عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 26-Apr-2008, 07:45 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
محمد المسعودي العتيبي
عضو ماسي
إحصائية العضو






محمد المسعودي العتيبي غير متواجد حالياً

افتراضي


هذا الأدب الذي وقع من حاتم الأصم يمكن أن نسميه " أدب التغافل " ، وهو من أدب السادة ، أما السوقة فلا يعرفون مثل هذا الآداب ، ولذلك تراهم لدنو همتهم يحصون الصغيرة ، ويجعلون من الحبة قبة ، ومن القبة مزاراً ، وهؤلاء وإن أظهروا في الإحصاء على الآخرين فنون متنوعة من ضروب الذكاء والخداع ، ولكنه ذكاء أشبه بإمارات أهل الحمق والترق الذين تستفزهم الصغائر عند غيرهم ، ولا يلقون بالا للكبائر عند أنفسهم،و أمثال هؤلاء لا يكونون من السادة في أقوامهم الذين عناهم الشاعر بقوله:



ليس الغبي بسيد في قومه **** لكن سيد قومه المتغابي



قال تعالى: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ } [ التحريم:3 ] .



وقال الحسن : "ما استقصى كريم قط قال الله تعالى عرف بعضه وأعرض عن بعض " [ تفسير القرطبي ج18 ص188] .



وقال الشاعر :



أحب من الأخوان كل مواتي **** وكل غضيض الطرف عن هفوات



ومن هذه المواقف الجلية في أدب التغافل ، ما ذكره ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح قال : إن الرجل ليحدثني بالحديث فأنصت له كأن لم أسمعه قط وقد سمعته قبل أن يولد. [ تاريخ مدينة دمشق ج:40 ص:401 ] .



ولقد دخل رجل على الأمير المجاهد قتيبة بن مسلم الباهلي، فكلمه في حاجة له، ووضع نصل سيفه على الأرض فجاء على أُصبع رجلِ الأمير، وجعل يكلمه في حاجته وقد أدمى النصلُ أُصبعه، والرجل لا يشعر، والأمير لا يظهر ما أصابه وجلساء الأمير لا يتكلمون هيبة له، فلما فرغ الرجل من حاجته وانصرف دعا قتيبة بن مسلم بمنديل فمسح الدم من أُصبعه وغسله، فقيل له: ألا نحَّيت رجلك أصلحك الله، أو أمرت الرجل برفع سيفه عنها؟ فقال: خشيت أن أقطع عنه حاجته.



فلقد كان في قدرة الأمير أن يأمره بإبعاد نصل سيفه عن قدمه، وليس هنالك من ملامة عليه، أو على الأقل أن يبعد الأمير قدمه عن نصل سيفه، ولكنه أدب التغافل حتى لا يقطع على الرجل حديثه، وبمثل هذه الأخلاق ساد أولئك الرجال.



من كان يرجو أن يسود عشيرة **** فعليه بالتقوى ولين الجانب



ويغض طرفا عن إساءة من أساء **** ويحلم عند جهل الصاحب




واعظم مايكون التغافل مع الزوجة

مشكور اخوي عبدالرحمن على النقل الرائع يارائع















رد مع اقتباس