هوازن ( عتيبة ) قبيلة تفردت بالمناقب والشيم وجمعت الأمجاد لاينفاسها عليها أحد ومن أمجادهم الشعر والفصاحة حتى غدى لسانهم مضرب المثل في الفصاحة والشعر واللغة العربية ويكفيهم شهادة الرسول صلى الله عليه وسلم فيهم "أنا أفصح العرب، ولدتني قريش، ونشأت في بني سعد بن بكر فمن أين يأتيني اللحن"
واللحن: هو الخطأ في نطق اللغة العربية وكانت العرب تأنف من اللحن وتستهجنه قال عبد الملك بن مروان لأبنائه: "إن اللحن في منطق الشريف أقبح من أثار الجدري في الوجه، وأقبح من الشق في الثوب النفيس".
والعرب يعدون اللغة حكمتهم، وإن الله أنزل الحكمة في بعض الأمم على يديها، وفي بعضها على رأسها، وأنزل الحكمة على لسان العرب ولهذا فقد اعتنوا بلغتهم كل العناية من ذلك أن الوليد بن عبد الملك لحن، وصحح له عمر بن عبد العزيز، فقال الوليد: ما هذا؟ (أي على أي أساس صححت لي) فقال عمر: النحو الذي كنت أخبرتك عنه، قال الوليد: لا جرم، فإني لا أصلي بالناس حتى أتعلمه.
وسمع أعرابي مؤذنا يقول: أشهد أن محمداً رسولَ الله (بفتح اللام) فقال: يفعل ماذا؟
والصواب (رسولُ) بضم اللام، والمعنى أن محمداً هو رسول الله، أما فتح اللام فيجعل من "رسول" صفة ل "لمحمد" وتظل الجملة مفتوحة غير مكتملة المعنى، ولهذا تساءل الأعرابي متنكرا "يفعل ماذا".
وفي الحديث إشارة إلى أن نشأة النبي في بادية بني سعد أورثته الفصاحة، وكان أشراف مكة يسترضعون أولادهم في البادية لتستقيم ألسنتهم، فمدة الرضاعة هي المدة التي يتعلم فيها الصبي النطق، ومكة كانت مجتمعاً تجارياً يطرقه الأعاجم تجاراً وزواراً، ويقيمون فيه عبيداً، والصبي إن سمع من هؤلاء وهؤلاء في أيامه الأولى تبلبل لسانه واضطربت لغته، أما البادية ففيها العرب الخلص، وفيها اللسان القويم، وإذن كان للاسترضاع في البوادي فائدة تعليمية ولم يكن في البادية كلها من هم أفصح من بني سعد بن بكر.
جمع وتقديم ... سحيم العتيبي