عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 25-Mar-2008, 11:51 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الامير حريبيش

رابطة محبي الهيلا


الصورة الرمزية الامير حريبيش

إحصائية العضو







الامير حريبيش غير متواجد حالياً

إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى الامير حريبيش
افتراضي

1918، وناشدوه أنجادهم، لاحتمال قدوم حملة عسكرية حجازية اخرى وشددوا في طلبهم من جديد للدفاع عن الوهابية، وأهابوا به بالقدوم بنفسه ، بدلا من الاهتمام في قتال ابن الرشيد وقد تداول أشراف نجد بالامر. ويبدو أنهم انتقدوا عبد العزيز ابن سعود لتقاعسه في إنجاد مستغيثه بسبب انقياده لحلفائه الانكليز وإهماله مصلحة بلاده والاسلام، واحتج البعض على بقاء البعثة البريطانية في نجد، وأبدوا مقاطعتهم لاعضائها، فيما اكد (الدويش) أحد كبار قادة عبد العزيز بن سعود عن ذلك ، فانصاع الأخير ووعد أتباعه بتلبية دعوة خالد أتباعه اذا ما تكررت الهجمات الحجازية ، في الوقت الذي رفع (فلبي) بدوره هذه التطورات الى حكومته ومن أن أي هجوم آخر من قبل الحجاز من شأنه ان يخلق المشاكل في الجزيرة العربية .
دعت الحكومة البريطانية من جديد الى تهدأة الموقف، وبعث السير ونجت في 5 تشرين الثاني 1918 بكتاب رسمي الى الحسين ضمنه هذه الدعوة. وذكر الحسين بالمعاهدة المعقودة بين ابن سعود وبريطانيا وما تضمنه للأخير من الحقوق داخل حدود بلاده. وأشار الى تحذير حكومته لابن سعود من القيام بأي عمل خارج هذه الحدود، ورفضها لمطاليبه في زيادة الذخائر والمعدات الحربية فضلا عن طلبها بموقف الحركات العدائية ضد ابن الرشيد التي كان قد شرع القيام بها بناء على الاوامر البريطانية. الامر الذي يقتضي من الحسين تقدير الموقف البريطاني والوقوف عند حد معلوم من قضية الخرمة، وغيره من القضايا القبلية التي يمكن حلها عن طريق التأني، لذلك فهو (ونجت) يستعصب تصديق موفق الحسين في رغبته لقطع العلاقات الودية مع عبد العزيز ابن سعود، ورد مبعوث الأخير ردا قاسيا، ورفضه لاستسلام رسالته أو قراءتها وكرر (ونجت) دعوته لحل الأمر سلميا، وبأسلوب شابه التنبيه، اذ ان عبد العزيز بن سعود ـ كما ذهب ونجت ـ "وان كان اقل درجة من جلالتكم واضعف موارد فإنه لا ينكر أنه ذو تأثير واهمية في السياسة العربية .
بيد ان انتهاء الحرب العالمية الاولى وتوقيع الهدنة في 11 تشرين الثاني 1918 كان يقتضي بطبيعة الحال ان تعيد بريطانيا النظر بسياستها مع حلفائها من الحكام العرب فليس من المعقول ان تنظر الى خطورة النزاع الحجازي النجدي كالسابق بحكم مصالحها في المنطقة رغم ان ذلك لا يعني تخليها كليا عن الحسين اذ ما زال يعتبر الناطق الرسمي باسم العرب، ولم يمض على انتهاء الحرب عدة شهور، وما زال المستقبل بحاجة اليه ـ ولعل ذلك ما يفسر خمول أو غموض الموقف الذي أخذت تبديه حيال النزاع المذكور، واحتجاج الحسين واتهامه لها بمحاباة عبد العزيز ابن سعود فمع إقرار السير (ونجت) للقتال بين الحاكمين، الا انه رأى ـ وفي ضوء متطلبات السياسية البريطانية ـ تأجيلها قدر الامكان وإبقاء قوات الطرفين عند (الخرمة) دون صدامها لثقة بريطانيا بضع مقاومة الأشراف للوهابيين، الأمر الذي قد يدفعها الى الوقوف جانبهم نظراً لكون الحسين مازال حاميا للأماكن المقدسة وهو أمر من شأنه ان يحوز على قناعة الهند .
وسيرا مع هذا الموقف المتذبذب يضع (كرزن) توقعاته بين ان تكون الحرب حلا لخلافات الحجاز ونجد، أو إمكانية تسويتها سلميا عند عدم صدامها . وأبلغت الحكومة البريطانية معتمدها في جدة الكولونيل (ولسن) بأنها قررت "على ضوء التطورات الأخيرة وخاصة استسلام المدينة ان لا تتدخل بعد اليوم في النزاع الحالي بين الملك حسين وعبد العزيز بن سعود، رغم إدراكها ما يترتب على هذا الموقف من النتائج ومع ذلك فإن بريطانيا وكما نوهنا قبل قليل لم تكن ترغب في الاندفاع كليا في مواقفها هذه مع الحسين لوجود القضايا العالقة بين الطرفين ، لذلك تحاول وزارة الخارجية درسة المشكلة، بعد وصول الانباء عن احتدام النزاع، ودعت (فلبي) في منتصف آذار 1919 لحضور المؤتمر الذي عقدته الوزارة لبحث القضايا المتعلقة بالشرق الاوسط ، ومن جملتها مشكلة الخرمة ـ التي شدد الحسين طلبه في حسم قضيتها لصالحه، وهدد بمهاجمة المنطقة حالة رفض طلبه ـ فقد اوضح اللورد (كرزن) وزير الخارجية لدى افتتاحه المؤتمر عزم حكومته لتسوية النزاع بين الطرفين لإصرار الحسين ـ وهو محق ـ على هذه التسوية، واوضح ان المشكلة هي مشكلة سياسية لا مشكلة القضية نفسها. كما افصح عن وجهة نظر وزارته السياسية في المنطقة بقوله ان السياسة البريطانية في جميع القضايا العربية سياسة حسينية الامر الذي يبرر ضرورة الاقتناع بانتصار الحسين حالة صدامه مع عبد العزيز بن سعود، اذا ما حسمت مشكلة الخرمة لصالحه، والا فإن العواقب ستكون خطيرة وقد حظي كرزن بتأييد كافة الجنرالات والاميرالية الحاضرين، حينما طلب رأيهم بوجهة نظره، لاعتقادهم ان شرذمة من الوهابيين الحفاة عاجزين عن الوقوف امام القوات الهاشمية المدربة والمجهزة بأسلحة بريطانية، فكان هذاع راي الوزارة ـ والمكتب العربي المرتبط بها طبعا ، الا ان هناك من يعترض هذا الاعتقاد متمثلا بحكومة الهند التي كان ينوب عنها في المؤتمر (فلبي). فقد انتقد هذا الخبراء والضباط العسكريين الحضور لافتقارهم للمعلومات الكافية عن قدرات الوهابيين وحذر من تطور الامر الى صدام ـ وهذا ما سيتم حتما، اذا ما تمادت السياسة البريطانية في موقفها السلبي من عبد العزيز بن سعود ـ اذ ان الوهابيين سيكتسحون القوات الحجازية دون اية صعوبة. ومع احتمال اهتمام كرزن بران فلبي الا انه اوضح ان البت في مثل هذه الامور لا يأتي الا عن طريق اكثرية الاصوات. ولما كان فلبي لا يمثل الا الاقلية، فإن الحكومة ستمضي في سياستها الحالية . لذا اقر المؤتمر تخويل الحسين رسميا باحتلاله منطقة النزاع، بما في ذلك إبلاغ عبد العزيز بن سعود بهذه الصلاحية، وانذاره بقطع الحكومة لاعاناتها المالية عنه، اذا ما أبدى اية مقاومة، واكد مرزن باصدار الاوامر الفورية بهذا الشأن .
