حاضرة الدواسر في سدير والمحمل والقصيم ، بيوت حسب ونسب ، وورثة عز ونوماس ، تقلدوا الإمارة ، وتحلوا بالشجاعة ، وحازوا المجد والسؤدد ، أهل سيف ومنسف ، وسنان وعنان ، بنوا المدن والقرى ، وشيدوا الأسوار والحصون ، وأقاموا المساجد ودور العلم ، وغرسوا النخيل ، وإمتلكوا الأراضي والمزارع ، والخيل والجمال وسائر الأنعام ، وحموها ودافعوا عنها ، حموا حدودهم ومراعيهم عن الرعاة من البادية وكانت حدود كل مدينة أو قرية تمتد إلى مايقارب الأربعون كيلو متراً ، فعودة سدير على سبيل المثال حمت الأودية والشعاب والمراعي حيث حموا وادي وراط العظيم أو مايطلق عليه (أراط ) في الجاهلية حيث يقول أحد شجعان عودة سدير من الوداعين الدواسر في قصيدة حربية طويلة بعد نزول إحدى القبائل فيه وقيام أهل العودة بحربهم وتشديدهم أي ترحيلهم بالقول :
من نزل بوراط يومٍ فهو داس الخطر
ندهشه والمحارم تضيع أفكارها
ويقول:
حي قومً نازلينٍ على جال الخطر
في مفيض العتش ملفى الجموع الصايله
كما حموا غيره من الوديان والأراضي الشاسعة والبعول مثل الطوقي والودي وجماز والرميمي والمشراة وغيرها ، كانوا يزرعون القمح فينموا على ماء المطر لا يقربه أحد ولا ترعاه ماشية لا لبادية ولا لحاضرة ، وكانت حدودهم محمية لا يسكنها أحد وفي حالة تواجد بعض البوادي فيها دون إذنهم ، يلبسون السلاح ويخرجون بعدة الحرب فيشددون من نزل من القبائل بغير أمرهم ثم يؤدون العرضة النجدية بعد ذلك .
قبيلة الدواسر :
ترجع قبيلة الدواسر إلى قبيلة الأزد العظيمة والتي يقول فيها الرسول صلى الله عليه وسلم : ( نعم الأزد نقية قلوبهم بارة أيمانهم طيبة أفواههم ) .
وقال علي كرم الله وجهه : ( في الأزد أربع ليست لحي غيرهم بذل لما ملكت أيديهم ومنع لحوزتهم وحي عمارة لايحتاجون الى غيرهم وشجعان لايجبنون ) . وتنتمي قبيلة الدواسر الى جدهم الملطوم ملك مأرب عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة بن امرؤ القيس بن ثعلبه بن مازن بن الأزد وعمرو بن عامر لقبه مزيقياء وهو المراد بالمثل المشهور أعظم في نفسه من مزيقياء ويلقب بالملطوم أيضا للقصة المشهورة التي اوردنا ذكرها والقصه مذكوره في كتب التأريخ في احتياله لقومه للخروج بهم من أرض اليمن وبيع ضياعهم وفي ذلك يقول ابن المقرب :
وإني في قومي كعمرو بن عامر
ليالي يعصى في قبائله الأزد
أراهم أمارات الخراب ومابدى
من الجرذ العياث في صخرها الصلد
ولم يرعووا مما رأوا فتفرقوا
أيادي سباء في الغور منها وفي النجد .
ونسبه عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد ومعنى الأزد لغة الأسد وهو بالسين أفصح وإشتقاق الأسد من قولهم أسد الرجل يأسد أسداً إذا تشبه بالأسد وصيغة الجمع هي الأُسد والأسد هو الدوسر والأزد إحدى القبائل القحطانية والتي تقيم في اليمن ثم تفرقت في جزيرة العرب بعد إنهيار سد مأرب أما هجرة الأزد فيذهب المستشرق كوسان برسيفان أنها كانت عام 118 بعد ميلاد النبي عيسى أبن مريم عليه السلام .
وأولاد عمرو بن عامر هم جفنة وهم الغساسنة ملوك الشام و ثُعلبة جد الأوس والخزرج أنصار الرسول صلى الله عليه وسلم و كعب ومنهم السمؤال بن عاديا مضرب المثل في الوفاء وعوف ووادعة ومالك و أبو الحارثة و حارثة وذهل وعمــــــــــــــــــــران وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه :
يا بنت آل معاذ أنني رجل
من معشر لهم في المجد بنيان
إما سألت فإنا معشر نُجبُ
الأسـد نسبـتـنـا والماء غسـان .
وقد أورد الهمداني في قصيدة عبدالله بن عبدالرحمن الأزدي وهي قصيدة طويلة في افتراق الأزد وتحول بعض منهم إلى حياة البادية والتي من ضمنها :
أبعد الحي عمران بن عمرو
وبعد الأكرمين بني زياد
وبعد شنؤة الأبطال أضحت
بيوتـهـم تـرفـع بالعمـاد
ذكر المقر الشهابي بن فضل الله العمري وهو من أهل القرن الثامن في كتابه التعريف بالمصطلح الشريف أن السلطان محمد بن قولون ( وهو من سلاطين المماليك ) يكتب للدواسر من عرب اليمن بشأن رغبته في شراء خيل تذكر لديهم ، وأنه كان يكتب إليهم بحسب ما يظهر بالإستخبار من مكانة الرجال وذكر إبن فضل الله في كتابه (مسالك الأبصار في ممالك الأمصار) أن زعيم الدواسر رواء بن بدران . وذكرهم إبن المجاور (680هـ) في كتابه ( صفة بلاد اليمن والحجاز ) عن عرب جنوب نجد وخص الدواسر بأنهم أهل خيل وإبل .
أبناء عمرو بن عمران :
ولد عمـــران ولد اسماه الأسد ولقبه (دوسر) وهو كما اسلفنا جمع أسد وهو جد الدواسر فولد لدوسر خمسة : العتيك بن الأسد وشهميل بن الأسد وأبا وائل الحارث بن الأسد وسلمة بن الأسد والحجر بن الأسد . سكن عمران في بادئ الأمر في جبال القهر ثم إنتقل بعض اولاده من ذرية العتيك بن الأسد(دوسر) وبعض ولد الحجْر بن الأسد (دوسر) إلى عُمان . أما بقية اولاده فإنتقلوا إلى وادي الدواسر فيما بعد) ومن مشاهير العتيك بن الأسد دوسر المهالبة : جدهم المهلب بن ابي صفرة الذي حارب الخوارج وكسرشوكتهم ووطد حكم بني أمية ، ومن أشهر اولاده يزيد بن المهلب والي العراق وخرسان في زمن بني أمية ثم ساءت علاقته مع الخليفة الأموي يزيد بن عبدالملك فهمّ أخوه مدرك بن المهلب بتجميع الأسد والخروج على بني أمية فحشدت له بنو تميم لتقبض عليه وتسلمه للخليفة فحمته قبيلته الدواسر عام 101هـ . ويقول الشاعرثابت بن كعب العتكي الأسدي :
ألم ترى دوسراً منعت أخاها
وقد حشدت لتقتله تميّم
رأوا من دونه الزرق العوالي
وحياً ما يباح لهم حريم
شنوءتها وعمران بن عمرو
هناك المجد والحسب الصميم
فما حلموا ولكن نهنهتم
رماح الأزد والعز القديم
رددنا مدركاً بمرد صدق
وليس بوجهه منكم كلوم
وخيل كالقداح مسومات
لدى أرض مغانيها الجحيم
عليها كل أصيد دوسري
عزيز لا يفر ولا يريم .
