الموضوع
:
لغز الموقف الأمريكي الغامض من احتلال بيروت
عرض مشاركة واحدة
24-May-2008, 11:36 AM
رقم المشاركة :
1
معلومات العضو
النافذ
عضو مهم
إحصائية العضو
لغز الموقف الأمريكي الغامض من احتلال بيروت
مقاتلو حزب الله
حسن الرشيدي
istratigi@hotmail.com
مفكرة الإسلام:
أثار غياب رد الفعل الأمريكي المريب حول ما جرى في بيروت كثيرًا من الحيرة والاضطراب لدى كثير من المعلقين والسياسيين.
ففي أول يوم من الاجتياح كان هناك صمت رسمي أمريكي تام، وبعد ذلك بدأت تصريحات المسئولين الأمريكان في الظهور؛ فالمتحدث باسم البيت الأبيض جوردون جوندرو يقول: إن هناك حالة من القلق في واشنطن بسبب التقارير التي تصلها حول الأزمة اللبنانية، وطالب حزب الله بالتوقف عن محاولات إسقاط حكومة السنيورة التي اختارها اللبنانيون بشكل ديمقراطي، وقال: إن واشنطن مستمرة في تأييدها لحكومة السنيورة، كما طالب إيران وسوريا بالتوقف عن دعم حزب الله.
وقريب من هذه التصريحات جاءت تصريحات كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية، ولم يخرج الموقف الرسمي الأمريكي عن هذه التصريحات، بل كانت هناك تلميحات من بعض مسئولين أمريكيين أن أمريكا ليست بصدد التدخل عسكريًا لحسم الأمر؛ ما أثار غضب رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة ورفض الذهاب إلى شرم الشيخ للقاء بوش، بل رد على مواقفه الداعمة له في شرم الشيخ بتذكيره بفلسطين ومزارع شبعا.
وتؤكد صحيفة هآأرتس الإسرائيلية هذه الحقيقة وتقول: "إنه على مدى أشهر الأزمة السياسية اللبنانية عارضت إدارة بوش أية محاولات للتفاوض مع المعارضة للتوصل إلى حل وسط، لكنها في الوقت نفسه لم توفر للموالاة السند العسكري والسياسي اللازم"، وقالت الصحيفة: إن أنصار الحكومة اللبنانية عندما اشتعلت المعركة القتالية لم يتلقوا من واشنطن سوى عبارات التأييد اللفظي فقط.
فمنبع الحيرة والالتباس هنا أن هناك تنافسًا جديًا وحقيقيًا بين مشروعين يتسابقان على النفوذ في المنطقة: مشروع صهيوني بشقيه الأمريكي والإسرائيلي، ومشروع شيعي بقيادة إيران وتحت لوائه النظام السوري.
ويستعمل كل من المشروعين أدواته ويلعب بأوراقه السياسية كلما اقتضت الحاجة في محاولة إثبات النفوذ والهيمنة على المنطقة، وكلما جرى استعمال لورقة أو أداة من قبل أحدهما يحاول الطرف الآخر إبطالها وإحراقها حتى لا يستفيد الطرف الأول منها ويتمدد على حسابه.
ففي حرب تموز عام 2006 عندما أشعل حزب الله فتيلها إثر اختطافه جنديين إسرائيليين ثم ما أتبعه من قصف بالصواريخ على المدن الإسرائيلية، كان الكلام وقتها أن إيران تريد إثبات قوتها في المنطقة وقدرتها على تهديد إسرائيل الحليف الأساسي لأمريكا في المنطقة وإلحاق الضرر بها وإثبات قدرتها على تحويل التهديدات اللفظية التي يتفوه بها نجاد ضد إسرائيل من محوها من الوجود إلى أشياء على الأرض؛ لذلك كان رد الفعل الإسرائيلي عنيفًا وعاصفًا وقاسيًا وبدعم أمريكي كبير رغبة في حرق الورقة الإيرانية المتمثلة في حزب الله، حتى عندما أرادت إسرائيل التوقف والمساومة فإن أمريكا أرغمتها على مواصلة واستمرار ضرب لبنان وحزب الله حتى تتمكن الولايات المتحدة من حرق الورقة الإيرانية.
ولكن هل يمكن تفسير الاجتياح الشيعي لبيروت هذا الشهر في نفس السياق أي في إطار الصراع الإيراني الأمريكي على المنطقة؟!
هناك دائمًا من يميل في تحليلاته إلى النظر في البعد المحلي فقط في الصراع، أي أنه صراع بين طوائف ومذاهب لبنانية للاستحواذ على أكبر قدر من السلطة والنفوذ، وهناك من يفسره في إطار إقليمي، أي رغبة سورية في الاستحواذ على لبنان كله عبر التحالف مع طرف على حساب آخر أو محاولة محور عربي سعودي ومصري في الأساس لبلورة مشروع عربي ثالث يقف في وجه المشروعين الآخرين، وهناك من يفسره في إطار الصراع الدولي على منطقة الشرق الأوسط بدأ من إسرائيل لتأمين حدودها الشمالية وأمريكا وإيران في إطار خلافاتهما على النفوذ في المنطقة أو قوى دولية أخرى كروسيا وأوروبا رأت في الصراع اللبناني فرصة أخرى لمحاولة إيجاد دور لها على خارطة النظام الدولي.