وقبل ان ينهي كورزن المؤتمر، ارتأى الاستفسار من المستر فلبي عن موقف ابن سعود عند تسلمه هذه الاوامر، فأجاب فلبي ـ الذي كان متأكدا كما يبدو ـ ان السلطان سيحشد قواته حال سماعه بهذه الاوامر دفاعا عن الخرمة التي كان قد وعد اهلها بذلك، سواء قطعت عنه الاعانات أو لا، منوها الى النتائج التي سينتهي اليها هذا الصدام والتي اشار اليها في بداية الاجتماع، غير ان هذه المحاذير لم تغير ما أقره المؤتمر وانفض على ما اتفق عليه من تسوية .
معركة تربة وهزيمة القوات الحجازية: باشر الحسين وبعد الاقرار البريطاني الاخير بإعداد حملة جديدة ـ بقيادة صهره ووزير داخليته حينذاك عبد الله بن محمد يرافقه الشريف شاكر بن زيد ـ ضمنها العديد من قوات القبائل. ولم يكتف الحسين بذلك بل وجه نجله الامير عبد الله بقواته من الطائف ـ بعد فتحه المدينة في كانون الثاني 1919ـ للالتحاق بالحملة الاولى التي امر بتوقفها لهذا الغرض، وللاجتماع به ايضا قبل الدخول في معركة فاصلة . وفي الاجتماع الذي عقده الحسين بكل من نجله وصهره ومشايخ قواته في منطقة عشيرة ، تم اقرار الخطة التي رسمها الحسين والقائمة على اخضاع القبائل الخارجة وبسط سيادته على ربوعها .
لم يكن عبد العزيز بن سعود بغافل عن التطورات الاخيرة، وسارع الى ابلاغ السلطات البريطانية في البحرين التي انذرت بدورها الحكومة البريطانية بخطورة الموقف على الحدود، الامر الذي دفع بالاخيرة ـ ورغم اقرار مبدأ تبعية الخرمة للحسين ـ الى تلافي الموقف واتصلت بمعتمدها في جدة ليبلغ الحسين رسالة حكومته التي ضمنتها النصح بالتريث عما عزم عليه والاقتراح بانسحابه الى الطائف حيث يوافيه عبد العزيز بن سعود للتفاهم على ما ينهي الخلاف. غير ان الحسين لم يرتح لهذا الموقف وصمم على القتال، ورد " حسين روحي " سكرتير المعتمد البريطاني ـ الذي سلمه كتاب الحكومة خلال وجوده في عشيرة ـ، ردا صارما وعلى مسمع من الحاضرين " اذهب وقل لهم انه لاحق لهم بالتدخل في شؤوننا الداخلية فنحن احرار نفعل ما نريد " . كما لم يتمكن الامير عبد الله ـ الذي لم يكن راغبا في القتال ـ من اقناع والده في العدول عن الحرب او تأخير موعدها على الاقل. وتجاهل الحسين التحذيرات البريطانية عن قوة الوهابيين وتعصبهم، والاندحارات السابقة التي حملوها قواته ، بل اعتد بما حصل عليه مؤخرا من الاسلحة بعد فتح المدينة، وهدد نجله عبد الله بالتنازل عن الحكم حال مما نعته تنفيذ اوامره .
وجدير بالذكر ان الامير عبد الله كان قد راسل عبد العزيز بن سعود بعد فتحه المدينة وابلغه بسقوطها. وإنصراف الدولة الى مشاكلها الداخلية وتأديب مثيري الفوضى قاصدا بذلك خالد واتباعه ولم يبخل ابن سعود بدوره بالتهنئة لاحتلال المدينة مهيبا اياه للتوسط في تسوية الخلاف مع والده . وقد استجاب عبد الله الذي كان يقر ذلك ضمنيا، ووعده بذلك في رسالته الجوابية في آذار 1919 وطلب منه ايفاد من يمثله لبحث القضايا المتعلقة بينهما، بعد ان ابلغه برحيله الى مكة بيد ان الامير عبد الله وتحت ضغط والده في عشيرة كما تبين كان مضطرا للتوجه نحو الحدود حتى انتهى عند منطقة (البديع) بالقرب من الحدود متخذا منها مركزا لحركة قواته التي بدات من هناك باستمالة القبائل او تأديبها ، فما تحركت القوات النجدية بقيادة (سلطان بن بجاد) باتجاه الحدود وانضمت لقوات (خالد بن لؤي) وتمركزت في منطقة تبعد 20 ميلا عن واحة تربة. تسمى بـ (القرنين) استعدادا للقتال، في حين تحرك عبد العزيز بن سعود من الرياض الى تربة لدعم اتباعه. واتخذ منطقة (اللصة) القريبة من تربة ايضا مركزا له وظل على اتصال دائم بخالد بن لؤي . اما بالنسبة للامير عبد الله فقد ترك منطقة البديع بناء على اوامر والده المشددة، وتقدم نحو تربة وتمكن من احتلالها ، وبدأ من هناك بإرسال رسله الى شيوخ القبائل يدعوهم للانضمام تحت سيادة والده محذرا ومهددا إياهم عاقبة المقاومة ، وباحتلال منطقة تربة لم يبق لابن سعود ما يخفيه وتبادل مع عبد الله رسائل شابها التهديد والتحذير متهما اياه بالكذب خلافا لما ادعاه في رسالته السابقة عن عزمه في العودة الى مكة. واكد عبد العزيز بن سعود الدفاع عن اتباعه، دون ان يتجاهل إنهاء الامر صلحا على ان ينسحب عبد الله الى العشيرة ليتسنى له ارسال احد انجاله او اخوته للتفاوض بهذا الشأن، ولم يسع عبد الله سوى الاجابة بنفس اللهجة معتبرا ما قام به من احتلال بعض المناطق انما لتأديب قبائل تابعة للحجاز، ولا دخل لابن سعود بأمرها... وكرر ما أشار اليه ابن سعود في الدعوى الى الصلح شريطه انسحاب عبد العزيز بن سعود الى نجد، دون ان يلحق باتباع الاخير أي ضرر .
