تـــابـــــــــــــع
س: هل لبيك اللهم لبيك سنة أم واجب ؟ ( )
ج: سنة مؤكدة ، معناها : إجابة بعد الإجابة ، لبيك أي : إجابة لأمرك .
حكم تأخير التلبية بعد الإحرام
س: أحرمت بالحج ولكن عند الإحرام لم أشرع بالتلبية علماً بأني من أهل مكة فهل علي شيء ؟ ( )
ج: لا حرج عليك ؛ لأن التلبية سنة فإذا أحرم الإنسان بالحج أو بالعمرة سواء من أهل مكة أو غير أهل مكة شرع له أن يلبي كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبي ، لكن لو ما لبى أو تأخرت التلبية لا يضره ذلك؛ لأن التلبية سنة قولية والواجب أن ينوي بقلبه نسكاً من حج أو عمرة أو كليهما ثم يلبي بذلك لأن ذلك أفضل ، يصرح بذلك بلسانه فيقول : "اللهم لبيك حجاً " أو "اللهم لبيك عمرة " أو "اللهم لبيك عمرة وحجاً " عند دخوله في الإحرام عندما يركب السيارة أو المطية ، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركب دابته أعلن إحرامه والعمدة على القلب إذا نوى بقلبه الدخول في العمرة أو الحج فهذا هو الإحرام ، والأفضل أن يلبي بذلك عند النية فيقول : "اللهم لبيك عمرة" إن كان متمتعاً بالحج ، أو يقول : "اللهم لبيك حجاً " إن كان مفرداً ، أو يقول : "اللهم لبيك عمرة وحجاً " عند إحرامه عند الدخول في ذلك بنيته في الميقات ، وإن كان من أهل مكة عند الحج يلبي به في مكانه في بيته عند خروجه إلى منى يقول : اللهم لبيك حجاً إذا كان في مكة أو من المحلين بها .
حكم من قال لبيك اللهم عمرة متمتعاً بها إلى الحج وهو لا يريد إلا العمرة
س: وصلت إلى الميقات ومعي عائلتي وكنت كبيرهم وأعرفهم بمناسك الحج ونسيت وقلت في التلبية : لبيك اللهم عمرة متمتعاً ، ونحن نريد عمرة في رمضان فقط ، ولم أتذكر إلا عند وصولنا البيت الحرام . أرجو إفادتنا هل يلزمنا البقاء في مكة إلى أن نحج أو يلزمنا دم ونرجع إلى أهلنا ؟ ( )
ج: ليس عليكم شيء في ذلك ولا يضركم ذلك ، وليس عليكم إلا العمرة فقط التي أحرمتم بها ، ولا يلزمكم البقاء إلى الحج ولا يلزمكم فدية بل ذلك كله لاغ لا يترتب عليه شيء .
نوى الحج لنفسه ثم بدا له أن يغير النية لقريب له فهل له ذلك
س: رجل نوى الحج لنفسه وقد حج من قبل ثم بدا له أن يغير النية لقريب له وهو في عرفة فما حكم ذلك وهل يجوز له ذلك أم لا ؟ ( )
ج: الإنسان إذا أحرم بالحج عن نفسه فليس له بعد ذلك أن يغير لا في الطريق ولا في عرفة ولا في غير ذلك بل يلزمه أن يكمل لنفسه ولا يغير لا لأبيه ولا لأمه ولا لغيرهما بل يتعين الحج له ؛ لقول الله سبحانه وتعالى : "وأتموا الحج والعمرة لله " ( ) فإذا أحرم لنفسه وجب أن يتمه لنفسه ، وإذا أحرم لغيره وجب أن يتمه لغيره ولا يغير بعد الإحرام إذا كان قد حج عن نفسه وهكذا العمرة .
حكم من نسي اسم من حج عنها
س: رجل حج عن امرأة وعندما أراد الإحرام من الميقات نسي اسمها ماذا يصنع ؟ ( )
ج: إذا حج عن امرأة أو عن رجل ونسي اسمه فإنه يكفيه النية ولا حاجة لذكر الاسم ، فإذا نوى عند الإحرام أن هذه الحجة عمن أعطاه الدراهم أو عمن له الدراهم كفى ذلك، فالنية تكفي ؛ لأن الأعمال بالنيات كما جاء بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
س: ما حكم من حج عن والدته وعند الميقات لبى بالحج ولم يلبي عن والدته ( )
ج: مادام قصده الحج عن والدته ولكنه نسي فإن الحج يكون لوالدته والنية أقوى ؛ لقول الرسول عليه الصلاة والسلام : "إنما الأعمال بالنيات" ( ) فإذا كان القصد من مجيئه هو الحج عن أمه أو عن أبيه ثم نسي عند الإحرام فإن الحج يكون للذي نواه وقصده من أب أو أم أو غيرهما .
س: نويت الحج عن والدتي وأتيت من بلدي لكي أحج عنها ولكن عند الميقات لبيت بالحج ولم أذكر أن ذلك عن والدتي ، فهل يكون ذلك الحج عن والدتي أم لي ؟ رغم أني حججت عن نفسي من قبل ؟ ( )
ج: أنت على نيتك إن شاء الله ؛ لأن نسيانك عند إحرامك النية عنها لا يضر لأنك إنما توجهت إلى مكة لهذا الغرض ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" متفق على صحته .
حكم من ضاعت نقوده وقد أحرم بالحج والعمرة ولم يستطع الهدي
س: ما حكم من أحرم بالحج والعمرة وبعد وصوله إلى مكة ضاعت نفقته ولم يستطع أن يفدي وغير نيته إلى مفرد هل يصح ذلك . وإذا كانت الحجة لغيره ومشترط عليه التمتع فماذا يفعل ؟ ( )
ج: ليس له ذلك ولو ضاعت نفقته ، وإذا عجز يصوم عشرة أيام ، والحمد لله ، ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله ويبقى على تمتعه ، وعليه أن ينفذ الشرط بأن يحرم بالعمرة ويطوف ويسعى ويقصر ويحل ثم يلبي بالحج ويفدي ، فإن عجز صام عشرة أيام ثلاثة في الحج قبل عرفة وسبعة إذا رجع إلى أهله ؛ لأن الأفضل أن يكون يوم عرفة مفطراً اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه وقف بها مفطراً .
حكم الانتقال من الإفراد إلى القران
س: جاء في بعض كتب الحديث أن الحاج المفرد لا يجوز له أن ينتقل من الإفراد إلى القران فهل هذا صحيح ؟
ج: الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الحجاج المفردين والقارنين أن ينتقلوا من حجهم وقرانهم إلى العمرة وليس لأحد كلام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالرسول عليه الصلاة والسلام أمر أصحابه في حجة الوداع وكانوا على ثلاثة أقسام : قسم منهم أحرموا بالقران أي لبوا بالحج والعمرة ، وقسم لبوا بالحج مفرداً ، وقسم لبوا بالعمرة . وكان النبي صلى الله عليه وسلم ، قد لبى بالحج والعمرة جميعاً أي قارناً ؛ لأنه قد ساق الهدي ، فأمرهم عليه الصلاة والسلام لما دنوا من مكة أن يجعلوها عمرة إلا من كان معه الهدي ، فلما دخلوا مكة وطافوا وسعوا أكد عليهم أن يقصروا ويحلوا إلا من كان معه الهدي . فسمعوا وأطاعوا وقصروا وحلوا . هذا هو السنة لمن قدم مفردا أو قارنا وليس معه هدي حتى يستريح ولا يتكلف ، فإذا جاء يوم الثامن أحرم بالحج . ولا يخفى ما في هذا من الخير العظيم ؛ لأن الحاج إذا بقي من أول ذي الحجة أو من نصف ذي القعدة وهو محرم لا يأتي ما نهي المحرم عن فعله –فإنه
يشق عليه ذلك ، فينبغي قبول هذا التيسير من الله سبحانه وتعالى . والله ولي التوفيق .
التمتع أفضل لمن لم يسق الهدي
س: أيهما أفضل للحاج التمتع أو القران فإذا كان التمتع ، فكيف يرد على من قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم حج قارناً ، وإن كان القران أفضل فكيف يرد على من قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم نوى التمتع ولم ينو إلا الأفضل ؟ ( )
ج: الأفضل التمتع ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بالتمتع بعمرة وهي أن يطوفوا ويسعوا ويقصروا وهذا الأفضل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لولا أن معي الهدي لأحللت" ( ) والذي معه هدي أفضل أن يحرم بالحج والعمرة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، والذي ما معه هدي الأفضل أن يحرم بالعمرة فيطوف ويسعى ويقصر ويحل ، ثم يحرم بالحج في اليوم الثامن من ذي الحجة هذه السنة .
يصح التمتع والقران من أهل مكة
س: هل يجب الهدي على أهل مكة لمن أحرم منهم بالحج فقط ، وهل يصح في حقهم التمتع أم القران في الحج ؟ نرجو توضيح ذلك مع ذكر الدليل ؟ ( )
ج: يصح التمتع والقران من أهل مكة وغيرهم لكن ليس على أهل مكة هدي ، وإنما الهدي على غيرهم من أهل الآفاق القادمين إلى مكة محرمين بالتمتع أو القران ؛ لقول الله تعالى : "فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب " ( ) .
س: ما هو السبب في أن أهل مكة ليس لهم من أنواع الحج إلا الإفراد ؟ ( )
ج: الحج فرض على كل من استطاع السبيل إليه من أهل مكة وغيرهم بإجماع المسلمين ، وهكذا العمرة فرض في أصح قولي العلماء على الجميع ، ولكن أهل مكة ليس عليهم هدي التمتع والقران ، إذا حجوا متمتعين أو قارنين بين الحج والعمرة ؛ لقول الله سبحانه : "فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب " ( ) . والله الموفق
القول بنسخ الإفراد قول باطل
س: يدعي بعض الناس أن القران والإفراد قد نسخا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة بأن يتمتعوا ، فما رأي سماحتكم في هذا القول ؟ ( )
ج: هذا قول باطل لا أساس له من الصحة ، وقد أجمع العلماء على أن الأنساك ثلاثة : الإفراد والقران والتمتع ، فمن أفرد الحج فإحرامه صحيح وحجه صحيح ولا فدية عليه ، لكن
إن فسخه إلى العمرة فهو أفضل في أصح أقوال أهل العلم ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الذين أحرموا للحج أو قرنوا بين الحج والعمرة وليس معهم هدي أن يجعلوا إحرامهم عمرة ، فيطوفوا ويسعوا ويقصروا ويحلوا ولم يبطل صلى الله عليه وسلم إحرامهم بل أرشدهم إلى الأفضل ، وقد فعل الصحابة ذلك رضي الله عنهم وليس ذلك نسخاً لإفراد الحج وإنما هو إرشاد من النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما هو الأفضل والأكمل ، والله ولي التوفيق .
حكم فسخ الإحرام
س: هل فسخ الإحرام سنة أم واجب ؟ ( )
ج: سنة مؤكدة .
المشروع لمن أحرم مفرداً أن يجعله عمرة
س: جئت مع جماعة للحج وأحرمت مفرداً وجماعتي يريدون السفر إلى المدينة ، فهل لي أن اذهب إلى المدينة وأرجع لمكة لأداء العمرة بعد أيام قليلة ؟ ( )
ج: إذا حج الإنسان مع جماعة وقد احرموا بالحج مفرداً ثم سافر معهم للزيارة ، فإن المشروع له أن يجعل إحرامه عمرة ، ويطوف لها ويسعى ويقصر ثم يحل ، ثم يحرم بالحج في اليوم الثامن ويكون بذلك متمتعاً ، وعليه هدي التمتع كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك أصحابه في حجة الوداع الذين ليس معهم هدي .
الأفضل لمن لم يسق الهدي أن يفسخ حجه إلى عمرة
س: ما حكم من نوى الحج بالإفراد ثم بعد وصوله إلى مكة قلبه تمتعاً فأتى بالعمرة ثم تحلل منها فماذا عليه ؟ ومتى يحرم بالحج ؟ ومن أين؟ ( )
ج: هذا هو الأفضل إذا قدم المحرم بالحج أو الحج والعمرة جميعاً فإن الأفضل أن يجعلها عمرة ، وهو الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه لما قدموا ، بعضهم قارن وبعضهم مفرد بالحج ، وليس معهم هدي ، أمرهم أن يجعلوها عمرة ، فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا إلا من كان معه الهدي فإنه يبقى على إحرامه حتى يحل منهما إن كان قارناً أو من الحج إن كان محرماً بالحج يوم العيد .
والمقصود أن من جاء مكة محرماً بالحج وحده أو بالحج والعمرة جميعاً في أشهر الحج وليس معه هدي ، فإن السنة أن يفسخ إحرامه إلى عمرة فيطوف ويسعى ويقصر ويتحلل، ثم يحرم بالحج في اليوم الثامن من ذي الحجة في مكانه الذي هو مقيم فيه داخل الحرم أو خارجه ويكون متمتعاً وعليه دم التمتع .
القران لا يفسخ إلى الإفراد
س: ما حكم من نوى بالحج متمتعاً وبعد الميقات غير رأيه ولبى بالحج مفرداً هل عليه هدي ؟( )
ج: هذا فيه تفصيل ، فإن كان نوى قبل وصوله إلى الميقات أنه يتمتع ، وبعد وصوله إلى الميقات غير نيته وأحرم بالحج وحده فهذا لا حرج عليه ولا فدية ، أما إن كان لبى بالعمرة والحج جميعاً من الميقات أو قبل الميقات ثم أراد أن يجعله حجاً فليس له ذلك ، ولكن لا مانع أن يجعله عمرة أما أن يجعله حجاً فلا ، فالقران لا يفسخ إلى حج ولكن يفسخ إلى عمرة إذا لم يكن معه هدي ؛ لأن ذلك هو الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عليه الصلاة والسلام الذين لم يسوقوا الهدي في حجة الوداع ، فإذا أحرم بهما جميعاً من الميقات ثم أراد أن يجعله حجاً مفرداً فليس له ذلك ، ولكن له أن يجعل ذلك عمرة مفردة وهو الأفضل له كما تقدم فيطوف ويسعى ويقصر ويحل ، ثم يلبي بالحج بعد ذلك في اليوم الثامن من ذي الحجة فيكون متمتعاً .
حكم من نوى التمتع ثم بدا له أن يحرم مفرداً
س: لقد كنت ناوياً أن أحج متمتعاً ولكن عندما قدمت إلى الطائف غيرت رأيي ولبيت بالحج مفرداً ، فإذا أردت أن أضحي يوم العيد هل ذلك جائز ؟ علماً بأني قصرت شعري في يوم أربعة ذي الحجة أسال الله أن يجزيكم عنا خيراً ( ) ؟
ج: إذا أراد الحاج أو غيره أن يضحي ولو كان قد حلق رأسه أو قصر أو قلم أظفاره فلا حرج عليه في ذلك ، ولكن عليه إذا عزم على أن يضحي عن نفسه بعد دخول شهر ذي الحجة أن يمتنع من أخذ شيء من الشعر أو الظفر أو شيء من البشرة حتى يضحي ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "إذا دخل شهر ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من بشرته ولا من أظفاره شيئاً " ( ) رواه الإمام مسلم في صحيحه . أما إحرامه بالحج مفرداً وقد كان نوى أن يحرم بعمرة ثم بدا له بعد ما وصل الميقات أن يحرم بالحج فلا حرج في ذلك ، ولكن التمتع بالعمرة إلى الحج أفضل إذا كان قدومه في أشهر الحج ، أما إذا كان قدومه إلى مكة قبل دخول شهر شوال فإن المشروع له أن يحرم بالعمرة فقط .
من أحرم قارناً وبعد الإحرام حل
س: ما حكم من احرم بالحج والعمرة قارناً وبعد العمرة حل الإحرام هل يعتبر متمتعاً ؟( )
ج: نعم إذا أحرم بالحج والعمرة قارناً ثم طاف وسعى وقصر وجعلها عمرة يسمى متمتعاً وعليه دم التمتع .
الإحرام بالتمتع له وقت محدود
س: هل للمتمتع وقت محدود يتمتع فيه ، وهل له أن يحرم بالحج قبل يوم التروية ؟ ( )
ج: الإحرام بالتمتع له وقت محدود هو : شوال وذو القعدة والعشر الأول من ذي الحجة، هذه أشهر الحج ، فليس له أن يحرم بالتمتع قبل شوال ولا بعد ليلة العيد ، ولكن الأفضل أن يحرم بالعمرة وحدها فإذا فرغ منها أحرم بالحج وحده هذا هو التمتع الكامل ، وإن أحرم بهما جميعاً سمي متمتعاً وسمي قارناً ، وفي الحالتين جميعاً عليه دم يسمى دم التمتع ، وهو ذبيحة واحدة تجزئ في الأضحية أو سبع بدنة أو سبع بقرة ، لقوله تعالى : "فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي " ( ) فإن عجز صام عشرة أيام ، ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله .
