الفخر بالأحساب والطعن في الأنساب

[حجازي فاهم]

قال نبينا الكريم. صلى الله عليه وسلم: ((أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب, والطعن في الأنساب, والاستسقاء بالنجوم, والنياحة على الميت)) رواه مسلم (934).
قال الشيخ الإمام العلامة سليمان بن عبدالله بن الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب وهو يشرح هذا الحديث العظيم في كتابه القيم:" تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد" ص 389: (( قوله;الفخر بالأحساب>أي: التشرف بالآباء والتعاظم بِعَدِّ مناقبهم ومآثرهم وفضائلهم, وذلك جهل عظيم, إذ لا شرف إلا بالتقوى, كما قال تعالى: ((وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا)) الآية, وقال تعالى : (( إن أكرمكم عند الله أتقاكم)), وروى أبو داود عن أبي هريرة مرفوعا: (( إن الله قد أذهب عنكم عُبِّيَّةَ الجاهلية وفخرها بالآباء, مؤمن تقي, أو فاجر شقي, الناس بنو آدم, وآدم من تراب, ليدعنَّ رجالٌ فخرَهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم , أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن)),و(الأحساب): جمع حسب, وهو ما يعده الإنسان له ولآبائه من شجاعة وفصاحة ونحو ذلك.
قوله ;والطعن في الأنساب> أي: الوقوع فيها بالذم والعيب, أو بقدح في نسب أحد من الناس, فيقول: ليس هو من ذرية فلان, أو يعيره بما في آبائه من المطاعن, ولهذا لما عير أبو ذر رضي الله عنه رجلا بأمه, قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: (( أعيرته بأمه؟! إنك امرؤ فيك جاهلية)) متفق عليه, فدلَّ ذلك أن التعيير بالأنساب من أخلاق الجاهلية... وفي الحديث دليل على شهادة أن محمدا رسول الله, لأن هذه الأخبار من أنباء الغيب, فأخبر بها النبي صلى الله علي وسلم, فكان كما أخبر)) انتهى كلامه رحمه الله.


ثانياً: الرسول صلى الله عليه وسلم لم يذكر عدنان وقحطان في المفاخرة وأن هذا أفضل من هذا, بل نسب نفسه الشريفة في عمود النسب حتى وصل الى عدنان وتوقف وبين عدنان وأسماعيل عليه السلام مايقارب أربعين أباً والله أعلم لماذا سكت عندما وصل الى عدنان وقال كذب النسابون وربما أنه كان يعلم وربما لايعلم ولكنه سكت.

ثالثاً: بعض العلماء يحتجون أن جميع العرب من ذرية أبراهيم بهذه الآية (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ {78}‏ الحج

رابعاً: قبيلة جرهم التي تعلم اسماعيل عليه السلام العربية منهم يقول بعض المؤرخون أن جرهم من قحطان أين جرهم الآن, هذا دليل يثبت أن جرهم من العرب البائدة, وقحطان من ذرية ابراهيم عليه السلام والانبياء نسبهم من أوسط قومهم.

خامساً: القرأن الكريم نزل على سبعة أحرف بلغة قريش لأن جميع القبايل تحج الى بيت الله وأخذت قريش جميع لهجات القبايل العربية وكان يقام أحتفالات وشعر سنوياً والدليل على ذلك المعلقات التي كانت معلقة على الكعبة, وفي ذلك دليل أن قريش أخذت لهجات القبايل العربية وليست لغتها الأم.

سادساً: بعض الكتب تقول أن عدنان وقحطان يرجعون في النسب الى أسماعيل عليه السلام, وبعض الكتب تقول يرجعون في ابراهيم عليه السلام وإذا مايلتقون في ابراهيم ففي نوح عليه السلام, لأن جميع الأمم هلكت إلا من كان في السفينة مع نوح عليه السلام.

سابعاً وأخيراً:الله سبحانه أختار هذا الرسول في أحسن القرون منذ خلق الله الخلق وهو أفضلهم وأوسطهم نسباً والفخر لنا جميعاً أن نزل القرآن بلغتنا وجعلنا خير أمة أخرجت للناس وشهوداً على الأمم السابقة, والكمال لله سبحانه وتعالى يرفع أقوام بالدين ويضع أخرين وهذا المشاهد تجد البعض يفتخر بقبيلته وصولاتها وجولاتها وهو لايعرف من الدين شروط الصلاة, وهناك علماء ليسوا عرباً تجثوا عندهم الركب والبخاري ومسلم خير شاهد رفع الله ذكرهم وهم ليسوا عرباً.

لايقول قائل مانتكلم عن الدين نتكلم عن النسب نقول من رفع ذكر الأنبياء وجعلهم أحسن نسباً إلا الدين و أبليس كان مع الملائكة وكان أفضلهم عبادة ولكن عندما أستكبر وقال أنا خير منه, من باب المفاخرة طرده الله من رحمته وجعله الله مرجوماً الى يوم الدين.

الله اسأل أن يحفظ علينا ديننا وأمننا والنعم التي نتقلب فيها وما أعطيناها حقها من شكر المنعم سبحانه وتعالى, ونصيحتي للأخوان في الله الدعوة الى الله بنشر هذا الدين وترك التنابز والفرقة بين المسلمين والتفاخر بالاحساب والطعن في الانساب, فكلنا بنوأدم وأدم من تراب, وتذكروا إننا ما وجدنا إلا لعبادة الله وحده دون سواه, فلاتشركوا بالله أحسابكم وأنسابكم, ولايكن قولك إلا قال الله وقال رسوله.

وأخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين.

آخر تعديل حجازي فاهم يوم 22-Nov-2007 في 08:51 AM.