لم تكن هذه المراسلات بالامر المجدي وامسى السيف السلاح الوحيد لحل النزاع، وقد جاء على يد خالد بن لؤي الذي باغت معسكر عبد الله في تربة في ليلة 25، 26 مايس 1919 وتمكن بمن معه من القوات الوهابية من تشتيت القوة الحجازية وتدمير معظمها، وباعتراف المصادر الهاشمية نفسها ، ولم يتمكن عبد الله من النجاة الا بصعوبة، ممتطيا فرسه باتجاه الطائف ، اما عبد العزيز بن سعود فقد تلقى هذا الخبر وهو في طريقه الى موقع الحركة .
ـ موقف الحكومة البريطانية من احداث تربة: جزع الحسين للنبأ وبعث بخمسمائة جندي نظامي تحت قيادة محمود القيسوني وزير الحربية الى الطائف لحمايتها بعد ان اصبحت ابواب الحجاز مفتوحة امام الوهابيين واضطر الى الاتصال بالمعتمد البريطاني في جدة بواسطة نائب رئيس وزرائه عبد الله سراج. وقد استجاب المعتمد لدعوة سراج في التوسط، ووعد بإبلاغ حكومته واطلاعه على جوابها، كما طلب من سراح بإعداد مساحة من الارض بجوار جدة تحسبا لهبوط الطائرات التي قد تبعثها بريطانيا، بينما دعاه للاجتماع به في جدة . وفي الاجتماع الذي تم بينهما اقترح الكولنيل ولسن الاتفاق على عقد مؤتمر يجمع بين ابن سعود والحسين لتصفية خلافاتهما، غير ان الحسين طالب الاتفاق على جدول اعمال المؤتمر مقدما والقضايا التي سيتناولها ورفض اقتراح ولسن بتأجيل ذلك الى انعقاد المؤتمر، الامر الذي افشل المشروع بالتالي من جهة اخرى أبرق الكولنيل ولسن لحكومته ـ كما وعد ـ عن التطورات الاخيرة ووصف الرعب الذي عم الحجاز، وتقاطر الناس الى الساحل من ضمنهم (000/11) من الرعايا الهنود وحذر من استمرار الوهابيين في تقدمهم نحو الطائف، فضلا عن احتمال تفشي الامراض بين اللاجئين المزدحمين في جدة نظرا لشحة المياه وافتقار المدينة للعناية الصحية، وطالب باتخاذ الاجراءات الكفيلة حفظا للسمعة البريطانية . وبسماع كررزن لهذه الانباء عقد اجتماعا عاجلا دعا فيه كبار المسؤولين العسكريين ومن بينهم (فلبي) نفسه الذي كان في لندن حينها. وطالبهم ـ بعد ان اشار للحرب الاخيرة وخيبة الحسين فيها، وبرقية الكولونيل ولسن من جدة ـ بإبداء رأيهم في الموضوع، وفيما اذا كان بوسع ممثلي وزارتي البحرية والحربية من تقديم عونهما اسهاما في انهاء الوضع في وسط الجزيرة، لكن الاخيرين اعتذرا لطلب اللورد كررزن، فقد ابدى الاميرال الاقدم عجز الاميرالية عن تقديم أي خدمات بناء على التعليمات التي لديه وذلك لقلة البواخر المتوفرة حاليا الى الحد الذي لا يمكن فيه اعداد باخرة واحدة وأبدى كبار القادة العسكريين في وزارة الحربية اعتذارهم ايضا وعدم استعدادهم للقيام بعمل يذكر، وعزم الوزارة في تجنب ما يورطها في شؤون الجزيرة . اما بالنسبة للمستر فلبي فقد حاول طمأنة اللورد كررزن لاعتقاده بعدم مواصلة الوهابيين تقدمهم، فاستاء اللورد، لثقته بالأخبار التي بعثها الكولونيل ولسن باعتباره أكثر الناس علما بالوضع. بيد ان المعتمد (ولسن) ـ أجاب فلبي ـ لا يعرف الا بما يخبره به الملك حسين، كما لا يمكن الاعتماد على أقوال النازحين الذين لم يروا ـ برأيه ـ أحدا من الوهابيين، واكد فلبي ثقته من جديد بتوقف الوهابيين عن تقدمهم بعد انتصارهم الأخير، وان لابن سعود سيطرته على رجاله وهو أعبد من ان يخطئ مع بريطانيا بمهاجمة الحجاز. لكن (كرزن) ظل مصرا على اعتقاده السابق ولم يقتنع بما ذهب إليه فلبي وأعرب عن قلقه في احتمال وصول الوهابيين ابواب مكة او جدة، في ضوء المعلومات التي كانت تصله. وهنا يفصح فلبي عن غايته بصراحة لإيقاف التقدم الوهابي، وذلك بقلب القرار الذي اتخذ في المؤتمر السابق، ان الموافقة عل سيطرة عبد العزيز بن سعود لا على الخرمة فحسب بل تربة أيضا والتي سوف لن يتنازل عنها بعد ان تمكن من السيطرة عليها. وتحمل فلبي ـ ولمعرفة بأهداف ابن سعود ـ مسؤولية وقف الهجوم الوهابي على الحجاز، فيما اذا استجيب لهذه المطالب. ولم يمانع كررزن هذه المرة كما يبدو، ووافق على اقتراح فلبي وذهابه لمعالجة الوضع . إلا ان الموافقة كانت مبدأية على ما يظهر حيث اتضح بعدها ان وزارة الخارجية ـ وعند وصول فلبي للقاهرة ـ أصدرت أوامرها للجنرال (اللنبي) المندوب السامي في القاهرة لإرسال ست طائرات الى جدة لاستخدامها وقت الحاجة ، في حين أصدرت أوامرها الى الكولونيل ارنولد ولسن في بغداد بقطع المنحات المالية الشهرية عن عبد العزيز بن سعود . فيما أصدرت أوامرها في نفس الوقت بإنذار عبد العزيز بن سعود وبالتوقف عن الحرب وقد أبلغ المعتمد البريطاني في جدة (الكولونيل ولسن) هذا الانذار الى عبد الله سراج بعد يومين من اجتماعهما سالف الذكر، وهو على هيئة رسالة موجهة من الحكومة البريطانية إلى ابن سعود جاء فيه:
" ترجوكم حكومة جلالة الملك ان تعودوا الى نجد عند وصول هذا الكتاب الى يدكم وتتركوا تربة والخرمة منطقة حرة وغير مملوكة لأحد حتى عقد الصلح وتحديد الحدود، واذا لم تعودوا فإن حكومة بريطانيا تعد كل اتفاق بينكم وبينها ملغى وتتخذ ما يلزم من التدابير ضد حركاتكم العدائية، وتأسف كل الأسف لما حصل بين أصدقائها وكانت ترجو ألا يقع" .
