلم عن طلعاتهم حتى لا يشاركهم فيها، فيبدأ مشوار القلق، ومن وجهة نظري فإني إذا واجهت نوعية كهذه فإنني ألمّح له في بداية الأمر عن عدم رضاي بأسلوبه وإذا عاد إليه ولم يفهم فإنني أصرّح له بأنه إنسان كريه وتعامله «غثيث» ولا أريد أن ارتبط به سواء في حديث أو طلعة أو غيرها . وبعض هذه الأشكال يجب أن تعطى نصائح دينية عن عدم التدخل في خصوصيات الآخرين . فمثلاً لو أعطي أن المبتلين بهذه الحماقة ورقة كتب فيها الحديث النبوي الشريف «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» لعله يفهم المقصود ويترك عاداته القبيحة.
مواجهة
خجل
ويخجل «ياسر القحطاني» من التعامل مع هذه النوعية من الناس حيث يقول : من الصعب مواجهتهم بانهم كريهون ولا أريد الجلوس معهم ومن وجهة نظري أنه لابد أن يتسع صدر الناس لهذه الفئة من المجتمع لأن التصريح والتجريح قد يؤدي الى عواقب نفسية سلبية على الضحية «الملقوف»، لذا أرى أنّ مجاملته وعدم الاهتمام به يمثلان الطريق الأنسب للتعامل معه . ويروي «القحطانى» قصة بقوله : إننى كنت ألتقي قبل فترة من الزمن بأحد الزملاء وكنت أجامله في حديثي معه لأنه كان يتدخّل في بعض أموري الخاصة وأردت أن أشعره بأنه يتدخل فيما لا يعنيه فأصبحت إذا سألني عن بعض أموري الخاصة أقول له : لا أعلم وفي أحد الأيام سألني عن أمر يخصني فقلت له : لا أعلم فاستغرب من إجابتي وفهم عندئذٍ أنه سأل عما لا يعنيه فكانت إجابتي هذه بمثابة إيقاظ له من سباته الذي أوقعه بين أحضان اللقافة. والفرد إذا وجد التهميش من غيره فأفضل طريقة هي أن يترك تصرفاته التي اعتاد عليها ليرى كيف تكون ردة فعل زملائه، ولكن المصيبة إذا وقع الإنسان في أحد الذين عشقوا اللقافة والتدخل فيما لا يعنيهم . ففي هذه الحال أرى أن أصارحه بأن تصرفاته الكريهة جعلته منبوذا من الناس فربما اعتدل سلوكه وتغير أسلوبه.
للأمانه منقول من جريدة اليوم
للكاتب / محمد الزهراني
أتمنى من الجميع إعطاء رأيه في مثل هذه النوعيات وماهي طريقة التعامل المثلى في نظره مع مثل هؤلاء الأشخاص