عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 30-Aug-2008, 08:46 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ناصر العصيمي
عضو ممـــيز

الصورة الرمزية ناصر العصيمي

إحصائية العضو






ناصر العصيمي غير متواجد حالياً

إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى ناصر العصيمي
افتراضي عفيف.. طريق الحج البصري ودرب زبيدة

تفخر عفيف بأنها كانت المحطة الاولى للرحلة الجوية التاريخية التي قام بها الملك عبدالعزيز يرحمه الله على متن طائرته (الداكوتا دي سي 3) في يوم الاحد الرابع من شهر شوال من عام 1364هـ محلقا للمرة الاولى في سماء المملكة وذلك عندما أقلع منها قبل 65 عاما باتجاه الطائف، إذ تعتبر هذه الرحلة اول رحلة جوية رسمية له في المملكة. وقد سجلت هذه الرحلة بقلم صاحب السمو الملكي الامير بندر بن عبدالعزيز في وثيقة تاريخية جاء فيها:«أقلعت طائرة جلالة الملك عبدالعزيز في يوم الاحد الرابع من شوال لعام 1364هـ وفي معية جلالة الملك سمو الامير فهد بن عبدالعزيز وسمو الامير بندر بن عبدالعزيز وبشير اسنداه ورشيد حمزة مستشار جلالة الملك ومن رؤساء البادية عمر بن ربيعان ورئيس برقيات جلالته محمد بن دغيثر وكذلك مطلق بن الجبعاء وعصاب بن منديل وإمام جلالته عبدالرحمن القويز ووكيل امير المدينة عبدالله السديري وابنائه وسكرتير جلالته الملك رشدي ملحس وخادم جلالته الخاص أمين وأقلعت الطائرة بجلالته من عفيف الماء المعروف بطريق الحجاز الى الطائف ونسأل الله سبحانه وتعالى ان يحفظ



جلالة مولانا برعايته آمين.. هذه الطائرة التي أهداها الرئيس روزفلت لجلالة مولانا».
وذكرها الشيخ يوسف ياسين في رسالة الى خير الدين الزركلي في اليوم نفسه يقول فيها: «عدت في هذه الساعة بالطائرة من مخيم جلالة الملك بالحوية قرب الطائف، وربما يسرّك -الخطاب موجه الى خير الدين الزركلي- ان تعلم ان جلالته ركب الطائرة من عفيف -بئر على الطريق- وكان مسرورا من ذلك».
هذه المناسبة التاريخية ألهمت المشرف على آثار محافظة عفيف سابقا طلال بن عبدالهادي فكرة انشاء مشروع سياحي بالمحافظة سيكون من ابرز معالمه تجاهيز موقع اقلاع طائرة الملك عبدالعزيز ووضع طائرته الخاصة التي استقلها من عفيف الى الطائف حتى يتسنى لهذا الجيل والاجيال اللاحقة مشاهدتها ما يعزز روح الانتماء لديهم ويحافظ في الوقت نفسه على تراث وتاريخ المحافظة.
رئيس فريق وكالة الآثار والمتاحف بالهيئة العامة للسياحة والآثار الدكتور سعيد بن دبيس العتيبي في زيارته للمحافظة وبعد اطلاعه على مواقعها الاثرية والعديد من الرسوم الصخرية والمنشآت الحجرية وجد عفيف غنية بالآثار التي لها عمق تاريخي وتبدأ عصورها من نهاية العصر الحجري حتى العصر العباسي والاموي مشيرا الى غناها بالنقوش الثمودية ومواقع اسلامية خاصة في الفترة العباسية على امتداد طريق الحجر البصري وقد سجل فريق وكالة الآثار عددا من محطات هذا الطريق ومبانيها المتمثلة في القصور والحصون وبرك المياه وجميعها منشآت على الطريق الذي يربط بين البصرة ومكة المكرمة قديما.
كما عثر الفريق ايضا على عدد من المواقع التي انشئت فيها قرى تعدينية قديما مثل المستوطنات التعدينية التي تقع بالقرب من جبال شعر شمال المحافظة حيث تم تسجيل موقعين بها مساكن وعدد من الادوات التي تستخدم في تصنيع حجر الرحى وموقع تعديني آخر شمال المحافظة بالقرب من جبل درعة.
طريق الحج البصري