فلو أحرم بالعمرة في أول شوال وحل منها صارت المدة بين العمرة وبين الإحرام بالحج طويلة إلى ثامن ذي الحجة فالأفضل أن يحرم بالحج في ثامن ذي الحجة ، كما أحرم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بذلك بأمر النبي عليه الصلاة والسلام ، فإنه أمرهم أن يحلوا من إحرامهم لما قدموا مفردين بالحج وبعضهم قدم قارناً بين الحج والعمرة ، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يحلوا إلا من كان معه الهدي ، فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا وصاروا متمتعين بذلك ، فلما كان يوم التروية وهو اليوم الثامن ، أمرهم أن يهلوا بالحج من منازلهم ، وهذا هو الأفضل ، ولو أهل بالحج قبل ذلك في أول ذي الحجة أو قبل ذلك أجزأه وصح ، ولكن الأفضل أن يكون إهلاله بالحج في يوم الثامن ، كما فعله أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بأمره عليه الصلاة والسلام .
س: المتمتع هل له وقت محدود يتمتع فيه ؟ وهل له لأن يحرم قبل يوم التروية أم لا ؟ ( )
ج: المتمتع إذا طاف وسعى وقصر من عمرته حل له كل شيء مما حرم عليه بالإحرام ، فله أن يأتي زوجته وله أن يتطيب ويلبس المخيط وغير ذلك مما حرم عليه بالإحرام ، والتمتع بالعمرة إنما يكون بعد انسلاخ رمضان ، أما الإحرام بالعمرة قبل انسلاخ رمضان فلا يسمى تمتعاً وإنما يسمى عمرة . والسنة للمتمتع وغيره من المحلين بمكة إذا أرادوا الحج أن يحرموا بالحج يوم الثامن ، كما أحرم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالحج بأمره عليه الصلاة والسلام .
الفدية تلزم من تمتع بالعمرة إلى الحج
س: فضيلة الشيخ : ماذا ترون حول من أخذ عمرة بشهر رمضان المبارك وأراد الحج بنفس العام ، فهل يلزمه الفدي ، وما هي أفضل أنواع النسك ؟ ( )
ج: من أخذ عمرة في رمضان ثم أحرم بالحج مفرداً في ذلك العام فإنه لا فدية عليه ؛ لأن الفدية إنما تلزم من تمتع بالعمرة إلى الحج ؛ لقول الله سبحانه وتعالى : "فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي " ( ) . والذي أتى بعمرة في رمضان ثم أحرم بالحج في أشهره لا يسمى متمتعاً ، وإنما المتمتع من أحرم بالعمرة في أشهر الحج وهي : شوال وذو القعدة ، والعشر الأول من ذي الحجة ، ثم أحرم بالحج من عامه ، أو قرن بين الحج والعمرة فهذا هو المتمتع ، وهو الذي عليه الفدية .
والأفضل لمن أراد الحج ، أن يأتي بعمرة مع حجته ويطوف لها ويسعى ويقصر ويحل ، ثم يحرم بالحج في عامه ، والأفضل أن يكون إحرامه بالحج في اليوم الثامن من ذي الحجة ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بذلك في حجة الوداع .
وعلى المتمتع أن يطوف ويسعى لحجه كما طاف وسعى للعمرة ، ولا يجزئه سعي العمرة عن سعي الحج عند أكثر أهل العلم ، وهو الصواب ؛ لدلالة الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك
س: ما قولكم في الذي يصوم في مكة ويجلس إلى وقت الحج مع العلم أنه في هذه الأثناء يسافر إلى جدة ويعود إلى مكة هل عليه فدي ؟ ( )
ج: إذا لم يؤد عمرة بعد رمضان وحج ذلك العام فليس عليه هدي ؛ لكونه لم يتمتع بالعمرة إلى الحج .
حكم من أدى العمرة في آخر شوال ثم عاد بنية الحج مفرداً
س: أديت العمرة أواخر شهر شوال ثم عدت بنية الحج مفردا فأرجو إفادتي عن وضعي هل أعتبر متمتعاً ويجب علي الهدي أم لا؟( )
ج: إذا أدى الإنسان العمرة في شوال أو في ذي القعدة ثم رجع إلى أهله ثم أتى بالحج مفرداً فالجمهور على أنه ليس بتمتع وليس عليه هدي ؛ لأنه ذهب إلى أهله ثم رجع بالحج مفرداً ، وهذا هو المروي عن عمر وابنه رضي الله عنهما ، وهو قول الجمهور ، والمروي عن ابن عباس أنه يكون متمتعاً وأن عليه الهدي ؛ لأنه جمع بين الحج والعمرة في أشهر الحج في سنة واحدة ، أما الجمهور فيقولون : إذا رجع إلى أهله ، وبعضهم يقول : إذا سافر مسافة قصر ، ثم جاء بحج مفرد فليس بمتمتع ، والأظهر والله أعلم أن الأرجح ما جاء عن عمر وابنه رضي الله عنهما ، أنه إذا رجع إلى أهله فإنه ليس بتمتع ولا دم عليه ، وأما من جاء للحج وأدى العمرة ثم بقي في جدة أو الطائف وهو ليس من أهلهما ثم أحرم بالحج فهذا متمتع فخروجه إلى الطائف أو جدة أو المدينة لا يخرجه عن كونه متمتعاً ؛ لأنه جاء لأدائهما جميعاً وإنما سافر إلى جدة أو الطائف لحاجة وكذا من سافر إلى المدينة للزيارة كل ذلك لا يخرجه عن كونه متمتعاً في الأظهر والأرجح فعليه الهدي ، هدي التمتع وعليه أن يسعى لحجه كما سعى لعمرته .
حكم تمتع من رجع إلى بلده
س: هذا يسأل ويقول : إذا قدم من الرياض مثلاً معتمراً ثم رجع إلى الرياض ، ورجع بعدها من الرياض هل يكون متمتعاً ؟ ( )
ج: هذا فيه تفصيل ، إذا قدم إنسان من الرياض مثلاً أو من المدينة أو من الطائف متمتعاً بالعمرة ، فطاف وسعى وقصر وحل ثم رجع إلى بلده : رجع إلى الطائف بلده أو إلى الرياض بلده أو إلى المدينة بلده أو غيرها ، ثم جاء ملبياً بالحج ، فهذا حكمه حكم المفرد حكم مجيئه الأخير حكم الإفراد فلا يكون عليه دم التمتع ، بل ليس عليه شيء وإنما يعمل عمل الحج إذا وصل مكة طاف سبعة أشواط وصلى ركعتين عند المقام أو في أي مكان من المسجد ثم يسعى سبعة أشواط بين الصفا والمروة . هذا يقال له طواف القدوم والسعي سعي الحج ، ثم يبقى على إحرامه ويخرج إلى منى وعرفات بإحرامه ، فإذا رجع من عرفات ومزدلفة يوم العيد ليس عليه إلا الطواف فقط طواف الإفاضة طواف الحج ، والسعي كفاه الأول . وإن قصد منى رأساً ولم يذهب إلى مكة بل قصد منى ثم عرفات فإنه عليه طواف وسعي بعد نزوله من عرفات ومزدلفة ، عليه طواف الحج وسعي الحج .
س: أنوي الحج متمتعاً فهل يصح لي الاعتمار في شوال والذهاب إلى أهلي ثم الرجوع إلى مكة للحج ؟ ( )
ج: لا مانع من ذلك إذا اعتمر الشخص في شوال ثم ذهب إلى أهله ثم رجع إلى مكة محرماً بالحج فلا بأس في ذلك ، وعند الجمهور لا يكون متمتعاً وليس عليه هدي بل يكون مفرداً للحج ، وعند ابن عباس يكون متمتعاً ولو ذهب إلى أهله ، وعلى هذا لا يكون هذا متمتعاً عند الأكثر ، وإن اعتبر نفسه متمتعاً وأهدى كان أحوط وأحسن ، أما إن رجع محرماً بالعمرة وحل منها ثم أقام حتى يحج ، فهذا متمتع وعمرته الأولى لا تجعله متمتعاً عند الجمهور ، ولكن صار متمتعاً بالعمرة الأخيرة التي أداها ثم بقي في مكة حتى حج .
لا بأس بخروج المتمتع إلى جدة وأمثالها ويبقى على تمتعه
س: شخص قصد مكة في أشهر الحج وتمتع بالعمرة إلى الحج ، فهل يجوز له الخروج بعد تحلله من العمرة إلى جدة ، وإن خرج إليها فهل يسقط عنه دم التمتع ، وإذا لم يسقط فهل تكون جدة من حاضر المسجد الحرام ؟ وإذا اعتبرت من حاضر المسجد الحرام فهل على من خرج إليها بعد تحلله من عمرته ثم رجع وحج ولم يفد دم آخر لتركه دم التمتع؟( )
ج: لا بأس بخروج المتمتع بعد تحلله من عمرته إلى جدة وغيرها من الحل إذا دعت الحاجة لذلك ويبقى عليه دم التمتع إذا كان قدم مكة بنية الحج ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما قدموا مكة لحجة الوداع وأمر من لم يكن معه هدي أن يتحلل ويهدي لم ينههم عن الخروج من الحرم ولم يقل لهم : من خرج من الحرم سقط عنه الهدي ، ولو كان ذلك مسقطاً للهدي لبينه عليه الصلاة والسلام ؛ لأن الخروج لابد أن يقع من الناس؛ لكثرتهم وتنوع الحاجات ، فلما لم ينبههم على هذا الأمر عُلم أن خروجهم إلى جدة وأشباهها لا يخرجهم عن كونهم متمتعين بالعمرة إلى الحج ، وذهب بعض العلماء إلى أن خروج المتمتع من مكة إلى مسافة قصر كجدة والطائف وأمثالهما يخرجه عن كونه متمتعاً ويسقط عنه الدم ويجعل إحرامه بالحج في حكم المفرد ، وفي هذا نظر ، والصواب : أن الدم لا يسقط عنه لما تقدم ، ولعموم قوله تعالى : "فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي " ( ) ولا أعلم دليلاً شرعياً يدل على هذا المذهب ، لكن ورد عن عمر وابنه رضي الله عنهما في حق من رجع إلى وطنه بعد التحلل من العمرة ثم رجع إلى مكة وأحرم بالحج مفرداً أنه لا دم عليه . ذكر ذلك أبو محمد بن حزم وغيره ، وهذا وجهه ظاهر ، والقول به قريب لاسيما وهو قول الخليفة الراشد عمر رضي الله عنه . وورد عن ابن عباس رضي الله عنهما ما يدل على وجوب الدم على من اعتمر في أشهر الحج وحج من عامه مطلقاً ولو سافر إلى وطنه أو غيره ، لكن قول الجمهور يوافق ما ورد عن عمر وابنه رضي الله عنهما ، وتقدم أنه قول قريب ووجهه ظاهر ولا مانع من أن يكون مخصصاً لعموم الآية الكريمة السابقة .
ولكن لا ينبغي أن يجعل في حكمه من قدم إلى مكة قاصداً للحج وهو متمتع بالعمرة إلى الحج ثم خرج لعارض لجدة أو غيرها ولم يرجع إلى وطنه فإن بينهما فرقاً واضحاً . والله المستعان .
وأما اعتبار جدة من حاضر المسجد الحرام إذا قلنا لا يسقط الدم عمن ذهب إليها فليس بظاهر ، وليس بين القول بعدم سقوط الدم وبين تحديد المكان الذي يعتبر سكانه من حاضري المسجد الحرام أو ليسوا منهم ارتباط في أصح الأقوال ، بل هذه مسألة وهذه مسألة أخرى .
أما ما يجب على من خرج إلى جدة ثم عاد وحج ولم يفد ، فالظاهر أنه لا يجب عليه إلا دم واحد وهو دم التمتع ، وعليه التوبة والاستغفار عما حصل من التأخير ، وأما قول من قال : إن على من أخر دم التمتع حتى خرجت أيام التشريق إما مطلقاً أو بغير عذر دماً آخر ، فلا أعلم له وجهاً شرعياً يحسن الاعتماد عليه ، والأصل براءة الذمة فلا يجوز شغلها إلا بحجة واضحة .
لا يسقط الهدي عن المتمتع بالسفر إلى المدينة
س: بعض الناس يؤدون العمرة في شوال ثم يذهبون إلى المدينة للزيارة وبعد ذلك سيؤدون الحج مفردين ولا يهدون . ( )
ج: يجب على من أدى العمرة في شوال أو في ذي القعدة أو في العشر الأول من ذي الحجة ثم أحرم بالحج مفرداً سواء كان ذلك من ميقات المدينة أو غيره أو من داخل مكة أن يهدي هدي التمتع ، وهو : رأس من الغنم أو سبع بدنة ، أو سبع بقرة مما يجزئ في الأضحية ؛ لأنه والحال ما ذكر في حكم المتمتع ، وقد قال الله سبحانه : "فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي " ( ) ولا يسقط عنه الهدي بالسفر إلى المدينة في أصح قولي العلماء إلا إذا رجع إلى بلاده ثم عاد بحج مفرد فلا شيء عليه .
باب محظورات الإحرام
المحرم يجتنب تسعة محظورات
س: ما هي الأشياء التي يجتنبها المحرم ؟ ( )
ج: المحرم يجتنب تسعة محظورات بينها العلماء وهي : اجتناب قص الشعر ، والأظافر ، والطيب ، ولبس المخيط ، وتغطية الرأس ، وقتل الصيد ، والجماع ، وعقد النكاح ، ومباشرة النساء كل هذه الأشياء يمنع منها المحرم حتى يتحلل ، وفي التحلل الأول يباح له جميع هذه المحظورات ما عدا الجماع ، فإذا كمل الثاني حل له الجماع .
حكم من أخذ من شعره بعد الإحرام جاهلاً
س: رجل قام بالإحرام للعمرة وبعد ذلك تذكر أنه يجب أن يحلق شعر الإبط فقام بحلقه بعد الإحرام ثم توجه إلى العمرة نرجو توضيح الحكم ولكم الأجر والثواب ؟ ( )
ج: حلق الإبط لا يجب في الإحرام ولا نتفه ، وإنما يستحب نتفه أو إزالته بشيء من المزيلات الطاهرة قبل الإحرام ، كما يستحب قص الشارب وقلم الظفر وحلق العانة إذا كان كل منها قد تهيأ لذلك ، ولا يلزم أن يكون ذلك عند الإحرام بل إذا فعل ذلك قبل الإحرام في بيته أو في الطريق كفى ذلك .
وليس على من ذكرت شيء في حلقه إبطه لكونه جاهلاً بالحكم الشرعي ، ومثل ذلك لو فعل المحرم شيئاً مما ذكرنا بعد الإحرام ناسياً لقول الله عز وجل : "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " ( ) . ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه قد استجاب هذا الدعاء .
حكم كد الشعر
س: ما حكم كد الشعر الخفيف ممن هو محرم ، هل فيه حرج ؟ ( )
ج: المحرم لا يكد شعراً . أما إذا حك شعره أو حك جلده حكاً قليلاً بالرفق فلا حرج . أما أن يكده فيقطع شعراً أو ظفراً أو جلداً فلا يجوز ذلك في حال الإحرام ، فالمسلم إذا أحرم لا يقطع شعراً ولا ظفراً ولا يتطيب ولا يغطي رأسه بعمامة ولا بشبهها ، ولا يغطي جسده بالقميص ونحوه ، ولا يقتل الصيد ، كل هذه الأمور ممنوعة في حق المحرم ، ولا يعقد النكاح ، ولا يخطب زوجة ، ولا يعقد لموليته وهو محرم ، كل هذه محرمة في الإحرام، وهكذا لا يجامعها ولا يباشر بقبلة ولا غيرها حتى يحل من إحرامه كل هذه ممنوعة في الإحرام .
