أحمد الربعي.. رجل لا ينسى
الأربعاء 8 أكتوبر 2008 - الأنباء
هملان الهملان
في يوم لا يمحى من ذاكرتنا، يوم لم تغب فيه الشمس، يوم عصيب مؤلم للكبير والصغير، لكل منا ذكريات وقصص ومواقف منها ما هو محزن ومنها بطولات نعتز ونتشرف بها، يوم ان اقدم صدام بجنوده التتاريين على حين غرة متوجها لاحتلال الكويت فتوغل داخل حدودها يوم الخميس، وفي ذلك الوقت كنت مجندا في الحرس الأميري وأصابنا الذهول من هول الموقف، واذا بنا نتلقى الأوامر بإسناد قوة الى قصر دسمان، وعلى الفور تم توزيع الأسلحة والعتاد وبدأنا في ركوب السيارات الكبيرة التي تسمى «كارج» وتم تقسيمنا الى فرق، الفرقة مكونة من 5 سيارات كبيرة و4 جيبات وملحق بها ضابط لقيادة المهمة، وتحركت فرقتنا متوجهين لقصر دسمان الى ان وصلنا الى طريق الدائري الخامس عند جسر الساعة حيث رأينا على مرمى البصر قوة عراقية مسيطرة على المكان وتعترض طريقنا، وعلى الفور توقفنا وتبادلنا اطلاق النيران، وفي أثناء اطلاق النار استشهد الجندي البطل مشعل العدواني، كما أصيب 8 أشخاص آخرون، ولا يمكن ان أنسى ان من بين المصابين رشيدي رفض ان يرجع للعلاج بعد اصابته برصاصة في فخذه، وصمم على المواصلة وعلى الفور تم نقل المصابين بسيارات المواطنين الخاصة، فهنيئا للكويت بأهلها الأوفياء الأبرار.
بعدها أنعم الله علينا بالسيطرة على الوضع ولقي خمسة من الغزاة حتفهم واستسلم الباقون، ومنهم من فر هاربا، وواصلنا طريقنا الى القصر الا انه تمت محاصرته، ودقت الساعة الحادية عشرة صباحا، وتمكنا من دخول القصر من الباب الشرقي وهو الباب المقابل لأبراج الكويت، ولم نكن نتوقع ان يصل الغزاة بهذه السرعة الا ان نجاح مهمتنا لم يكن بالأمر اليسير اذ عانينا الكثير وركضنا لمسافات كبيرة، وما ان دخلنا القصر حتى سألنا ضابطا برتبة نقيب عن صحة الشيخ فرد قائلا «طيب وبخير» ومرة أخرى تتم محاصرة القصر الى ان تمكنا يوم الجمعة الساعة 9 صباحا من الخروج من القصر، وبعد اسبوعين توجهنا نحو الحدود الى منطقة الجبيل وهناك جلست عند عائلة القريات من العجمان جزاهم الله خيرا على ما قدموه من كرم الضيافة والاستقبال، وفي شهر اكتوبر ركبت السيارة متوجها الى قطر وعند منطقة بين الاحساء ومركز سلوى على الحدود السعودية القطرية تعطلت السيارة، يا له من حظ عاثر اذا بالرادياتير يسرب الماء مما أدى الى ارتفاع درجة الحرارة فاضطررت للوقوف على جانب الطريق لمحاولة اصلاحه الى ان ابصرت بريق سيارة ليموزين على الطريق مقتربة مني حينها قلت «ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج» وأشرت اليها الى ان اقتربت فتوقفت السيارة واذا برجل تطأ قدماه الأرض، ليس بغريب علينا رجل يرتدي الزي الكويتي وهو د.أحمد الربعي، وفي حرارة تبادلنا السلام قال لي «عسى ما شر» فأخبرته بما صار معي وعلى الفور فتح «دبة» سيارته وساعدني في اصلاح السيارة، الا انني لفت نظري وجود السائق نائما على الكرسي الخلفي حينها تساءلت في نفسي: السائق ينام ود.أحمد الربعي يتولى بنفسه القيادة؟! يا له من شخصية ممتازة بكل المقاييس شخصية بناءة معطاءة.
ومما لا يخفى على الجميع دوره البارز والواضح في المؤتمرات والاجتماعات الدولية أثناء الاحتلال، وبعد التحرير برز دوره بعد ان تولى قيادة وزارة التربية، ولا أنسى نظريته الشهيرة المحفورة في ذاكرتي نظرية الهرم المقلوب ومحاولة اصلاحه، لكن قوة الفساد كانت تعطل كل من يقوم بالإصلاحات، رحم الله د.الربعي وأسكنه فسيح جناته، فهو شخص أحب الكويت والكويتيين وقضى عمره في خدمتهم فأحبته الكويت وأهلها.
« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
14-Dec-2009, 02:38 PM
أحمد الربعي.. رجل لا ينسى
العرض العادي
