وهذه الفوضى الاعلامية ومايجري فيها من حرب هي خطوة أولى وضرورية لتهيئة الظروف لمرحلة الفوضى الأمنية ....ولن تتحقق الفوضى الأمنية بشكل فجائي دون مقدمات .... عنقود العنب يؤكل حبة حبة ..وهم يسيرون وفق خطط محكمة....وحتى يصل الأعداء إلى مرحلة الفوضى الأمنية .. لابد من تهيئة المناخ المناسب لها ... والمناخ المناسب والخطوة الأولية هي مرحلة الفوضى الإعلامية
سأستعرض جانباً مما يجري في الإعلام وما أسميه الحرب الإعلامية
عبر الإعلام من القنوات الفضائية إلى المنتديات الإلكترونية الصغيرة ... تعددت المبادئ والرايات ... وتحولت الراية الكبيرة التي تجمعنا .. وهي راية الإسلام والوطن .. هذه الراية الكبيرة .. إلى رايات صغيرة .. فكل قبيلة أصبح لها راية تلتف حولها .. أو منتدى ينطق باسمها ... بدلاً من المتحدث الوطني الذي يمثلنا جميعاً.... عتيبه .. مطير ... قحطان .. زهران .. غامد .. شمر .. عنزة .....الخ كل قبيل لها ناطق باسمها ... وكل قبيلة لها حرباً ماضية مع القبيلة الأخرى .لذلك تم إسترجاع الماضي وإستحضار معاركه القبلية ليعاد إنتاجها إعلامياً عبر وسائل الإعلام والإتصالات الجديدة وتحيا هذه المعارك السابقة في حاضرنا ويتم أجترارها يومياً .. حتى تستثار النفوس وتعبأ الرؤوس ويصبح الوضع الإجتماعي كالقنبلة الموقوتة القابلة للانفجار في أي وقت . بشعلة بسيطة .. وربما تكون هذه الشعلة .. محاورة عبر قناة الساحة بين شاعر عتيبي وآخر مطيري .. كل منهما يسب قبيلة وشيوخ الآخر وربما كانا هذين الشاعرين مشتركان في المؤامرة بعد أن قبضا مبلغاً من المال وقدره ....أو ربما كانت هذه الشعلة . مقال ساخر ومقذع من كتاب أحد القبائل يهاجم فيه القبيلة الأخرى . وينشر هذا المقال في إحدى وسائل الإعلام المفتوح الخارج عن نطاق السيطرة ولا أحد يعرف هذا الكاتب .. ربما كان مأجوراً .. لاينتمي إلى أي قبيلة .... ثم يعلق شباب عتيبه في في شباب مطير .. وستنزلق أقدام العقلاء مع الجهلاء في هذه الحرب لاسمح الله ..... ويتم إقامة محاورة أخرى بين شاعر شمري وعنزي .. وتعلق شمر بعنزة ... وغامد وزهران وتعلق غامد بزهران .. الخ ..... ونفس القانون يطبق على القبائل الكبيرة فتعلق كل منها في الأخرى .. وتفتح أبواب جهنم على مصراعيها داخل الوطن ..
إذن الجمع الكبير والممثل إعلامياً براية واحدة أو قناة رسمية واحدة .... أصبح الآن جماعات قبلية صغيرة متشرذمة يأكل بعضها بعضاً ... ويشن بعضها حرباً إعلامية على الآخر ..لايوجد أفضل من هذا المناخ لبداية الفوضى الأمنية .
والذين اعتنقوا المذاهب الفكرية المعاصرة كل منهم له منبره الإعلامي الذي يضخ سمومه في رؤوس القراء ... أو رايته التي يلتف حولها أتباعه ... فالعلمانيين لهم مناطقهم الإعلامية المحمية في الصحافة .. والليبراليون كذلك .. وكل منهم له أتباعه ومعجبيه ومؤيديه ومناصريه .. .. .. وكل حزب بما لديهم فرحون .... وكل يلف ويدور حول رايته.
وقنوات المناطق والمدن بدأت في بثها الفضائي ... وكل منطقة لها محبيها وساكنيها ومشاهديها ... وهي تنمي الولاء للمنطقة والمدينة بدلاً من الولاء والإنتماء الأول والأخير الذي يجمعنا ..... وهو ولاؤنا لديننا ووطننا ..... حقاً إنها نظرية تقسيم المقسم وتجزئة المجزء ....
وفي نفس الوقت .. أيضاً عبر وسائل الإعلام بكافة أشكالها ... تشن حرباً على ثوابتنا العقائدية والفكرية ..وعلى قيمنا و تقاليدنا وثقافتنا وإخلاقنا ....عبر المسلسلات الهابطة ... والأغاني الساقطة .. التي تعرض فيها اللحوم النسائية الفاسدة .. والباردة .. والمجمدة ... التي تعفنت من كثرة الإستخدام ..
الخلاصة إنها حرب إعلامية شاملة على كافة المستويات .. تجهز للحرب العسكرية كما أتوقع ... ويارب أني أكون مخطئاً
تعددت الإنتماءات والولاءات طالت كل شخص من الشعب ... وربما كان هذا الشخص هو نفسه يعيش في حلقات كثيرة من الإنتماءات والولاءات .. ولايدري أيهما يقدم على الآخر .. فيشعر في نفس الوقت بإنتمائه لقبيلته .. وإنتمائه لوطنه .. وتأييده للديمقراطية والليبرالية .. والإعلام المفتوح ... والتجارة الحرة .... فتضاربت وتصادمت الإنتماءات في رأس الشخص الواحد .. وأصبح تائهاً ضائعاً بين هذه الولاءات .. ويشعر بإزدواجية ونوع من الفصام يجعله حائر ومشتتاً ومهزوماً من الداخل ..
المفارقة العجيبة والغريبة ... أن الأعداء يتكتلون ويتوحدون أكثر وأكثر إستعداداً للمعركة الفاصلة ... ونحن نتفرق ونتشرذم أكثر وأكثر ولا نعي ما يجري في حاضرنا ... وما سيجري في المستقبل كما أتنبأ وأظن .. وقد أكون مخطئاً في حساباتي ..
عموماً يا أخوتي ..مع إحترامي لجميع القبائل .. فالمعركة القادمة أكبر من مستوى أي قبيلة ... المعركة القادمة معركة أمم ودول .... والمعارك القبلية الصغيرة التي نتذكرها في منتدياتنا ستكون لعب أطفال بالنسبة لمعارك الأمم والدول ..القادمة .... القادمة ليست معركة فقط .. بل ملحمة بكل ما تعنيه الكلمة ...
رصوا الصفوف ولا تفرقوها ووحدوا الكلمة ولا تعددوها ... ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ...نحن في مركب واحد وإذا خرقت هذا المركب أي قبيلة فستغرق كل القبائل في بحر من الدماء ....وليس في بحر من الماء
صقر العرب