س: لقد حجيت أنا وابني وأحرمنا من الطائف ودخلنا مكة صلاة الظهر وبقينا فيها إلى المغرب ، ثم أرغمني ابني على العودة إلى الطائف والمبيت به وقد حصل ذلك وبتنا تلك الليلة في الطائف ثم رجعنا إلى مكة في صباح اليوم التالي ولم نحرم إحراماً جديداً بل اكتفينا بإحرامنا الأول ودخلنا الحرم المكي في اليوم نفسه وطفنا طواف القدوم وسعينا ثم بتنا تلك الليلة في مكة ثم ذهبنا إلى منى وبقينا فيها يومين وليلة وسرينا في الليلة الثانية وقبل الخروج منها اغتسلنا ومشطنا رؤوسنا ولم نغير ملابسنا وبالذات ثوبي مع العلم أنه كان اسود وأكملت حجي كبقية المسلمين . فما حكم الإسلام فيما سمعت من دخول مكة بدون إحرام والاكتفاء بالإحرام الأول في اليوم الذي مضى ، وفيما فعلنا في منى من غسل ومشط والإحرام بالثوب الأسود ؟ ( )
ج: ليس عليكما شيء والحمد لله ، إحرامكما الأول باق وصحيح ، وخروجكما إلى الطائف لو تركتموه لكان هو الذي ينبغي ؛ لعدم الحاجة إليه لكنه لا يترتب عليه شيء ؛ لأنكما خرجتما قبل إتمام حجكما وأنتما على إحرامكما فلا يضركما ذلك وطوافكما وسعيكما حين رجعتما إلى مكة ثم خروجكما إلى منى ثم إكمالكما مناسك الحج ليس فيه شيء ، أما المشط فإن كان فيه قطع شعر ، فهذا محل نظر ، إن كنتما جاهلين فلا شيء عليكما ، أما إذا كنتما تعلمان أنه لا يجوز قطع الشعر وقطعتما الشعر متعمدين حين المشط فهذا عليكما فيه أحد ثلاثة أشياء :
1- إما صوم ثلاثة أيام على كل واحد.
2- أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من تمر أو أرز أو غير ذلك من قوت البلد .
3- أو ذبح شاة على كل واحد منكما تجزئ في الضحية ، هذا إذا كنتما متعمدين عالمين أنه لا يجوز ، أما إذا كان قطع الشعر حين المشط عن جهل أو عن نسيان فلا شيء
4- عليكما كما تقدم . وهكذا لو كان مجرد المشط ليس فيه قطع شعر فلا بأس ، والثوب الأسود لا بأس به في حق الرجل والمرأة ، لكن يجب أن يكون لبس الرجل على حال ولبس المرأة على حال لا يتشبه أحدهما بالآخر ، فيكون لباس الرجال على حال ولباس النساء على حال .
حكم سقوط الشعر من رأس المحرم
س: ماذا تفعل المرأة المحرمة إذا سقطت من رأسها شعرة رغماً عنها ؟ ( )
ج: إذا سقط من رأس المحرم –ذكراً كان أو أنثى- شعرات عند مسحه في الوضوء أو عند غسله لم يضره ذلك ، وهكذا لو سقط من لحية الرجل أو شاربه أو من أظافره شيء لا يضره إذا لم يتعمد ذلك ، وإنما المحظور أن يتعمد قطع شيء من شعره أو أظافره وهو محرم، وهكذا المرأة لا تتعمد قطع شيء ، أما شيء يسقط من غير تعمد فهذه شعرات ميتة تسقط عند الحركة فلا يضر سقوطها .
حكم إزالة الجلد الجاف للمحرم
س: هل إزالة الزائد من الشفتين تعتبر من محظورات الإحرام ؟ مثل الزائد من الجلد الجاف( )
ج: لا يأخذ المحرم ولا المضحي من بشرته شيء ، ولا من شعره فالمحرم والذي يريد أن يضحي لا يأخذان من جلدهما ولا بشرتهما شيئاً ، لا من جلدهما في الوجه ولا من جلدهما في الرجل ولا في اليد ولا من غير ذلك حتى يحل المحرم من إحرامه التحلل الأول ، وحتى يضحي المضحي ، وإنما يحرم ذلك على المضحي بعد دخول عشر ذي الحجة إلى أن يضحي ، إذا كان يضحي عن نفسه أو عن نفسه وأهل بيته ، ولا يحرم على أهل بيته شيء من ذلك في أصح قولي العلماء ، وإنما يحرم ذلك على المضحي نفسه الذي بذل المال من حين أراد الضحية بعد دخول الشهر إلى أن يذبحها ، أما الوكيل عن غيره فلا يحرم عليه شيء من ذلك كالوصي وناظر الوقف ونحوهما ؛ لأن كلاً من هؤلاء ليس بمضح وإنما هو وكيل ، والله الموفق .
ضابط تغطية الرأس للمحرم
س: ما الضابط في تغطية الرأس للمحرم ، بمعنى لو حمل على رأسه بعض متاعه ، هل ذلك يعد من تغطية الرأس ؟ ( )
ج: حمل بعض المتاع على الرأس لا يعد من التغطية الممنوعة إذا لم يفعل ذلك حيلة ، وإنما التغطية المحرمة هي : ما يغطى به الرأس عادة كالعمامة والقلنسوة ، ونحو ذلك مما يغطى به الرأس وكالرداء والبشت ونحو ذلك . أما حمل المتاع فليس من الغطاء المحرم كحمل الطعام ونحوه إذا لم يفعل ذلك المحرم حيلة ؛ لأن الله سبحانه قد حرم على عباده التحيل لفعل ما حرم ، والله ولي التوفيق .
س: هل يجوز للمحرم أن يستعمل الشمسية دون أن تمس رأسه نظراً لحرارة الشمس ؟( )
ج: لا حرج على المحرم أن يستعمل الشمسية اتقاء للشمس كما يستظل في الخيمة وسقف السيارة . وفق الله الجميع .
س: سماحة الشيخ ، لبست طاقية وأنا محرم في الحج الماضي ، ولم أكن أعرف فهل علي فدية وإذا كان كذلك ولم يكن معي ثمنها فماذا أفعل ؟ جزاكم الله خيراً ؟ ( )
ج: بسم الله والحمد لله ، إذا كنت جاهلاً فوضعت غترة أو طاقية على رأسك أو كنت ناسياً فليس عليك شيء والحمد لله .
حكم استخدام الكمامات للمحرم
س: هل تعتبر الكمامات التي يستعملها الطبيب في عمله ويضعها على فمه وأنفه في حكم تغطية الوجه للمحرم ، أفيدونا جزاكم الله خيراً ؟ ( )
ج: نعم لا ينبغي ولا يجوز هذا ؛ لأنه غطى حوالي نصف الوجه والرسول صلى الله عليه وسلم قال : "لا تخمروا رأسه ولا وجهه " ( ) يعني للمحرم الذي وقصته راحلته .
تحديد المخيط من اللباس للمحرم
س: ما هو تحديد المخيط من اللباس ، وهل يجوز لبس السراويل المستعملة الآن تحت الإحرام ؟ ( )
ج: لا يجوز للمحرم بحج أو عمرة أن يلبس السراويل ولا غيرها من المخيط ، على البدن كله أو نصفه الأعلى كالفنيلة ونحوها ، أو نصفه الأسفل كالسراويل ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عما يلبس المحرم قال : "لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويل ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين فيلبس الخفين . وليقطعهما أسفل من الكعبين " ( ) متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، وبهذا يعلم السائل ما هو المخيط الممنوع في حق المحرم الذكر ، ويتضح بالحديث المذكور أن المراد بالمخيط ما خيط أو نسج على قدر البدن كله كالقميص ، أو نصفه الأعلى كالفنيلة ، أو نصفه الأسفل كالسراويل ، ويلحق بذلك ما يخاط أو ينسج على قدر اليد كالقفاز أو الرجل كالخف . لكن يجوز للرجل أن يلبس الخف عند عدم النعل ، ولا يلزمه القطع على الصحيح ؛ لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس بعرفات في حجة الوداع فقال : "من لم يجد إزاراً فليلبس السراويل ومن لم يجد النعلين فليلبس الخفين" ( ) متفق على صحته . ولم يأمر بقطعهما فدل على نسخ القطع المذكور في حديث ابن عمر رضي الله عنهما ؛ لأن حديث ابن عمر رضي الله عنهما الذي أمر فيه بالقطع كان متقدماً والأمر بلبس الخف دون قطع كان في خطبته صلى الله عليه وسلم يوم عرفة بعد ذلك . والله الموفق
يجوز خياط ثياب الإحرام إذا تمزقت
س: إذا كان الإنسان محرماً بالحج أو العمرة ، وتمزق إحرامه بسبب سقوطه على الأرض فهل يجوز له أن يخيطه أم لا ؟ ( )
ج: له أن يخيطه وله أن يبدله بغيره والأمر في ذلك واسع بحمد الله ، والمخيط المنهي عنه هو الذي يحيط بالبدن كله كالقميص والفنيلة وأشباه ذلك ، أما المخيط الذي يكون في الإزار أو في الرداء لكونه مكوناً من قطعتين أو أكثر ، خيط بعضهما في بعض فلا حرج فيه ، وهكذا لو حصل به شق أو خرق فخاطه أو رقعه فلا بأس في ذلك .
س: إذا لبس المحرم أو المحرمة نعلين أو شراباً سواء كان جاهلاً أو عالماً أو ناسياً فهل يبطل إحرامه بشيء من ذلك ؟ ( )
ج: السنة أن يحرم الذكر في نعلين ؛ لأنه جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : "ليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين " ( ) فالأفضل أن يحرم في نعلين حتى يتوقى الشوك والرمضاء والشيء البارد ، فإن لم يحرم في نعلين فلا حرج عليه ، فإن لم يجد نعلين جاز له أن يحرم في خفين . وهل يقطعهما أم لا ؟ على خلاف بين أهل العلم ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : "من لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين " ( ) . وجاء عنه في خطبته في حجة الوداع في عرفات أنه أمر من لم يجد نعلين أن يلبس الخفين ولم يأمر بقطعهما ، فاختلف العلماء في ذلك فقال بعضهم : إن الأمر الأول منسوخ فله أن يلبس من دون قطع .
وقال آخرون ليس بمنسوخ ولكنه للندب لا للوجوب ، بدليل سكوته عنه في عرفات . والأرجح إن شاء الله أن القطع منسوخ ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس في عرفات وقد حضر خطبته الجمع الغفير من الناس من الحاضرة والبادية ممن لم يحضر خطبته في المدينة التي أمر فيها بالقطع . فلو كان القطع واجباً أو مشروعاً لبينه للأمة ، فلما سكت عن ذلك في عرفات دل على أنه منسوخ ، وأن الله جل وعلا عفا وسامح العباد عن القطع؛ لما فيه من إفساد الخف .
أما المرأة فلا حرج عليها إذا لبست الخفين أو الشراب ؛ لأنها عورة ، ولكن تمنع من شيئين : من النقاب ومن القفازين ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى المحرمة عن ذلك ، فقال : "لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين " والنقاب هو الشيء الذي يصنع للوجه كالبرقع فلا تلبسه وهي محرمة ، ولكن يجب أن تغطي وجهها بما تشاء عند وجود الرجال الأجانب ؛ لأن وجهها عورة ، فإذا كانت بعيد عن الرجال كشفت وجهها ولا يجوز لها أن تضع عليه النقاب ولا البرقع ، ولا يجوز لها أن تلبس القفازين ، وهما غشاءان يصنعان لليدين فلا تلبسهما المحرمة ولا المحرم ، ولكن تغطي يديها ووجهها عند الحاجة بغير النقاب والقفازين ؛ لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : "كنا ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم محرمات إذا دنا منا الرجال سدلت إحدانا جلبابها على وجهها فإذا بعدوا منا كشفنا " ( ) والله ولي التوفيق .
حكم من وقف بعرفة بملابسه المخيطة
س: فضيلة الشيخ أفادنا الله بعلمك ونفع المسلمين به ، أنا منعني رؤسائي في العمل من الإحرام وقد جئت هنا للملكة للعمل عندهم وقد أفتاني أحد المشايخ بأن أقف في عرفة بملابسي المخيطة فماذا علي وهل حجتي صحيحة وأنا لا أستطيع ذبح دم وأنا مسافر إلى بلدي ؟ فماذا يجب علي من الصيام هنا ؟ وماذا يجب علي في بلدي ؟ ( )
ج: إذا كنت عاملاً ولم يأذنوا لك فلا تحرم أما إذا سمحوا لك بالإحرام فلا بأس ، أما إذا كنت عاملاً عند أحد تشتغل عنده فليس لك الحج بغير إذنهم ؛ لأنك مربوط بعملهم مستأجر فعليك أن تكمل ما بينك وبينهم فالمسلمون على شروطهم والله يقول : "أوفوا بالعقود " ( ) أما إذا سمحوا لك أن تحج فلا باس وتحج كما يحج المسلمون تكشف رأسك، تلبس الإزار والرداء ، ولا تلبس المخيط بل تلبس إزاراً ورداءً وتكشف رأسك ، أما كونك تحج وهم ما أذنوا لك فهذا يعتبر معصية ، وإن كنت حججت صح الحج ، لكنك عصيت ربك في هذا ؛ لأنك ضيعت بعض حقهم إلا إذا أذنوا لك ، وإذا كنت حججت وأنت لابس على رأسك العمامة أو المخيط على بدنك فعليك الكفارة مع التوبة إلى الله والكفارة هي إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام أو ذبح شاة عن تغطية الرأس ومثلها عن لبس المخيط على البدن ، إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع كيلو ونصف تقريباً ، أو صيام ثلاثة أيام ، أو ذبح شاة تجزئ في الضحية للفقراء في الحرم عما جعلت على رأسك من اللباس ، وعما جعلت على بدنك من اللباس ، عن الرأس كفارة وعن البدن كفارة . الله يهدينا وإياكم والمسلمين .
حكم من سافر في مهمة عاجلة فخلع ملابس الإحرام بعد إحرامه
س: رجل لبس ملابس الإحرام بعد أن اغتسل وتطيب ثم استدعي للسفر في مهمة عاجلة فخلع ملابسه فماذا يكون عليه ؟ ( )
ج: هذا السؤال فيه تفصيل ، فإن كان الرجل المذكور قد أحرم بالنسك بعد لبسه ملابس الإحرام ، أي نوى الدخول في الحج أو العمرة ثم رجع عن ذلك ؛ فخلع ملابس الإحرام من أجل المهمة المذكورة فهذا لم يزل محرماً ، وعليه أن يعيد ملابس الإحرام ويتوجه إلى مكة من حين يعلم حكم الشرع في ذلك لإكماله نسكه من حج أو عمرة ، ولا كفارة عليه عما فعل إن كان جاهلاً ، أما إن كان حين خلعه ملابس الإحرام لم ينو الدخول في النسك وإنما لبس ملابس الإحرام استعداداً لذلك ثم خلع الملابس من أجل المهمة قبل أن ينوي الدخول في النسك من حج أو عمرة فلا شيء عليه ؛ لأنه حين خلع الملابس والحال ما ذكر ليس بمحرم . والله أعلم .
لبس الحزام في الإحرام لا حرج فيه
س: ما حكم لبس الهميان (الكمر) من قبل الحاج المحرم ، ليحفظ فيه نقوده ، هل يجوز له ذلك أم يعتبر مخيطاً لا يجوز لبسه ؟ ( )
ج: لبس الكمر ونحوه لا حرج فيه ، وكذلك الحزام أو المنديل لربط إزاره وحفظ حاجته من النقود وغيرها ، وبالله التوفيق .
حكم لبس الساعة للمحرم
س: ما حكم لبس الساعة للمحرم ؟ ( )
ج: لبس الساعة مثل لبس الخاتم لا حرج فيه إن شاء الله .
حكم وضع الطيب على ملابس الإحرام
س: ما حكم وضع الحاج الطيب على ملابس الإحرام قبل عقد النية والتلبية ؟ ( )
ج: لا يجوز للمحرم أن يضع الطيب على الرداء والإزار ،
وإنما السنة تطييب البدن كرأسه ولحيته وإبطيه ونحو ذلك ، أما الملابس فلا يطيبها عند الإحرام ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : "لا تلبسوا شيئاً من الثياب مسه الزعفران أو الورس " ( ) فالسنة أنه يتطيب في بدنه فقط ، أما ملابس الإحرام فلا يطيبها ولا يلبسها حتى يغسلها أو يغيرها .
