مفارقات بين الليبراليين العرب والليبراليين الغربيين

[ابو ضيف الله]

د. فهد بن عبد الله المطلق

إن أي فكر أو أيدلوجية تنتج من خلال الجمع بين المتناقضات فسيؤدى بها ذلك إلى ضعف وهشاشة معيار الأمانة العلمية، وجعله في وضع يرثى له لتلك الأيدلوجية.

بل قد يلجأ أحدهم إلى الكذب والتدليس والتزوير إلى أن ينطبق عليه المثل القائل: (أكذب من ليبرالي) على وزن: (أكذب من رافضي)!.

وفي حالة نادرة قد يصدق ذلك الليبرالي في صحة الخبر، ولكنه يعمل على تضخيم هذا الحدث، والشواهد كثيرة أكثر من أن تحصى، حيث أصبحت هذه المفارقة ماركة مسجلة لليبراليين العرب!.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يلجأ الليبراليون العرب من دون غيرهم من الليبراليين الغربيين إلى هذا السلوك؟!.

و الحقيقة المُرّة أن الليبراليين العرب يحاولون جاهدين أن يجمعوا بين موروثاتهم الثقافية - إن صح التعبير - ومفاهيم الأيدلوجية الليبرالية، ومن ثم فقد وقعوا في أزمة فكرية نتجت عن هذا الدمج الساذج والذي يجمع بين متناقضين، وهما الأيدلوجية الإسلامية واللبرالية.

ولذا - كما ذكرت سابقاً - أنه لا غرابة أن تسمع من المتحمسين لليبرالية من أبناء العرب من يقول: "أنا ليبرالي مسلم". حيث ينتج من هذا الدمج الساذج بين منهجين متناقضين إلى وجود أزمة أيدلوجية في واقعهم الثقافي، لذا يحاولون - أشباه اللبراليين العرب - إلى الترقيع، ومحاولة ستر سوءة هذا الدمج من خلال فقدان المنهج العلمي، والذي يقوم على دقة الأمانة العلمية في الطرح والتحليل، بينما تجد الليبرالي الغربي ليس لديه مفهوم أنصاف الحلول، فحينما عندما تسأله عن دور الدين في حياته يقول لك بمنتهى الوضوح: "خذ الكتاب المقدس والكنيسة، وضعهما في سلة القمامة". لأنه يتبنى أيدلوجية ليبرالية واضحة المعالم من حيث عدم وجود أي سلطة، سواء كانت إلهية، أو تراثية على حياة الفرد والمجتمع والدولة.

ولـذا أقول لكم: كفاكم نفاقاً أيديولوجياً.

وهنا سـؤال أخر يطرح نفسه: لماذا أشبــاه الليبراليين العرب (التايوانيين) لماذا لا يعلنوها ليبرالية صريحة كما يفعل أسيادهم مــن الليبراليين الغربيين؟!.

و لمعرفة سبب هذا النفاق الأيدلوجي عند الليبراليين العرب نقول:

إنّ الليبرالييـــن العرب يدركون أنّ الشعوب العربية، والتي تدين بالإسلام دينـاً لها، لا يمكن أن تقبل التنازل عن المشروع الإسلامي.

بل يدرك كهنة الليبراليين العرب أنّ الانسلاخ الكلى من المشروع الإسلامي يؤدى إلى نبذهم من المجتمعات العربية، ورمى أفكارهم ورموزهم في مزبلة التأريخ. لذا يلجأ الليبراليون العرب إلى الكــذب المتعمد، الخالي من الأمانة العلمية في معظم الحالات؛ لمحاولة إسقاط أي مشروع إسلامي من خلال تشويه سمعة وصورة أتباع المشروع الإسلامي، وخاصــة إذا علمنا أنّ وسائل الإعلام العربي المقروء والمشاهد والمسموع خاضعة لهذا التوجـه المشبوه على طول الوطن العربي.

ولذا لا أرى أي غرابة في هذا السلوك المشين، والذي ترفضه جميع المناهج العلمية الحضارية، فواقع الليبرالي العربي كالغريق الذي يحاول أن يتمسك بأي قشة كانت، وإن كانت هذه القشة على حساب الأمانة العلمية!.

و في الحقيقة، ومن خلال المتابعات الصحفية لأطروحات هذا التوجه يتضح للقارئ الكريم أنّ الأصل في هذه الأطروحات التغريبية: الكـذب، والتزويـر، والتدلـيس، والتضخيم للأحداث.

التوقيع

قال الشافعي رحمه الله: أركان الرجولة أربع: الديانة والأمانة والصيانة والرزانة. قال الخليل ابن أحمد: التواني إضاعة, والحزم بضاعة, والإنصاف راحة, واللجاجة وقاحة. اللهم أنصر من نصر الدين وأخذل من خذل الدين