![]() |
اختيار تصميم الجوال
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | |||
|
![]() الدكتور : سعد بن مطر العتيبي في مقال له عنونه
العبرة بالنظام المعمول به لا بتصريحات المناقضين له ( نحو ثقافة نظامية في ظل الفوضى الإعلامية ) بغض النظر عن الآراء الفقهية مهما كانت قوية أصيلة وإن شكك بعض المنتسبين لطلبة العلم في أصالتها ، أو ضعيفة حادثة مهما حاول القائلون بها إثبات صحتها ، وسواء صدرت من عالم رباني أو غيره - ينبغي أن تسود بين الناس ثقافة الدولة النظام ، ودولة المؤسسات النظامية ، لا آراء الأفراد الخاصة مهما كانت مكانتهم العلمية . وهذه الثقافة العالية تُعرف في العالم المتقدم إداريا وتقنياً : بثقافة دولة القانون . صحيح أنها ثقافة ليست جديدة على حضارتنا الإسلامية ، وصحيح أن التفريق بين الاجتهاد الخاص والنظام العام ، قضية لم تخف على مشايخنا الكبار ، ولست بصدد التفصيل في هذه القضية التي تحدّث عنها العلماء قديما وحديثا في أبواب الأصول والسياسة الشرعية ، غير أنني أجد من المناسب ضرب مثال عملي معاصر لعالم جليل ورمز كبير ، كان يطبّق هذه الثقافة مع شدّة قرب المسؤولين منه ، وليس قربه من المسؤول فقط . إنَّه العلامة شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله ! سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء السابق . لقد كان رحمه الله مثلاً عالياً للعالم الرباني الذي يتكلم عن علم وديانة ، ويأمر وينهى بما يدين الله به ، ويجتهد في ابتغاء الحق وسعه ، ومع علمه وغيرته وأهليته المشهود له بها من علماء العصر ، إلا أنه كان يتحدّث بمسؤولية فائقة ، فيفرق بين مسؤوليته في وظيفته العلمية وبين مسؤوليته في وظيفته الرسمية ، فلم يتعامل مع الفتوى الخاصة كتعامله مع الفتوى العامة ولا الفتوى المأمون تأثيرها مستقبلا على التي قد يكون مآلها مشكلاً ؛ لأنَّه يدرك الفرق بينهما من الناحية العلمية والعملية ، ولا سيما من ناحية النظر في المآلات ، شأن الفقهاء الكبار ! لقد كان رحمه الله - وهو المفتي العام ، ورئيس هيئة كبار العلماء ، ورئيس اللجنة الدائمة للإفتاء - يكتفي بنسبة ما كان خاصاً من فتوى أو رأي - على مكانة رأيه العلمي - إلى نفسه ، ويوَّقِّعه باسمه مجرداً عن أي لقب وظيفي من هذه الألقاب السابق ذكرها ! بينما يضيف إلى اسمه اللقب الوظيفي حين تكون فتواه أو رأيه في موضوع من الموضوعات التي تحتاج إلى ذكر اللقب الوظيفي ! بل ربما وقَّّّع بعض الفتاوى و بعض الآراء التي تتطلب ذكر منصبه الوظيفي باسمه مجرداً عن لقبه الوظيفي ، إذا بُيِّن له أن نشر رأيه بلقبه الوظيفي قد يتسبب في إحراج ما للدولة أمام جهات أجنبية ، لكونه يتبوّأ منصباً كبيراً فيها ، وأنَّ رأيه مهما كان صوابا ، قد يفسّر على أنه موقف حكومي ! في الوقت الذي قد تقتضي المصلحة عدم نسبته للحكومة ، ومن ثم خشية قراءة الفتوى أو الرأي على أنه موقف حكومي . لقد كان رحمه الله يعي جيداً ما يترتب على الرأي الخاص من آثار مهما كان قوياً من الناحية العلمية ، فيتحمّل هو مسؤوليته مسؤولية علمية خاصّة . لقد كان الشيخ رحمه الله يقوم بالموازنة الفقهية السياسية الشرعية ، التي تقتضي فيها الديانة الصدع بالحق ، وتقتضي فيها السياسة الشرعية نشره ولو بالصفة الشخصية ! ؛ فيجمع بين بيان ما يرى وجوب بيانه ، وبين مراعاة المآل الذي قد يتسبب في أمر غير مرغوب يمكن دفعه ، وذلك بأن يوقع البيان أو الفتوى باسمه الشخصي مجرداً عن ألقابه الوظيفية ؛ بخلاف ما تقتضي المصلحة نشره باسمه الشخصي مقروناً بلقبه الوظيفي فإنه ينشره به مثل : مفتي عام المملكة