حكم استعمال الصابون للمحرم
س: ما حكم غسل اليدين بصابون معطر مثل اللوكس أثناء الإحرام ؟ ( )
ج: لا حرج في ذلك إن شاء الله ؛ لأنه لا يسمى طيباً ولا يعتبر مستعمله متطيباً لكن لو ترك ذلك واستعمل صابوناً آخر من باب الورع كان أفضل وأحسن ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " ( )
س: هل يجوز استعمال الصابون ذي الرائحة للمحرم ؟ ( )
ج: الصابون ذو الرائحة الجيدة يسمى (الممسك) الأقرب والله أعلم هو التسامح فيه وعدم التشديد فيه ، فإن تركه على سبيل الاحتياط لأن الرائحة فيه ظاهرة فمن باب الورع ومن باب الحيطة ، وإلا فاستعماله لإزالة الأوساخ والدسم ونحو ذلك لا يسمى تطيباً وليس من باب التطيب ، فإذا فعله المحرم فلا أرى عليه شيئاً من الفدية ولا أرى عليه بأساً في ذلك .
س: امرأة محرمة بالعمرة شربت قهوة في زعفران قبل أن تكمل العمرة ، هل الزعفران من أنواع الطيب وهل يخل بالعمرة أم لا ؟ ( )
ج: المحرم الذي يشرب القهوة وفيها زعفران يكون قد أساء ؛ لأن الزعفران طيب فلا ينبغي استعماله في القهوة في حق المحرم كما لا ينبغي استعماله في ملابسه ولا في بدنه وهو محرم ، فإذا فعل ذلك الرجل المحرم أو المرأة المحرمة جهلاً أو نسياناً فلا شيء عليهما ، أما إن تعمد ذلك وهو يعلم أنه محرم ولا يجوز فإنه يتصدق بإطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من التمر أو الحنطة أو يصوم ثلاثة أيام أو يذبح شاة كما لو لبس المخيط عمداً أو تطيب في بدنه أو ثيابه أو رأسه عمداً وهو يعلم أنه محرم فإن عليه هذه الفدية كفارة ، وهكذا لو قلم أظفاره أو قص من شعره عمداً وهو يعلم أنه محرم ، أما الناسي أو الجاهل فلا شيء عليه .
حكم الجماع قبل التحلل الأول
س: هل يجب إعادة الحج على من جامع قبل التحلل الأول مع العلم أن حجه حج تطوع ؟ ( )
ج: إذا جامع قبل التحلل الأول يفسد حجه ، وعليه أن يتمه وعليه أن يقضيه بعد ذلك ولو كان حج تطوع كما أفتى بذلك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وعليه بدنة يذبحها ويقسمها على الفقراء بمكة المكرمة ، والله المستعان .
حكم الجماع قبل طواف الإفاضة
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم م. ع. د. وفقه الله .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
فقد وصلني كتابكم الكريم المؤرخ في 1/1/1394هـ وصلكم الله بهداه وما تضمنه من التعزية في فقيد الجميع فضيلة الشيخ / محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله فهمته وأسأل الله أن يجيب دعاءكم ويجبر مصيبة الجميع فيه ويتغمده بالرحمة والرضوان ويصلح ذريته ويخلفه على المسلمين بأحسن خلف إنه جواد كريم .
س: امرأة سافرت إلى الخميس قبل طواف الإفاضة فما الحكم وهل لزوجها وطؤها ؟ ( )
ج: يلزمها العودة إلى مكة فوراً مع القدرة لأداء طواف الإفاضة ؛ لأنه ركن من أركان الحج ، وإن أحرمت بالعمرة عند وصولها إلى الميقات فذلك أفضل ، فتطوف للعمرة وتسعى ثم تطوف لحجها السابق ثم تقصر وتحل ، وإن قدمت طواف الحج على طواف العمرة وسعيها فلا بأس ، وليس لزوجها وطؤها حتى تطوف طواف الإفاضة ؛ لأن الوطء لا يجوز إلا بعد الحل الكامل من الحج وهو لا يحصل إلا بالطواف والسعي لمن عليه سعي والرمي لجمرة العقبة والحلق أو التقصير .
س: رجل وطئ زوجته قبل طواف الإفاضة ، فماذا عليه ؟ هل يخرج إلى الحل من جديد ؟ جزاكم الله خيراً . ( )
ج: إذا وطئ الحاج زوجته قبل الطواف فقد أخطأ وعليه التوبة إلى الله ، وعليه دم يذبح في مكة ويوزع على الفقراء ، ولا يلزمه بذلك الذهاب إلى الحل ، وإنما عليه التوبة إلى الله والفدية والطواف والسعي إن كان لم يسع وكان قارناً أو مفرداً ، أما إذا كان متمتعاً فعليه السعي الأول لعمرته ، وعليه السعي الثاني بعد الطواف لحجه .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
سماحة الشيخ الفاضل / عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظك الله ورعاك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
لقد ذهبت من المنطقة الشرقية (الأحساء ) إلى مكة المكرمة وذلك بمناسبة إجازة عيد شهر رمضان المبارك وأخذت هذه الفرصة حتى آخذ أنا وأهلي عمرة في شهر رمضان ، ومن الميقات أحرمنا وذهبنا إلى الحرم المكي ثم طفنا وسعينا ، وفي الشوط الثاني من السعي قالت لي زوجتي : لقد نزل علي دم وهو من أثر ربط ، وقالت أيضاً : لقد حسيت بشيء بسيط قبل الدخول إلى الحرم وهذا لم أتأكد منه لكن الآن ثبت نزول الدم . فأخذتها في الحال إلى إحدى بوابات الحرم وسألت أحد الشيوخ هناك فقال لي : هي لا تكمل السعي أما أنت فأكمل العمرة ، وأرجو أن تسأل هل عليك كفارة ؟ وكان ذلك في تمام الساعة الثامنة صباحاً . وبعد إكمالي العمرة ذهبت إلى مقر الفتوى في الحرم فلم أجد أحداً وقال لي أحد الموجودين : إنه لا يوجد أحد الآن . فأخذت أهلي وذهبت إلى بلدي وقضيت هناك ما بقي من الإجازة ثم رجعت إلى المنطقة الشرقية ، وبعد عودتي سألت عن ذلك أحد المشائخ فقال لي : إن زوجتي لا تزال محرمة ويحرم عليها ما يحرم على المحرم ويلزمها إكمال العمرة ، لذا أرجو من سماحتكم إفادتي عن الحكم الشرعي في ذلك ، وإذا كانت لا تزال محرمة فلقد اغتسلت وجامعت ومشطت شعرها وقصت أظافرها .
فهل هناك كفارة ؟ أو أنه يسقط عنها الإحرام بنزول الدم؟ وهل يلزمها إكمال العمرة ؟ أم أنها تعتبر معتمرة حيث أنها نوت العمرة وحدث ذلك بعد النية غصباً عنها . وإذا كان لابد من إكمال العمرة . فإنني أخبركم بأنني لا أستطيع الذهاب بها الوقت الحاضر نظراً لظروف عملي . وبعد المنطقة ( ) ، هذا وأرجو رأي سماحتكم الشرعي والله يحفظكم ويرعاكم .
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته . أما بعد :
إذا كان الواقع هو ما ذكرت في السؤال فالمرأة المذكورة لا تزال محرمة وعليك اجتنابها حتى تذهب إلى مكة وتطوف وتسعى وتقصر ، بذلك تكمل عمرتها ، وإذا كنت جامعتها في هذه المدة فعليها دم جبران فدية تذبح في مكة للفقراء ، جذع ضأن أو ثني ماعز يجزئ في الأضحية مع التوبة والاستغفار منكما جميعاً ، وعليها أيضاً أن تأتي بعمرة أخرى من الميقات بدلاً من هذه العمرة التي فسدت بالجماع ، ونسأل الله للجميع الهداية وقبول التوبة ، ونوصيكما جميعاً بعدم التساهل في أمور الدين وأن تبادر بالاستفتاء في كل ما يشكل عليك ، ونسأل الله للجميع التوفيق والهداية .
والخلاصة : أن على زوجتك أن تكمل عمرتها بالطواف والسعي والتقصير من رأسها ، ثم عليها أن تأتي بعمرة أخرى من الميقات إذا كنت قد جامعتها مع الفدية المذكورة آنفاً ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
فضيلة الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
استفتي فضيلتكم بسؤالي هذا وهو أنني تزوجت من فتاة ، ولها عندي ما يقارب السنتين ولي منها بنت فضيلة الشيخ بعدها قامت زوجتي بإخباري بأنها أدت مناسك العمرة مع أهلها وطافت بالبيت الحرام والدورة كانت معها . فضيلة الشيخ بعدما أخبرتني بذلك قمت بطرح هذا السؤال على فضيلة الشيخ / صالح بن فريج بمحافظة عفيف طالباً الفتوى في هذا السؤال تبرئة لذمتها ، وهل يلحقها شيء من ذلك ؟ وأجابني جزاه الله خيراً بأن تعيد الزوجة العمرة مرة أخرى . فضيلة الشيخ تأديتها لهذه العمرة قبل أن أتزوجها بمدة أربع سنوات .
فضيلة الشيخ / عبد العزيز بن باز أتينا لفضيلتكم للتأكد من الأمر وإفتائنا عن إجابة هذا السؤال هذا والله يحفظكم ويرعاكم ويسدد خطاكم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . ( )
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد :
إذا كان الواقع هو ما ذكرتم فالواجب عليها أن تذهب إلى مكة وتطوف وتسعى لعمرتها وتقصر ، وعليها دم يذبح في مكة للفقراء عن جماعك لها وهي محرمة لم تحل من عمرتها ؛ لأن طوافها وهي حائض غير صحيح ، وعليها أن تعيد العمرة من الميقات ؛ لأن الأولى فسدت بالجماع ، فيكون الواجب أداء أعمال العمرة الأولى وهي الطواف والسعي والتقصير ثم عمرة ثانية من الميقات ، كما أفتى بذلك بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويحرم عليك قربانها حتى يجدد العقد – أعني عقد النكاح- بعد فعلها ما ذكرنا مع التوبة إلى الله سبحانه من ذلك . وفق الله الجميع لما يرضيه ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
حكم مزاولة العادة السرية في الحج
س: منذ سبع سنوات ذهبت أنا وأبي لأداء فريضة الحج وكان عمري وقتها حوالي سبعة عشر عاماً . وعندما كنت مرتدياً الإحرام وقبل الذهاب من مكة إلى منى لأداء مناسك الحج قمت عن جهل مني وعن غير علم بمحظورات الإحرام بمزاولة العادة السرية ، وبعد ذلك غسلت غسل الجنابة وارتديت إحرامي ثم ذهبنا إلى منى وأتممنا جميع مناسك الحج والحمد لله . فما حكم حجتي التي هي حجة الفريضة ، والذي جعلني أتأخر عن السؤال طوال هذه المدة
هو الغفلة . جزاكم الله خيراً ووفقكم وأعانكم . ( )
ج: الحج صحيح في أصح قولي العلماء . وعليك التوبة إلى الله من ذلك ؛ لأن تعاطي العادة السرية محرم في الحج وغيره ، لقول الله عز وجل : "والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين . فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون" ( ) ، ولما فيها من المضار الكثيرة التي أوضحها العلماء . نسأل الله لنا ولكم الهداية والتوفيق . وعليك دم يذبح في مكة للفقراء .
س: إذا احتلم الإنسان أثناء الإحرام ما حكمه ؟ وما عليه ؟ جزاكم الله خيراً ( )
ج: بسم الله والحمد لله ، إذا احتلم في الإحرام وأنزل المني فعليه الغسل ولا شيء عليه ، فإحرامه صحيح ولا يضره شيء ؛ لأنه ليس باختياره ، وهكذا الصائم في رمضان وغيره إذا احتلم صومه صحيح ، ولكن إذا أنزل المني يغتسل غسل الجنابة .
حكم تغطية المرأة المحرمة لوجهها وكفيها
س: هل يجوز للمرأة أن تغطي وجهها وكفيها بقفازين عندما تذهب للحج أو للعمرة وهي بذلك ليست مكرهة بل إن وليها أعطاها حرية الخيار بين أن تكشف أو تغطي وجهها ؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً . ( )
ج: المرأة في الإحرام ليس لها أن تغطي وجهها بالنقاب أو بالبرقع وليس لها أن تلبس القفازين في اليدين ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك فقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح فيما يلبس المحرم : "ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين " ( ) يعني في الإحرام ولكنها تغطي وجهها وكفيها بغير ذلك من خمار ونحوه لجلبابها أو عباءتها أو نحو ذلك ، أما النقاب وهو ما يصنع للوجه فإنها لا تلبسه المحرمة لا في العمرة ولا في الحج ، قالت عائشة رضي الله عنها : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، وكنا إذا دنا منا الركبان سدلت إحدانا خمارها من على رأسها على وجهها فإذا بعدوا كشفنا ، فالمرأة تفعل هكذا إذا قرب منها رجال تغطي وجهها بخمار ونحوه ، لا بنقاب مصنوع للوجه ولا تغطي يديها بقفازين ولكن بغيرهما ، وهكذا الرجل المحرم لا يغطي وجهه ولا يغطي رأسه بالعمامة ونحوها ، ولكن يغطي يديه بغير قفازين عند الحاجة ، فلو غطى يديه بالرداء أو بالإزار أو بشيء آخر فلا بأس بذلك ، والمرأة كذلك .
الأفضل للمرأة أن تحرم في شراب وليس لها الإحرام في قفازين
س: سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء عن حكم إحرام المرأة في الشراب – بتشديد الراء- والقفازين ، وهل يجوز لها خلع ما أحرمت فيه ؟ ( )
فرد سماحته قائلا: الأفضل له إحرامها في الشراب أو مداس فهذا أفضل لها وأستر لها ، وإن كانت في ملابس ضافية كفى ذلك .
وأضاف سماحته : "وإن أحرمت في شراب ثم خلعته فلا بأس ، كالرجل يحرم في نعلين ثم يخلعهما إذا شاء لا يضره ذلك " بيد أن سماحته أكد أنه : "ليس لها أن تحرم في قفازين " . وعلل ذلك بقوله : "لأن المحرمة منهية أن تلبس القفازين وهكذا النقاب لا تلبسه على وجهها ومثله البرقع ونحوه ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهاها عن ذلك ، وأكد سماحته أن عليها أن تسدل خمارها أو جلبابها على وجهها عند وجود رجال غير محارمها وفي الطواف والسعي .
واستشهد بحديث عائشة رضي الله عنها قال : "كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه " أخرجه أبو داود وابن ماجة .
أما بالنسبة للرجل فقال سماحة الشيخ ابن باز : "يجوز للرجل لبس الخفين ولو غير مقطوعين على الصحيح ، وقال الجمهور بقطعهما " . ولكن سماحته أضاف : "والصواب أنه لا يلزم قطعهما عند فقد النعلين " . واستدل بأن الرسول صلى الله عليه وسلم خطب الناس بعرفة فاقل : "من لم يجد إزاراً فليلبس السراويل ومن لم يجد نعلين فليلبس الخفين "( ) متفق
عليه . واختتم سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية إجابته بأن الرسول صلى الله عليه وسلم : "لم يأمر بقطعهما فدل ذلك على نسخ الأمر بالقطع " .
س: امرأة لديها ضعف في البصر ، وتنوي الحج هذا العام ، وتقول : هل أضع نقاباً يغطي وجهي بحيث تظهر العينان ، ثم أضع عليه غطاء ساتراً خفيفاً أتمكن من رؤية الطريق من خلاله ، فهل علي إثم لو فعلت ذلك ؟ جزاكم الله خيراً ( )
ج: لا حرج في ذلك إلا إذا كانت محرمة فليس لها ذلك ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حق المحرمة : "ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين" ( ) أ هـ . لكن تغطي المحرمة وجهها بغير ذلك كما جاء ذلك في حديث عائشة رضي الله عنها ، والله ولي التوفيق .
حج المصر على المعصية صحيح ولابد من التوبة
س: ما حكم حج المصر على المعصية أو المستمر على ارتكاب صغيرة من الذنوب ؟ ( )
ج: حجه صحيح إذا كان مسلماً ، لكنه ناقص ويلزمه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى من جميع الذنوب ولاسيما في وقت الحج ، وفي هذا البلد الأمين ، ومن تاب، تاب الله عليه ؛
لقول الله سبحانه وتعالى : "وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون" ( ) ، وقوله سبحانه : "يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار " ( ) .
والتوبة النصوح هي المشتملة على الإقلاع عن الذنوب والحذر منها تعظيماً لله سبحانه وتعالى وخوفاً من عقابه مع الندم على ما مضى منها والعزم الصادق على ألا يعود فيها ، ومن تمام التوبة رد المظالم إلى أهلها ، وإن كان هناك مظالم في نفس أو مال أو بشرة أو عرض واستحلال أهلها منها .