من جانب آخر تزخر محافظة عفيف بالعديد من المواقع الاثرية والتاريخية التي تحكي تاريخا قديما لاجيال تعاقبت على هذه المنطقة في أزمان مختلفة تمتد الى ما قبل التاريخ الحديث، بل تعتبر محافظة عفيف من أغنى محافظات منطقة الرياض احتواء للمواقع الاثرية ولعل اشهرها آثار طريق الحج البصري الموازي لدرب زبيدة والذي يربط بين البصرة في العراق ومكة المكرمة ويسلكه الحجاج الى الديار المقدسة آنذاك وهو من اهم الآثار العريقة في شبه الجزيرة العربية، ويعود تاريخ بناء هذا الدرب الى بدايات العصر العباسي وينسب للخلافة العباسية حيث كان من الطرق الرئيسية التي كان يسلكها الخليفة العباسي الخامس هارون الرشيد زوج السيدة زبيدة بنت جعفر الاكبر بن ابي جعفر المنصور عند ذهابه لمكة، ويقع على هذا الدرب العديد من البرك والحصون والقلاع والتي كانت تستخدم لتأمين الحجاج ويمر هذا الطريق ايضا بالعديد من الجبال والرياض والمرتفعات والمنخفضات.

ويضيف نواف زايد: الكثير من الباحثين والمؤرخين منهم شمس الدين المقدسي في كتابه «أحسن التقاسيم في معرفة الاقليم» والدكتور سعيد بن دبيس العتيبي في كتابه «طريق الحج البصري» وقد ذكروا الكثير عن عفيف وآثارها بالاضافة لعدد من المنشورات التي أعدتها وحدة الآثار والمتاحف بتعليم عفيف المشرفة على آثار المحافظة سابقا عن تلك الآثار والتي للاسف ضياع آثار درب الحج البصري في المحافظة الذي لا يكاد يعرفه الآن الا كبار السن او المهتمين بهذا المجال اذ انه اندثر تماما واصبحت السيارات تسلكه حتى يظن المار به انه طريق صحراوي لعدم وجود لوحات تشير اليه.

