30-Sep-2008, 09:54 PM
|
رقم المشاركة : 1
|
معلومات
العضو |
|
إحصائية
العضو |
|
|
وداعا رمضان .. وأهلا يا عيد
د.خالد بن سعود الحليبي ...
لله أنت يا شهر الصوم والخير ، ما أخف ظلك ! وما أسرع خطاك ! حللت كالضيف الحبيب ، وسرعان ما تحزم حقائبك ، لتتركنا مع ذكريات جميلة ، وكأن آخر يوم منك أول يوم استقبلناك فيه ، حينها التفتت القلوب قبل الأنظار ، وأشعلنا مشاعرنا حبا وشوقا إليك ، لا لأننا نثق في أعمالنا ، ولكن لأننا نرجو فيك رحمة ربنا .
نعنو وجوها للإله وتستـحي =في صومنا الأقوال والأفعـال
حتى إذا أزف الوداع وأوشكت =نذر الفراق على الربا تنهال
عشناك شوقا لا يزول وفرحة =لا تنـتهي وإن انتهت آجال
من لنا بمثل شهرنا ، يوقظ فينا ما غفا ، ويستحث ما ركد ، فيا أيها الراحل العزيز تمهل .. فلا تزال همهمات الوداع تئن في قلوبنا .. تقول:
يا أنس المصلين ، ترى هل سنبقى على هذه الصلة الحميمة ببيوت الله بعدك ؟
يا كهف المساكين ، وقد وجدوا فيك النفوس سمحة معطية ترى هل ستستمر تلك النفوس في نداها وجودها ؟
يا مدرسة النابهين ، ترى هل ستبقى دروسك المثلى نابضة في حياتهم حتى تعود إليهم بإذن الله ؟
يا رَوح العباد ، ومزرعة الطائعين ، وروضة التائبين ، وجنة المتقين .. ها أنت ذا تستدبرنا وتمضي ، فنعود بعدك نراجع حساباتنا .. فمن الناس من لم يذق لذة صيامك وإن امتنع عن المفطرات ، يبيت على المحرمات المخزيات ، وينام عن الواجبات الصالحات، فرغم أنفه إن رحلت ولم يغفر له ..
فلمثل هذا أن يسكب على نفسه دموع الحسرات ، وأن يعزى أكثر من لو أن حبيبا له مات .
ومن الناس من كنت له واحة خضراء ، زرع فجنى ، وأخذ واستزاد، تعلم من صومه أن النفس تصبر عما اعتادته إذا أرادت ، وأن الجسد الذي صبر عن الشهوة المباحة في زمن محدود لديه الاستطاعة أن يصبر عن الشهوة المحرمة في كل وقت ، وتعلم أن روح الصيام هي التقوى التي تعيد إلى الإنسان إنسانيته التي يفتقدها أحيانا إذا أطلت رغبة أو رهبة ، فعزم على أن يعيشك في سائر أيامه :
إذا ما المرء صام عن الدنايا = فكل شهوره شهر الصيام
هكذا ينبغي أن يكون المسلم ، فكل خير تلقاه من شهر الصيام يجب أن يحظى منه بالديمومة والاستمرار ، وكل عادة سيئة أقلع عنها يجب ألا يعود إليها مروءة وشيمة وعزيمة ، وقبل كل ذلك دينا وتقوى .
وكما عشنا في شهر الصوم سعادة العبادة ، فها قد تلألأت أنوار العيد الذي يهل علينا بسعادة أخرى ، تنشأ من تبادل التهاني الصافية ، والحب الصادق ، الحب الذي يجعل النفس المتعنتة شهورا طوالا تنصاع .. فتسامح ، تسامح حتى من ظلمها ورفض الاعتراف بظلمه والاعتذار منها ، فضلا عمن أخطأ وثاب إلى الحق ، واعتذر .
وما أجمل التسامح يوم العيد ، ما أجمل أن يكون غُسل القلوب وغُسل الأبدان بماء واحد ، فلا يخرج المرء من داره إلا وقد خلا قلبه من كدر الأحقاد ، قد تتابعت على قلبه آيات العفو كالبرد على الظمأ : {وإذا ما غضبوا هم يغفرون } ، { ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور } ، فيهتف قد صبرت وغفرت . فارتاحت نفسه من إلحاح الثأر الجهول ، وهدأت أعصابه بعد أن انطفأت النار ، وترمد الجمر ، وانطوت صفحة سوداء ـ بإذن الله ـ إلى الأبد . لترتفع راية العز بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم : (( ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا ، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله )) .
فهل سنعي درس العيد .. ونحافظ على ما وعيناه في رمضان؟
منقول
التوقيع |
إن قلَّـت الوزنـه وربعـي مشافيـح ** أخلـي الوزنـه لربعـي واشـومـي
|
|
|
|