وفق الله المسلمين لما فيه صلاح قلوبهم وأعمالهم ، ومن علينا وعليهم جميعاً بالتوبة النصوح من جميع الذنوب إنه جواد كريم .
باب الفدية
حكم من فعل محظورات من جنس واحد
س: هل تدخل المحظورات في بعضها البعض وتكون لها كفارة واحدة ؟ ( )
ج: نعم إذا كانت المحظورات من جنس واحد ، مثل إذا قلم أظفاره ونتف إبطه أو لبس المخيط عامداً ، فعليه التوبة وتكفي فدية واحدة وهي : إطعام ستة مساكين أو صوم ثلاثة أيام أو ذبح شاة .
س: حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه قال : "حُملت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي . فقال : " ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى ، أتجد شاة؟ قلت : لا . قال : فصم ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع" متفق عليه . هل هذا الحديث تفسير للآية : "فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه"( ) الآية ؟ ( )
ج: هذا الحديث يفسر الآية المذكورة ويدل بجميع رواياته على التخيير بين الأصناف الثلاثة كما هو ظاهر الآية الكريمة ، وهي صيام ثلاثة أيام ، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمر أو غيره ، أو ذبح شاة تجزئ في الأضحية .
حكم من ترك الإحرام من الميقات
س: إنسان نوى العمرة أو الحج ولكنه اجتاز الميقات وأحرم دونه وأتم أعمال الحج أو العمرة فما الواجب عليه ؟ ( )
ج: عليه أن يذبح هدياً يوزعه على فقراء الحرم ولا يأكل منه إذا جاوز ميقاته غير محرم ثم أحرم بعد ذلك وهو ناوٍ العمرة أو الحج حين جاوز الميقات ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما وقت المواقيت لأهل المدينة والشام واليمن ونجد : "هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة ، ومن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة " ( ) متفق على صحته ، ويستثنى من ذلك من أراد العمرة من أهل مكة فإنه يجب أن يحرم من الحل ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عائشة بذلك لما أرادت العمرة وهي بمكة منه . والله ولي التوفيق .
حكم من أحرمت بالعمرة ثم جاءها الحيض وسافرت ولم تؤد العمرة
س: امرأة أحرمت للعمرة ثم جاءها الحيض فخلعت إحرامها وألغت العمرة وسافرت فما الحكم ؟ ( )
ج: هذه المرأة لم تزل في حكم الإحرام وخلعها ملابسها التي أحرمت فيها لا يخرجها عن حكم الإحرام ، وعليها أن تعود إلى مكة فتكمل عمرتها ، وليس عليها كفارة عن خلعها ملابسها أو أخذ شيء من أظفارها أو شعرها وعودها إلى بلادها إذا كانت جاهلة ، لكن إن كان لها زوج فوطئها قبل عودها إلى أداء مناسك العمرة فإنها بذلك تفسد عمرتها ، ولكن يجب عليها أن تؤدي مناسك العمرة وإن كانت فاسدة ، ثم تقضيها بعد ذلك بعمرة أخرى من الميقات الذي أحرمت منه بالأولى ، وعليها مع ذلك فدية وهي سبع بدنة أو سبع بقرة ، أو رأس من الغنم جذع أو ضان أو ثني معز يُذبح في الحرم المكي ويوزع بين الفقراء في الحرم عن فساد عمرتها بالوطء .
وللمرأة أن تحرم فيما شاءت من الملابس وليس لها ملابس خاصة بالإحرام كما يظن بعض العامة ، لكن الأفضل لها أن تكون ملابس الإحرام غير جميلة حتى لا تحصل بها الفتنة ، والله أعلم .
فدية ترك بعض الواجبات
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم ع. م.ب. غ. وفقه الله آمين .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
وصلني خطابكم الكريم المؤرخ في 17/2/1392هـ وصلكم الله بهداه المتضمن السؤال عما حصل لكم في الحج وهو أنك وقفت بعرفة وبت بمزدلفة ، وأنك تحللت من الإحرام ولم ترم الجمار بسبب أنك نسيت صلاة الظهر والعصر بعرفة إلى قبيل المغرب ، ثم تضايقت نفسك ولم تكمل مناسك الحج ، وتسأل ماذا يجب عليك في ذلك ؟ ( )
والجواب : أنك لا تزال محرماً إلى حين التاريخ ونيتك التحلل من الإحرام غير معتبرة لعدم توفر شروط التحلل وعليك أن تبادر بلبس ملابس الإحرام من حين يصلك هذا الجواب ، وتذهب إلى مكة بنية إكمال الحج فتطوف سبعة أشواط بالكعبة طواف الحج ، وتصلي ركعتي الطواف ، ثم تسعى بين الصفا والمروة سعي الحج ، ثم تحلق أو تقصر والحلق أفضل إن لم تكن سابقاً حلقت أو قصرت بنية الحج ، ثم تتحلل وعليك دم عن ترك رمي الجمار كلها إذ كنت لم ترم جمرة العقبة يوم العيد أو الجمار الثلاث يوم الحادي عشر والثاني عشر وهو سبع بدنة أو سبع بقرة أو ثني من المعز أو جذع من الضأن يذبح في الحرم المكي ويوزع بين فقرائه ، وعليك دم آخر مثل ذلك عن تركك المبيت بمنى أيام منى إذا كنت لم تبت بها يذبح في الحرم المكي ويوزع بين الفقراء ، وعليك مع ذلك التوبة والاستغفار عما حصل من التقصير بترك الرمي الواجب في وقته والمبيت بمنى إن لم تكن بت بها ، أما الطواف والسعي والحلق فوقتها موسع ولكن فعلها في وقت الحج أفضل ، وإذا كنت متزوجاً وجامعت زوجتك فقد أفسدت حجك لكن عليك أن تفعل ما تقدم ؛ لأن الحج الفاسد يجب إتمامه كالصحيح ؛ لقوله تعالى : "وأتموا الحج والعمرة لله " ( ) وعليك قضاؤه في المستقبل حسب الاستطاعة ، وعليك بدنة عن إفسادك الحج بمجامعتك امرأتك قبل الشروع في التحلل تذبح في الحرم المكي وتوزع بين الفقراء ، إلا أن تكون قد رميت الجمرة يوم العيد أجزأتك شاة بدل البدنة ولم يفسد حجك كالذي جامع بعد الطواف قبل أن يكمل تحلله بالرمي أو الحلق . وفق الله الجميع للفقه في دينه والثبات عليه ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
حضرة صاحب السماحة والفضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الموقر .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، بعده :
أفتنا عظم الله أجرك عن الأسئلة الآتية :
1- خمسة أشخاص دخلوا الحرم لطواف الوداع فلما طافوا شوطاً أو شوطين حصل عليهم زحام شديد حتى خافوا على أنفسهم فصلوا ركعتين ودعوا وخرجوا ولم يكملوا طواف الوداع ظناً منهم أن الطواف غير واجب عليهم فماذا يجب عليهم ، وإذا وجب عليهم دم فهل يجوز ذبحه وأكله في بلدهم أم لابد من ذبحه في مكة وهل إذا لزم أحد دم هل هو على الفور أم على التراخي .
2- رجل حج فريضة فلما وصل إلى الميقات أحرم بالعمرة متمتعاً فلما قدم مكة سعى وقصر قبل طواف القدوم ثم طاف ولبس ثيابه ، وفي اليوم الثامن أحرم بالحج مع الناس ولم يحصل عليه خلل حيث قد فهم من فعل الناس أن الطواف هو الأول والسعي بعده ، وأما فعله بالعمرة فجهلاً منه بالحكم ويذكر أن معه زوجته وحجها فرضها وهذا الحج المذكور له عدة سنوات وقد حج الرجل بعده مرة دون زوجته فأرجو توضيح الحكم عظم الله أجركم . ( )
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم الشيخ م. ع. ع. سلمه الله وتولاه آمين .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، بعده :
كتابكم الكريم المؤرخ في 9/1/1388هـ وصل وصلكم الله بهداه ، وما تضمنه من السؤالين كان معلوماً :
السؤال الأول : عن جماعة شرعوا في طواف الوداع فلما طافوا شوطاً أو شوطين اشتد عليهم الزحام فقطعوا الطواف ثم صلوا ركعتين ثم خرجوا ظناً منهم أنه غير واجب .
والجواب : هؤلاء الجماعة حسب الأدلة الشرعية على كل واحد منهم فدية وهي سبع بدنة أو سبع بقرة أو جذع ضأن أو ثني معز لأن الراجح في طواف الوداع أنه واجب ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به ونهى عن النفير قبله ، وصح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : "من ترك نسكاً أو نسيه فليهرق دماً " وهذا الهدي يذبح في مكة ويقسم على فقراء الحرم كما نص على ذلك أهل العلم احتجاجاً بقوله سبحانه : "ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب . لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق " ( ) ، وبقوله سبحانه في جزاء الصيد : "هدياً بالغ الكعبة" ( ) ، وهو واجب على الفور ، لأن الأدلة الشرعية قد دلت على أن الأوامر على الفور إلا ما نص الشرع على التوسيع فيه وذلك أبلغ في الامتثال وأبعد من خطر الترك أو النسيان .
السؤال الثاني : متمتع بالعمرة إلى الحج فلما دخل مكة سعى وقصر قبل الطواف ثم طاف ثم حل ثم حج .
والجواب : هذه المسألة فيها خلاف بين العلماء ، والأقرب إن شاء الله أن عمرته صحيحة ؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل في حجة الوداع عمن سعى قبل الطواف فقال : "لا حرج" ( ) أخرجه أبو داود في سننه بإسناد جيد ، أما كونه قصر قبل تمام العمرة ولم يقصر بعد ذلك فهذا يجبر بدم ، لأن التقصير نسك واجب في العمرة بعد الطواف والسعي وقد تركه فينبغي أن يفدي عن ذلك فدياً كالهدي المذكور في جواب السؤال الأول يذبح في مكة ويوزع بين فقرائها ، وينبغي أيضاً أن يفدي عن تقصيره الذي وقع في غير محله جهلاً منه بأحد ثلاثة أشياء : إما صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من التمر أو الحنطة أو الأرز أو الشعير ، أو ذبح شاة على ما في حديث كعب بن عجرة ؛ لكونه فعل ما يخالف الشرع وكان في إمكانه أن يسأل أهل العلم قبل أن يقدم على عمله هذا ، والإطعام والنسك محلهما مكة ، أما الصيام ففي كل مكان ، والله سبحانه وتعالى أعلم ، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه .
س: سائلة تسأل وتقول : لقد أديت فريضة الحج قبل خمس سنوات ولكني لم أرم إلا في المرة الأولى أي رميت ليلة العيد قبل الفجر حيث إننا خرجنا من مزدلفة بعد منتصف الليل خوفاً من الزحام ، ثم إنني رميت الحصيات ولا أعلم هل وقعت في الحوض أم طاشت عنه ولم تقع ، وكان وقتها الزحام شديداً وكنت في ذلك الوقت جاهلة أنه يجب أن تقع الحصيات في الحوض ، كما أنني لم أرم في اليوم الثاني والثالث وإنما وكلت أخي في الرمي عني وذلك خوفاً من الزحام فقط ، كما أنني كنت جاهلة أنه على المرأة أن ترمي بنفسها ولا توكل إلا لعجزها عن ذلك . أفيدوني بالذي يجب علي في رميي للحصيات حينما كنت لا أعلم هل كانت تقع في الحوض أم كانت تطيش عنه ، وما الذي يجب علي في توكيلي لأخي في الرمي في اليوم الثاني والثالث هل يجب علي فدية أم ماذا جزاكم الله خيراً ؟ ( )
ج: عليك عن جميع ذلك ذبيحة واحدة عن ترك الرمي في اليوم الثاني والثالث وأنت قادرة، وعن رمي اليوم الأول الذي شككت هل وصلت الجمرات على الحوض أم لا ، والمقصود أن عليك دماً واحداً وهو ذبيحة جذع من الضأن أو ثني من المعز كالضحية يذبح في مكة للفقراء عن ترك هذا الواجب ؛ لأنه لابد من العلم بوقوع الحصى في المرمى أو غلبة الظن بذلك .
من تحرك من عرفة قبل غروب الشمس فعليه دم مع التوبة إلى الله
س: وقفت بعرفة حتى قبيل المغرب ورأيت الحجاج يتحركون إلى مزدلفة فسرت معهم ، وقد نبهني أحد الحجاج بعدم المسير الآن ولكنني لم أسمع كلامه ، فهل حجي صحيح ؟ أو ماذا علي ؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً . ( )
ج: إذا كان الواقع هو ما ذكرت في السؤال ولم ترجع إلى عرفة بعد الغروب فعليك دم يُذبح في منى أو مكة للفقراء مع التوبة إلى الله من ذلك . وفق الله الجميع .
حكم إجزاء الفدية الواحدة لمن أخل بواجب أو فعل محظوراً
س: إذا أخل حاج ببعض واجبات الحج كأن لم يحرم من الميقات أو أخذ شيئاً من جسمه كشعر أو ظفر أو غطى رأسه ، هل يكفي لذلك فدية واحدة أم أن كل واجب متروك أو محظور عليه فدية مستقلة بذلك ؟ جزاكم الله خيراً . ( )
ج: من ترك واجباً من واجبات الحج كالإحرام من الميقات فعليه دم يذبح في الحرم للفقراء، يجزئ في الأضحية أو سبع بدنة أو سبع بقرة ، فإن لم يجد صام عشرة أيام ، ثلاثة أيام في الحج وسبع إذا رجع إلى أهله .
أما من فعل محظوراً من محظورات الإحرام ، مثل قص الشعر أو الأظافر أو لبس المخيط عالماً بالتحريم ذاكراً له فعليه فدية ذلك ، وهي إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ، أو ذبح شاة تجزئ في الأضحية ، أو صيام ثلاثة أيام ؛ لحديث كعب بن عجرة الثابت في ذلك ، فإن كان ناسياً أو جاهلاً فلا شيء عليه . والله ولي التوفيق .
حكم من لم يطف طواف الإفاضة ورجع إلى بلاده وجامع أهله
س: رجل لم يطف طواف الإفاضة ورجع إلى بلاده وجامع أهله فماذا عليه ؟ ( )
ج: عليه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى ، وعليه ذبيحة تذبح في مكة للفقراء ، وعليه أن يرجع ويطوف طواف الإفاضة ، وهذا خطأ عظيم عليه التوبة إلى الله والاستغفار والرجوع إلى مكة لطواف الإفاضة ، وعليه دم يذبح في مكة ؛ لأن إتيانه زوجته قبل طواف الإفاضة لا يجوز وفيه دم ، والصواب أنه يكفيه شاة رأس من الغنم أو سبع بدنة أو سبع بقرة .
صيد الحرم
مضاعفة السيئة في مكة
س: هل تضاعف السيئة في مكة مثل ما تضاعف الحسنة ؟ ولماذا تضاعف في مكة دون غيرها ؟ ( )
ج: الأدلة الشرعية دلت على أن الحسنات تضاغف في الزمان الفاضل مثل رمضان وعشر ذي الحجة ، والمكان الفاضل كالحرمين ، فإن الحسنات تضاعف في مكة مضاعفة كبيرة .
وقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي هذا" ( ) فدل ذلك على أن الصلاة بالمسجد الحرام تضاعف بمائة ألف صلاة فيما سوى المسجد النبوي ، وفي مسجد النبي صلى الله عليه وسلم خير من ألف صلاة فيما سواه سوى المسجد الحرام ، وبقية الأعمال الصالحة تضاعف ، ولكن لم يرد فيها حد محدود إنما جاء الحد والبيان في الصلاة ، أما بقية العمال كالصوم والأذكار وقراءة القرآن والصدقات فلا أعلم فيها نصاً ثابتاً يدل على تضعيف محدد ، وإنما فيها في الجملة ما يدل على مضاعفة الأجر وليس فيها حد محدود . والحديث الذي فيه : "من صام رمضان في مكة كتب له مائة ألف رمضان " حديث ضعيف عند أهل العلم .
والحاصل : أن المضاعفة في الحرم الشريف بمكة لا شك فيها (أعني مضاعفة الحسنات ) ولكن ليس في النص فيما نعلم حداً محدوداً ما عدا الصلاة فغن فيها نصاً يدل على أنها مضاعفة بمائة ألف كما سبق .