فتخلص الهاشميون من الاندحار الكامل، إذ يبدو ان عبد العزيز بن سعود كان يعد العدة لمهاجمة الطائف التي لم يبق بينها وبين الخرمة سوى مسافة قليلة، وهذا ما دفع الحسين الى تحصينها عقب الهزيمة مباشرة وسلم قيادتها لأحد قادته العسكريين ولعل هذا ما يقلل من اهمية ادعاء(فلبي) الذي اكد فيه على عدم عقب عبد العزيز بن سعود للقوات الحجازية، ومن أنه امر قواده باتخاذ موقف دفاعي .
لقد كان من الممكن بعد الاجراءات البريطانية الأخيرة ان تتلاشى أهمية الاسراع في المهمة التي اوكلت للمستر فلبي في المؤتمر الأخير . إلا ان وزارة الخارجية عادت وأمرته من جديد في السفر الى الرياض عن طريق جدة، أملا في إيجاد تسوية ما بين الطرفين. بيد ان الحسين أفشل مهمة (فلبي)، ورفض سفره عبر الأراضي الحجازية رفضا رغم مرور ثلاثة أيام على التفاوض بهذا الشأن، فاضطر حينها الى ترك الأمر والسفر الى لندن .
ظل الحسين يعاني مرارة الهزيمة وانعكس ذلك في شكوان التي أخذ يبثها للمسؤولين الإنكليز، خصوصا وإن عبد العزيز بن سعود استمر على دعمه وتأليبه لقبائل عتيبة، كما يظهر من بعض الرسائل التي كان يبعثها السلطان لهذه القبائل ، وذهب الحسين مستنكرا التجاوزات الأخيرة بما في ذلك استحواذه على تربة والذي يعد برهانا على هذه التجاوزات. وراح وأعلن عن رغبته في التنازل عن العرش كحل يرتأيه لهذه المشاكل، بعد ان ادعى استعداده للتنازل عن البلاد لسلطان نجد طالما ان ما يهدف اليه هو ضم مناطق إضافية من الحجاز الى بلاده .
كان بإمكان بريطانيا إيقاف مثل هذه العمليات الحربية بسهولة قبل قيامها، لكنها لم تتخذ أي إجراء رادع عبد العزيز بن سعود وما أتخذته لا يعدو اكثر من كونه بعض المساعي الدبلوماسية وضمن الحدود التي تسمح بها أهداف السياسة البريطانية. وموقفها الأخير من النزاع إنما كان ضمن الأهداف البعيدة التي نوهنا عنها سلفا. فقد انتهت الحرب وتوجه العرب ـ ان لم نقل الحسين ـ بأنظارهم الى الحلفاء للوفاء بالتزاماتهم لتحقيق الدولة العربية. ولما كان الحسين الناطق الرسمي على الأقل باسم العرب، والذي من خلاله تم الاتفاق على هذه الوعود، فإن من المنطقي جدا أن تسدد بريطانيا ضربتها الموجعة لحليفها الهاشمي الذي اخذ يثير إزعاجها فيما يردده من الوعود المنتظرة عند نهاية الحرب. وحسبه أن الضربة التي تلقاها كانت كافية للحد من غروره بعد ان واجه شبح الزوال حتى من الحجاز، أثناء الهجوم الوهابي الأخير. وهذا مايفسرنزوله عن الإرادة البريطانية وطلب مساعدتها، الأمر الذي كانت تؤكد عليه الأخيرة ضمن سياستها التقليدية في ربط حلفائها الصغار وجردهم من فلكها بحكم الحاجة ووضعهم أمام واقع الاعتماد الكلي على قوتها، وهي أمور تزداد وضوحاً بسير البحث.
ولم تكتف بريطانيا بهذا الحد وإنما واصلت سياستها في مجال آخر، فمن الواضح أن الحسين، مع علم بريطانيا، سيعمد ـ ولمنع تكرر مثل هذه الهزيمة ـ إلى تقوية قدراته العسكرية، وما يترتب على ذلك من الاستعدادات والتجنيد. الأمر الذي يبرر حيطتها (بريطانيا) أو خشيتها من خروج الحسين عن الدائرة التي رسمتها له، ومن هنا جاءت إجراءاتها بتخفيض المساعدات الشهرية منذ هذه الفترة .
ونعيد هنا ما أشرنا إليه سلفا عما كان يحتويه شعار مصلحة الامبراطورية من التناقضات القائمة في السياسة البريطانية عند الضرورة، والذي في ضوئه يمكن تبرير التفاهم الضمني المؤقت ـ اذا جاز التعبير ـ الذي بدأ بين شقي بغداد ـ القاهرة اثناء النزاع الأخير. هذا اذا تجاهلنا شبه التنازلات التي أبدتها الأخيرة (التابعة في سياستها الى وزارة الخارجية)، كما تبين لنا من قناعة كررزن أحيانا بتسوية حربية بين نجد والحجاز، أو الموافقة على توسط فلبي، ثم تجاهلها لحقيقة هامة كشف عنها فلبي شخصياً، والمتعلقة بالمنحة المالية المقررة لابن سعود، فقد تجاهل أرنولد ولسن (A. Wilson) الحاكم السياسي في بغداد وأحد موظفي حكومة الهند، العقوبة التي فرضتها الحكومة البريطانية على عبد العزيز بن سعود بقطعها لمنحه المالية، ولم ينفذ الأوامر الصادرة اليه وإنما راح " ووضع التبليغ جيبه ونسي كل شيء عنها" . وقد صارح فلبي وزارة الهند بهذه الحقيقة ـ في الاجتماع الذي عقد برئاسة وزيرها (أدوين مونتاكو)
(A. Montago) ـ وتحدى ـ ما أدلى به أحد كبار موظفي الخزينة من أن المنحة المالية المخصصة لابن سعود كانت قد قطعت منذ مايس 1919ـ، وأكد استمرارها رغم صدور الأوامر بذلك. وزيادة في التأكيد، وإجابة على استفسار اللجنة المالية، وجه فلبي اللجنة للإستفسار من الأمير فيصل ابن عبد العزيز بن سعود الذي كان يزور لندن هذه الفترة. ومع ذلك فإن الحكومة البريطانية لم تتخذ أي إجراء مضاد لابن سعود وقررت "بحكمه وتعقل ان لا توقظ الكلاب النائمة وأن تستمر على الدفع لضمان سلامة الحسين..." .
