عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 29-Jun-2009, 10:12 PM رقم المشاركة : 54
معلومات العضو
متعب العصيمي
مشرف سابق
إحصائية العضو







متعب العصيمي غير متواجد حالياً

افتراضي

الحديث الثاني والأربعون

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال‏:‏ ‏(‏قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم‏.‏ فإذا وقعت الحدود، وصُرفت الطرق، فلا شفعة‏)‏ رواه البخاري‏.‏

يؤخذ من هذا الحديث‏:‏ أحكام الشفعة كلها، وما فيه شفعة، وما لا شفعة فيه‏.‏

والشفعة إنما هي في الأموال المشتركة‏.‏ وهي قسمان‏:‏ عقار وغيره‏.‏

فأثبت في هذا الحديث الشفعة في العقار‏.‏ ودلّ على أن غير العقار لا شفعة فيه، فالشركة في الحيوانات، والأثاثات، والنقود، وجميع المنقولات لا شفعة فيها، إذا باع أحدهما نصيبه منها‏.‏

وأما العقارات‏:‏ فإذا أفرزت وحددت الحدود، وصرفت الطرق واختار كل من الشريكين نصيبه فلا شفعة فيها، كما هو نص الحديث لأنه يصير حينئذ جاراً، والجار لا شفعة له على جاره‏.‏

وأما إذا لم تحد الحدود ولم تصرف الطرق، ثم باع أحدهم نصيبه‏:‏ فللشريك أو الشركاء الباقين الشفعة، بأن يأخذوه بالثمن الذي وقع عليه العقد، كُلٍّ على قدر ملكه‏.‏

وظاهر الحديث‏:‏ أنه لا فرق بين العقار الذي تمكن قسمته والذي لا تمكن وهذا هو الصحيح؛ لأن الحكمة في الشفعة – وهي إزالة الضرر عن الشريك – موجودة في النوعين‏.‏ والحديث عام‏.‏

وأما ما استدل به على التفريق بين النوعين‏:‏ فضعيف‏.‏

واختلف العلماء في شفعة الجار على جاره، إذا كان بينهما حق من حقوق الملكين، كطريق مشترك، أو بئر أو نحوهما‏.‏

فمنهم‏:‏ من أوجب الشفعة في هذا النوع، وقال‏:‏ إن هذا الاشتراك في هذا الحق نظير الاشتراك في جميع الملك، والضرر في هذا كالضرر هناك‏.‏ وهو الذي تدل عليه الأدلة‏.‏

ومنهم‏:‏ من لم يثبت فيه شفعة، كما هو المشهور من مذهب الإمام أحمد‏.‏

ومنهم‏:‏ من أثبت الشفعة للجار مطلقاً‏.‏ وهذه الصورة عنده من باب أولى، كما هو مذهب الإمام أبي حنيفة‏.‏

والنبي صلى الله عليه وسلم أثبت للشريك الشفعة‏:‏ إن شاء أخذ، وإن شاء لم يأخذ، وهو من جملة الحقوق، التي لا تسقط إلا بإسقاطها صريحاً، أو بما يدل على الإسقاط‏.‏

وأما اشتراط المبادرة جداً إلى الأخذ بها، من غير أن يكون له فرصة في هذا الحق المتفق عليه‏:‏ فهذا قول لا دليل عليه‏.‏

وما استدلوا به من الحديثين اللذين أوردهما‏:‏ ‏(‏الشفعة كحل العقال‏"‏، ‏(‏الشفعة لمن واثبها‏)‏ فلم يصلح منهما عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء‏.‏

فالصحيح‏:‏ أن هذا الحق كغيره من الحقوق من خيار الشرط، أو العيب أو نحوها الحق ثابت إلا إن أسقطه صاحبه بقول أو فعل والله أعلم‏.‏