ومن المواقع الاثرية قرب محافظة عفيف التي يمر بها طريق الحج البصري برك العوجاء «محطة اللوى قديما» وهي اولى محطات هذا الدرب في الحدود الادارية لمحافظة عفيف وتقع شمال المحافظة وهو عبارة عن اساسات مبان ربما كانت وحدات سكنية بنيت من حجارة مختلفة الاحجام والاشكال وهذه الوحدات متفرقة في الموقع على اشكال تلال اثرية غير واضحة المعالم كما يوجد في الموقع أكوام من الحجارة أشبه بالمقابر باتجاه القبلة ويبعد عن هذا الموقع بحوالى 300م في الجهة الشرقية اساس لجدار من الحجارة يمتد من الجنوب الشرقي الى الشمال الغربي بطول 18م وبسمك 50 سم، وحجارة متفرقة منتشرة مختلفة الاشكال والاحجام ربما تمثل وحدات سكنية لبناء قديم من الحجارة وثاني محكاته موقع ظفرة ويعرف بـ«اسود العين قديما» ويحتوي على عدة آبار بعضها متهدم والبعض الآخر غير واضح المعالم والبعض الآخر مرمم وهذه الآبار أنشئت على طريق الحج البصري حسب ما ذكره المؤرخون ويبلغ عددها 13 بئرا متوسط قطر فوهتها 1م المرمم 3م وغير الواضح المعالم بعمق 3م تقريبا وهذه الآبار الصغيرة الفوهة تقع على اطراف الآبار الكبيرة الفوهة كما يوجد في الموقع اساسات مبنى من الطين لوحدة سكنية طولها 13م وعرضها 13م، وثالث محطات هذا الطريق في حدود عفيف هي بركة زبيدة في الصفرة وتعرف بـ«الجديلة سابقا» وهي الآثار الوحيدة التي تم تسجيلها سابقا كآثار رسمية وتم تسويرها، وهناك بعدها ايضا على ذلك الدرب برك الابرقان التي تهدمت اطراف الكثير منها ودفنت بالتراب ولا يوجد عليها لوحات ويحتوي الموقع على بركة دائرية الشكل يبلغ قطرها 60م تقريبا وبجوار البركة مصفاة مائية وقناة تتضح معالمها وتختفي بطول يقارب 4000م ويضم الموقع ثلاثة تلال لمنشآت سكنية الواضح منها اساسات مبنى بطول 10م وبسمك 1م، والموقع غني بالملتقطات السطحية مثل كسر الفخار والزجاج وبقايا عجينة الفخار الى جانب العديد من الآثار ذات الصبغة التاريخية العريقة والذي يمر به طريق الحج البصري في موقع درعة والذي يحتوي على اساسات مبان متفرقة وأكوام من الحجارة وتلال اثرية تنتشر على مساحة واسعة من الارض والموقع غني بالملتقطات السطحية مثل كسر الفخار وكسر الزجاج وخبث الحديد مما يدل على ان هذه المستوطنة كانت موقعا للتعدين.
وعموما فهذه الآثار هي الابرز على هذا الدرب إذ انه يوجد العديد من الآثار وغيرها في المحافظة وهي بحاجة للاهتمام والعناية من الهيئة العامة للسياحة وإبراز مكانتها التاريخية المهمة ومحاولة ترميمها واحيائها للاستفادة منها من الناحية السياحية.

محمد العتيبي وابراهيم حسن وسعد عبدالله تمنوا من الهيئة العامة للسياحة والآثار بضرورة الالتفات لآثار عفيف خاصة درب الحج البصري لكونه الاشهر تاريخيا في آثار المحافظة مطالبين بترميم هذا الدرب ووضع لوحات ارشادية تدل عليه ولوحات اخرى يسجل عليها اسماء تلك الآثار والمحطات فيه من برك وقلاع وحصون.

وطالبوا كذلك بالعناية بآثار المحافظة عامة مؤكدين ان المحافظة وقراها غنية بالآثار العريقة التي يفترض من المسؤولين مراقبتها بشكل دوري وتوظيف حراس عليها لكون اغلبها ان لم يكن جميعها الآن لا يوجد عليها حارس يقوم بحمايتها من أيادي العابثين ويطالبون بإبراز هذه المعالم الاثرية التي ستجذب السياح والباحثين فيما لو تم ترميمها ووضع لوحات تحمل اسماءها واخرى دلالية تشير اليها على الطرق المحاذية لها لتوجيه الانظار اليها والمحافظة على مكانتها التاريخية المهمة.

وتعتبر الآثار من الاشياء التي يحرص زوار أي بلد على زيارتها للوقوف على الجوانب التاريخية والحضارية لذلك البلد وهي تحوي شواهد على التاريخ البشري الا ان بعض هذه الآثار تتعرض بين الفينة والاخرى لحالات حفر وتنقيب من اناس يجهلون تاريخهم وتراثهم المجيد، فهذه الآثار هي ملك للدولة وللمواطنين ونأمل ان يكون هناك تضافر للمواطنين قبل المسؤولين في المحافظة على التراث الثقافي المادي «الاثري لوطنهم» فالاهتمام بهذا التراث وصيانته هو دليل على الانتماء الوطني للبلد الذي يضمه، وهذا الاهتمام بشكل اولي لا يتأتى الا برفع مستوى الوعي العام بأهمية التراث الثقافي السعودي.



فهد الغبيوي-عفيف















رد مع اقتباس