بلادهم :
كانت منازلهم في القدم حول سد مأرب مع قومهم الأزد ثم انتقلوا منها قبل إنهيار السد مع الأزد يقودهم ملكهم وجدهم عمرو الملطوم بن عامر فنزل بنو الأسد بن عمران بلاد السراة كما حكاه الهمداني في صفة جزيرة العرب وفي القرن الثالث وأوائل القرن الرابع الهجري تقريبا نزل بنو الأسد بن عمران وفرعها العتك وحفة القهر وحصل بينهم وبين بني نهد القضاعيين حروب فقد ذكر أبو علي الهجري قصيدة حربية للزهيري النهدي موجهة للمستنير العتكي والتي مطلعها :
يا طول ليلك بالنخيل فباقم
فصدور صالة فالمسيل الأجوف
منع الرقاد به الهموم فحشوتي
تصل الأنين بزفرة وتلهف .
إلى قوله :
لهفي بقلتنا وكثرة جمعكم
يوم البراق وأننا لم نضعف .
وعند ذكر العتكي علق الهجري و قال العتيك بن الأسد بن عمران بن عمرو بن عامر الى مازن الأزدي وهم أهل وحفة القهر اخوة الأنصاروقال في موضع اخر قشير ونهد والعتيك هم أهل وحفة القهروقد تضمنت قصيدة النهدي السالفة الذكر أسماء عدد من المواضع التي تقع في حواشي حبال القهر أو قريب منها كما تضمنت كثرة قوم المستنير قوله لهفي بقلتنا وكثرة جمعكم وفي قرابة القرن الخامس وأوائل القرن السادس تقريبا نزل الدواسر وادي العقيق وقد كانت تسكنه قبلهم بنو عقيل بن كعب وقبلها بنو جرم وهم الذين تحاكموا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه فقد قدم الصحابي الجليل أسماء بن رياب الجرمي الى النبي وشكا له اعتداء بني عقيل عليهم فاحضرهم عليه الصلاة والسلام مع خصمهم أسماء وبعد سماع دعوى الطرفين قضى به لأسماء وقبيلة جرم الا أن بني عقيل لم ترض بحكم النبي صلى الله عليه وسلم بد ليل شعر أسماء بن رياب حيث يقول :
وإني أخو جرم كما قد علمتوا
إذا جمعت عند النبي المجامع
فإن أنتموا لم تقنعوا بقضائه
فإني بما قال النبي لقانع .
وعند تفرق جرم حلت مكانها عقيل فسمي الوادي عقيق بني عقيل وعند نزول الدواسر العقيق دارت بينهم وبين أهله معارك ضارية كانت الغلبه حليف الدواسر وفيها يقول الشاعر:
دار خذوها بالمراهيف عنوة
وهم نورها الساطع ينير ضياه
بني عقيل أخلوا مغاني ديارهم
بعد دمهم بأرض القيق سقاه
من غلمة ما باعوا العز والشرف
يوم الردي فعل الجميل نساه
تشهد مشارف اليمامة بفعلهم
فعل تعد العالمين ثناه
ومنذ نزول الدواسر العقيق أطلق عليه وادي الدواسر الى يومنا هذا وقد صادفهم فيه القبول والنمو ومنه انتشروا في أصقاع الجزيرة فنزلوا الأفلاج والخرج وبعض سدير والقصيم والخليج وسكن بعض الدواسر جنوب العراق بمنطقة تسمى باسمهم يقول الشيخ عبد الله بن خميس ( تعتبر مساكن الدواسر الان من أوسع مساكن القبائل وأخصبها وأكثرها مياها وأمراها واخصبها فيحدها جنوبا حدود اليمن الجنوبية وشمالاً منطقة عاليه وجنوبي العرمه وجبال العارض وشرقا أسفل الدهناء وبلاد آل مرة وغربا بلاد الشيابين من عتيبة وبلاد قحطان ولم يزاحمهم في حدودهم إلا نزيعة من قبيلة السهول دخلت الدواسر بالحلف ونزلوا الغيل وستارة وحراضة وبعض وادي برك وما حوله وهؤلا هم القبابنة وعلى هذا فمساكن الدواسر اليوم تشمل قسما كبيرا من الربع الخالي ومن الدهناء ومن الجدول والبياض وهريسان ومارفع ذلك غربا الى أسفل بيشة وتثليث وما صقبهما شمالا وحنوبا ) .
يقول احد شعراء الدواسر :
لي ديرة قبليها في حوضا
وشماليها المشقوق والرقاش
وجنوبيها العد المسمى آل زايد
مضماه خرب ومن وراه مناش
سكانها وداية من جدارها
دواسر لاجات الدهور هشاش
ومن يعتقد بأن بادية الدواسر في الوادي أرفع نسباً وأعلى مقاماً من حاظرتهم في قلب نجد فعليه أن يقرأ مايقوله هذا المستشرق
من أقوال المستشرقين في حاضرة الدواسر :
قال جورج لوريمر في كتابه دليل الخليج القسم الجغرافي ترجمة المكتب الثقافي لحاكم قطر 1389هـ الجزء الأول الصفحة رقم 229 في كلامه عن إقليم العارض ما نصه : ((( وفي المنطقة كلها إذا تركنا الرياض من إعتبارنا فيبدو أن القبيلة المتميزة بإحترام النسب هي الدواسر وعددهم حوالي 3600 نسمة وهم بصفة خاصة أقوياء في المحمل ))) .
والحاضرة في نجد لديهم الإبل والغنم وكانو يحمون حلالهم ولا يستطيع أحد أخذه كما تفعل البادية وأكثر وهناك قصة يتداولها الرواة تعبرعن شجاعة أهالي إحدى مدن سدير قديماً وسكانها غالبيتهم من وداعين الدواسر والقصة حفضت وخلدها الشعراء وهي كالتالي :
كان هناك فريق من العجمان وأميرهم ابن فرثان دوسري الأصل عجمي بالحلف المهم أنهم عزموا على أخذ بعض الإبل أوالغنم فحذرهم أحد العارفين من أخذ غنم أهل عودة سدير وقال أنه لايؤخذ لهم شيئ وأنهم يفكون حلالهم ويردون الزعيمه المهم أنهم حاولوا أن يتجنبوا عودة سدير ويغيرون على حلال غيرهم إلا أنهم أخذوا غنم أهل العودة حوالي ثمانمائة طرف في شعيب العتك وهم لايدرون أنها لأهل العودة وعندما علم أهل العودة بذلك عزموا على تعقب القوم وفك حلالهم فإجتمع منهم خمسون رجلاً إلا أنهم رأوا أن بعضهم من كبار السن وبعضهم من الصغار فانتقوا منهم ثلاثين من المجربين للمعارك وركبوا على ثلاثين مطيه ولحقوا القوم وعندما مروا الخفس رأهم السهول فقالوا سنأخذهم فعرف أمير السهول في ذلك الوقت أنهم أهل العودة فأشار عليهم بأن لايواجهونهم وقال هذولا أهل العودة لابسين أكفانهم ولاحقين القوم بيفكون حلالهم فتجنبوهم وعندما وصل أهل العودة شعيب الطوقي وجدوا العجمان وهم مضحين والقدور تطبخ من لحم الغنم اللي نهبوها وهم يضنون أن الحضر لن يطلبونهم كل هذه المسافة الطويلة المهم أنهم رأوا أهل العودة مقبلين من بعيد فأخذوا يرمونهم فلما سمع أهل العودة الرمي ورأوا دخان البنادق من بعيد نصوها والعجمان مستمرين في الرمي وأهل العودة مقبلين عليهم فلما قرب منهم أهل العودة عقلوا ابلهم محاجي وكان معهم بنادق صمع فاتفقوا على أن يطلقونها في وقت واحد حتى إذا ثار الغبار ودخان البارود هجموا هجمة رجل واحد وهذا ماحصل فعندما أطلقوا النار وتبادلوا الرمي بالبنادق وكان الخد اللي كانوا فيه العجمان مستوي مثل راحة اليد فتراجعوا فقام أهل العودة وتركوا المحاجي وبدأ الرمي من قريب وقتل أهل العودة زعيم العجمان ابن فرثان عندها تزعزعوا فوردوا عليهم أهل العودة وبدأ الضرب بالسيوف والشلف والخناجر وكان العجمان يردون أهل العودة الى إبلهم ثم يتزاهمون أهل العودة ويردونهم لقدورهم حتى كثر القتل في العجمان فانهزموا فلحقهم أهل العودة حتى غابت الشمس ثم رجعوا وعطبوا المصوبين وحملوهم على اللي بقي من الركايب حي ودفنوا الميتين ورجعوا للعودة .
