عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 23-Jun-2009, 11:33 PM رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
متعب العصيمي
مشرف سابق
إحصائية العضو







متعب العصيمي غير متواجد حالياً

افتراضي

الحديث السادس والثلاثون

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن الله قال‏:‏ من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب‏.‏ وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه‏.‏ وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه‏.‏ فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها‏.‏ ولئن سألني لأعطينَّه، ولئن استعاذني لأعيذنه‏.‏ وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن‏:‏ يكره الموت، وأكره مساءته‏.‏ ولا بد له منه‏)‏ رواه البخاري‏.‏

هذا حديث جليل، أشرف حديث في أوصاف الأولياء، وفضلهم ومقاماتهم‏.‏

فأخبر أن معاداة أوليائه معاداة له ومحاربة له‏.‏ ومن كان متصدياً لعداوة الرب ومحاربة مالك الملك فهو مخذول‏.‏ ومن تكفل الله بالذَّبِّ عنه فهو منصور‏.‏ وذلك لكمال موافقة أولياء الله لله في محابه؛ فأحبهم وقام بكفايتهم، وكفاهم ما أهمهم‏.‏

ثم ذكر صفة الأولياء الصفة الكاملة، وأن أولياء الله هم الذين تقربوا إلى الله بأداء الفرائض أولاً‏:‏ من صلاة وصيام وزكاة وحج وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وجهاد، وقيام بحقوقه وحقوق عباده الواجبة‏.‏

ثم انتقلوا من هذه الدرجة إلى التقرب إليه بالنوافل، فإن كل جنس من العبادات الواجبة مشروع من جنسه نوافل فيها فضائل عظيمة تكمل الفرائض، وتكمل ثوابها‏.‏

فأولياء الله قاموا بالفرائض والنوافل، فتولاهم وأحبهم وسهل لهم كل طريق يوصلهم إلى رضاه‏.‏ ووفقهم وسددهم في جميع حركاتهم، فإن سمعوا سمعوا بالله‏.‏ وإن أبصروا فلله‏.‏ وإن بطشوا أو مشوا ففي طاعة الله‏.‏

ومع تسديده لهم في حركاتهم جعلهم مجابي الدعوة‏:‏ إن سألوه أعطاهم مصالح دينهم ودنياهم، وإن استعاذوه من الشرور أعاذهم‏.‏

ومع ذلك لطف بهم في كل أحوالهم، ولولا أنه قضى على عباده بالموت لسلم منه أولياءه؛ لأنهم يكرهونه لمشقته وعظمته‏.‏ والله يكره مساءتهم، ولكن لما كان القضاء نافذاً كان لا بد لهم منه‏.‏

فبين في هذا الحديث‏:‏ صفة الأولياء، وفضائلهم المتنوعة، وحصول محبة الله لهم التي هي أعظم ما تنافس فيه المتنافسون، وأنه معهم وناصرهم، ومؤيدهم ومسددهم، ومجيب دعواتهم‏.‏

ويدل هذا الحديث على‏:‏ إثبات محبة الله، وتفاوتها لأوليائه بحسب مقاماتهم‏.‏

ووصف النبي صلى الله عليه وسلم لأولياء الله بأداء الفرائض والإكثار من النوافل، مطابق لوصف الله لهم بالإيمان والتقوى في قوله‏:‏ ‏{‏أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ، الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ‏}‏

فكل من كان مؤمناً تقياً كان لله ولياً؛ لأن الإيمان يشمل العقائد، وأعمال القلوب والجوارح‏.‏ والتقوى ترك جميع المحرمات‏.‏

ويدل على أصل عظيم‏:‏ وهو أن الفرائض مقدمة على النوافل، وأحب إلى الله وأكثر أجراً وثواباً‏.‏ لقوله‏:‏ ‏(‏وما تقرب إلي عبدي بشيء أحبّ إلي مما افترضت عليه‏"‏، وأنه عند التزاحم يتعين تقديم الفروض على النوافل‏.‏