العربية السعودية ، أو رئيس هيئة كبار العلماء ـ أو رئيس اللجنة الدائمة للإفتاء ، أو بها جميعا ، بحسب ما يقتضيه الحال . ويبدو أنَّنا بحاجة إلى التذكير بهذا الفقه ، ونشر الوعي به بين من لا يفقهه ؛ ولا سيما في ظل الجرأة الصحفية على ثوابت الشرع الحنيف ومرجعياته الرسمية في بلادنا ، وعلى النظام العام للدولة ، وعلى الأنظمة المرعية الشرعية الرسمية ، الصادرة من السلطة التنظيمية في المملكة العربية السعودية . ولعلّ من آخر تلك الجرائم الصحفية ، ما جرى من صحيفة عكاظ في لقائها الذي أجرته مع رئيس إحد فروع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ونسبة ما صدر منه من رأي شخصي إلى جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ! وهذه جريمة إعلامية ؛ فإنَّ الآراء الشخصية لا تمثل إلا أصحابها ، ولا يمكن بحال أن تكون آراء الموظفين الشخصية مقدمة على أنظمة الدولة ولوائحها الرسمية التي تصدر بصفة رسمية ، عبر السلطة التنظيمية أو بتخويل منها ؛ إذْ من بدهيات الشريعة والقانون أنَّ الأنظمة الحكومية العامة تحكم الراعي والرعية ، ولا يقلّل من شأنها خطأ مسؤول في التطبيق ، ولا كذب صحفي في التحقيق . وليت الموظف الحكومي في الهيئة حين تبنى رأياً مخالفاً للفتوى الرسمية والأنظمة المرعية ، بيّن أنه رأي شخصي ، لا يمثل الجهة التي يعمل لديها ، لكان الأمر أسهل ؛ لأن النّاس يعرفون مصادر الفتوى الموثوقة . وليت الصحيفة حين بيّنت - ولو من باب المسؤولية حين فقدت المهنية - أنَّ مقولات ضيفها تمثل رأيه ، وأنها لا تتحمل مسؤولية ما يترتب على مقولاته من مخالفات للأنظمة المعمول بها ، و لا تتحمل ما يترتب على تصريحاته من مسؤوليات جنائية على المخالفين للأنظمة التي تحكم الموضوع . ففي الوقت الذي يتجرأ الإعلام على تجهيل النظام والتجهيل به ، نجد النظام واضحاً صريحاً لا يمكن إخفاؤه ، ولا يقبل الادعاء بجهله ، ولا سيما بعد إعلانه في الجريدة الرسمية ، ووجوده في مواضعه من الأنظمة الحكومية ، فقد ورد التصريح بتجريم ( الاختلاط المحرم ) ووصفه بالمنكر ، الذي يجب على الهيئة الحيلولة دون وقوعه ، وذلك في اللائحة التنفيذية لنظَام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وفي مادته الأولى . ومن هنا يبقى الاختلاط المحرم ( الصور المحرمة من الاختلاط ) فعلاً مجرّماً شرعاً بالفتوى الرسمية ونظاماً بالائحة الرسمية . ومن ثم فلا عبرة بكل ما يقال من نفي تجريمه ، ويبقى مرتكبه مسؤولاً قضاءً ، أي أنه يقع تحت طائلة الضبط ، وضمن واجبات التحقيق والادعاء ، ومستحقا للمحاكمة أمام القضاء . فلا يجوز التغرير بالمواطنين والمقيمين بمقابلات صحفية ، وتصريحات شخصية ، وجعلها في مقام النظام ، وهي محسوبة فيه من الإجرام . ومن هنا أقول : يجب التفريق بين التصريحات الشخصية والآارء الفردية التي تمثل أصحابها ، وبين الفتاوى الرسمية والأنظمة المرعية التي تمثل الدولة . لقد كان من الواجب على الصحافة ووسائل الإعلام تكثيف الوعي بالأنظمة ، وبذل الجهد في تعميم الثاقفة النظامية وتعميقها ، سعياً في تحقيق المواطنة ، وتهيئة للناس لبعض المصالح التي تتطلب أنظمة تأخرت بسبب قلة الوعي النظامي ، وخشية وقوع آثار سلبية في ظل ما يمكن تسميته : عدم النضج الإعلامي ، الذي يتسبب في تعميق الضعف النظامي للمجتمع بصفة عامة . سعد بن مطر العتيبي أستاذ السياسة الشرعية بالمعهد العالي للقضاء http://www.smotaibi.com/ |
|||
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
العلامات المرجعية |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
![]() |
![]() |