وبعد هذه الوقعة يقال بأنه صدف أن الملك عبد العزيز رحمه الله كان عائداً من إحدى غزواته فمر بالمكان الذي جرت فيه المعركة فأخذ يتبع أثر القوم فتارة يمشي مع أثر أهل العودة حتى يصل لمكان قدور العجمان ثم يعود مع الأثر مرة ثانية حتى يصل إلى إبل أهل العودة اللي صوبت في المعركة وهو يتعجب من ذلك حيث أن الأثر يبين أن المعركة شديدة والقتلى كثر والقوم متقاربين والخد مستوي فسأل الملك عن هؤلاء القوم وقال انا أعرف وسوم كل القبايل الا هالوسم ماعرفته فصدف أن أحد أهالي عودة سدير وهو الشجاع الشاعر حمد بن علي الفواز مرافقاً له في تلك الغزوة فأخبره بالذي حدث فتعجب حسب قول الرواة من فعل أهل العودة ومن مسيرهم هذه المسافة الطويلة في طلب حلالهم وخاصة عندما علم بأن عددهم ثلاثين رجال على ثلاثين مطية وأن عدد العجمان أكثر من مائة وخمسين رجال وكيف أنهم لحقوهم كل هذه المسافة ثم واجهوهم في خد مستوي ليس فيه مكان لإتقاء الرصاص ثم تغلبوا عليهم وهم أضعافهم وافتكوا حلالهم ورجعوا إلى بلدهم ويروى أنه قال ليت معي ميه والا خمسين من أصحاب هالجيش المذبح يقصد ابل أهل العودة اللي عقلوها محاجي ويكفونني عن حضركم وبدوكم وقال الملك عبدالعزيز لن نبرح هذا المكان إلا بعد أن نعرض فيه فتقدم حمد بن فواز وقد كان نظم قصيدة بهذه المناسبة وأدوا العرضة
يقول حمد بن فواز :
الرقيبه قام ينخى ويومي
قال يالصبيان ياهل الحميه
قال دنوا كل حمراً ردومِ
ونقوا اللي عالجوا كل هيه
لارموا باكوارهن الهدومِ
وكل قرمٍ بدا ينخى خويه
بشروا طيرٍعلينا يحومِ
ولد ابن فرثان ساحت دميه
وضبعة الطوقي وذيب الحزومِ
عيدوا له في نهار الضحيه
والقصة الثانية كان الملك عبدالعزيز في الحجاز وكان الوقت بعد موسم الحج وعندما عزم حجاج نجد على العودة طلب منهم الملك عبد العزيز البقاء لحاجته لهم في الغزو ولم يسمح بالمغادرة إلا لمن أبدى عذره بأن معه نساء لإيصالهن فرغب بعض الذين ليس معهم مرافقين الإعتذار عن الغزوا والعودة لديارهم حيث أنهم مرهقين من الحج ومن الطريق والجو حار
فقال حمد بن فواز هذه القصيدة :
يوم ان ابوتركي ومر بالجهادِ
أفكرت بوجيه النشاما غدت سود
الي تعذر صار عذره سدادِ
وش عذرنا ياللي على ضمر قود
حيلٍ الى اوحت حس صوت الطرادِ
لكن يطردها من الحشو مفرود
والثانيه للحرب صاح المنادي
حرايبٍ فيها أبيض السيف مجرود
حرايبٍ فيها يضيع العدادِ
لو كثروا فيها البيارق تبي زود
وطيورٍ يطيرن كنهن الحنادي
وسبع الدول الي ترى لبسهم سود
يالله يالخلاق رب العباد
يارافع الرايات يامبهل الجود
انك تعز الدين واهل الجهاد
ومن كان له في جنة الخلد مقصود
وهذه نبذة عن منطقة سدير عامة وإحدى قراها وهي عودة سدير بشكل خاص توضح حضارة الحضر وبنائهم القلاع والحصون والحوامي والبيوت النظيفة التي تسترهم والمساجد والكتاتيب وكانوا أهل علم
منطقة سدير :
منطقة مترامية الأطراف تمتد على مسافة أكثر من 200 كيلو متر من بعد مدينة الرياض بستون كيلو متر إلى ماقبل منطقة القصيم بستون كيلو متر تقريبا وتشغل هذه المنطقة ربع مساحة نجد تقريبا وتتكون من أكثر من مائة مدينة وقرية من تمير وقراها الى عودة سدير وعشيره والخطامة والعطار وحوطة سدير والجنيفي والجنوبية والحصون وروضة سدير والداخلة والتويم وجلاجل وجوي والمجمعة وحرمة والغاط والزلفي وقراه (قبل فصل الغاط والزلفي ) وسكن هذه المنطقة ربع سكان نجد تقريبا من الأسر المتحضرة من القبائل المشهورة من الدواسر وبنو تميم وقحطان وشمر وعتيبه ومطيروعنزة وسبيع وهذيل وباهلة وغيرها وكذلك من البدو من هذه القبائل المذكورة عن وادي الفقي وسديرالفَقْيُ : بفتح أوله وسكون ثانيه وتصحيح الياء ولا أدري ما أصله قال السكوني:
مَن خرج من القريتين متياسراً يعني القريتين اللتين عند النباج فأول منزل يلقاه الفَقْيُ وأهله بنو ضَبّة .
والفَقْيُ : واد في طرف عارض اليمامة من قبل مهب الرياح الشمالية، وقيل : هو لبني العنبر بن عمرو بن تميم نزلوها بعد قتل مُسَيْلمة لأنها خَلَت من أهلها وكانوا قُتلوا مع مسيلمة وبها منبر وقراها المحيطة تسمّى الوَشم والوُشوم ومنبرها أكبر منابر اليمامة وقال عُبيد بن أيوب أحد لُصوص بني العنبر بن عمرو بن تميم:
لقد أوقعَ البَقّـالُ بالفَقْـي وقعـةً
سيَرْجع إن ثابـت إليـه جلائبُـهْ
فإن يكُ ظنّي صادقاً يا ابن هانىء
فأيّامئذْ ترحِـلْ لحَـرْبٍ نجائبُـهْ
أبا مسلم لا خيرَ في العيش أو يكن
لقُرّانَ يـومٌ لا تـوارى كواكبـهْ .
