الموضوع
:
من هم آل مرة التي عاقبتهم قطر جماعيا بنزع جنسيتهم؟
عرض مشاركة واحدة
26-Apr-2005, 08:21 AM
رقم المشاركة :
6
معلومات العضو
ابو ضيف الله
مشرف عـام
إحصائية العضو
مرارات بني مرة: سحب جنسية 5 آلاف مواطن.. مسألة فيها نظر!!
عبدا لله القفاري
الرياض / استعيد بعض عنوان للاستاذ داوود البصري، فلن اجد أكثر من المرارة تعبيراً حياً عن مشاعر هؤلاء البشر الذين رمت بهم اقدارهم خلف الحدود القطرية بعد ان سُحبت الجنسية منهم، والذين قدرت اعدادهم المصادر الإعلامية القليلة التي سلطت الضوء على معاناتهم بخمسة آلاف مواطن قطري ينتمون لقبيلة بني مرة العربية الشهيرة، القاطنة تاريخياً في هذه البقعة بين أطراف الربع الخالي الشرقي وأطراف الخليج العربي.
في البدء لم يكن من السهل على أي متابع أن يتصور أن تكون معالجة أي خطأ - أي كان مصدره - ان ينتهي برمي هذا العدد الكبير خلف حدود دولة صغيرة، هي بأمس الحاجة لسكانها، ناهيك انها تتوسل اليوم بوجه الحداثة السياسية والإعلامية.. لكنها الحالة القطرية التي تستعصي عادة على الفهم.
المسألة الأكثر أذى في المشهد، هو الصمت المريب والغريب، فلا يوجد سوى معلومات قليلة تأتي على لسان المرحلين، منها أن الحكومة القطرية تتهم بعضاً من المنتمين لهذا الفخذ من القبيلة بالتورط في المحاولة الانقلابية التي جرت قبل بضع سنوات ومنها ما يقال عن ازدواجية الجنسية.. وكم يبدو المشهد غريباً أن تكون كارثة إنسانية كتلك بعيدة عن التداول الإعلامي أو مناقشة لجان حقوق الإنسان أو أي نوع من محاولة اثارة حالة مجموع بشري وجد نفسه بين ليلة وضحاها يعيش في خيم مؤقتة أو على أطراف قرى الصحراء الحدودية في حالة يرثى لها.
المسألة القطرية محيرة للكثيرين، ولم يكن الدافع للكتابة هو البحث في عناوين التناقض الصارخ في المسألة القطرية - ان جاز التعبير - المسألة ببساطة اليوم هي إنسانية حقوقية لا تحتمل أن يطمر مثقف ضميره من أجل تفسير صغير لا يرى في اثارة هذا النوع من القضايا سوى انها من باب الانتهازية الإعلامية.. انها خطيئة وكارثة إنسانية بكل المقاييس مهما كانت الاسباب.. ومما يثير الشبهات أكثر هذا الصمت الإعلامي القطري والخليجي والعربي والدولي تجاه مسألة إنسانية اولاً واخيراً.
يتساءل السيد داوود البصري في مقاله المنشور في جريدة ايلاف عن صمت قناة الجزيرة المريب حيال هذه الكارثة الإنسانية.. وكيف تستدعي - أي القناة - مشاهد أقل بكثير من هذا المشهد لحلقات نقاش وتداول إعلامي ضاج وصارخ حتى لو كانت تطال سكان هضبة التيبت في الصين، بينما تمارس الصمت المريب والمطبق حيال قضية إنسانية قبل أن تكون سياسية.. وإذا كان البصري لديه مرارات من طريقة معالجة الجزيرة للشأن العراقي ونظر إلى الموضوع من زاوية الاحراج الإعلامي وحده.. وكشف جزءاً من وجه التناقض المريع.. فإن النظرة المؤسسة على محاولة الفهم للمسألة القطرية برمتها - والجزيرة ليست سوى أداة سياسية تمارس مهمة إعلامية في غاية الاحترافية - هو ما يقرب الفهم للمسألة ويخرجها من حالة التناقض إلى حد ادراك اننا مازلنا في طور الانهماك في التفاصيل وتغييب الصورة الكلية.. وفي حالة استجداء التناقضات بعيداً عن ادراك الرسالة الإعلامية في منظورها الاستراتيجي المبلغ عن السياسة وتلك هي النقطة الاكثر حاجة للتحرير اليوم.