أما السيئات فالذي عليه المحققون من أهل العلم أنها لا تضاعف من جهة العدد ، ولكن تضاعف من جهة الكيفية ، أما العدد فلا؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقولك "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها" ( ) . فالسيئات لا تضاعف من جهة العدد لا في رمضان ولا في الحرم ولا في غيرهما ، بل السيئة بواحدة دائماً وهذا من فضله سبحانه وتعالى وإحسانه .
ولكن سيئة الحرم وسيئة رمضان وسيئة عشر ذي الحجة أعظم في الإثم من حيث الكيفية لا من جهة العدد ، فسيئة في مكة أعظم وأكبر وأشد إثما من سيئة في جدة والطائف مثلاً، وسيئة في رمضان وسيئة في عشر ذي الحجة أشد وأعظم من سيئة في رجب أو شعبان ونحو ذلك ، فهي تضاعف من جهة الكيفية لا من جهة العدد .
أما الحسنات فإنها تضاعف كيفية وعدداً بفضل الله سبحانه وتعالى ، ومما يدل على شدة الوعيد في سيئة الحرم ، وان سيئة الحرم عظيمة وشديدة قول الله تعالى : "ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم " ( ) فهذا يدل على أن السيئة في الحرم عظيمة وحتى الهمَّ بها فيه هذا الوعيد .
وإذا كان من همَّ بالإلحاد في الحرم يكون له عذاب أليم ، فكيف بحال من فعل الإلحاد وفعل السيئات والمنكرات في الحرم ؟ فإن إثمه يكون أكبر من مجرد الهمَّ ، وهذا كله يدلنا على أن السيئة في الحرم لها شأن خطير . وكلمة إلحاد تعم كل ميل إلى باطل سواء كان في العقيدة أو غيرها ؛ لأن الله تعالى قال : "ومن يرد فيه بإلحاد بظلم" فنكَّر الجميع ، فإذا ألحد أي إلحاد – والإلحاد هو الميل عن الحق – فإنه متوعد بهذا الوعيد .
وقد يكون الميل عن العقيدة فيكفر فيكون ذنبه أعظم وإلحاده أكبر ، وقد يكون الميل إلى سيئة من السيئات كشرب الخمر أو الزنا أو عقوق الوالدين أو أحدها فتكون عقوبته أخف وأقل من عقوبة الكافر . "بظلم" هذا يدل على أنه إذا كان يرجع إلى الظلم فإن الأمر خطير جداً فالظلم يكون في المعاصي ، ويكون في التعدي على الناس ، ويكون بالشرك بالله ، فإذا كان إلحاده بظلم نفسه بالمعاصي أو بالكفر فهذا نوع من الإلحاد ، وإذا كان إلحاده بظلم العباد بالقتل أو الضرب أو أخذ الأموال أو السب أو غير ذلك فهذا نوع آخر، وكله يسمى إلحاداً وكله يسمى ظلماً وصاحبه على خطر عظيم . لكن الإلحاد الذي هو الكفر بالله والخروج عن دائرة الإسلام هو أشدها وأعظمها كما قال الله سبحانه : "إن الشرك لظلم عظيم" ( ) . والله أعلم .
عرفة ليست من الحرم
س: امرأة أرادت أن تصلي في عرفة فضايقها غصن شجرة فقطعته وهي جاهلة ، فما الحكم ؟ أفيدونا بارك الله فيكم . ( )
ج: بسم الله والحمد لله ، شجر عرفة ليس بمحرم فقطع غصن منها لا يضر ؛ لأن عرفة حلال وليست من الحرم فإذا قطع شيء منها فلا يضر .
س: لقد ذهبت والدتي إلى الحج وخلال الإحرام نسيت فاقتلعت بعض الشجيرات هل يجوز حجها وماذا يجب عليها الآن أن تفعل ؟ ( )
ج: هذه المسألة فيها تفصيل : فإذا كان إحرامها من الميقات فالشجر الذي قلعته لا يضر ؛ لأنه ليس بحرم مثل ميقات أهل المدينة وميقات أهل الطائف (وادي محرم) وهكذا ميقات اليمن وهكذا ميقات أهل الشام ومصر والعراق كلها ليست بحرم ، فما قلع منها من شجر أو نبات فلا يضر وليس فيه شيء ، أما إن كانت اقتلعت أثناء إحرامها بالحرم وسط الحرم بمكة فهذا خطأ وليس عليها فيه شيء سوى التوبة إلى الله من ذلك ؛ أولاً لجهلها ، وثانياً : لأنه ليس هناك نص واضح في إيجاب قيمة ما يقلع من الشجر أو النبات الأخضر.
حكم قطع غرس بني آدم في الحرم
س: هل غرس بني آدم منهي عن قطعه في الحرم ؟ ( )
ج: غرس بني آدم غير داخل في النهي ، وإنما النهي عن قطع شجرها النابت بغير إنبات الآدمي ، أما ما كان إنباته من نخل وغيره فمتى شاء قطعه .
حكم رعي الغنم في الحرم
س: صاحب الغنم إذا أرسل غنمه يرعى في الحرم ؟ ( )
ج: الرعي ليس فيه بأس .
خصوصية حمام مكة والمدينة
س: هل هناك خصوصية لحَمَام مكة والمدينة ؟ ( )
ج: ليست هناك خصوصية لحمام مكة ولا لحمام المدينة سوى أنه لا يصاد ولا ينفر مادام في حدود الحرم لعموم حديث : "إن الله حرَّم مكة فلم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي ، وإنما أحلت لي ساعة من نهار ، لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها " ( ) ، والحديث رواه البخاري ، وقوله صلى الله عليه وسلم : "إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها لا يقطع عضاها ولا يصاد صيدها " ( ) رواه مسلم. ( )
حكم قتل الجراد في الحرم
س: لو قتلت المرأة جرادة أو جرادتين هل عليها كفارة ؟ ( )
ج: إذا قتل الجراد بغير سبب فإنه يفدي بقيمته في حق المحرم وهكذا من قتله في الحرم .
حكم الفدية في الصيد بالقتل المتعمد ؟ ( )
س : هل تلزم الفدية في الصيد بالقتل المتعمد ؟
ج: تلزم الفدية من تعمد قتل الصيد وهو محرم أو قتله في الحرم لقول الله سبحانه : " يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم " ( ) الآية .
والجمهور من أهل العلم ألحقوا المخطئ بالمتعمد ؛ لأن الإتلاف عندهم يستوي فيه المتعمد وغيره . لكن صريح القرآن يدل على أن الفدية لا تلزم إلا المتعمد ، وهذا هو الأظهر ، ولأن المحرم قد يبتلى بذلك من غير قصد ولاسيما بعد وجود السيارات وقد قال الله سبحانه : "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر " ( ) .
حديث الصعب بن جثامة رضي الله عنه أنه أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم
س: حديث الصعب بن جثامة رضي الله عنه أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حماراً وحشياً وهو بالأبواء أوبودان فرده عليه وقال : "إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم" ( ) متفق عليه . هل هو ناسخ لحديث أبي قتادة رضي الله عنه في قصة صيده الحمار الوحشي وهو غير
محرم قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه وكانوا محرمين : "هل منكم أحد أعانه أو أشار إليه بشيء ؟ "قالوا : لا . قال : "فكلوا ما بقي من لحمه " متفق عليه . لأن حديث أبي قتادة في الحديبية وحديث الصعب في الصلح ؟ ( )
ج: لا تعارض بينهما ؛ لأن أبا قتادة لم يصده للمحرمين ولم يعينوه عليه . وأما الصعب فقد أهداه للنبي صلى الله عليه وسلم حياً والمحرم ممنوع من الصيد الحي كما أنه ممنوع من أكل ما صيد من أجله ولو كان صاحبه قد ذبحه ، هذا هو الجمع بين الحديثين ويدل على ذلك أيضاً حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يُصَدْ لكم " ( ) . والله ولي التوفيق
س: هل ورد في بعض الروايات أنه حي ؟ ( )
ج: في بعض الروايات أنه حي ، وفي بعضها انه أهدي عجز حمار أو رجل حمار ، ورواية رجل حمار أو عجز حمار محمولة على أنه صاده من أجل النبي عليه الصلاة والسلام .
س: أبو قتادة هل صاده لأجلهم أم أنه أهداه لهم ؟ ( )
ج: لم يصده لأجلهم وإنما أهداه لهم كما تقدم .
باب دخول مكة
الطهارة عند الإحرام بالحج أو العمرة
س: هل يشترط لمن أراد الإحرام بالحج أو العمرة أن يكون على طهارة أم لا ؟ أفتونا يا سماحة الشيخ مأجورين ( )
ج: ليس بشرط ، لا في العمرة ولا في الحج ولا في القران ، فلو أحرم على غير طهارة أو هو جنب أو أحرمت المرأة الحائض أو النفساء صح ذلك ، ولهذا تحرم الحائض للحج والعمرة ولكن لا تطوف بالبيت حتى تغتسل ، وهكذا الرجل لو أحرم وهو جنب أو على غير وضوء صح إحرامه ، فيلبي ويذكر الله ولكن لا يطوف حتى يغتسل ويتوضأ ، فليس من شرط الإحرام الطهارة .
السنة للمحرم الاضطباع في طواف القدوم
س: المعروف أن كشف الكتف الأيمن للمحرم لا يكون إلا في طواف القدوم ، ولكننا نلحظ كثير من المحرمين يكشفونها من حال إحرامهم حتى انتهاء عمرتهم ، وأكثرهم يصلون وهي مكشوفة . ألا ترون سماحتكم أن من المناسب الطلب من أئمة المساجد في المواقيت أن ينبهوا مثل هؤلاء قبل تكبير للصلاة أن يغطوا أكتافهم ؟ ( )
ج: السنة للمحرم في طواف القدوم أن يضطبع بردائه ، وهو أن يجعل وسطه تحت إبطه الأيمن ، وطرفيه على عاتقه الأيسر ، فإذا فرغ من الطواف أزال ذلك ، وجعل الرداء على كتفيه قبل أن يصلي ركعتي الطواف ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء " ( ) ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم كانوا يضعون الرداء على العاتقين في الصلاة وخارجها . والله الموفق .
س: هل الأفضل للمحرم تغطية الكتفين أم الكشف عن أحدهما أثناء الإحرام ؟ ( )
ج: السنة للمحرم أن يجعل الرداء على كتفيه جميعاً ويجعل طرفيه على صدره ، هذا هو السنة ، وهو الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا أراد أن يطوف طواف القدوم
للحج والعمرة – اضطبع- فجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن ، وأطرافه على عاتقه الأيسر ، وكشف منكبه الأيمن في حال طواف القدوم خاصة ، أي أول ما يقدم مكة للحج أو العمرة ، فإذا انتهى من الطواف عدل الرداء وجعله على منكبيه وصلى ركعتي الطواف ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء " ( ) متفق على صحته . والسنة أن يستر منكبيه بالرداء بعد طواف القدوم وقبل ركعتي الطواف ؛ لفعله صلى الله عليه وسلم ولهذا الحديث ، ولو وضع الرداء ولم يسترهما في وقت جلوسه أو أكله أو تحدثه مع إخوانه فلا بأس ، لكن السنة إذا لبس الرداء أن يكون على كتفيه ، وأطرافه على صدره ، إلا في حال طواف القدوم – كما تقدم -.
حكم الرمل
س: ما حكم الرمل ؟ ( )
ج: سنة في الطواف الأول حين يقدم مكة لحج أو عمرة في الأشواط الثلاثة الأولى من طواف القدوم ، وهو الإسراع في المشي ، ويسمى الجذب ، أما الأربعة الأخيرة فيمشي فيها مشياً ، المشي المعتاد تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك .
يجزئ الطواف والسعي عن الطفل وحامله
س: هل يجزئ الطواف والسعي عن الطفل وحامله أم لابد من إفراده بطواف وسعي ؟ ( )
ج: يجزئ الطواف والسعي عن الطفل وحامله في أصح قولي العلماء ، إذا كان الحامل نوى ذلك ، وإن طاف به طوافاً مستقلاً وسعياً مستقلاً كان ذلك أحوط .
الطواف من داخل حجر إسماعيل غير صحيح
س: رجل طاف من داخل حجر إسماعيل وسعى وحل الإحرام ثم ذهب إلى داره وجامع زوجته ، هل عليه إثم في ذلك ( )
ج: هذه العمرة فاسدة ؛ لأن طوافه غير صحيح ، فعليه أن يعيد الطواف والسعي ويقصر شعره ، وعليه دم شاة تذبح في مكة عن جماعة زوجته قبل إتمامه عمرته ، لأن طوافه من داخل الحجر غير صحيح ،لابد أن يطوف من وراء الحجر وبذلك تتم عمرته الفاسدة ، ثم يأتي بعمرة أخرى صحيحة بدلاً عنها من الميقات الذي أحرم بالأولى منه ، هذا هو الواجب عليه ؛ لفساد عمرته الأولى بالوطء .
الطهارة شرط لصحة الطواف
س: ما الدليل على أن الطواف لابد فيه من الطهارة ؟ ( )
ج: الدليل أنه صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يطوف توضأ كما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : "لما أراد صلى الله عليه وسلم أن يطوف توضأ" . وقال صلى الله عليه وسلم : "الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام" ( ) ، جاء هذا مرفوعاً وموقوفاً على ابن عباس رضي الله عنهما ، والموقوف أصح إسناداً ، ولكنه لا يقال من جهة الرأي فهو في حكم المرفوع ؛ لأن الصحابي إذا قال ما لا يمكن قوله من جهة الرأي فهو في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان ممن لا ينقل عن بني إسرائيل ، وهذا القول لا تعلق له بأخبار بني إسرائيل ولا دخل للرأي فيه ، فهو في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، كما يدل على ذلك حديث عائشة المذكور .
فالنبي صلى الله عليه وسلم طاف طاهراً وقال : "خذوا عني مناسككم" ( ) .
س: لي قريبة اعتمرت في رمضان ولما دخلت الحرم أحدثت حدثاً أصغر ، خرج منها ريح وخجلت أن تقول لأهلها أريد أن أتوضأ ، ثم طافت ولما انتهت من الطواف ذهبت لوحدها وتوضأت ثم أتت السعي ، فهل عليها دم أم كفارة ؟ وجزاكم الله خيراً ( )
ج: طوافها غير صحيح ؛ لأن من شرط صحة الطواف الطهارة كالصلاة ، فعليها أن ترجع إلى مكة وتطوف بالبيت ، ويستحب لها أن تعيد السعي ؛ لأن أكثر أهل العلم لا يجيز تقديمه على الطواف ، ثم تقصر من جميع رأسها وتحل ، وإن كانت ذات زوج وقد جامعها زوجها فعليها دم يذبح في مكة للفقراء ، وعليها أن تأتي بعمرة جديدة من الميقات الذي أحرمت منه للعمرة الأولى ؛ لأن العمرة فسدت بالجماع ، فعليها أن تفعل ما ذكرنا ثم تأتي بالعمرة الجديدة من الميقات الذي أحرمت للعمرة الأولى منه ، سواء كان ذلك في الحال أو في وقت آخر ، حسب طاقتها ، والله ولي التوفيق .
س: امرأة تطهرت ثم نامت في السيارة وهي في طريقها إلى مكة ، ثم طافت ولم تتوضأ ، وبقيت متمتعة حتى الحج وقضت حجها وحلت إحرامها فماذا عليها ؟ جزاكم الله خيراً . ( )
ج: بسم الله ، والحمد لله . إذا كان النوم الذي جاءها كان على صفة النعاس فلا حرج ، فالنعاس لا ينقض الوضوء ، أما إذا كانت مستغرقة في النوم الذي ينقض الوضوء فحكمها حكم من لم يطف بالبيت ، فتكون قارنة ، وطواف الإفاضة وسعي الإفاضة يكون عن طواف العمرة وسعيها ، والحمد لله .