وفي موضع آخر الفُقَيُّ : بلفظ تصغير الأول وما أظنه إلا غيره ولا أدري أي شيء أصله وقال الحفصي في ذكره نواحي اليمامة: الفَقّي بفتح الفاء، ماء يسقي الروضة: وهي نخل ومحارث لبني العنبر وشعر القتّال يروى بالروايتين قال القتّال:
هل حبلُ مامَة هـذه مصـرومُ
أم حُـبُّ مامـةَ هـذه مكتـومُ
يا أمَّ أعيَنَ شـادن خذلَـتْ لـها
عَيْنـاءُ فاضحـةٌ بهـا ترقيـمُ
بنَقَا الفقيّ تلألأتْ فحظَـا لهـا
طِفْـلٌ نـدادٌ مـا يكـادُ يقـومُ
إني لَعَمْرُ أبيك لـو تجزيننـي
وَصّالُ مَنْ وَصَلَ الحبال صَرومُ
وقد ثنّاه بن مقبل فقال:
لياليَ دهماء الفؤاد كأنهـا
مهاةٌ ترعّى بالفَقِييَّن مُرشِحُ
وجاء في معجم البلدان الفَقْيُ: وادٍ باليَمَامَةِ وسُمَيٍّ : مَحَارِثُ وهونَخْلٌ لِبَنِي العَنْبَرِ . وجاء فيما يخص سدير : ذكر صاحب لسان العرب:السَّديرُ بِناءٌ وهو بالفارسية سِهْدِلـىَّ أَي ثلاث شعب أَو ثلاث مداخلات . وقال الأَصمعي السدير فارسية كَأَنَّ أَصله سَادِلٌ أَي قُبة فـي ثلاث قِباب متداخـلة وهي التـي تسميها الناس الـيوم سِدِلَّـى فأَعربته العرب فقالوا سَدِيرٌ .السَّدِيرُ النَّهر وقد غلب علـى بعض الأَنهار قال الشاعر :
أَلابْنِ أُمِّكَ ما بَدَا
ولك الـخَوَرْنَقُ والسَّدِيرُ
التهذيب السدِيرُ نَهَر بالـحِيرة قال عدي (بن زيد) :
سَرَّه حالُه وكَثْرَةُ ما يَمْــلِكُ
والبحرُ مُعْرِضاً والسَّدِيرُ
وفي معجم البلدان:السِّدْرُ: شَجَرُ النَّبِقِ، الواحِدَةُ: بهاءٍ ج: سِدْراتٌ وسِدِراتٌ وسِدَراتٌ وسِدَرٌ وسُدُرٌ. وسِدْرَةُ: تابِعِيٌّ. وأبو سِدْرَةَ: سُحيمٌ الجُهَيْمِيُّ، شاعِرٌ. وسِدْرَةُ المُنْتَهى: في السماءِ السابعةِ. وذُو سِدْرٍ وذُو سُدَيْرٍ والسِّدْرَتانِ: مواضعُ. وكأمِيرٍ: نهرٌ بناحيةِ الحِيرَةِ، وأرضٌ باليمنِ، منهاالبُرُودُ، وع بِمصرَ قُرْبَ العبَّاسِيَّةِ، وابنُ حَكيمٍ: شَيْخٌ لِسُفْيانَ الثَّوْرِيِّ، والعُشْبُ. وكزُبَيرٍ: قاعٌ بينَ البَصْرَةِ والكوفَةِ، وع بِدِيارِ غَطَفانَ، وماءٌ بالحجازِ، ويقالُ: بهاءٍ. والسادِرُ: المُتَحَيِّرُ، كالسَّدِرِ، سَدِرَ، كفَرِحَ سَدَراً وسَدَارَةً، والذي لا يَهْتَمُّ ولا يُبالِي ما صَنَعَ، وـ البعيرُ: تَحَيَّرَ بَصَرُهُ من شِدَّةِ الحَرِّ. وككَتِفٍ: البَحْرُ. والسِّدَارُ، ككتابٍ: شِبْهُ الخِدْرِ. والسَّيدارَةُ، بالكسر: الوِقايَةُ تَحْتَ المِقْنَعَةِ، والعِصابَةُ. وكقُبَّرٍ: لُعْبَةٌ للصِّبْيانِ. والأَسْدَرانِ: عِرْقانِ في العَيْنَيْنِ. و«جاءَ يَضْرِبُ أسْدَرَيْهِ»، أي: عِطْفَيْهِ ومَنْكِبَيْه، أي: جاءَ فارِغاً ولم يَقْضِ طَلِبَتَه. وسَدَرَ الشَّعَرَ فانْسَدَرَ: سَدَلَه فانْسَدَلَ. وانْسَدَرَ يَعْدُو: انْحَدَر، واسْتمَرَّ.وفي معجم ما استعجم :وقال ابن السكيت: قال الأصمعي السدير فارسية أصله سه دل، أي قبة فيها ثلاث قباب متداخلة، وهو الذي تسميه الناس اليوم سِدِ لَّى فعربته العرب فقالوا سدير، وفي نوادر الأصمعي التي رواها عنه أبو يعلى قال: قال أبو عمرو بن العلاء السدير العُشب، انقضىكلام أبي منصور؛ وقال العمراني: السدير موضع معروف بالحيرة، وقال: السدير نهر، وقيل: قصر قريب من الخورنق كان النعمان الأكبر اتخذه لبعض ملوك العجم، قال أبو حاتم: سمعت أبا عبيدة يقول هو السَّدِ لَّى أي له ثلاثة أبواب، وهو فارسيّ معرّب، وقيل: سمي السدير لكثرة سواده وشجره، ويقال: إني لأرى سدير نخل أي سواده وكثرته؛ وقال الكلبي: إنّما سمي السدير لأن العرب حيث أقبلوا ونظروا إلى سواد النخل سدرتفيه أعينهم بسواد النخل فقالوا: ما هذا إلاّ سدير؛ قال: و السدير أيضاً أرض باليمن تنسبإليها البرود؛ قال الأعشى:وبيداء قفر كبُرد السديرمشاربها داثرات أُجُنوقد ذكر بعض أهل الأثر أنّه إنّما سمّي السدير سديراً لأن العرب لما أشرفت على السواد ونظروا إلى سواد النخل سدرت أعينهم فقالوا: ما هذا إلاّ سدير، وهذا ليس بشيء لأنّه سمّي سديراً قبل الإسلام بزمن، وقد ذكره عدي بن زيد، وكان هلاكه قبل الإسلام بمدة، والأسود بن يعفر، وهو جاهليّ قديم، بقوله:
أهل الخوَرنق والسّدير وبارق
والقصر ذي الشرفات من سِنداد
وقد ذكره عبد المسيح بن عمرو بن بُقَيلة عند غلبة خالد بن الوليد والمسلمين على الحيرة في خلافة أبي بكر الصديق، رضي الله عنه:
أبعد المنذرين أرى سَوَامـاً
تُرَوَّح بالخورنق والسّديـر
تحاماه فوارس كـلّ حـيّ
مخافة أغلَب عالي الزّئيـر
فصِرنا بعد مُلك أبي قبيس
كمثل الشاء في اليوم المطير
تَقَسّمَنا القبائـلُ مـن مَعَـدّ
كأنّا بعضُ أعضاء الجزور
وقال ابن الفقيه: السدير مابين نهر الحيرة إلى النجف إلى كسكر من هذا الجانب .سِدْر: قاع بين البصرة والكوفة وموضع في ديار غطفان؛ وقال الحفصي: ذو سُدَير قرية لبني العنبر، وقال في موضع آخر من كتابه: بظاهر السِّخَال واد يقال له ذو سدير؛ قال نابغة بني شيبان:
أرى البنانة أقوَتْ بعد ساكنها
فذا سُدَير وأقوى منهمُ أُقُرُ
قال القتّال الكلابي:
لعَمرُك إنّني لأحب أرضـاً
بها خرقاءُ لو كانت تـزارُ
كأنّ لِثاتهـا علِقَـتْ عليهـا
فُرُوعُ السّدر عاطيةً نَـوَارُ
أطاعَ لها بمدفع ذي سديـر
فروعُ الضال والسَّلَمُ القصارُ
وقال عمرو بن الأهتم:
وقوفاً بها صحبي عليّ مطيهـم
يقولون لا تجهل ولستَ بجهّال
فقلتُ لهم عهدي بزينب ترتعي
منازلها من ذي سُدَير فذي ضال
تاريخ عودة سدير :
هي إحدى مدن منطقة الرياض الشهيرة بخصوبة مراعيها وازدهـار زراعتهـا حيث تشغــل مساحة كبيـرة مـن وادي سديـر المعروف قديماً باسم الفقي في السفوح الشرقية من طويق وفي الجانب الغربي من العتك الكبير، على بعد 160 كيلومتراً تقريباً من شمال غرب العاصمة الرياض . وتعتبر العودة أكبر قرى سدير حيث يقول الشاعر :
العوده أم سدير والمدن حولها
يدامٍ ومن حول الإيدام معاش
أهلها مغاوير عصاة على العدا
وللجار سهلين الجناب كرام
وتقع العودة في منطقة جبلية وتطل من الناحية الغربية على العتك الكبير ويحتوي على مراعٍ متسعة ويجاورها من الناحية الغربية وادي أراط الغني بالمراعي كا يمتد إليها وادي سدير المعروف بـ«الباطن» بالإضافة إلى أودية الجوفاء، والشعبة والداخلة مما يعزز مكانتها في غزارة الإنتاج الزراعي .