المسألة القطرية، لا تنفصل عن حالة قناة الجزيرة الإعلامية، لكنها ليست هي حتماً.. وتلك التناقضات التي تحير الافهام، ستؤول مع التركيز على السلوك الإعلامي والقضايا الساخنة في المنطقة إلى محاولة فهم أفضل، فالمسألة ليست تقنية إعلامية أو احترافية المسألة في الرسالة التي تصل ضمن مجموعة رسائل للمتلقي ودورها في حالة صراع قائمة بالمنطقة بين قوى كبرى لها اجندتها الخاصة، وليست بين قوى صغيرة أو دول متشابهة أو مراكز نفوذ اصغر من أن تحيل المنطقة إلى حرائق دائمة الاشتعال.
في الحالة القطرية ثمة تناقضات حتماً بين دولة صغيرة، تحاول أن تؤسس بنية مؤسساتيه ذات واجهة ديمقراطية بما فيها الدستور وانتخابات تشريعية واحترام مبدأ الفصل بين السلطات، وتحرير الإعلام، وبين قرار حاكم بموجبه يتم تفسير أوترحيل 5 آلاف مواطن من قبيلة ضاربة بعمق في كيان وتاريخ المنطقة، فقط لأن من بينها من شارك في محاولة انقلابية ضد النظام.. أو تحت ستار ازدواجية الجنسية التي لم تكتشف سوى اليوم.. وفي الحالة القطرية ثمة تناقضات بين دولة فقيرة سكانياً وتجتهد لتهيئة قواها البشرية الوطنية لإدارة مستقبل دولة مقبلة على تنمية وتنعم بثروة ضخمة من الغاز والنفط وتحاول أن تقدم نفسها على انها واحة من ديمقراطية وحرية ونمو وسط رمال متحركة من التوقف والجمود.. بينما هي لا تتورع ان تصدر فرماناً بالنفي لخمسة آلاف مواطن فقط من بني جلدتها. هنا علينا ان نكتشف معدن سلطوية البنية السياسية مهما تدثرت بالقانون أو النظام.. إد في لحظة معينة تسقط تلك الواجهة لتكشف عن وجه سلطوي يملك سلب ما أعطى، والجنسية في البنية الذهنية السلطوية الابوية هي منحة تسلب بمشيئة حاكمية كما منحت بمشيئة حاكمية أيضاً. وكم ارجو أن لا يقُرأ هذا المقال من باب انه خطاب سياسي، أو نوع من الانتهازية الإعلامية، فقد كان بالامكان أن نكتب الكثير عن المسألة القطرية وقناة الجزيرة في وقت كانت خطوط التماس الإعلامي بينها وبين جيرانها أكثر حرارة وأكثر قدرة على الاحتفاء بالكشف عن هذه التناقضات.. لكن اليوم المسألة ذات بعد إنساني بحت وهي في التحليل النهائي لا تخرج عن قراءة أكثر مقاربة لحالة عربية مغرقة في تلونها وكيلها بمكاييل عدة واخفائها وتعميتها.
لابد لاي مثقف يؤرقه المشهد الممعن بالاذى لكرامة الإنسان وضحاياه من نساء وأطفال وشيوخ يتعرضون لحملة ترحيل سوى أن يقف موقف المدُعي على حالة غير قابلة للسكوت.. وإن تساءل أين القضاء إذا لم يكن حاضراً اليوم؟، وأين جمعيات حقوق الإنسان العربية والخليجية والدولية؟.. وأين منظومة دول مجلس التعاون الخليجي؟.. وأين إعلام الجزيرة الفضائي الذي يسلط الضوء على أوضاع سكان قرى معزولة في أقاصي افريقيا؟.. بينما يتجاهل مأساة ترحيل 5 آلاف مواطن تحدث على بعد أميال من مقره.
الكثيرون ثمنوا للجزيرة هذه الحملة التضامنية مع الإعلامي تيسير علوني، وكم هو مثير للاعجاب أن ترعى مؤسسة إعلامية احد كوادرها في محنته حد الابقاء على قضية الاعتقال حية في ضمير مشاهد يومي، وكم هو مثير للاعجاب ان تجلب لهم دعم مؤسسات حقوق الإنسان ومنظمات دولية معنية وتحشد كل ما يمكن من الدعم المعنوي والسياسي حتى الافراج عنه.. لكن مثير أيضاً للالتباس حجم الصمت المزري تجاه كارثة إنسانية تسلب 5 آلاف مواطن حق المواطنة..الا إذا كانت تلك مسألة فيها نظر!!.