إن الحكومة البريطانية حين وقفت موقف المتفرج من الحرب الأخيرة فإنها ـ كما أكدنا سابقا ـ كانت تعارض مبدأياً التخلي نهائياً عن الحسين وبمثل هذه السرعة، اذ بالإضافة الى الاسباب المتقدمة فإن تخليها عنه في محنته قد يفقد من سمعتها ويلحق الضرر بأي مكسب يمكنها الحصول عليه ، كما كان على بريطانيا أن تدرك أن الجوم المتأزم وهياج الوهابية ـ الذي أخذ يمتد فيما بعد الى سورية وفلسطين والعراق، فضلا عن صفتها الهرطقية لدى بعض الاوساط الإسلامية ـ قد يسبب خطر انتعاش فكرة الجامعة الاسلامية، والتي من الصعوبة خنقها في أقطار الهلال الخصيب . على ان ذلك لا يمنع من القول ان السياسة البريطانية أخذت تستنفذ حاجاتها من الحسين يوما بعد آخر، وشرعت تفكر في إهماله . ورغم أنها لم تباشر ذلك فعلياًَ إلا ان اصواتا بريطانية، وبالذات حكومة الهند، اخذت تطالب بترجيح كفة عبد العزيز بن سعود وعدم معاداته بسبب الحسين، والدعوة لتنحيته عن الحكم لما يوفره من تسوية للموقف، وحسم لقضايا المشرق العربي بما يخدم المصالح البريطانية ، ومهما يكن فإن بريطانيا وعندما لا تجد في الحسين ما يستوجب الاهتمام المباشر، فإنها ترى من الضروري على الأقل الاهتمام بأمر الاعضاء الآخرين المنتسبين لبيته، خاصة وإن المصالح البريطانية تقضي أن لا تبقى أمور العرب تحت سيطرة بيت واحد فمع هذه التحولات، أصبح بقاء الحسين قلقا يحتفظ بوجوده على الحماية البريطانية المشكوك فيها، كحليف بات غير مجد إلا لفترة قصيرة لتسليط مرشحها الجديد ابن سعود "الذي سينقض بدوره على التفاحة في اللحظة المناسبة عندما يبدأ ساقها بالذبول" .
(د) تطور العلاقات الحجازية ـ النجدية حتى انعقاد مؤتمر الكويت 923:
1ـ فشل المبادرة البريطانية لتسوية النزاع: أبدت بريطانية منذ 1918 بعض مساعيها لتسوية نزاع الحسين وعبد العزيز بن سعود، واتصل الجنرال (ونجت) المندوب السامي في القاهرة، بالحسين في 5 تشرين الثاني 1918 وأظهر له حرص حكومته على إحلال الأمن في الجزيرة، ومعارضتها عبد العزيز بن سعود في الأمور التي من شأنها إلحاق الضرر بمصلحة الحجاز، وسخطها لأي عمل قد يقوم به خارج بلاده: التزاما بالمعاهدة التي تربطه مع بريطانيا، والتي تضمن من حقوقه داخل بلاده. هذا بالإضافة الى رفضها مطاليبه من السلاح والذخيرة. لكن الحسين لم يأخذ بهذه النصائح، ورفض دعوة الحكومة البريطانية لتبادل الرسائل الودية مع عبد العزيز بن سعود، كما رفض رسالة من الاخيرة بهذا الشأن ، إضافة الى رده الرسل الذين بعثهم إليه، الأمر الذي يستغربه (اللنبي)، وأعرب للحسين عن أمله ـ وبشيء من التنبيه ـ في تجنب ما يسيء الفهم بين الجانبين، إذ ان عبد العزيز بن سعود "وان كان أقل درجة من جلالتكم وأضعف موارد، لا ينكر أنه ذو تأثير وأهمية في السياسة العربية" .
غير أن تلك المساعي لم تجد نفعا في اجتماع الحاكمين بسبب تصلبهما، وهذا ما أبداه عبد العزيز بن سعود شخصيا حينها، لدى زيارته الاحساء في شباط 1920، حينما أعرب عن استحالة مثل هذا اللقاء سواء في الحجاز أو في أي مكان آخر، رغم علمه بالجهود المبذولة بهذا الشأن. فيما شكا في الوقت نفسه، قلة الإعانات المالية، وما سببته له من ضيق اقتصادي. وامتعاضه من التعاطف البريطاني مع مطالب الحسين في سورية ، طالب المسؤولين الإنكليز بعدها بما يلي:
1ـ ضمان بريطانيا بقاء الوضع الراهن في الحدود مع الحجاز.
2ـ ضمان بريطانيا منع الحسين من أي عمل عدواني.
3ـ ضمان بريطانيا الحج بالنسبة لرعاياه وسلامتهم في الحجاز .
وفي الوقت الذي يطرح فيه ابن سعود مطاليبه هذه، كان الحسين هو الآخر يطالب القاهرة بردع عبد العزيز بن سعود عن تجاوزاته، وإجباره على الانسحاب عما لم يكن تحت ادراته قبل الحرب او خلالها مؤكدا اهمية ذلك بالنسبة لموسم الحج القريب لما يوفره من امن وراحة الحجاج الزائرين .
ومع تعنت طرفي النزاع، فقد تظاهرا بالرغبة للتفاهم وبدا وكأنهما على قناعة من ذلك. فقد اقترح عبد العزيز بن سعود في 23 مايس 1920 الاجتماع بالحسين في مكة، بينما اظهر الاخير موفقته بعد عدة شهور فأبدت السلطات البريطانية رضاها لذلك، واقترحت في اقتصار اللقاء على الحاكمين فقط، لبحث الامور وجها لوجه وحلها سلميا، دون الحاجة لاشراك موظف بريطاني بينهما .
لكن اللقاء المؤمل لم يتم، اذ عدل الحسين عن رأيه كما يبدو، تماشيا مع تطورات الموقف الذي رافق مشكلة حج النجديين ووجهة نظره منها كما سيتضح، الا ان ذلك لم يقف حائلا في سبيل استتباب الهدوء الذي عم منطقة الحدود بقية عام 1919و 1920 ـ بغض النظر عن بعض التحركات التأديبية التي قامت بها القوات النجدية ضد بعض القبائل الموجودة هناك حوالي منتصف حزيران 1920، وتبودلت الرسائل الودية بين الجانبين تعبيرا عن الاسف وحسن النويا .