تاريخ عودة سدير :
يعود تاريخ عودة سدير إلى ماضٍ بعيد من الأزمان الغابرة، فقد كانت تعرف قديماً بجمازوهي مدينة قديمة حيث تمتد على مساحة كبيرة والمساحة التي تشغلها المباني والأطلال والآبار على ضفتي وادي سدير مساحة واسعة تمتد من الغرب إلى الشرق بطول عشرين كيلو متر تقريباً أعلاها وادي الجوفاء وأسفلها قارة الركايا . ونعود إلى التاريخ لعله ينبئنا عن أول من بنى وسكن هذه البلدة فلا نجد ما يدلنا على نشأتها إلا أنها مدينة جاهلية تشهد بذلك آثارها، فالمدينة القديمة تشتمل الأحياء التالية:
1- العودة الحالية.
2- مدينة غيلان.
3- جماز.
4- القرناء.
5- مسافر.
وترتيب هذه الأحياء يبدأ من الغرب إلى الشرق، وأعتقد أن القرناء هي أقدم الأحياء حيث تشتمل على آثار مطمورة تحت الأرض. وقد عثرت الشركة المنفذة بطريق الرياض سدير القصيم على مقبرة تحت الأرض بعمق ستة أمتار ويعتقد أن هذا الحي تأثر كثيراً بسببهزيمة مسيلمة في موقعة اليمامة، فقد ذكر ياقوت الحموي ما يؤيد هذا الرأي حيث قال: (والفقي واد في طرف عارض اليمامة من قبل مهب الرياح الشمالية وقيل هو لبني العنبر بن عمر بن تميم نزلوها بعد قتل مسيلمة لأنها خلت من أهلها وكانوا قتلوا مع مسيلمة) . وبعد القرناء في القدم جماز وهو الآن أطلال وأبنية متهدمة وأحجار متناثرة وعلى مسافة ألف متر من جماز من الناحية الغربية تقع مدينة غيلان ومدينة غيلان الآن ما تزال أبنيتها شامخة وهي تشتمل على قصر كبير يبلغ طوله مائة متر تقريباً وعرضه سبعون متراً ويتبعه ملحقات خارج القصر وموقع القصر ينبئ عن اختيار دقيق فهو قد بني على سفح جبل قد برز في الوادي وكون تلاَّ معترضاً في وادي سدير بحيث يشرف هذا القصر علىالرائح والغادي في الوادي ويشرف أيضاً على السفوح الجنوبية والشمالية للجبال المطلة على الوادي ويشتمل هذا القصر على بئر محفورة في الصخر ويقال إنها تحتفظ بكنوز صاحب القصر وجدران القصر الجنوبية والشرقية ما تزال سليمة إلا أنه قد تهدم أجزاء كثيرة منها والباقي منها يبلغ ارتفاعه خمس عشرة ذراعاً وسمك الجدار ذراعان أو ثلاث وهو مبني من الطين والحجارة وإذا سألت الآن عن صاحب هذا القصر فإن الجواب سيكون سريعاً أي أن صاحب القصر غيلان ولكن من هو غيلان؟
غيلان :
يقال إن القصر لغيلان بن عقبة بن مسعود الملكاني العدوي، وما يؤيد ذلك أن لغدة الأصفهاني حديث عن وادي الفقي في آخر القرن الثالث ويذكر من سكانه حمان وعكل وضبة وعدي وتميم . والهمداني عندما يتحدث عن جماز في آخر القرن الثالث وأول القرن الرابع ذكر أنها ملكانية عدوية من رهط ذي الرمة. وما يؤيد ذلك أيضاً هو أن القبائل المذكورة في العصر الجاهلي والإسلامي منها بادية وحاضرة وربما كان للبادية بساتين تقيم فيها في الصيف وتذهب في الشتاء إلى مرابعها في حزوى واللهابة وغيرهما من متربعاتها في الدهناء والصمان. ومن تلك القبائل التي تسير على هذا النهج قبائل حمان وضبة وبالعنبر، فبني عون بنمالك يسكنون الفقي ومنزلهم في جلاجل ولهم بادية في الدهناء والصمان، وسند آخر يؤيد ذلك وهو كون الشاعر ذي الرمة يقرأ ويكتب فقد ورد عن الأغاني ما يثبت قراءةوكتابة ذي الرمة وهو: (قال عيسى بن عمر قال لي ذو الرمة ارفع هذا الحرف، فقلت له أتكتب؟ فقال: بيده على فيه اكتم علي فإنه عندنا عيب). وقد يضعف هذا الرأي عندما نستقرئ شعر ذي الرمة متتبعين المواضع التي ذكرها فيشعره، حيث نجد أنه ذكر حزوى تسع عشرة مرة، والدخل مرتين ورماح مرتين، والدهناءسبع مرات والدومرة واحدة والصمان خمس مرات والشماليل مرة، وفتاخ مرتين ومعقلة خمس مرات وهذه المواضع هي مرابع الشاعر فحزوى مقره الدائم وهي نقا الدهناء وهذا النقا يطل على الصمان. فالمواضع التي ذكرها قريبة من حزوى فرماح في جنوبها ومعقلة والشماليل وفتاخ في شمالها. وأما الدهناء فهي رمال واسعة منها حزوى والصمان تجاور الدهناء وتشمل فتاخ ومعقلة والشماليل. أما منطقة جماز فإننا لا نجد لها ذكراً يؤيد افتراضنا المتقدم .وقد ذكر الشاعر العتك في قوله:
فليت ثنايا العتك قبل احتمالها
شواهق يبلغن السحاب صعاب
كما يضعف الرأي السابق ما يتناقله أهل عودة سدير من الأساطير والقصص عن جماز وغيلان ولو كان الشاعر مقيماً في جماز لذكرها أو ذكر ما حولها كما ذكر حزوى في مواضع كثيرة من شعره . أساطير جماز وغيلان تقول القصص الشعبية أن غيلان أخ لجماز وإنهما تنازعا السلطة فحدثت بينهما حرب طويلة لأن غيلان تحصن في مدينته وجماز تحصن في قصره فتهدمت الأحياء الواقعة بين القصرين والقصران بينهما ألف متر وإذا كان غيلان أخاً لجماز فليس بغيلان الشاعر لأن جماز الذي سميت بإسمه البلدة من بني العنبر .
آثار غيلان :
لما تحوي مدينة غيلان من الآثار المهمة قامت مصلحة الآثار بوضع حراسات عليها ولو بحث في آثار هذه المدينة لكشفت لنا عن حقب زمنية وحقائق تاريخية مجهولة . ومدينة غيلان وجماز من الأحياء المهجورة قديماً ولكنهما متأخران عن حي القرناء ولعل إندثارهما مرتبط بالأحداث التي وقعت في اليمامة في أيام الدولة الأخيضرية التي قامتسنة 252هـ وسقطت سنة 450هـ، وقد اضطر سكان عدد من قرى اليمامة للنزوح إلى البصرة في أيام هذه الدولة إما بسبب الانهزام في الحرب أو بسبب الاختلاف في العقيدة.