ومع كل هذا فلست من يرى في الأمر حيرة كبرى، فمع كل ما يمكن أن يقدمه منبر إعلامي كالجزيرة من عمل احترافي ومهني.. ومع كل ما يُتيحه من مساحة للجدل الفكري أو السياسي.. ومع كل ما يتمتع به من مساحة في الحراك أو العمل.. إلا أن تلك المساحة تقف عند حدود مصالح الدولة الراعية أو المستضيفة.. فالجزيرة لم تكن يوماً ما قطرية الهوية.. لكنها جزء من حالة إعلامية جاءت لأهداف تتعدى المهمة الإعلامية لتكون ذراعاً سياسية بالدرجة الاولى.
من يرى تلك التناقضات بين استضافة قطر لقواعد عسكرية أمريكية، وبين سياسة الجزيرة الإعلامية الموجهة ضد المشروع الأمريكي، يخلط بين مسألتين، بين قطر الدولة وبين الجزيرة الإداة الإعلامية - ذات المنشأ غير القطري - التي تتجاوز سياسة حكومية معلنة لكنها جزء من لعبة توازنات.التوازن هنا لعبة خطرة ثمارسها قطر الدولة من أجل البقاء على الحياة بين مشروعين، مشروع الدعم الأمريكي من خلال تسهيل مهمته العسكرية، حتى تتمتع قطر الدولة بصفة الحليف الضامن لموقعه السياسي ضمن التحولات الجارية في المنطقة، وبين الأداة الإعلامية ذات الأهداف التي تتجاوز الحالة القطرية لتصبح جزءاً من لعبة سياسية أبعد من قطر واقرب إلى حالة الانهماك في صراع دولي.. ولذا لا غرابة أن تكون منظومة الجزيرة الإعلامية ذات خبرة وتكوين إعلامي انجليزي المنشأ.
تحرير قطر للإعلام لايعني انها وصلت إلى مستوى تفرض من خلاله القاعدة الشعبية رغبتها في تحرير الإعلام من هيمنة الحكومة أو وصايتها، انها تسويغ لحالة الجزيرة الوسيلة الإعلامية الحرة في بلوغ حريتها المهنية دون حرج من وصاية المستضيف أو الراعي. وهي من هذا المنظور تلعب دوراً مزدوجاً بين كونها ذراعاً سياسية لقطر الدولة التي تبلغ وزنها السياسي والاقليمي الذي تتطلع إليه من خلال كفاح هذا المنبر وجاهزيته للحشد من خلال ممارسة مهنية غاية في الذكاء ولا علاقة لها بالدعاية الإعلامية الفجة، ومن خلال كونها أداة ضمن صراع دولي اتخذ من الحالة العراقية عنواناً للصراع بين مشروعين. وبهذا يمكن لقطر أن تلعب على حبل التناقضات وهي لعبة خطيرة حتماً لكنها حتى اللحظة مازالت تؤتي أكلها.
مرة اخرى، ليس لاي منصف الا أن يعترف بالاحترافية العالية في قناة الجزيرة، وليس له إلا ان يعترف بأنها الوسيلة الإعلامية التي فتحت نوافذ التعبير ورفعت سقف الجدل السياسي والثقافي والفكري في المنطقة.. لكن كل هذا لا يعني ان نستسلم لشرط الاحترافية ونتداعى للجدل حولها، دون ان نبلوما هو أبعد من منبر. كم تبدو مهمة شاقة وصعبة تلك المحاولات لكشف التباسات المشروعات السياسية بالإعلامية بالصراع الخفي والظاهر بين قوى جعلت هذه المنطقة مختبراً كبيراً لتمرير سياساتها الخافي منها أكثر التباساً وأصعب كشفاً من المعلن والمتداول اليومي.
التوقيع
قال الشافعي رحمه الله: أركان الرجولة أربع: الديانة والأمانة والصيانة والرزانة.
قال الخليل ابن أحمد: التواني إضاعة, والحزم بضاعة, والإنصاف راحة, واللجاجة وقاحة.
اللهم أنصر من نصر الدين وأخذل من خذل الدين
ابو ضيف الله
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى ابو ضيف الله
زيارة موقع ابو ضيف الله المفضل
البحث عن المشاركات التي كتبها ابو ضيف الله