القبائل
ظلت القبائل الشيرازية وهي من القبائل العربية، تتحكم بالحياة الاجتماعية والثقافية والسياحية منذ القرن الخامس عشر وحتى الاحتلال الفرنسي سنة 1886. وقد سكنت 11 قبيلة شيرازية عربية في نجازيجيا (القمر الكبرى) حيث كان نفوذ الشيرازيين هو الأقوى. وقسّم الشيرازيون الجزيرة إلى 11 سلطنة، كما قسموا أنزواني (أنجوان) إلى سلطنتين. وظل قوادها أو سلاطينها واشرافها في حالة حرب مستمرة بين بعضهم بعضاً.
يشكل أحفاد السلاطين أو الأشراف الطبقة الرئيسة من المتعلمين والملاكين في جمهورية القمر. ونُظر قبل الاستقلال إلى التنافس والعداء بين الحزبين الرئيسين وكأنه عداء قبلي. وفي نفس الوقت يعيش أحفاد آخرون لهؤلاء السلاطين والأشراف في حالة فقر مدقعة، ولا يتمتعون اجتماعياً وسياسياً إلا بنفوذ قليل في أنزواني بالمقارنة بنجازيجيا. وتُحسب اليوم الطبقة البارزة المختارة على أساس ثروتها المادية وليس على أساس أصولها القبلية.
يعود أصل الشيرازيين هؤلاء إلى مدينة شيراز الموجودة الآن في إيران. هم مسلمون سنّة يتبعون المذهب الشافعي الذي أسسه محمد بن إدريس الشافعي الذي عاش في مكة المكرمة في القرن الثامن ميلادي. وهو يدعو لاعتماد مسلك وسطي يجمع بين التقليد والتفسير المستقل في أمور الشريعة. وكان العرب الشيرازيون يسافرون للتجارة على الشواطئ الافريقية الشرقية ووصلوا إلى الهند وجزر المالديف. وكان لهؤلاء التجار نساء في كل مرفأ، ويعتقد أنهم هم الذين أدخلوا عادة تعدد النساء إلى جزر القمر.
أقام الشيرازيون الجوامع وجعلوا الاسلام ديناً لجزر القمر. وهم الذين أدخلوا البناء الحجري والتجارة وحياكة القطن وزراعة بعض أنواع الاشجار المثمرة وكذلك الرزنامة الشمسية الفارسية. ولما أطل القرن السادس عشر كان الشيرازيون قد جعلوا من جزر القمر مركزاً تجارياً مهماً في تلك المنطقة.
العادات
الأعراس الكبيرة
الزواج في جمهورية القمر حفلة كبيرة تتبادل فيها عائلات العريسين الهدايا الثمينة وتقام ولائم تدعى إليها القرية بكاملها. ويمكن لحفلة العرس أن تصل تكاليفها إلى حوالى 20.000 $. وتلعب الهدايا المتبادلة دوراً مهماً في الاقتصاد التقليدي. فهي طريقة لإعادة توزيع الخدمات والمنتوجات بشكل عادل بين سكان الجزر. وهي تسهم في دعم المصنوعات الفضية والذهبية، وتشجع الغناء والرقص الشعبيين.
تتيح المشاركة في حفلة العرس للرجل أن يشارك في مجمع الأشراف في القرية وتخوله حق ارتداء المحرّمة وهي بمثابة وشاح يسمح لمرتديه دخول الجامع من باب خاص. وهذا التقليد المستعمل حتى اليوم يراد منه ابراز القادة الجدد في المجتمع. فقليل من الناس يدخلون المجلس النيابي ما لم تقم لهم حفلة عرس كبيرة.
ينظر منتقدو الأعراس الكبيرة بأنها تستثني الأناس الذين لا يملكون القدرة على إقامة عرس من هذا النوع لأبنائهم أو بناتهم وبالتالي تتعثر محاولات الأبناء في دخول عالم السياسية.
حاول مصلحون سياسيون منع الأعراس الكبيرة. وقد رأى فيها هؤلاء المصلحون عادة مُسرفة. ورفض الرئيس علي صويلح المشاركة بهكذا أعراس. إلا أن جميع هذه المحاولات لم تفلح وظلت للأعراس الكبيرة مكانها المجلّ في مجتمع جزر القمر.
البيئة
جزر القمر بركانية الأصل مما يجعل الأرض قاسية ونفيذة. ورغم الأمطار الغزيرة التي تتساقط، فإن الجبال لا تحتفظ إلا بالقليل من المياه ويصعب حفر الآبار بسبب قساوة الصخور. هناك ينابيع ومصادر مياه أخرى في موهيلي (موالى) ومايوت (ماهوري).
تنمو غابات المنغروف على المناطق الساحلية، وتنمو في الداخل أشجار جوز الهند والمانغو والموز. وهي تعيش على ارتفاعات تصل إلى 1300 قدم (حوالى 400 متر). والمرتفعات تكسوها الغابات، تليها القمم العالية حيث ينمو الوزال والخلنج والأشنة. وينحصر وجود أشجار الماغوني والسحلبية في منحدرات الجبال. النباتات الفواحة العطرة مثل البلوماريا والياسمين والليمون تضفي على الجزر شذاً مبهجاً.
امتدت يد التحطيب لتقضي على ما يقارب سدس غابات البلاد. فحاجة السكان لحطب المواقد في الشتاء حملتهم على قطع العديد من الأشجار. وهذا ما يفعلونه حتى اليوم .