حي مسافر
حي مسافر من الأحياء المندثرة ويعتقد أن هذا الحي لم يهجر إلا منذ ثلاثمائة سنة أو مايقارب ذلك، وربما كان النزوح عنه بسبب القحط والجدب الذي أصاب العودة في سنةمائة وخمس وثلاثين وألف هجرية، لأن أسس البيوت وأحواض المياه ما تزال بادية وقد جمعت الحجارة من هذا الحي ونقلت إلى البلدان المجاورة، فمنذ عشرين سنة أقبل سكان وادي سدير على البناء بالحجارة بدل الطين وكانت الحجارة في العودة أصلح من غيرها فتوجهت لها الشاحنات لحمل الحجارة منها، وقد وجد العاملون في قطع الحجارةصالحة وسهلة الجمع فأخذوا يجمعونها من أسس البيوت ويعدلون بعضها ويبيعونها لأصحاب الشاحنات ومن أحياء جماز القديمة العودة الحالية وهي المعمورة الآن أما الأحياء الأخرى فكلها آثار وأطلال منها ما قد اندثر بسبب عوامل التعرية وقد بقي منه مايدل على وجود حياة نشيطة في الماضي . وتضم عودة سدير كذلك العديد من المعالم التاريخية التي تظهر ماضيها القديم ومن هذه المعالم:
1- الحوامي : وهي الأسوار المحيطة بالبلدة، تتكون من أربعة أسوار كبيرة أحدها السورالمحيط بالبيوت، والثلاثة أسوار الأخرى تحيط بالبساتين والنخيل.
2- المرقب : برج على جبل جنوب البلدة، بني من الطين والحجارة.
3- مدينة غيلان: مشهورة منذ القدم وتشتمل على قصر كبير فيه بئر محفورة في الصخر ومازالت جدرانه الجنوبية والشرقية سليمة.
4- الشطيط : سد قديم مازالت آثاره قائمة في وسط الوادي.
5- دريب الشريف : درب ضيق وسط أحد الجبال .
وبقدر ما تحتوي عليه عودة سدير من الأماكن الأثرية فهي تشمل أيضاً عدداً من المواضع الطبيعية والتي يقصدها الناس في بعض فصول السنة للتنزه ومنها غار الجوفاء وغار الودي وغار أم غار وغار المحدد وغار المغارف وغار أباثليمة والقطاطير وأراط كل هذه الأماكن تجتمع مع غيرها لتكون حزاما طبيعيا يحيط بالعودة من مختلف الجهات ووادي أراط من أودية اليمامة الكبيرة ، يقع إلى الجنوب من بلدة العودة ويعتمد عليه سكان العودة في رعي الماشية ، وجلب الحشيش للماشية ، كما يعتمدون عليه في الاحتطاب، ولذلك تعددت الطرق من العودة إلى أراط ، فهناك درب الزمل ، ودرب الرجيلة ، ودرب مخارق ، ودرب مصيليت ، فهو جزء من بر العودة ، وقد حمل هذا الاسم منذ القديم فقد ورد في معلقة عمرو بن كلثوم بهذا اللفظ الذي ينطق به اليوم، ولا شك أنه معروف بهذا الاسم قبل عمرو بن كلثوم، وقد حدد موقع أراط غير قليل من أصحاب كتب البلدان، فقد قال الهمداني في صفة جزيرة العرب :
(تقفز من العتك في بطن ذي أراط ثم تسند في عارض الفقي فأول قراه جماز وهي ملكانية عدوية من رهط ذي الرمة). وقال ياقوت الحموي في معجم البلدان:
(وأراط باليمامة) . وقال محمد بن بليهد في صحيح الأخبار:
(وأراط واد معروف بهذا الاسم إلى هذا العهد يأتي من جهة غربي اليمامة الشمالي، ويصب في جهتها الجنوبية الشرقية ويفيض في العتك في جريانه جاعلا وادي سدير على شماله). وقال في موضع آخر:
(وذو أراط موضع معروف عند جميع أهل نجد بهذا الاسم إلى هذا العهد، وهو واد يصب من جبل طويق متجها إلى جهة مطلع الشمس، جاعلا وادي سدير على شماله).
وقد ورد إسم أراط في الشعر الشعبي ، فوادي أراط معروف لشعراء سدير، فابن جعيثن يقول :
ووراط يحيا به حلال مهازيل
حيثه هو اللي ينطح السيل جاله
وإلى انحدر يضفي على العودة السيل
وتمير ومجزل تملا أهجاله .
وشعراء العودة يذكرون أراط في أشعارهم ، يقول الشاعر المعروف عبد الله بن شويش من الوداعين الدواسر:
من نزل بوراط يومٍ فهو داس الخطر
ندهشه والمحارم تضيع أفكارها
وقد ربط أراط بالعودة عن طريق ضاحك وطريق العبادية وعُبِّد الطريقان فسهل الوصول إليه ، ويبلغ طوله سبعين كيلا وله روافد كثيرة من الناحية الشمالية والجنوبية، وأهم روافده الجنوبية وادي الركية الذي يبلغ طوله خمسة وعشرين كيلا وتقرب مزارعه من بلدة القصب ووادي الكلب ويقترب طوله من عشرين كيلا، أما روافده الشمالية فهي قصيرة لأن الجبل الذي يفصل وادي أراط عن وادي سدير لا يتجاوز عرضه سبعة أكيال وسيل أراط يفضي إلى العتك الواقع في الجنوب الشرقي من أراط ثم ينعطف في اتجاه الشمال الشرقي عبر وادي العتك حتى يلتقي سيله بسيل وادي سدير في المشراة ، ثم يندفع سيل الواديين إلى روضة ابن فوزان حيث يلتقي ماء الواديين (أراط وسدير) بسيل وادي (أبا لمياه) فيندفع سيل الأودية الثلاثة إلى روضة الحقاقة فإذا امتلأت اندفع السيل إلى روضة نورة ثم يندفع السيل ، بعد ذلك عبر العتك الصغير إلى التنهاة ، حيث تحجز رمال الدهناء سيول جبل طويق مع سيول الشوكي وأودية العرمة ، وهذه الأماكن في وقت الربيع تغص بالمتنزهين من مناطق سدير ومن الرياض لمشاهدة المناظر الطبيعية الخلابة .
غار الودي : غار الودي في أعلى شعيب الودي من الناحية الغربية. وشعيب الودي من روافد وادي العودة الجنوبية وهو أسفل وادي العودة، وسيله يفضي إلى وادي العودة ثم يدفع جزءاً منه إلى روضة المشراة المشتملة على بعول أهل العودة، وقد عرف غار الوادي في القديم بأنه مأوى اللصوص وقطاع الطرق ، فإذا فقدت ناقة أو شاة وجدت في الغالب في هذا الغار والذي جعل لهذا الغار منزلة ومكانة عند قطاع الطرق في الماضي، قربه من العتك الذي يمثل مفترق طرق لسدير والمحمل والوشم بالإضافة إلى أنه المعبر المعروف في جبل طويق لقاصد الجنوب أو قاصد الشمال ويقصد هذا الغار في الوقت الحاضر المتنزهون ، فيتميز بحجمه الكبير ومساحته الواسعة .
غار المغارف :غار المغارف في أسفل العودة، يطل على الساحبة من الناحية الشمالية فهو في الجبل الشمالي، ويقابل شعيب أبا ثليمة الواقع في الجبل الجنوبي وسمي الغار بغار المغارف لوجود قلات تشبه المغارف بجانبه، والمغارف جمع مغرفة، والمغرفة التي يغرف بها، أو أن تلك القلات إذا امتلأت من مياه الأمطار تمكن الشارب من غرف الماء باليد.( قال ابن منظور: المغرفة ما غرف به وبئر غروف يغرف ماؤها باليد).ويتمتع هذا الغار بشعبية كبيرة حيث يتوجه إليه أهل العودة ويسمرون فيه .
