صـورة
http://altareekh.com/doc/images/articles/hinma1.gif
ما زالت المرأة الهندية تعاني الظلم والقهر وأعمال السخرة والأعمال الشاقة التي لا تناسب طبيعتها ، ومن هذه الأعمال تسخيرها في حفر القناة الهندية الشهيرة المعروفة اليوم باسم : نهر أنديرا غاندي.
حفرت بجهد النساء :
تقع هذه القناة التي تعد أكبر قناة ري في العالم في ولاية راجستان القريبة من الحدود الهندية الباكستانية على بعد خمسين كيلو متراً من المكان الذي أجرت فيه الهند قبل مدة تجاربها النووية المثيرة للجدل.
حفرت القناة بأيدي نساء هندوسيات ، يعتقد أن أغلبهن ينتمين إلى إحدى الطوائف الهندوسية المنبوذة – التي لا حقوق لها في الهند – والتي تعيش بالقرب من ولاية غوجارات وقد ارتبط حياة الكثيرات منهم ببناء هذه القناة المذكورة ، وفي نفس الوقت يقمن بنفس الأعمال الشاقة التي يقوم بها أزواجهن من نقل الرمل وخلطه بالإسمنت في الأيام العادية إلى جانب جلب الماء بصورة يومية.
ونتيجة لهذه الأعمال البدنية الشاقة التي تمارسها نساء هذه المنطقة ، تبين لدى الباحثين أن معدل عمر المرأة في ولاية راجستان ، لا يتعدى ثلاثة وخمسين عاماً فقط.
من هو صاحب الفكرة ؟
إن مشروع حفر هذه القناة كان من بنات أفكار المهندس الراحل : ( كانوا سنج ) الذي يعتبره المعجبون به بطلاً محلياً ، في حين وصفه خصومه بأنه رجل مجنون ! لكن ماذا يقول سنج عن مشروعه ؟ (إن هذا المشروع – كما يقول – يروي ما يزيد على سبعة ملايين (فدان) في صحراء مقاطعتي : بيكانار ، وجيسالمر ، وأن العادة في حياة الناس أن المشاريع الجريئة تبدو في أعين من تنقصهم الشجاعة وروح المغامرة مسارات شائكة غامضة) ومع أن المهندس سنج يتميز بهذه الرؤية البعيدة في عالم المشاريع ، إلا أنه لم يستخدم وسائل التكنولوجيا الحديثة في إنجاز مشروعه بسبب فقره ، فهو لا يملك على سبيل المثال الرافعات أو الحفارات العصرية التي تعمل بالحاسب الآلي ، ويكفي أن نعرف كذلك أن الأجر اليومي للعاملة الهندية في مشروعه أقل من دولار واحد في اليوم.
وضع المنطقة الزراعي والاجتماعي:
كانت الحكومة البريطانية قد قامت في أواخر القرن الثامن عشر بمساعدة السكان المحليين في شمال غرب الهند، عن طريق استصلاح الأراضي الصحراوية وتحويلها إلى مناطق زراعية ، مما أدى إلى ظهور مستوطنات مأهولة بالسكان ، إلا أن هذه السياسة الزراعية القائمة أساساً على توفير الماء لم تصمد طويلاً خلال القرن الماضي ، ولم تعد كافية لمنع هجرة السكان من الأرياف إلى المدن.
فعلى الرغم من أن راجستان تعد ثاني ولاية في الهند من حيث المساحة ، غير أنها تأتي في المرتبة السادسة من حيث عدد السكان الذي لا يزيد عن 44 مليون نسمة، علما بأن جميع الأماكن المشهورة فيها قد تحولت إلى فنادق سياحية ، يمتلكها راجستانيون يعيشون في الخارج ، كما أن الكثير من سكان منطقة مارواري التابعة للولاية قد هجروا الريف إلى حياة المدن ، ولعلهم يشكلون اليوم المجموعة العرقية المشهورة بثرائها على مستوى الهند.
نهر أنديرا غاندي :
لكن في القوت الذي التحق فيه سنج بكلية الهندسة ، كان قد تم ري ما مساحته أربعة ملايين (فدان) في حين تم استكمال قناة (غانغ) في عام 1928 ، التي أدت من خلال استغلال مياه الأنهار التي تغذيها الثلوج في الهمالايا إلى تحويل الصحاري إلى أرض خصبة.
وكان سنج على وشك التقاعد عندما أصبح رئيساً للمهندسين في مقاطعة بيكانار في يونيو من عام 1947 ، أي قبل أسابيع من الاستقلال وتقسيم شبه القارة الهندية ، وقد قام بتقديم مشروعه بخصوص قناة راجستان في أكتوبر من عام 1948 ، لكن شبح تقسيم البلاد أخر العمل في المشروع حوالي عقد من الزمن. ومع ذلك فإن المشكلة لم تنته عند وصول المياه إلى بعض المناطق ، بل ظهرت مشاكل أخرى فقد ادعى بعض الناس أنهم خسروا أراضيهم بسبب الفيضانات ، كما أن العمال الذين كانوا يعلمون في المشروع والبالغ عددهم 100.000 عامل قد تضاءلوا إلى حوالي 30.000 عامل فقط.
وهكذا تحولت هذه القناة إلى رمز للكبرياء الوطنية ، خاصة وأن ما يقارب نصف قرن من العمل الدؤوب لتنفيذ هذا المشروع لم يذهب سدى ، وفي عام 1984 أطلق على هذه القناة نهر انديرا غاندي التي تمتد إلى مسافة 400 ميل علماً بأن قنوات التوزيع المتفرعة منها يبلغ إجمالي طولها حوالي 5600 ميل تقوم بري ما مجموعه سبعة ملايين (فدان) في الصحراء ، وهي تشكل دعامة أساسية في اقتصاديات البلاد التي تبلغ تعداد سكانها مليار نسمة في عام 2000.