![]() |
اختيار تصميم الجوال
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | |||
|
![]() السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
"أول حالة إعدام جوال قليل أدب".. تحت هذا العنوان البطولي نشرت إحدى الصحف خبراً مفاده أنه تم تحطيم جوال "بوكاميرا" في إحدى الجامعات الخليجية وسط هتافات وتصفيق طالبات شهدن تنفيذ حكم الإعدام الذي تم بواسطة مطرقة.. يا للطرافة! دعونا إذن نتخيل معاً تنفيذ حكم الإعدام في مسدس، حتى تكون نهايته عبرة لمن لا يعتبر من أصحاب الجرائم.. أو إهدار دم قلم، خط يوماً كلمة باطل، وما رأيكم لو حذونا حذو أخواتنا في تلك الجامعة و دقينا عنق الكمبيوتر هذا الذي أتى لنا بالمصائب؟ ثم حذار من ترك الشيطان الأكبر يبث لنا فضائياته وأرضياته.. أقيموا عليه الحد، ولا تدعوه يفسد عقولنا وقلوبنا.. والله مسكين ذلك الجوال، (صج اللي ما يعرفك ما يثمنك)، لكن ماذا عسانا نقول؟ قدره ألقى به في مكان غير مكانه، وربما في زمان غير زمانه.. وسط أناس غير مؤهلين بعد لأن توضع بين أيديهم مثل هذه الوسائل، يعيش في داخلهم لص متنكر، وجد الطريق ممهداً جذاباً حضارياً أمامه للنهب والسطو على ممتلكات الغير، طريقاً لا غبار عليه.. فلماذا لا يمارس حقه في التلصص والتلذذ في سرقة البضائع المعروضة أمامه وتداولها بينه وبين زملائه اللصوص؟ فهل من معترض؟ هل من مانع؟ أم هل هناك من رقيب؟ لم لا والمال السائب يعلم السرقة؟.. وإن كان هناك لص حقيقي، فمن هو غير هذا الدخيل الأجنبي؟ وها نحن ولله الحمد قد أعدمناه.. وتخلصنا من عاره.. بعد أن أقمنا عليه الحجة.. اللهم فاشهد. قد نكون أعدمنا اللص الدخيل، إلا أن روحه لا زالت حرة طليقة تهيم في نفوسنا، فهل يدهشك أن تعلم بأنه يستقر في داخلك، متنكراً في ثوب إنسان متحضر، ملتزم، ويعرف الأصول؟ يعيش حراً مجاهراً بحرفته، يتخذ من هذا وذاك جسراً لنقل آخر غنائمه؟.. أم تراك ذلك الجسر الذي يسمح للغنائم أن تتخذ منه محطة عبور لجسر آخر؟ ابحث في نفسك، أي نوع من اللصوص يسكنك يا ترى؟! ولا من شاف ولا من درى "صوّر يا ولد، ولا من شاف ولا من درى".. "عندي لك ذيك الصورة، اللي على كيفك" .. "سمعت عن سالفة فلان؟.. عندي الفيديو إذا تبغيه" .. وهلم جره، فما أسهل سرقة لحظات الآخرين لاتخاذها تسلية، ووسيلة تواصل بينك وبين رفاقك.. فمن جوال إلى آخر يتم تناقل الصور وكأنها أطباق من الحلوى، وطبعاً ليست كل صورة تستحق التداول، فما فائدة صورة أو مشهد فيديو لا يحمل في طياته إثارة ما، لا يتوارى خلفه معنى يستحق أن تشاركه مع أحبابك وأصدقائك؟ وبذلك تكون أنت يا محترم سبباً لانهيار ذلك الفلان أو تلك الفلانة.. وتشارك في فضيحة الأسرة الفلانية، بضغطة زر بسيطة، لا تكلفك ذلك الجهد، ولا تتعب حنجرتك في نقل الأخبار. وفي الظاهر نحن نتبادل أطراف "المسجات"، وما نحن في الحقيقة إلا مفاتيح لأبواب الغيبة والنميمة ولفنون التجسس والتلصص الإلكتروني.. دون أن ندري.. وكأننا في معزل عن عيون الآخرين، نحسب أنفسنا محصنين ضد تلصصهم علينا.. فماذا لو حورنا بيت الشاعر لنقرأه كالتالي: جوالك لا تصور به عورة امرئ فكلك عوارت وللناس جوالات هل سنستحلي حرفة اللصوص هذه، ونقول حلال علينا حرام على غيرنا؟! الحامل أم المحمول إن كل هذه الوسائل آتية إلينا لا محالة، نبحث فيها كل يوم عما هو جديد وعصري ومتقدم، فكم من الأرواح ستزهق يا ترى؟! فالموديلات تنهال علينا من كل جانب، نستقبل منها ما يلزمنا وما لا يلزمنا، نقبل عليها إقبال الملهوف المتعطش الذي لا يرى موضع قدميه، حتى يهوي في بطن الأرض، فيبدأ العويل، ثم تتعالى الأصوات شاكية باكية، حزينة بعدما عرّتنا هذه الوسائل أمام أنفسنا، وكشفت لنا حجم عيوبنا وهشاشة وازعنا. فهذا ما إن حصل على عين إلكترونية، حتى التقط من خلالها تلك الفتاة التي أعجبه حسنها وهي مارة أمامه.. وتلك الضيفة، ما إن دعيت إلى حفل زفاف، حتى اغتنمت فرصة سرقة لقطات من الحفل لبنات يتمايلن على إيقاع الدفوف.. لتصبح بعد ذلك تلك اللقطات قهوة المجالس، ومائدة الشباب.. ثم تأتي تلك البلهاء لتصور نفسها بنفسها وقد نجحت في إيقاف الزمن عند لحظة قد تودي بحيائها إلى جحيم الفضيحة. ثم نفيق بعد ذلك على ألم الصفعة، ونحث السير بحثاً عن ذلك الذي صفعنا وتسبب في إهانتنا، وكشف سترنا.. لنكيل عليه التهم، ونقصم ظهره بالمطرقة.. فيا لحيلة الضعيف! لن ننفك نُلقي باللوم على هذا وذاك لنبرئ ساحتنا ونخرج منها (كالشعرة من العجين)، فنعدم أداة الجريمة ونطلق سراح المجرم الحقيقي.. لأن المجرم الحقيقي قد يكون أنا، أو قد يكون أنت.. ولا طاقة لي ولا لك على توجيه أصابع الاتهام لأنفسنا، فنفتديها بهذا الكبش أو بذاك. وهذه المرة، أعدم الجوال، بتهمة (قلة الأدب)، دون وجود محام، ودون فتح ملف.. فذهب في ظروف متآمرة، وما علمنا من سيرته إلا أنه كان ينتمي لفصيلة "بوكاميرا".. فلماذا كان الاستعجال في تنفيذ الحكم يا ترى؟ ثم يأتي السؤال الأهم، من هو المسؤول عن إعدام بريء لم تثبت إدانته؟ ومن هو الأحق بإقامة الحد عليه؟ الجوال؟.. أم روح اللص الذي يعشعش بداخلنا؟! مقال لكاتبة قطرية -----*------ |
|||
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
العلامات المرجعية |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
![]() |
![]() |