من قطع طوافه لحدث أو لحاجة هل يستأنفه أم يبني على ما مضى
س: رجل شرع في الطواف فخرج منه ريح ، هل يلزمه قطع طوافه أم يستمر ؟ ( )
ج: إذا أحدث الإنسان في الطواف بريح أو بول أو مني ، أو مس فرج أو ما أشبه ذلك انقطع طوافه كالصلاة ، يذهب فيتطهر ثم يستأنف الطواف ، هذا هو الصحيح ، والمسألة فيها خلاف ، لكن هذا هو الصواب في الطواف والصلاة جميعاً ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف ، وليتوضأ ، وليعد الصلاة " ( ) رواه أبو داود وصححه ابن خزيمة ، والطواف من جنس الصلاة في الجملة ، لكن لو قطعه لحاجة مثلاً ، كمن طاف ثلاثة أشواط ثم أقيمت الصلاة فإنه يصلي ثم يرجع فيبدأ من مكانه ولا يلزمه الرجوع إلى الحجر الأسود ، بل يبدأ من مكانه ويكمل ، خلافاً لما قاله بعض أهل العلم : إنه يبدأ من الحجر الأسود . والصواب : لا يلزمه ذلك ، كما قال جماعة من أهل العلم ، وكذا لو حضر جنازة وصلى عليها ، أو أوقفه أحد يكلمه ، أو زحام ، أو ما أشبه ذلك ، فإنه يكمل طوافه ، ولا حرج عليه في ذلك . والله ولي التوفيق.
حكم طواف من خرج من جرحه دم
س: في حالة طوافي حدث لي جرح خرج منه دم فهل يؤثر ذلك علي ؟ ( )
ج: الأرجح أنه لا يؤثر عليك إن شاء الله وطوافك صحيح ؛ لأن خروج الدم بالجرح فيه خلاف هل ينقض الوضوء أم لا ؟ وليس هناك دليل واضح على نقضه الوضوء ولاسيما إذا كان الدم قليلاً فإنه لا يضر ، وبكل حال فالصواب في هذه المسالة صحة الطواف ، إذ الأصل صحة الطواف ، وبطلانه مشكوك فيه ، والخلاف فيه معروف ، فالأفضل هو سلامة الطواف وصحته ، هذا هو الأصل وهذا هو الأرجح .
حكم طواف من لامس امرأة أجنبية
س: رجل كان يطوف طواف الإفاضة في زحام شديد ولامس جسم امرأة أجنبية عنه هل يبطل طوافه ويبدأه من جديد قياساً على الوضوء أم لا ؟ ( )
ج: لمس الإنسان جسم المرأة حال طوافه أو حال الزحمة في أي مكان لا يضر طوافه ، ولا يضر وضوءه ، في أصح قولي العلماء . وقد تنازع الناس في لمس المرأة هل ينقض الوضوء ؟ على أقوال :
قيل: لا ينقض مطلقاً .
وقيل : ينقض مطلقاً .
وقيل : ينقض إن كان مع الشهوة .
والأرجح من هذه الأقوال والصواب منها أنه لا ينقض الوضوء مطلقاً ، وأن الرجل إذا مس المرأة أو قبلها لا ينتقض وضوءه في أصح الأقوال ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم
قبَّل بعض نساءه ثم صلى ولم يتوضأ ، ولأن الأصل سلامة الوضوء وسلامة الطهارة ، فلا يجوز القول بأنها منتقضة بشيء إلا بحجة قائمة لا معارض لها ، وليس هنا حجة قائمة تدل على نقض الوضوء بلمس المرأة مطلقاً . أما قوله تعالى : "أو لامستم النساء" ( ) ، فالصواب في تفسيرها أن المراد بها الجماع وهكذا القراءة الأخرى (( أو لا مستم النساء )) فالمراد بها الجماع ، كما قال ابن عباس وجماعة ، وليس المراد به مجرد مس المرأة كما يروى عن ابن مسعود رضي الله عنه ، بل الصواب في ذلك هو الجماع كما يقوله ابن عباس رضي الله عنهما وجماعة .
وبهذا يُعلم أن الذي مس جسمه جسم امرأة في الطواف أن طوافه صحيح ، وهكذا الوضوء ، ولو مس امرأته أو قبلها فوضوئه صحيح ما لم يخرج منه شيء ، لكن ليس له أن يمس جسم امرأة ليست محرماً له على وجه العمد .
حكم استلام الركن اليماني من الكعبة
س: ما حكم المسح أو الإشارة إلى الركن الجنوبي الغربي للكعبة المشرفة أثناء الطواف وكم عدد التكبيرات التي تقال عنده وعند الحجر الأسود ؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً ( ) .
ج: يشرع للطائف أن يستلم الحجر الأسود والركن اليماني في كل شوط من أشواط الطواف ، كما يستحب له تقبيل الحجر الأسود خاصة في كل شوط مع الاستلام ، حتى في الشوط الأخير إذا تيسر ذلك من دون مشقة ، أما مع المشقة فيكره له الزحام ويشرع أن يشير إلى الحجر الأسود بيده أو عصاه ويكبر ، أما الركن اليماني فلم يرد فيما نعلم ما يدل على الإشارة إليه ، وإنما يستلمه بيمينه إذا استطاع من دون مشقة ولا يقبله ، ويقول : بسم الله والله أكبر" أو "الله أكبر" ، أما مع المشقة فلا يشرع له استلامه ، ويمضي في طوافه من دون إشارة أو تكبير ؛ لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم – كما أوضحت ذلك في كتابي (التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة) -.
أما التكبير فيكون مرة واحدة ولا أعلم ما يدل على شرعية التكرار ، ويقول في طوافه كله ما تيسر من الدعوات والأذكار
الشرعية ، ويختم كل شوط بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يختم به كل شوط ، وهو الدعاء المشهور : "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" ( ) .
وجميع الأذكار والدعوات في الطواف والسعي سنة وليست واجبة . أما الركنان اللذان يليان الحجر فلا يشرع مسحهما ولا أن يخصا بذكر أو دعاء ؛ لأن ذلك لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد قال الله سبحانه : "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة"( ) . وقال عليه الصلاة والسلام : "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " ( ) والله ولي التوفيق .
س: رأيت الناس يتمسحون بالمقام ويحبونه ويتمسحون بأطراف الكعبة ، وضح الحكم في ذلك ؟ ( )
ج: التمسح بالمقام أو بجدران الكعبة أو بالكسوة كل هذا أمر لا يجوز ولا أصل له في الشريعة ، ولم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم وإنما قبَّل الحجر الأسود واستلمه واستلم
جدران الكعبة من الداخل ، لما دخل الكعبة ألصق صدره وذراعيه وخده في جدارها وكبر في نواحيها ودعا ، أما في الخارج فلم يفعل صلى الله عليه وسلم شيئاً من ذلك فيما ثبت عنه ، وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه التزم الملتزم بين الركن والباب ، ولكنها رواية ضعيفة ، وإنما فعل ذلك بعض الصحابة رضوان الله عليهم . فمن فعله فلا حرج ، والملتزم لا بأس به ، وهكذا تقبيل الحجر سنة .
أما كونه يتعلق بكسوة الكعبة أو بجدرانها أو يلتصق بها ، فكل ذلك لا أصل له ولا ينبغي فعله ؛ لعدم نقله عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة رضي الله عنهم ، وكذلك التمسح بمقام إبراهيم أو تقبليه كل هذا لا أصل له ولا يجوز فعله ؛ لأنه من البدع التي أحدثها الناس .
أما سؤال الكعبة أو دعاؤها أو طلب البركة منها فهذا شرك أكبر لا يجوز ، وهو عبادة لغير الله ، فالذي يطلب من الكعبة أن تشفي مريضه أو يتمسح بالمقام يرجو الشفاء منه فهذا لا يجوز ، بل هو شرك أكبر – نسأل الله السلامة-.
الدعاء في الطواف
س: عن مدى صحة الدعاء أثناء الحج أو العمرة في الطواف بـ (أخرجني من الظلمات إلى النور) ، وهل للطواف والسعي في الحج أدعية محددة كما في كتاب يقرؤه الحجاج والمعتمرون ، أم أن الدعاء بما ورد وصح من آيات وأحاديث بدون تحديد أولى ؟ أفتوني مأجورين وجزيتم خيراً . ( )
ج: يشرع في الدعاء والذكر والطواف والسعي بما يسر الله من الأذكار الشرعية والدعوات الطيبة التي لا محذور فيها ، وليس في ذلك شيء محدود ، إلا أنه يستحب ختم كل شوط من أشواط الطواف السبعة بالدعاء المعروف : "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" ( ) ، بين الركنين : اليماني والأسود ؛ لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كما يشرع التكبير عند استلام الحجر الأسود وتقبيله ، وعند الإشارة إليه إذا لم يتيسر استلامه ، وهكذا يشرع عند استلام الركن اليماني أن يقول الطائف : "بسم الله والله أكبر" .
ويشرع على الصفا والمروة جميع الأذكار والدعاء الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم مع رفع اليدين واستقبال الكعبة وقراءة قوله تعالى : "إن الصفا والمروة من شعائر الله"( )،
عند البدء في السعي كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً : "إن الصفا والمروة من شعائر الله" نبدأ بما بدأ الله به " ( ) . والله ولي التوفيق .
حكم الطواف وراء المقام أو وراء زمزم
س: ما حكم الطواف وراء المقام أو وراء زمزم ؟ ( )
ج: لا حرج في ذلك حتى لو طاف في الأروقة أجزأه ذلك ، ولكن كل ما دنا من الكعبة كان أفضل ، وإذا كان هناك سعة وليس فيه زحمة فدنا من الكعبة فهو أفضل ، وإن شق عليه ذلك طاف من بعيد ، ولا حرج في ذلك .
الإكثار من الطواف والصلاة
س: هل الأفضل تكرار الطواف أم التطوع بصلاة ؟ ( )
ج: في التفضيل بينهما خلاف ، لكن الأولى أن يجمع بين الأمرين فيكثر من الصلاة والطواف حتى يجمع بين الخيرين ، وبعض العلماء فضل الطواف في حق الغرباء ؛ لأنهم لا يجدون الكعبة في بلدانهم ، فاستحب أن يكثروا من الطواف ماداموا بمكة ، وقوم فضلوا الصلاة ؛ لأنها أفضل من الطواف ، فالأفضل والأولى فيما أرى أن يكثر من هذا ويكثر من هذا ، وإن كان غريباً ، حتى لا يفوته فضل أحدهما ، يساهم في هذا وفي هذا .
س: هل الرسول عليه الصلاة والسلام في آخر شوط من طوافه كبر ؟ ( )
ج: نعم كان النبي صلى الله عليه وسلم كلما حاذى الحجر كبر في الشوط الأخير والشوط الأول والأشواط التي بينها .
حكم من شك هل أتم سبعة أشواط أم لا
س: ما حكم من لم يدقق في طواف القدوم أي ساوره شك في أنه أتم سبعة أشواط أو لم يتم ثم سعى ؟ ( )
ج: إذا كان الشك طرأ عليه بعد الطواف أو حين الانصراف من الطواف فالشك الطارئ لا يلتفت إليه ، أما إذا كان الشك وهو يطوف فالواجب أن يتمم ، فإذا شك هل طاف ستة أو سبعة فعليه أن يكمل السابع ، أما إذا كان الشك لم يطرأ إلا بعد ذلك ، وهو فيما يظهر له أن مكمل ثم جاءه الشيطان وشككه فيما بعد ، فليس على التشكيك عمل ، وعليه إذا كان الشك من حين الطواف أن يعيد الطواف ، إن كان طواف القدوم لمن جاء من بلاد خارجية ، وطواف القدوم من البلاد الخارجية يجزئه عنه طواف الإفاضة بعد ذلك إذا كان قارناً أو مفرداً وبقي على إحرامه فإن طوافه بعد الحج يكفيه عن طواف القدوم ، أما إذا كان متمتعاً وطاف طواف القدوم ولم يجزم تلك الساعة فإنه يعتبر كأنه ما طاف ، لكن يكون قارناً إذا كان متمتعاً وأحرم بالحج يكون قارناً ؛ لأن طوافه يعتبر لاغياً ، أما إذا كان الشك طرأ بعد ذلك فلا يعتبر هذا الشك ؛ لأن الشك بعد العبادة لا يلتفت إليه.
حكم دخول النساء إلى مكة وقت الزحام
س: ما رأيكم في دخول المرأة للطواف في ليالي الجُمع وغيرها مع ما تعلمون من الازدحام ؟ ( )
ج: عدم دخول النساء إلى مكة من اجل الطواف أفضل من دخولهن ؛ لأنهن في الأغلب لا يحصل منهن التحجب المشروع ، ولا يحصل منهن التحرز من مزاحمة الرجال عند الحجر وغيره ، وبذلك يعلم أن عدم دخولهن أولى وأفضل من دخولهن ؛ لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ، لا سيما والمصلحة في دخولهن تخصهن ، والمضرة الحاصلة بذلك تضرهن وغيرهن ، كما هو ظاهر من حال النساء اليوم إلا من رحم الله ، والله ولي التوفيق .
كل طواف يشرع بعده ركعتان
س: هل بعد طواف الإفاضة وطواف الوداع صلاة ركعتين خلف المقام ، وما هو الدليل على ذلك ؟ جزاكم الله خيراً . ( )
ج: كل طواف يشرع بعده ركعتان خلف المقام ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف صلى ركعتين . والنبي صلى الله عليه وسلم لما طاف طواف الوداع في حجته صلى ركعتين ثم سافر عليه الصلاة والسلام للمدينة . ومن لم يتيسر له أن يصلي خلف المقام صلى في أي مكان في المسجد . والله الموفق .
ركعتا الطواف خلف المقام سنة وليست واجبة
س: هل ركعتا الطواف خلف المقام تلزم لكل طواف وما حكم من نسيها ؟ ( )
ج: لا تلزم خلف المقام ، تجزئ الركعتان في كل مكان من الحرم . ومن نسيها فلا حرج عليه ؛ لأنها سنة وليست واجبة . والله ولي التوفيق .
س: هل يجب على الطائف بالكعبة المشرفة أن يصلي ركعتي الطواف خلف مقام إبراهيم أو يجوز أن يصليهما في أي مكان من الحرم ؟ ( )
ج: لا يجب على الطائف أن يصلي الركعتين خلف مقام إبراهيم ولكن يشرع له ذلك إذا تيسر من دون مشقة ، وإن صلاهما في أي مكان من المسجد الحرام أو في أي مكان من الحرم أجزأه ذلك ، ولا يشرع له أن يزاحم الطائفين لأدائهما حول المقام ، بل ينبغي له أن يتباعد عن الزحام وأن يصليهما في بقية المسجد الحرام ؛ لأن عمر رضي الله عنه صلى ركعتي الطواف في بعض طوافه بذي طوى وهي من الحرم لكنها خارج المسجد الحرام ، وكذلك أم سلمة رضي الله عنها صلت لطواف الوداع خارج المسجد الحرام ، والظاهر أن سبب ذلك الزحام ، أو أرادت بذلك أن تبين للناس التوسعة الشرعية في هذا الأمر .
الشرب من ماء زمزم سنة
س: هل هناك حديث صحيح عن فائدة ماء زمزم ؟ ( )
ج: ماء زمزم قد دلت الأحاديث الصحيحة على أنه ماء شريف وماء مبارك ، وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في زمزم : "إنها مباركة إنها طعام طعم" ( ) ،
زاد في رواية عند أبي داود بسند جيد : "وشفاء سقم" ( ) .
فهذا الحديث يدل على فضلها ، وأنها طعام طعم وشفاء سقم ، وأنها مباركة ، والسنة الشرب منها كما شرب منها النبي صلى الله عليه وسلم ولما فيها من البركة ، وهي طعام طيب طعام مبارك طعام يشرع التناول منه إذا تيسر ، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث الصحيح يدلنا على ما تقدم من فضلها ، وأنها مباركة ، وأنها طعام طعم وشفاء سقم ، وأنه يستحب للمؤمن أن يشرب منها إذا تيسر له ذلك ، ويجوز له الوضوء منها ، ويجوز أيضاً الاستنجاء منها ، والغسل من الجنابة إذا دعت الحاجة إلى ذلك ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه نبع الماء من بين أصابعه ، ثم أخذ الناس حاجتهم من هذا الماء ليشربوا وليتوضئوا وليغسلوا ثيابهم وليستنجوا ، كل هذا واقع ، وماء زمزم إن لم يكن مثل الماء الذي نبع من بين أصابع النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن فوق ذلك ، فكلاهما ماء شريف ، فإذا جاز الوضوء والاغتسال والاستنجاء ، وغسل الثياب من الماء الذي نبع من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم فهكذا يجوز من ماء زمزم .
وبكل حال فهو ماء طهور طيب يستحب الشرب منه ، ولا حرج في الوضوء منه ، ولا حرج في غسل الثياب منه ، ولا حرج في الاستنجاء منه إذا دعت الحاجة إلى ذلك . والحمد لله .