والحقيقة أن مقاربات العلاقات الدولية والتحليل السياسي في إطار تحليل النظم ينظر إلى أية ظاهرة سياسية في إطار بيئتها الداخلية والخارجية. والصراع في لبنان بصفة خاصة ينبغي النظر إليه في هذا الإطار: أي الأبعاد المحلية والإقليمية والدولية.
يقول إلياس حنا في صحيفة الشرق الأوسط: عادة كان لبنان يتأثّر بما يجري بالإقليم.. اليوم وبعد ما جرى في بيروت فقد يبدو أن المحلّي يحضّر لشيء إقليمي، خاصة أن هناك الكثير من السريّة حول ما يجري في المنطقة.
فماذا يجري اليوم فعلاً بين أمريكا وإيران حول العراق؟! ولماذا توافق إيران على ضرب حليفها في العراق مقتدى الصدر؟! ولماذا تضر بحكومة نوري المالكي وبالتحديد جيش المهديّ؟ ولماذا عيّنت أمريكا الجنرال الأمريكي ديفيد بترايوس قائدًا للقيادة الوسطى؟ فهل اطمأنّت لحال العراق؟ وهل يمكنها أن تطمئنّ لحال العراق من دون مساعدة إيران؟!!
أي أن إلياس حنا يلمح من طرف خفي إلى وجود صفقة إيرانية أمريكية، وبما أن هذه المعلومات سرية فإنها تبقى حقيقة غير مؤكدة.
وربما ألمح إلى ذلك صراحة وليد جنبلاط؛ فقد نقلت صحيفة الأخبار اللبنانية وهي تميل إلى المعارضة الشيعية عن جنبلاط قوله لمقربين له: إن الأمريكيين قد لا يقفون الآن إلى جانبنا أو هم متورّطون في أمور تجعلنا لا نراهن عليهم.
وهناك تفسير آخر يصب في خانة عدم التدخل الأمريكي لوجود صفقة سواء كانت صريحة أو ضمنية؛ فالأمريكيون يواصلون حملتهم الأمنيّة الكبيرة في مدينة الموصل وسط غض نظر سوري لا يمكن أن يقابله الأمريكيون بمزيد من التشدد في الملف اللبناني.
وربما كان التفسير يتعلق بضعف الإدارة في الفترة الحالية، وخاصة أن وجودها في الحكم لن يزيد عن ستة أشهر، فجاء تحرك حزب الله وهو مطمئن إلى أن رد الفعل الأمريكي سيكون سلبيًا وعاجزًا تجاهه، ولكن هذا المنطق مردود عليه بأن الرئيس بوش ليس لديه ما يخسره إذا أقدم على ضربات جوية انتقامية ضد مراكز حزب الله إن أراد ذلك، بل إن هذا سيجعله محتفظًا بإستراتيجيته الهجومية والمحاصرة للمشروع الإيراني للمنطقة حتى آخر لحظة في رئاسته، وهذا ما يدعم الجمهوريين في انتخابات نوفمبر القادمة.
ولكن هناك نظرية ثالثة خلاف نظرية الصفقة ونظرية البطة العرجاء، وهي نظرية أن الرد الأمريكي قادم لا محالة على التمدد الإيراني، وشواهد ذلك البوارج الأمريكية التي تعبر قناة السويس لتقف أمام الشواطئ اللبنانية، وهناك أنباء ذكرت أن أمريكا قد أرسلت عملاء لها إلى بيروت لتحديد حجم الضربة، كما أفاد موقع سيجانيت الإسرائيلي حيث ذكر أن عملاء وكالة المخابرات العسكرية الأمريكية (DIA) ينشطون الآن في بيروت لجمع أدلة ومعلومات بشأن النشاط الإيراني هناك ودور الحرس الثوري الإيراني في الأحداث والاتصالات الأخيرة التي أجراها مع حزب الله. وبحسب الموقع فـإن عملاء المخابرات الأمريكية وبالتعاون مع عملاء محليين يقومون بتصوير بعض الأهداف التي يستخدمها الحرس الثوري الإيراني وحزب الله وإعداد بنك أهداف، وكذلك يتم إبلاغه بمؤسسات الدولة اللبنانية التي يسيطر عليها حزب الله، في إشارة إلى وجود وحدات جمع معلومات أمريكية خاصة لتصوير نشاطات حزب الله والحرس الثوري الإيراني لاستخدامها كدليل ضدهما في حالة شن هجوم مستقبلي إذا ما اقتضت الضرورة.
وتؤيد هذه النظرية أن الفعل الإيراني كان استباقًا لضربة أمريكية محتملة لإيران، وقبلها جرى تحييد أدوات إيران في الرد، مثل ضرب جيش المهدي في العراق وأن الدور الآن على حزب الله، فاستبقت إيران الضربة الموجهة للحزب باحتلال بيروت.
النافذ
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى النافذ
زيارة موقع النافذ المفضل
البحث عن المشاركات التي كتبها النافذ