في جزر القمر أنواع عديدة من الحيوانات الثديية. فهناك المكاك، وهو حيوان من القردة طويل الذنب. يتكاثر بفضل الحماية التي يتمتع بها تقليدياً من الناس، وخفاش الفاكهة الذي اكتشفه المستكشف ليفينغستون عام 1863 وأطلق عليه اسمه فأصبح يعرف بخفاش ليفينغستون. وللأسف تتناقص الآن أعداده وانحصر وجوده في جزيرة أنزوانى (أنجوان). وهو أكبر خفاش معروف في العالم. لونه أسود فاحم ويبلغ طول جانحيه نحو المترين. ومن الطيور الصائدة للذباب المعروفة هناك الغرغر والبلشون الأبيض. وهي من الطيور المستوطنة والأكثر انتشاراً في جزر القمر. ويعيش في الجزيرة كذلك الزّباد والسقايات الصغيرة والسلاطعين البرية الضخمة. تنتشر كذلك السلاحف على الشواطئ والتي يجمعها الصيادون ويصدرونها إلى الخارج.
في مياه جزر القمر نوع نادر من الأسماك يدعى كولاكانث ظُنّ أنه اختفى من الوجود منذ سبعين مليون سنة. وسبق أن اكتشفت له أحافير تعود إلى 400 مليون سنة. وقد انعكس تكاثر البشر في هذه المنطقة، إما إلى اختفاء أنواع عديدة من الحيوانات البرية أو إلى تهديد وجودها. وقد اكتشف نوع من سمك كولاكانث في جنوب أفريقيا سنة 1938 وآخر شوهد على مقربة من شواطئ جزر القمر سنة 1952.
اتخذت السلطات في جمهورية القمر خطوات عديدة للحفاظ على الحيوانات التي يعود وجودها إلى أجيال قديمة وذلك للحد من تأثير العوامل البيئية المتدهورة، وبخاصة في جزيرة أنزواني ذات الكثافة السكانية الكبيرة. وكان هذا التكاثر قد تسبب بهجرة حيوانات عديدة أو بانقراضها. ومن هذه الخطوات إعادة تشجير الغابات التي تضررت قشرتها الأرضية العليا من معامل تكرير العطور. وكذلك عمدت السلطات إلى رفع منسوب المياه في الجزر.
بارك موهيلي البحري
الفائز بجائز خط الاستواء 2002
تعيش في جزيرة موهيلي (موالي) أجناس عديدة من الحيوانات والنباتات بما فيها الدوغونغ وهو حيوان بحري يصل طوله إلى ثلاثة أمتار، وخفاش ليفنغستون. الاثنان مهددان بالانقراض. تمتاز البيئة البحرية هنا بأنها كنز نفيس.
بدأت مجموعة من عشر قرى تقع في جنوب موهيلي (موالي) سنة 1995 بالترويج لمشروع يهدف لإقامة بارك (حديقة محمية) في المياه الاقليمية للحفاظ على هذه البيئة البحرية الطبيعية الوحيدة في نوعها.
أُعلن في نيسان/أبريل 2001 عن تخصيص 404 كيلومترات من الشاطئ الجنوبي لإقامة محمية بحرية هي الأولى من نوعها في جمهورية القمر. ويشمل هذا البارك جزر نيوماشوا الصغيرة والشواطئ الرملية والصخرية هناك، فضلاً عن الحيود المرجانية ومزارع المنغروف.
يهتم القرويون المتحدون في جمعية متخصصة بإدارة البارك والمحافظة عليه. ويدل بارك موهيلي البحري أن بلاداً غنية بالأحياء المتنوعة يعاني أهلها من الفقر، قادرة على معالجة أمور البيئة والفقر في آن واحد. يؤدي هذا البارك مجموعة من الخدمات المدرة على أماكن صيد الأسماك والاقتصاد المحلي والبيئة البحرية مثل تأمين ملجأ آمن للأسماك والسلاحف البحرية والسلاحف الخضراء التي خُصص لها 45 مكاناً لبيوضها. وفي الوقت نفسه منع الصيد الضار في الحيود محافظة على التنوع الإحيائي. فعُمل مثلاً على إبعاد الخطر عن الثعلب الطائر والكويلاكنت. وقُصد فوق ذلك تحسين دخل المقيمين المحليين وتشجيع السياحة.
ينقسم البارك إلى مناطق، يُمنع في عشرة منها منعاً باتاً انتزاع أو اقتلاع أو صيد أي شيء. كذلك يمنع صيد الطيور أو السلاحف أو إتلاف المرجان أو إدخال أي نوع جديد.
تضع السلاحف بيوضها في بارك موهيلي البحري. وتزور أربعة أنواع من السلاحف شواطئ المحمية هي السلحفة الخضراء والمحرشفة وضخمة الرأس والمزهر. والسلاحف الخضراء والمحرشفة سلاحف مهددة بالانقراض. ويأتي هذا التهديد من عمل الانسان الذي يعتدي على التربة الحاضنة للبيوض ليسرق البيض أو يصطاد السلاحف أو يأخذ التربة لاستعمالها في أعمال البناء. وكلها اعمال يحرمها القانون في جمهورية القمر.
البوم الموهيلي نوع مهدد. وهو فريد في نوعه. عدده الحالي 400 زوجاً خصصت له مساحة 5% من غابة الجزيرة.