2ـ مشكلة الحج: امست مشكلة الحج كما اشرنا لها توا عائقا دون تفاهم الطرفين والواقع ان هذه المشكلة لا تعدو من كونها امتدادا للعلاقات المتردية السابقة، وتكاد تبدو وكأنها النتيجة التي خرجت بها معركة (تربة) بالنسبة لعلاقة الطرفين، وسلوك من الحسين يضم في جوانبه نوعا من ردود الفعل لكبريائه التي تزعزعت في المعركة المذكورة، وعدم استجابة بريطانية و عبد العزيز بن سعود لمطاليبه في واحتي الخرمة وتربة الى جانب اسباب اخرى ـ يأتي ذكرها ـ حاول الحسين تحقيقها عن طريق موسم الحج والتحكم بأمره. ومن هنا جاءت بداية هذه المشاكل بعد معركة (تربة) مباشرة تقريبا وفي عام 1920 على وجه التحديد، لا كما ذهب (وهبة) في عدة عام 1921 بداية لهذه المشكلة . وهذا ما يتضح من خلال الوثائق المتوفرة لدينا.
وأساس المشكلة هي القيود التي عمد الحسين الى فرضها على الرعايا النجديين الوافدين للحج وما ترتب على ذلك من إعاقة لحجهم. والواقع ان الحسين لم يظهر بادئ الامر ـ وانسجاما مع موافقته المبدأية كما تقدم ـ اعتراضه على حج النجديين، وهذا ما حفز السلطات البريطانية لاتخاذ مايلزم، لحفظ الامن، فعمدت الى إيفاد من يمثلها من الضباط الهنود لمرافقة قافلة الحج النجدية والاستفسار من سلطان نجد عن عدد الحجاج الوافدين، والسعي لتقليلهم قدر الامكان بما في ذلك مرافقيهم من المسلمين، في الوقت الذي نصحوا فيه الحسين بمنع تمركز قواته في الطرق التي تسلكها قافلة الحج النجدية حفظا للأمن . الا ان السلطات البريطانية لم تضع في الحسبان تغيير لموقفه، وهذا ما اتخذه بالفعل خلافا لتعهده السابق، فيما حدد عبد العزيز بن سعود (18 تموز) كآخر موعد لتوجه رعاياه الى الحج. فسعت السلطات البريطانية حينها لتسوية الامر سلميا دون اللجوء الى القوة، واقترحت عرض القضية امام الحسين حالة اندلاع صعوبة ما .
كان الشرط الذي اشترطه الحسين بداية الامر لقبول الرعايا النجديين للحج هو مجيئهم غير مسلحين وعلى مستوى من الشعور بالمسؤولية، الا انه ـ وكما يظهر من التقرير المتأخر الذي رفعه الكولونيل (فيكري) المعتمد البريطاني في جدة في حزيران ـ كان قد ادخل في 28 مايس شرطا جديدا مفاده رفض الرعايا النجديين، ما لم يتم التوصل الى اتفاق نهائي مع عبد العزيز بن سعود. ومع عدم ارتياح الانكليز لهذا الموقف الا انهم ضغطوا على ابن سعود في تقليص عدد رجاله المسلحين الى اقصى حد ممكن، كما ذهبوا من جهة اخرى الى تذكير الحسين بوعده السابق في قبوله الحجاج النجديين وما تقتضيه الظروف لاستغلال مثل هذه الفرص لتكون بداية طيبة في علاقات الطرفين .
لقد كانت للحسين ـ الى جانب هدفه المنوه سلفا من وراء هذه الموقف ـ مبرراته التي تحمل معها نوعا من الصحة، فهو في تشديده على منع النجديين من حمل السلاح خلال دخولهم الحجاز، انما لخشيته من قيام حرب اهلية قد تنشب بين النجديين واهالي الحجاز، في وقت لم تكن فيه قواته النظامية على استعداد كامل لتحمل مسؤولية حفظ الامن في الداخل، بسبب الوضع الاقتصادي المتدهور للدولة. اذ كان الحسين عاجزا عن تمويل هذه القوات رواتبها الشهرية، والتي لما تستلم حينها ـ قوات المدينة مثلا ـ رواتبها منذ ثلاثة اشهر، فما الذي يحفزها الى العمل الجاد ؟ . يضاف الى ذلك عجز الحسين ايضا ـ وهو الاهم ـ من مواصلة اتباعه من العشائر بالاعانات المالية المعتادة الامر الذي كان يحرضها بالتأكيد لاستغلال مثل هذه المناسبات المهمة. كمناسبة الحج لنهب ما يمكن نهبه من الحجاج. ومن هنا لم يكن التفات المسؤولين الانكليز الى ذلك أمرا ارتجاليا. فقد ابرق (كررزن) الى (اللنبي). يخوله بدفع مبلغ (000/30) جنيه استرليني الى الملك حسين كأقصى حد، تاركا له ما يرتأيه في ضمان صرف المبالغ من قبل الحسين في كسب طاعة القبائل البدوية، سواء بتسليمه قسم، وترك قسم آخر لحين اجتماعه بابن سعود، او أي طريقة اخرى. واذا ما تمكن الحسين من السيطرة على اتباعه واسكانهم بواسطة هذه الاعانات فإن على الحسين ـ كما ابلغ كررزن اللنبي ـ ان يقوم بنقل اقتراحه ـ القاضي بترك النجديين لأسلحتهم في الطائف ـ الى عبد العزيز بن سعود، سواء عن طريق المعتمد البريطاني، او برسالة خاصة من الملك حسين نفسه .
هذا وقد أبدت السلطات البريطانية من جهة اخرى استعدادها للتحكيم بين الحاكمين حالة خروج اجتماعهما المقترح ـ في جدة او عدن ـ بدون نتيجة مرضية، وإيفاد موظف بريطاني لهذا الغرض بعد انتهاء موسم الحج . الا ان الحسين رفض العروض البريطانية الاخيرة، كما رفض التعهد بالاجتماع مع عبد العزيز بن سعود، او ضمان وضع سلمي معه. اذ ان استجابته لهذه الدعوة مقابل (30) الف جنيه، تعني انه دون مركزه، فضلا عن كون هذه الاعانات جزءا فقط من المعونة التي كانت تدفع اليه في السابق بإستمرار. وذهب مطالبا بدفع المبلغ المذكور دون أية شروط مهددا بالتنازل عن العرش حالة رفض بريطانية لمطلبه هذا .