غار أبا ثليمة : غار أبا ثليمة كهف في أعلى شعيب (أبا ثليمة) في أسفل وادي العودة، وسمي أبا ثليمة لوجود ثلمة بارزة في الجبل الذي يوجد فيه الغار، والثلمة الخلل في الجدار أو الجبل، وقد وردت الثلمة في قول شريح بن أوفى العبسي :
قد علمت جارية عبسية
ناعمة في أهلها مكفية
أني سأحمي ثلمتي العشية
ويرتاد غار أبا ثليمة شباب العودة في العطلات والأعياد لسعته، وسهولته الوصول إليه. وهذا الغار أشهر غيران العودة تقريباً .
غار أم غار : غار أم غار كهف في أسفل العودة في جنوبي الجبل الفاصل بين العتيقية ووادي العودة، وتمر دروب العتيقية القديمة بجانب هذا الغار، وغار أم غار مقابل جماز، فهو في ناحية الوادي الشمالية، وجماز من ناحية الوادي الجنوبية وقد يكون هذا الغار سمي بهذا الاسم نسبة إلى الموضع (أم غار) مع أن هذا الموضع لم يشتهر بهذا الاسم ومن المحتمل أن يكون معروفا بهذا الإسم في القديم فنسي إسم الموضع وبقي إسم الغار دالاً عليه .
غار الجوفاء : غار الجوفاء كهف في وادي الجوفاء، ووادي الجوفاء يسقي قسما كبيراً من نخيل العودة، فنخيل العلاوة تعتمد على شعب الجوفاء، والغار منسوب إلى الجوفاء، وهذا الغار له شهرة في العودة والعطار والجنيفي والجنوبية والحوطة، لأنه المنتدى الشعبي الذي يجمع شباب بلدان أسفل سدير، فكانوا يجتمعون فيه من بعد صلاة العشاء إلى ما بعد منتصف الليل، فيحفز إليه الشعراء - شعراء الرد ، فيحيون ليلهم في مرح، وإنشاء قصائد، وإذا نقضت ليلة بهزيمة شاعر في الرد جاء في الليلة التالية وهو مستعد لخصمه في المبارزة الشعرية والمشجعون يتابعون الشاعرين، برفع أصواتهم كلما جاء الشاعر بمعنى جديد، فتبقى حلبة الشعر متجددة في امتداد الليالي المقبلة، وهكذا تقضى ليالي السمر في نشاط شعري وإبداع فني.وقد تراخى النشاط الفني في غار الجوفاء بعد انتشار التعليم في بلدان سدير، أي منذ سنة 1380هـ فلم تعد للغار مكانته السابقة في إستنهاض همم الشعراء على الإبداع في فنون الشعر، من شعر رد، وشعر ولو جمع الشعر الذي قيل في هذا الغار لكوَّن مجلدا.
غار المحدد : غار المحدد في أراط من الناحية الجنوبية، يمر به المسافر من العودة إلى ثادق، ولكثرة الجواد التي تمر بالقرب من هذا الغار سمي غار المحدد، فهنا جادة تمر من يمينه وهناك جادة تمر من عن يساره، فكأن الجواد تحدده بالإضافة إلى الجواد التي تقصده، فالغار في القديم يقصده من يحتمي به من المطر، ويقصده من يستظل به من الشمس، ولذلك فإن الجواد تكتنفه من كل جانب، وفي القديم كانت الروضات التي حوله تزرع بعلا في الشتاء، مثل روضة المزيرعة، روضة العراقيب، فكان مقصدا لحراس البعول، بالإضافة إلى المار الذي يبحث عن جمل أو شاة وكذلك من يحش الحشيش فهو بحاجة إلى الظل أو الاحتماء من المطر، والحطَّاب أيضا يحتاج إلى هذا الغار فهو مستراح لكثير من الناس، والمارة الذين يقصدون الطرق التي تمر بهذا الغار.الهواملالهوامل بفتح الهاء والواو ثم ألف بعدها ميم مكسورة فلام. شعب من روافد وادي العودة الجنوبية، ويقع في أسفل وادي العودة، وسمي هذا الشعب بالهوامل لأن الإبل الهوامل والتي لا راعي لها، تترك في هذا الشعب حتى يأتي إليها أصحابها، فحمل الشعب إسم الهوامل من الإبل لأنها ترعى فيه، فكانوا يقولون شعب الإبل الهوامل، ثم أطلقوا على الشعب الهوامل، من باب التخفيف على المستمع.والهوامل من أشهر الأماكن التي يقصدها شباب العودة للترفيه عن أنفسهم هذه الأيام، وبالتحديد في العطل وفي أيام نهاية الأسبوع، فله شعبية كبيرة عندهم.ضاحكضاحك درب يربط أسفل العودة بأراط، وهو بين الدبابية والهوامل، ويقابل هذا الدرب من الناحية الشمالية الشرقية قارة الزبير، وقد عُبِّد هذا الدرب وتحول من درب إلى طريق، وسمي هذا الدرب بضاحك لوضوحه. قال ابن منظور: (والضاحك حجر أبيض يبدو في الجبل والضحوك الطريق الواسع وطريق ضاحك مستبين، قال الفرزدق:
إذا هي بالركب العجال تردفت
نحائز ضحاك المطالع في نقب
وضاحك يطلق على أماكن كثيرة منها ضاحك درب في العرمة يربط وادي الشوكي بقرى مجزل، وضاحك وضويحك جبلان بينهما واد في ضواحي المدينة قال كُثَيِّرْ:
سقى أم كلثوم على نأي دارها
ونسوتها جون الحيا ثم باكر
بذي هيدب جون تنجزه الصبا
وتدفعه دفع الطلا وهو حاسر
وسيل أكناف المرابد غدوة
وسيِّل عنه ضاحك والعواقر .
قليب غيلان : قليب غيلان بئر محفورة في الجبل في وسط قصر غيلان المعروف عند أهل العودة بمدينة غيلان، والقصر يقع على جبل منبسط والبئر محفورة في الصخر، ويعتقد أهل العودة أن هذه البئر تحتوي على كنوز، وتقول الأساطير إن الجن يمنع من الوصول إليها ولا تزال البئر لم تحفر حتى الآن وهي من ضمن الآثار التي أحاطتها وزارة المعارف بسياج، وأهل العودة ينتظرون حفر هذه البئر لعلها تكشف شيئا عن تاريخ القصر وصاحبه، فالبئر يسقط فيها الخاتم والعملة المتداولة في ذلك الزمن والحذاء وغطاء الرأس وغير ذلك، فهي مهيأة للكشف عن تاريخ مدينة غيلان وعن تاريخ العودة.خشم الزاويةخشم الزاوية في أسفل أراط من الناحية الشمالية الشرقية، والزاوية اسم موضع حصرته الجبال، ويطل على الزاوية أنف جبل بارز، ولذلك سمي أنف الجبل خشم الزاوية، وفي اللغة: الخيشوم جزء من قصبة الأنف، خياشيم الجبال أنوفها، وخشم الزاوية مرعى لأهل العودة، فالإبل والأغنام ترعى في هذا المكان، وفي فصل الربيع تخضر الأرض ويطيب المرعى، فيحدث النزاع بين أهل العودة والبادية، وقد سجل الشعر بعض ما جرى بين أهل العودة وأعدائهم، يقول الشاعر المعروف محمد بن صالح :
هاضني يوم بالابرق يشيب إليَّ حضر
عند خشم الزاوية مثل زلزال الرعود
والثميدي بيننا مثل هملول المطر
كل قرم أرخص العمر نجاه الودود
كم صبي بالمعارة تعشاه النسر
دايمٍ تلقى الضواري لمنداته ترود
القطاطير : وهي في أعلى الشعبة حيث يتحدر السيل إلى الوادي، ففي هذا الموضع، ماء يتحلب من الصخر على هيئة قطرات متتابعة، لا تتوقف القطرات على مدار العام، بل تستمر ويجتمع الماء في الصخر فيشرب منه الطير والحيوان والإنسان.وعلى أثر وجود الماء الذي لا ينضب نمت أشجار مختلفة في الموضع ومن أهمها التين البري، وقد عرف الشعب بشعيب القطاطير لوجود قطرات الماء وهذا المكان لا يكاد يكون خاليا أبدا فأهل البلدة من الشباب وغيرهم يتجهون إليه، ويستمتعون بالمنظر الخلاب ويشربون من هذا الماء الزلال.