صفة السعي
س: ما هي صفة السعي ، ومن أي مكان يبدأ الساعي ، وما عدد أشواطه ؟ ( )
ج: يبدأ من الصفا ويختم بالمروة ، والعدد سبعة أشواط ، أولها يبدأ بالصفا وآخرها ينتهي بالمروة ، يذكر الله فيها ويسبحه ويدعو ، ويكرر الدعاء والتكبير على الصفا والمروة ثلاث مرات ، رافعاً يديه مستقبلاً القبلة ؛ لفعله صلى الله عليه وسلم ذلك .
حكم من نسي بعض أشواط السعي
س: رجل أتى بعمرة وترك أربعة أشواط من السعي نسياناً أو جهلاً فماذا عليه ؟ ( )
ج: عليه أن يكملها فيأتي بها حتى يتم سعيه سواء كان في الحج أو في العمرة ، وإن سافر إلى بلده فعليه أن يرجع إلى مكة ويكمل الأشواط التي تركها حتى تتم عمرته ، وهو في حكم الإحرام الذي يمنعه من أهله حتى يكمل عمرته ، وإن أعاد السعي كله فهو أحوط.
لا تشترط الموالاة بين أشواط السعي
س: جماعة سعوا بين الصفا والمروة فأتوا بخمسة أشواط ثم خرجوا من المسعى ولم يذكروا الشوطين الباقيين إلا بعد أن تحولوا إلى رحالهم فما الحكم ؟ ( )
ج: هؤلاء الذين سعوا خمسة أشواط ثم ذهبوا إلى رحالهم ولم يتذكروا الشوطين الآخرين ، عليهم الرجوع حتى يكملوا الشوطين ولا حرج ، وهذا هو الصواب ؛ لأن الموالاة بين أشواط السعي لا تشترط على الراجح ، وغن أعادوه من أوله فلا بأس ، لكن الصواب أنه يكفيهم أن يأتوا بالشوطين ويكملوا ، هذا هو الأرجح من قولي العلماء في ذلك .
حكم من بدأ بالمروة في السعي
س: أنا شيخ كبير وطفت للعمرة ثم سعيت سبعة أشواط ولكني بدأت من المروة وقصرت في الصفا ولبست المخيط ، فما حكم ذلك ؟ ( )
ج: هذا عليه أن يأتي بشوط آخر ؛ لأنه فاته شوط ، إلا إذا كان سعى ثمانية أشواط فلا حرج ، والشوط الأول يكون لاغياً لا يضره ؛ لكونه بدأ من المروة ، المقصود أنه إذا كان بدأ بالمروة وختم بالصفا ثمانية أشواط يكون له منها سبعة أشواط كاملة ، أما إن كانت سبعة فقد فاته شوط وعليه تكملته ، ويعيد تقصير رأسه حتى تتم عمرته ، والتقصير الأول لا يكفيه ؛ لأنه قصر قبل أن يكمل السعي ، والشوط الأول الذي بدأه من المروة لا يعتبر.
يجب الحلق أو التقصير على الحاج وإن كان ينوي أن يضحي
س: سماحة الشيخ / الرجل ينوي الحج ويعقد
النية أن يكون متمتعاً وهو وصي على أضاحي ، فما الحكم إذا رغب في إحلال إحرامه بعد أداء مناسك العمرة ؟ ( )
ج: يجب عليه الحلق أو التقصير ، سواء كان وكيلاً أو مضحياً عن نفسه ، إذا كان متمتعاً بالعمرة قبل أن يفعل شيئاً من محظورات الإحرام .
باب صفة الحج والعمرة
(1) يوم التروية
هكذا حج الرسول صلى الله عليه وسلم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان على يوم الدين . ( )
أيها المسلمون من حجاج بيت الله الحرام :
أسأل الله لنا ولكم التوفيق لما يرضيه والعافية من مضلات الفتن ، كما أسأله سبحانه أن يوفقكم جميعاً لأداء مناسككم على الوجه الذي يرضيه ، وأن يتقبل منكم ، وأن يردكم إلى بلادكم سالمين موفقين إنه خير مسؤول .
أيها المسلمون :
إن وصيتي للجميع هي تقوى الله سبحانه في جميع الأحوال ، والاستقامة على دينه ، والحذر من أسباب غضبه ، وإن أهم الفرائض وأعظم الواجبات هو توحيد الله والإخلاص له في جميع العبادات ، مع العناية باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم في الأقوال والأعمال ، وأن تؤدوا مناسك الحج وسائر العبادات على الوجه الذي شرعه الله لعباده على لسان رسوله وخليله وصفوته من خلقه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم . وإن أعظم المنكرات وأخطر الجرائم هو الشرك بالله سبحانه ن وهو صرف العبادة أو بعضها لغيره سبحانه لقول الله عز وجل : "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " ( ) . وقوله سبحانه مخاطباً نبيه محمد صلى الله عليه وسلم : "ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين " ( ) .
حجاج بيت الله الحرام :
إن نبينا صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد هجرته إلى المدينة إلا حجة واحدة وهي حجة الوداع ، وذلك في آخر حياته صلى الله عليه وسلم ، وقد علم الناس فيها مناسكهم بقوله وفعله ، وقال لهم صلى الله عليه وسلم : "خذوا عني مناسككم" ( ) فالواجب على المسلمين جميعاً أن يتأسوا به في ذلك وأن يؤدوا مناسكهم على الوجه الذي شرعه لهم ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم هو المعلم المرشد وقد بعثه الله رحمة للعالمين وحجة على العباد أجمعين ، وأمر الله عباده بأن يطيعوه وبين أن اتباعه هو سبب دخول الجنة والنجاة من النار ، وأنه الدليل على صدق حب العبد لربه وعلى حب الله للعبد ، كما قال الله تعالى : "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " ( ) ، وقال سبحانه : "وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون " ( ) ، وقال عز وجل : "من يطع الرسول فقد أطاع الله " ( ) ، وقال سبحانه : "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً " ( ) ، وقال سبحانه : "ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم . ومن يعص الله ورسوله يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين " ( ) ، وقال عز وجل : "قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون " ( ) ، وقال تعالى : "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم " ( ) ، والآيات في هذا المعنى كثيرة . فوصيتي لكم جميعاً ولنفسي تقوى الله في جميع الأحوال ، والصدق في متابعة نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله لتفوزوا بالسعادة والنجاة في الدنيا والآخرة .
حجاج بيت الله الحرام :
إن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم لما كان يوم الثامن من ذي الحجة توجه من مكة المكرمة إلى منى ملبياً ، وأمر أصحابه رضي الله عنهم أن يهلوا بالحج من منازلهم ويتوجهوا إلى منى ولم يأمر بطواف الوداع ، فدل ذلك على أن السنة لمن أراد الحج من أهل مكة وغيرهم من المقيمين فيها ومن المحلين من عمرتهم وغيرهم من الحجاج أن يتوجهوا إلى منى في اليوم الثامن ملبين بالحج وليس عليهم أن يذهبوا إلى المسجد الحرام للطواف بالكعبة طواف الوداع .
ويستحب للمسلم عند إحرامه بالحج أن يفعل ما يفعله في الميقات عند الإحرام من الغسل والطيب والتنظيف ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة بذلك لما أرادت الإحرام بالحج وكانت قد أحرمت بالعمرة فأصابها الحيض عند دخول مكة وتعذر عليها الطواف قبل خروجها إلى منى فأمرها صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتهل بالحج ففعلت ذلك فصارت قارنة بين الحج والعمرة . وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم في منى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً دون جمع وهذا هو السنة تأسياً به صلى الله عليه وسلم .
ويسن للحجاج في هذه الرحلة أن يشتغلوا بالتلبية وبذكر الله عز وجل وقراءة القرآن وغير ذلك من وجوه الخير كالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإحسان إلى الفقراء ، فلما طلعت الشمس يوم عرفة توجه صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم إلى عرفات منهم من يلبي ومنهم من يكبر ، فلما وصل عرفات نزل بقبة من شعر ضربت له بنمرة غربي عرفة واستظل بها عليه الصلاة والسلام ، فدل ذلك على جواز أن يستظل الحجاج بالخيام والشجر ونحوها .
فلما زالت الشمس ركب دابته عليه الصلاة والسلام وخطب الناس وذكرهم ، وعلمهم مناسك حجهم ، وحذرهم من الربا وأعمال الجاهلية ، واخبرهم أن دماءهم وأموالهم وأعراضهم عليهم حرام ، وأمرهم بالاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأخبرهم أنهم لن يضلوا ما داموا معتصمين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
فالواجب على جميع المسلمين أن يلتزموا بهذه الوصية وأن يستقيموا عليها أينما كانوا ، ويجب على حكام المسلمين جميعاً أن يعتصموا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن يحكموها في جميع شئونهم ، وأن يلزموا شعوبهم بالتحاكم لهما وذلك هو طريق العزة والكرامة والسعادة والنجاة في الدنيا والآخرة . وفق الله الجميع لذلك . ثم إنه صلى الله عليه وسلم صلى بالناس الظهر والعصر قصراً وجمعاً جمع تقديم بأذان واحد وإقامتين بعد زوال الشمس ولم يفصل بينهما بصلاة ثم توجه إلى الموقف واستقبل القبلة ووقف على دابته يذكر الله ويدعوه ويرفع يديه بالدعاء حتى غابت الشمس وكان مفطراً ذلك اليوم ، فعلم بذلك أن المشروع للحجاج أن يفعلوا كفعله صلى الله عليه وسلم في عرفات وأن يشتغلوا بذكر الله والدعاء والتلبية إلى غروب الشمس وأن يرفعوا أيديهم بالدعاء وأن يكونوا مفطرين لا صائمين . وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "ما من يوم أكثر عتقاً من النار من يوم عرفة وإنه سبحانه ليدنو فيباهي بهم ملائكته " ( ) ، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أن الله يقول يوم عرفة لملائكته : "انظروا إلى عبادي أتوني شُعثاً غبراً يرجون رحمتي أشهدكم أني قد غفرت لهم " ( ) ، وصح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال : "وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف " ( ) .
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الغروب توجه ملبياً إلى مزدلفة وصلى بها المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين بأذان واحد وإقامتين قبل حط الرحال ولم يصل بينهما شيئاً. فدل ذلك على أن المشروع لجميع الحجاج المبادرة بصلاة المغرب والعشاء جمعاً وقصراً بأذان واحد إقامتين من حين وصولهم إلى مزدلفة قبل حط الرحال ولو كان ذلك في وقت المغرب تأسياً به صلى الله عليه وسلم وعملاً بسنته . ثم بات بها وصلى بها الفجر مع سنتها بأذان وإقامة ثم أتى المشعر فذكر الله عنده وكبره وهلله ودعا ورفع يديه وقال : "وقفت ها هنا وجمع كلها موقف " . فدل ذلك على أن جميع مزدلفة موقف للحجاج يبيت كل حاج في مكانه ويذكر الله ويستغفره في مكانه ولا حاجة إلى أن يتوجه إلى موقف النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم ليلة مزدلفة للضعفة أن ينصرفوا إلى منى بليل ، فدل ذلك على أنه لا حرج على الضعفة من النساء والمرضى والشيوخ ومن تبعهم في التوجه من مزدلفة إلى منى في النصف الأخير من الليل عملاً بالرخصة وحذراً من مشقة الزحمة ويجوز لهم أن يرموا الجمرة ليلاً كما ثبت ذلك عن أم سلمة وأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم .
وذكرت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للنساء بذلك ، ثم إنه صلى الله عليه وسلم بعد ما أسفر جداً دفع إلى منى ملبياً فقصد جمرة العقبة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ثم نحر هديه ثم حلق رأسه ثم طيبته عائشة رضي الله عنها ، ثم توجه إلى البيت فطاف به ، وسئل صلى الله عليه وسلم في يوم النحر عمن ذبح قبل أن يرمي ومن حلق قبل أن يذبح ومن أفاض إلى البيت قبل أن يرمي فقال "لا حرج " قال الراوي : فما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال : "افعل ولا حرج" ( ) فعلم بهذا أن السنة للحجاج أن يبدأوا برمي الجمرة يوم العيد ثم ينحروا إذا كان عليهم هدي ثم يحلقوا أو يقصروا والحلق أفضل من التقصير فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بالمغفرة والرحمة ثلاث مرات للمحلقين ومرة واحدة للمقصرين ، وبذلك يحصل للحاج التحلل الأول فيلبس المخيط ويتطيب ويباح له كل شيء حرم عليه بالإحرام إلا النساء ، ثم يذهب إلى البيت فيطوف به في يوم العيد أو بعده ، ويسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعاً وبذلك يحل له كل شيء حرم عليه بالإحرام حتى النساء .
أما إن كان الحاج مفرداً أو قارناً فإنه يكفيه السعي الأول الذي أتى به مع طواف القدوم ، فإن لم يسع مع طواف القدوم وجب عليه أن يسعى مع طواف الإفاضة .
ثم رجع صلى الله عليه وسلم إلى منى فأقام بها بقية يوم العيد واليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر يرمي الجمرات كل يوم من أيام التشريق بعد الزوال يرمي كل جمرة بسبع حصيات ويكبر مع كل حصاة ويدعو ويرفع يديه بعد الفراغ من الجمرة الأولى والثانية ويجعل الأولى عن يساره ، والثانية عن يمينه ولا يقف عند الثالثة ، ثم دفع صلى الله عليه وسلم في اليوم الثالث عشر بعد رمي الجمرات فنزل بالأبطح وصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء .
ثم نزل إلى مكة في آخر الليل وصلى الفجر بالناس عليه الصلاة والسلام ، وطاف للوداع قبل الصلاة ، ثم توجه بعد الصلاة إلى المدينة في صبيحة اليوم الرابع عشر عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم .
فعلم من ذلك أن السنة للحاج أن يفعل كفعله صلى الله عليه وسلم في أيام منى ، فيرمي الجمار الثلاث بعد الزوال في كل يوم كل واحدة بسبع حصيات ، ويكبر مع كل حصاة ، ويشرع له أن يقف بعد رميه الأولى ويستقبل القبلة ويدعو ويرفع يديه ويجعلها عن يساره ، ويقف بعد رمي الثانية كذلك ويجعلها عن يمينه وهذا مستحب وليس بواجب ، ولا يقف بعد رمي الثالثة ، فإن لم يتيسر له الرمي بعد الزوال وقبل غروب الشمس رمى في الليل عن اليوم الذي غابت شمسه إلى آخر الليل في أصح قولي العلماء رحمة من الله سبحانه بعباده وتوسعة عليهم ، ومن شاء أن يتعجل في اليوم الثاني عشر بعد رمي الجمار فلا بأس ، ومن أحب أن يتأخر حتى يرمي الجمار في اليوم الثالث عشر فهو أفضل؛ لكونه موافقاً لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ، والسنة للحاج أن يبيت في منى ليلة الحادي عشر والثاني عشر ، وهذا المبيت واجب عند كثير من أهل العلم ويكفي أكثر الليل إذا تيسر ذلك ، ومن كان له عذر شرعي كالسقاة والرعاة ونحوهم فلا مبيت عليه ، أما ليلة الثالث عشر فلا يجب على الحجاج أن يبيتوها بمنى إذا تعجلوا ونفروا من منى قبل الغروب في اليوم الثاني عشر ، أما من أدركه المبيت بمنى فإنه يبيت ليلة الثالث عشر ويرمي الجمار بعد الزوال ثم ينفر ، وليس على أحد رمي بعد الثالث عشر ولو أقام بمنى .
ومتى أراد الحاج السفر إلى بلاده وجب عليه أن يطوف بالبيت للوداع سبعة أشواط ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت "( ) إلا الحائض والنفساء فلا وداع عليهما لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض " ( ) متفق على صحته . والنفساء مثلها .
ومن أخر طواف الإفاضة فطاف عند السفر أجزأه عن الوداع لعموم الحديثين المذكورين ، وأسال الله أن يوفق الجميع لما يرضيه وأن يتقبل منا ومنكم ويجعلنا وإياكم من العتقاء من النار إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
يتبــــــــــــــــــــــــع
التوقيع |
https://twitter.com/abalwled
عَظيمةٌ أنتِ يـا أرضَ الرسَـالاتِ = يا مهبطَ الوحي فِي خَتْـمِ النبـوَّات
أنْتِ السُّعُوديَّةُ العَلْيَـاءُ فِـي شَمَـمٍ = تَعْلُو عَلَى كُلِّ مَنْ تَحْـتِ السَّمَـوَاتِ
|