ولما كانت احتمالات قيام الفوضى اثناء موسم الحج امرا واردا للأسباب المذكورة اعلاه، فلم ير الانكليز مانعا من الاقتناع بضرورة ما كان قد اقترح حضوره في السابق من الجنود الهنود لحفظ الامن اثناء الحج. خصوصا وانهم لما يتفقوا حول تسليم المبالغ المذكورة للحسين لعدم تيقنهم من مدى فاعليتها على موقفه، وبعد الاخبار التي اوردتها التقارير البريطانية من مكة عن القوات والتجهيزات التي شرع بتوجيهها باتجاه سورية، وصعوبة تثبتهم من ان المبالغ سوف لن تستخدم في اغراض مشابهة . ودفعت الشكوك الاخيرة بالانكليز الى معالجة الوضع من وجهتين، حينما حالوا الموازنة بين اهتمامهم في تسوية حج النجديين وبين اهتمامهم بمصدر القلق الجديد المتمثل باحتمالات نشاط عسكري يوجهه الحسين ضد فرنسا في سورية، فارتأوا تسليم المبلغ كاملا الى الحسين بغض النظر عن اصراره على موقفه السابق من قضية الحج، على ان يشار له بأهميتها وانتظار بريطانيا لقبوله ممثلي عبد العزيز بن سعود، الى جانب رغبتها في استخدام هذه الاموال للاغراض المحلية وليس ضد فرنسا. ومع ان اقتراحا كان قد طرح بعدم تسليم المبلغ كليا لاشعار الحسين بتوقف اعاناته المالية وانخفاضها، الا ان المسؤولين ارتأوا صرفها كاملة، اذا ما استخدمت لاغراض غير سلبية .
ومن جهة أخرى لم يكن الوضع في الحدود يبشر بتحسن ما، كما يتضح من الاستياء الذي أبرق به عبد العزيز بن سعود إلى الميجر (دكسن) المعتمد السياسي في البحرين في كانون أول 1920، والتي أشار فيها الى التحركات التي أخذ يقوم بها الأمير علي في أطراف تربة رغم الهدنة الموجودة في الطرفين وهو في الوقت الذي يعرف فيه عن حراجة موقفه بين أهالي نجد يقتراح ثلاث صور لتحديد الحدود مع الحجاز" فإما تحديد الحدود كما في السابق والإدارة فيها بذاتها، أو اختيار اهلها لم سيمثلون من الطرفين وإن أمكن إطلاق بعضهم على بعض فلا يحملون المالم علي ولا يواجهوا من العتاب" .
وفي الوقت الذي ينبه في السلطان المسؤولين الإنكليز في البحرين عن وضع الحدود غير المستقر، كان فيصل خلال وجوده في لندن، يعمل ساعيا في حل الخلاف سلميا فإنه أعرب للورد (كورزن) ـ خلال اجتماعه به في كانون الثاني 1921ـ عن قلقه وقلق والده لاحتمال مهاجمة الوهابيين مكة. واستفسر عن موقف الحكومة البريطانية من ذلك بحكم مسؤوليتها في حماية الحجاز كما وعدت . وطبيعيأن يستخدم (كورزن) هذه الدعوة ورقة رابحة من الحسين لإجباره في التوقيع على معاهدة فرساي ـ فبإمكانه ـ كما اوضح (كورزن) ـ الاستنجاد بعصبة الأمم التي سينتمي لها رسميا اذا ما صادق على المعاهدة. ومع موافقة فيصل للإقتراح الأخير وعزمه على استشارة والده بهذا الشأن، إلا انه كان على غاية من القلق الى الحد الذي كان يخشى فيه مباغتة الوهابيين والده قبل التشاور معه بالأمر. ورغم ارتياحه لما سمعه من (كورزن) عن إحراز القوات الحجازية نصرا على القوات الوهابية وتضائل خطورتهم، فقد ظل يؤكد على اهمية الردع البريطاني لهذه الاعتداءات التي ستكرر مستقبلا . الا أن (كورزن) أبدى تململه لذلك، وذهب الى تجريد حكومته من المسؤولية، بعد إخفاق جميع المحاولات التي بذلتها لتسوية النزاع، وحتى إذا كانت لديها الرغبة في إرسال قواتها لحماية الحجاز، فغنه عاجز عن اتخاذ مثل هذا الاجراء إضافة الى عجز حكومته في تزويد الحسين بالأسلحة، لخطورة ذلك في تعميق النزاع فضلا عن كونها خليفة كلا الحاكمين، ورغبتها في تسوية نزاعهما سلميا .
إلا أن (كورزن) ومع ما أبداه من الملاحظات، لم يمتنع عن محاولة تهدأة فيصل وتبديد مخاوفة وبأنه" اوضح لابن سعود بأن مثل هذا الهجوم يعتبر عملا عدوانيا، ولا أعتقد أن ابن سعود سيفعل ذلك، لأن التهديد يقطع المعونة، قد يؤثر على تعديل موقفه" .ورغم عدم تيقن (كورزن) بمدى قناعة فيصل بهذه الوعود، فإنه تقدم (لكورزن) بمبادرة يعتقد الأخير بأهميتها بالنسبة للنزاع الحجازي ـ النجدي، تلك هي توسط الامير فيصل بين طرفي النزاع، وعزمه في عقد مؤتمر يتولى حسم المشاكل القائمة بينهما .
لقد أبدى الحسين ارتياحه للإهتمام النسبي الذي نقله فيصل . إلا انه وحتى نجله لم يعزفا على إبلاغ مخاوفهما وقلقهما من الغزو الوهابي المرتقب ، إلى جانب المطالب بالضغط على سلطان نجد بالانسحاب عن الأراضي التي احتلها، والبقاء على ما كان عليه في العهد العثماني، وهي حلول طالب الحسين بتنفيذها بشكل عاجل لضمان أمن وسلامة موسم احج القريب .
ومن الطبيعي أن تأتي مواقف الحسين اللاحقة من قضية الحج أو غيرها ضمن الإطار العام للنزاع كما توضح، اذ استمر على معارضته لحج الرعايا النجديين، في الوقت الذي واصلت فيه السلطات البريطانية مساعيها لاقناعه. فقد حث كوكس حكومته لدفع الحسين الى ما يسوي هذه المشكلة، بما في ذلك تعهده. من قدومهم بمعزل عن سلاحهم لعجز ابن سعود في منعهم عن ذلك. فيما دعا كوكس الامير فيصل الى الإسهام في تسوية هذه المشكلة . بيد أن الأخير وتلبية لما أنيط به، لم يختلف في موقفه عن والده كليا، حيث اشترط ـ ولضمان موافقة الوالد ـ قدوم النجديين بمعزل عن أسلحتهم، شريطة تحمل بريطانيا مسؤولية ما يقع من جانبهم. ومع رغبته لحل النزاع القائم، أعرب فيصل عن شكوكه من نوايا سلطان نجد في إدخال الآلاف من رعاياه الى الحجاز تحت إسم الحجاج، بعد الهجمات التي أخذت تشنها قواته على ضواحي الطائف، خصوصا وإن الحجاز يفتقر وبسبب الضائقة المالية الى القوات الكافية لدرء المخاطر، وجدد موقف والده السابق في صعوبة الموافقة على مجيء حجاج نجد دون عقد صلح نهائي بين السلطان ووالده، وهدد بالخطر المترتب على مجيئهم (الوهابيين) على ارواح الحجاج. وختم قوله مخيرا بإرجاعهم إلى ديارهم، إو إحضار قوة كافية الى الحجاز لتلافي الأمر والمحافظة على سلامة الزوار .