العودة في الكتب القديمة :
لقد ذكرت عودة سدير في كتب التراث قديماً وحديثاً وذكرت الأحداث التي مرت عليها بالتفصيل وذلك في تاريخ إبن بشر وتاريخ الشيخ حسين بن غنام وقد ذكرها إبن بشر في سنة 1135هـ حيث قال :
( إن مياهها وآبارها قد نضبت وأصبح سكان البلدة يعتمدون في سقياهم على بئرين فقط ) .ومن ذلك الأحداث السياسية التي مرت على العودة منذ إنضمامها تحت لواء دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وصارت جزءًا من أجزاء الدولة السعودية الأولى وما أورده ابن بشر في تاريخه ينبئ عن مؤازرة سكان العودة لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وللدولة السعودية الأولى. كما ذكر الشيخ عثمان بن بشر في ( عنوان المجد في تاريخ نجد ) مقتل أميرها حسين بن سعيد من أسرة الحسين الحالية الذي كان رئيساً لغزو سدير في ذكره لأحداث سنة 1194هـ .
وقد كتب (لويمر) عن منطقة سدير منذ ثمانين سنة وأورد احصائيات دقيقة نستنتج منها أهمية العودة وازدهارها وتقدمها على كثير من البلدان التي سبقتها الآن عمراناً فقط ومن إحصاءاته المتعلقة بالعودة أن مجموع البيوت تصل فيها إلى 200 منزل ويقول: (ومزارع النخيل كبيرة ويوجد فيها العنب والليمون والرمان) . وقد أورد كذلك في إحصائيات عن العودة في دليل الخليج القسم الجغرافي ما نصه:
(والقرويون يوصفون بأنهم قساة أقوياء البنية وبشرتهم حمراء ومنازلهم تؤسس من الحجر ولكن الحوطات من الطين والمنطقة معرضة لغارات القبائل العربية وتتكون العودةمن 200 منزل).
الموقع :
وقد أورد (الهمداني) في ((صفة جزيرة العرب )) وصف موقع عودة سدير من قوله: (ثم تقفز من العتك في بطن ذي أراط تستند في عارض الفقي فأول قراه جمّاز وهي ربابية ملكانية عدوية من رهط ذي الرمّة ثم تمضي في بطن الفقي وهو وادٍ كثير النخل والآبار ) .
وربما يكون اسم جمّاز مأخوذاً من جمّاز بن العنبر بن عمرو التميمي وقد سكن بنو عنبر وادي الفقي بعد هزيمة مسيلمة في اليمامة. قال الهمداني:
(وكذلك جماز سوق في قرية عظيمة أيضاً) . وجماز هي حي من أحياء العودة القديمة تقع عودة سدير في السفوح الشرقية من طويق وفي الجانب الغربي من العتك الكبير وتشغل مساحات واسعة من وادي سدير (الفقي قديماً) وهي تبعد عن مدينة الرياض160 كيلو متر تقريباً من الناحية الشمالية الغربية وموقعها في أسفل الوادي أتاح لها وجود مساحات صالحة للزراعة والرعي سواء كان ذلك في الوادي نفسه أو في الروضات القريبة منها فالعتك الكبير الذي تطل عليه العودة من الناحية الغربية يشتمل على مراعي جيدة وفي الناحية الجنوبية يتاخمها وادي أراط الغني بمراعيه المتوافرة هذا الموقع الذي تتميز به العودة بالنسبة لجاراتها من وادي الفقي وقراه له سلبيات لا تنكر فخصوبة المراعي المجاورة للعودة تغري البدو بالحلول فيها في أيام الربيع فيحدث النزاع بين سكان البلدة والبدو وفي العصور الماضية عندما كان الأمن مفقوداً في الجزيرة العربية كانت هجمات البدو على العودة أمراً مألوفاً لأن العتك معبر معروف في جبل طويق تسلكه البادية القادمة من جنوب نجد والمتجهة إلى الدهناء والصمان أو القادمة من الصمان والدهناء والمتجهة إلى جنوبي نجد وهذه الهجمات المستمرة هي التي جعلت سكان البلد يحصنونها بالحوامي والأسوار العظيمة التي لا تزال شامخة توحي بصد المهاجمين ورد المعتدين كما حصلت معارك كبيرة بين أهل العودة وبعض القبائل البدويةإنتصر أهل العودة فيها وردوا إبلهم أو أغنامهم ومنها ماحصل عندما أخذ العجمان غنم لأهل العودة فلحقوهم وأدركوهم في شعيب الطوقي فجر عيد الأضحى وحصل معركةعظيمة إمتدت من الصباح الى قريب المغرب وأستطاع أهل العودة قتل عدد من العجمان وقتلوا زعيمهم بن فرثان وقد قال في هذه المناسبة الشاعر حمد بن فواز من أهل العودة قصيدة مشهورة بين أهل سدير يقول فيها :
الرقيبه قام ينخى ويومي
قال يالصبيان ياهل الحمية
قربوا لي كل حمراً ردوم
وانقوا الي عالجوا كل هيه
بشروا طير علينا يحوم
ولد بن فرثان سالت دميه
وضبعة الطوقي وذيب الحزوم
عيدوا له في نهار الضحيه
وكان ذلك قبل توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز طيَّب الله ثراه
تحديدها في الكتب القديمة :
وإذا رجعنا إلى تحديد هذه البلدة في كتب التاريخ فإننا نجد ( لغدة الأصفهاني ) يقول:
( والفقء بالكرمة ) فالكرمة عند لغدة الأصفهاني هي الجزء الشمالي الشرقي من اليمامةووادي الفقي الذي هو وادي سدير يقع في هذا الجزء من اليمامة والعودة في أسفل هذا الوادي ولغدة حدد وادي الفقي ولم يذكر العودة. أما (الحسن بن أحمد الهمداني) فقد حدد العودة وذكرها بما تعرف به في ذلك الوقت حيث كانت تسمى جمازاً فهو يقول:
(ثم تقفز من العتك في بطن ذي أراط ثم تسند في عارض الفقي، فأول قراه جماز وهي ربابية ملكانية عدوية من رهط ذي الرمة ثم تمضي في بطن الفقي وهو وادٍ كثير النخلوالآبار).
ويمضي (الهمداني) في وصف قرى هذا الوادي إلى أن يقول:
(وكذلك جماز سوق في قرية عظيمة أيضاً).
وقد ذكرالشاعر الشعبي إبراهيم بن جعيثن العودة وما حولها ووادي الفقي في قصيدته التي قالها في مدح أهل سدير ومنها:
ووراط يحيا به حلال مهازيل
حيث هو اللي ينطح السيل جاله
وإلى انحدر يضفي على العودة السيل
وتمير ومجزل تملا اهجاله
ووادي الفقي زين البساتين ونخيل
في القيظ يسقي صافي من زلاله
كدادهم كنه على ساحل النيل
تسمن معاويده ويكثر رياله
يرجع سدير ويكثرن المحاصيل
تلقى به التاجر اينمي حلاله
غرايس يازينها طلعة سهيل
يفرح بها اللي جايعين عياله