وكما هو متوقع جاء استقرار النجديين حول الامكنة التي تتوافر فيها المياه اللازمة لقيام الزراعة ، مثل جوانب الاودية المشهورة والوحات المختلفة. وقد يكون اختيار موضع الاستقرار ناتجا عن وقوقعه على طريق تجارية لكن صلاحيته للزراعة كانت تفوق كل اعتبار .
اما بالنسبة للبادية فاهم مقومات حياتهم الاقتصادية الثروة الحيونية ومنتجاتها. وكانت تلك الثروة تتأثر بعاملين اساسيين احدهما المطر والثاني الغزو فالحيونات تنمو بنزول الغيث وتقل وتضعف بالقحط ونزول الغيث في جهة دون اخرى كثيرا ما اودى الى حرب بين قبيلة و قبيلة حول موطن الكلا . والغزو كثيرا ما نتج عنه فقر من كان غنيا وغنى من كان فقيرا .
يمكن ان يقال ان الصفات التى كان المجتمع النجدي يرى ظرورة توافرها في الزعامة السياسية لم تكن تختلف بصفة عامة عما هو معروف عن مؤهلات اهمها اصالة النسب والشجاعة والكرم . ولقد كانت زعامات البلدان النجدية تنتمى الى قبائل عربية مختلفة .
على ان الاسر التي كانت تسيطر على مقاليد الامور في البلدان النجدية وصلت الى الامارة بطرق مختلفة منها ان يكون جد الاسرة هو الذي انشأ البلدة اة احياها بعد ان هجرها اخرون . ومنها ان يستولي علي البلدة بالقوة وينتزع الامارة ممن كانةا يتولون زعامتها .
والصراع حول السلطة امر مألوف في تاريخ جميع الاسر في مختلف بلاد العالم وفي سائر الفترات التاريخية ولكن نسبة ذلك الصراع وشراسته تتاثران باختلاف الظروف . وعلى هذا الاساس فان الصراع داخل الاسر الحاكمة في نجد حينذاك لم يكن امراً غريبا .
ولعله لم يبلغ في عنفه ما بلغه الصراع بين اشراف الحجاز في بعض الفترات التاريخية . وما دام الصراع حول السلطة موجودا داخل الاسر الحاكمة ذاتها فانه لم يكن غريبا الا تجدي صلة قرابه القبلية التي كانت موجودة بين امراء بعض البلدان وقد خلق جو من التالف او الوحدة او الوحدة الاقليمية . بل ان وجود مثل تلك الصلة لم يمنع قيام الحروب بين اولئك الامراء . وقد اصبح التفكك السياسي نتيجة طبيعية لتلك الاوضاع حتى غدت كل بلدة مستقلة بذاتها ذات علاقة غير ودية مع جارتها في اغلب الاحيان . وكان على امير ان يظل في حالة استعداد عسكري اما لمهاجمة خصمه واما للدفاع عن بلدته.
ولقد تعاقبت على الامارات النجدية المختلفة فترات ضعف وقوة لكن اقوى امارة ظهرت في تلك الفترة كانت امارة العيينة خاصة في عهد رئيسها عبد الله بن معمر ( 1096-1138هـ) الذي قال عنه ابن بشر انه لم يذكر مثله في زمانه ولا قبل زمنه في نجد في الرئاسة وقوة الملك والعدد والعدة والعقارات والاثاث . ومع ذلك فان من الواضح ان تلك العظمة لم تصل الى درجة تمكن العيينة من الاخل بميزان القوة السياسي والعسكري لصالحها في نجد .اما بالنسبة للقبائل الرحل في المنطقة فقد كانت المؤهلات التي يصل بها صاحبها الى مركز القيادة هي صفات الزعامة لدى كل القبائل العربيةفي مختلف العصور .
وكانت العلاقة بين القبائل النجدية سيئة بصفة عامة وكانت القوة هي الفيصل فيما يحث بينها من نزاع سيرا على المثل المشهور ( نجد لمن طالت قناته) وقد تعددت القبائل المتنازعة حول موارد المياه ومواطن الكلا في نجد. وصمح بعضها الى احتلال مركز الصدارة في هذه المنطقة
من اشهر القبائل التي اشارت المصادر الى قوتها في تلك الفترة بنو خالد والدواسر والظفير وسبيع والفضول وقحطان ومطير و عنزة وبنو لام .
انتهى الموضوع
منقووووووووووووووول