بسم الله الرحمن الرحيم
جنوبي غرب البلاد
ويشتمل على عسير والمخلاف السليماني ونجران . وقد ذكر سابقاً ان نفوذ أشراف الحجاز قد امتد الى القنفذة جنوباً . ويوحي ذلك بأن منطقة عسير بسراتها وتهامتها قد دخلت تحت نفوذ الاشراف . واذا كان من المرجح أن نفوذ الاشراف كان واضحاً في تهامة لسهولة التحرك العسكري في الجهات الساحلية فإنه من المحتمل أ، نفوذهم في الجهات الجبلية لم يكن أكثر من تحالف بعض القبائل هناك معهم . اما الولاء الحقيقي فكان للزعماء المحليين التقليديين .
وكانت الحياة الاقتصادية في عسير تقوم على امور عدة ابرزها الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية . وكانت الزراعة والثروة الحيوانية تتأثر بالعوامل الطبيعية والظروف السياسية المحلية . ولكن وجود الامطار الموسمية في تلك المنطقة يوحي بان الحياة الاقتصادية هناك لم تكن سيئة .
وكانت منطقة عسير بعيدة نسبيا عن مراكز العلمية في مكة والمدينة واليمن ، ولهذا فان المصادر المتوافرة لدى الباحثين لم تشر الى وجود علماء فيها خلال تلك الفترة . ويبدوا أن الوضع الديني هناك لم يكن حسنا لا من حيث العقيدة ولا من حيث القيام باركان الاسلام والالتزام بواجباته .
اما المخلاف السليماني فقد شهد وحة اقليمية في القرن الرابع الهجري على يد سليمان بن طرف الحكمي ، الذي سمي المخلاف باسمه لكن امارته انتهت على يد الحسين بن سلامة احد موالي الدولة الزيدية الاقوياء ، وقبل نهاية ذلك القرن . وبعد ذلك اصبح المخلاف امارات متعددة تتولى قيادة اكثرها زعامات من الاشراف الذين يدينون بالولاء لحاكم صنعاء . وقد ظل الوضع
السياسي للمخلاف هكذا حتى قرب منتصف القرن الثاني عشر الهجري حينما نجح الشريف أحمد بن محمد بن خيرات فيكسب ولاء الزعماء المحليين وتوحيد البلاد تحت قيادته مع اعترافه الاسمي بالتبعية لامام اليمن.
وكان سكان المخلاف السليماني يعتمدون في حياتهم الاقتصادية على الزراعة والتجارة والثروة السمكية . وكان وضعهم الاقتصادي جيدا بصفة عامة . ذلك أن الامطار الموسمية في المنطقة غزيرة والتربة خصبة ، وكانت الموانيء هناك مراكز تجارية نشطة .
ومن الواضح أن الحياة العلمية في المخلاف السليماني كانت لا باس بها . على انها لم تصل حينذاك الى مستوى الحياة العلمية في الحجاز او اليمن . وكان بعض سكان المنطقة يعتنقون المذهب الزيدي ، وبعضهم يعتنقون المذهب السني ، خاصة الشافعي و قد ظهر بين اولئك السكان علماء اجلاء في فترات تاريخية مختلفة على ان الصوفية وجدت لها موطىء قدم هناك ، كما انتشرت البدع والخرافات انتشرت في المنطقة كما انتشرت في بلاد اسلامية اخرى.
واما نجران فاكثرها سكانها من قبيلة يام . وكانت من المناطق التي هيمنت عليها بالحركة الاسماعيلية الباطنية أثناء مد مراكز الحركة في القرن الرابع الهجري . وظلت نجران مركزا من مراكز الحركة المذكورة قرونا . وحينما تغلب الائمة الزيديون على الاسماعليين في اليمن اضطر بعض المهزومين الى الهجرة من جزيرة العرب الى بلدان مختلفة ، وانحصر بعضهم الاخر في نجران التي كان المكارمة زعماءها الدينين . وقد بقيت الزعامة لهم هناك حتى دخلت المنطقة تحت حكم ال سعود .
زكانت قبائل نجران اليامية نشطة من الناحية العسكرية . ولذلك فان زعماء المخلاف السليماني كثبراً ما استأجروا تلك القبائل في حروبهم ضد منافسيهم المحليين وخصومهم من الخارج . ومن هنا فان النشاط العسكري كان من مصادر دخل القبائل النجرانية المهمة .
ومع ان المذهب الاسماعيلي كان المذهب المتبع من قبل سادة نجران فان الجهل الديني كان كبيرا بين القبائل هناك . ويبدوا ان ممارسة تلك القبائل لاركان الاسلام من صلاة ونحوها تكاد معدومة .