واعتذر فيصل مجددا على لسان والده للأسباب المدرجة اعلاه وطالب بإلحاح إسعافه بأربع طائرات وخمس سيارات مدرعة مع مقدار كاف من المال كقرض يحسب على المبالغ التي ستدفعها بريطانيا للحسين فيما بعد. وأكد أهمية الإسراع في تلبية ذلك سلامة الحجاج . عاد فيصل وبعد اتصاله بوالده وكرر مناورات ومعاذير الوالد نفسهما في برقيته التي بعثها الى الحكومة البريطانية عن طريق الجنرال حداد ممثل الحجاز في لندن في 16 مايس 1921. فوالده يوافق على مجيء النجديين الى مكة وبشروط لا تضايق عبد العزيز بن سعود، لكنه ولافتقار الحجاز الى قوات أمنية كافية لحفظ النظام، يؤكد ـ وهذا ما كان يسعى اليه ـ على اسعافه بثمانين الف جنيه كقرض ضمن حساب مخصصاته التي كان يعتقد استئناف الحكومة بصرفها له، الى جانب الطائرات والمدرعات التي كان قد طلبها ليتمكن من بناء التشكيلات السريعة التي يمكن بها حفظ الامن وسلامة الحجاج. واعاد تهديداته المعهودة في الانسحاب الى جدة، خوفا من تحمل المسؤولية. وقد شاطره نجله الملك فيصل " فالخطر جدا عظيم بسبب فقدان القوة اذ علمتم ان واردات الحكومة 20 الف جنيه سنويا، تقدرون صراحة الموقف، فالحكومة التركية كانت تحافظ الحج بفرقة عسكرية كاملة % " .
وقد ابلغ الحسين الحكومة البريطانية بأن لا مجال للتماطل او التردد بعد تجدد الهجمات الوهابية التي اخذت تشن على ضواحي الطائف وما رافقها من السلب والنهب والقتل " ، والتي كان يقودها خالد بن لؤي واتباعه الذين كانوا من خاصة ابن سعود... فلم تمانع بريطانيا من الاجابة على طلبه ووجه اللورد كررزن انذاره الى عبد العزيز بن سعود بشأن التحركات الاخيرة لاتباعه في ضواحي الطائف، ونبهه بوقوف بريطانيا ضده . بينما ابلغت الاخيرة مسؤوليتها في العراق بالضغط على السلطان ومنعه من القيام بحركة اخرى .
وجريا مع تطور هذه النزاع اكد الحسين على موقفه مجددا من حج النجديين للعام الجديد 1922، وراح كل من الامير زيد والملك حسين للاتصال بالملك فيصل بهذا الخصوص. فقد اوضح زيد خطورة الوضع هذا الموسم كالعادة، بعد عزم النجديين بالحج مسلحين، وذهب مبالغا في تصوير هذه الخطورة... واحتمال نشوب القتال داخل الحرم، اذا ما تم دخولهم الحجاز . بينما استفز الحسين نجله فيصل بعزمه الانسحاب مع حكومته الى جدة حالة تقدم الرعايا النجديين الى بلاده ، وطالب فيصل بإبلاغ مواطنيه بهذه الاوضاع وتعبيرا عن تصوراته للنزاع الدائر، وتلبية لدعوة عائلته، اتصل فيصل بالسير (برسي كوكس) المندوب السامي البريطاني في بغداد، واعرب له عن قلقه للخطر الوهابي المحدق بعائلته، فضلا عن علاقة ذلك بمصالح العراقيين ايضا " فإنني نظرا لتعلقي الديني بمقدساتي وقبور اجدادي واعراض عائلتي، أرى ان البقاء هنا تحت أي عنوان لا يكون مقابلا للعار والخزي اللذين سيلحقاني عند وقوع الخطر، لذلك اطلب من فخامتكم ان تبلغوني بظرف سبعة ايام اما بمنع الوهابيين هذه السنة والا بعد ان أعطي بياني لرعاياي العراقيين وأبين لهم سبب فراقي، اتنازل عن عرش حكومتهم واذهب بأي طريقة كانت لكي اكون مع افراد عائلتي الذين ارى بعيني الآن دماءَهم التي سترهق واعراضهم التي ستهتك .
وتلبية لاوامر (كورزن) المتقدمة في الضغط على عبد العزيز بن سعود، وازاء تصريحات فيصل الاخيرة، عمد المسؤولون الانكليز في بغداد لايجاد ما يهدئ الموقف، وحاول كل من المس (بيل) والملك فيصل وضع اقتراح يوقف حج النجديين هذا العام، وعرضه على السير (برسي كوكس)، لكنهما لم يوفقا في ذلك، كما يظهر من حديث (بيل) نفسها لصعوبة المشكلة . ومع ذلك فقد اخذ كوكس على عاتقه اقناع عبد العزيز بن سعود، واتصل به في مايس 1922، معاتبا اياه على الاحداث الاخيرة التي سببها أتباعه، وتناقض ذلك مع وعوده التي قطعها في العام الماضي في منعه لاي نشاط معادي، واعرب عن ثقته في تفهم ابن سعود لمشاعر القلق التي سببتها الكراهية الموجودة بين بعض رجال قبائل كلا الطرفين في منطقة الحدود، وخطورة تطورها الىالحد الذي لا يمكن ادراك مداه بسهولة، وراح معربا عن رغبته في الحصول على تعهد ايجابي من صديقه النجدي، والملك حسين على السواء... ومع امكانية السماح للحجاج النجديين ـ اوضح كوكس ـ فإن ذلك لا يتم دون اتخاذ الاجراءت الوقائية من قبل الجانبين... واذا كان من الصعب على عبد العزيز بن سعود منع اتباعه من الحج هذا العام ـ وهذا ما يأمله كوكس ـ فإنه يناشده في الوقت ذاته بإرسال مع يعتمد عليه من ممثليه والقادرين على تحمل مسؤولية رعاياه الوافدين للحج، وما يقتضيهم من اظهار الطاعة لسلطانهم امام الحكومة البريطانية والعالم، واوضح كوكس ان تنفيذ عبد العزيز بن سعود لالتزاماته في ضبط أتباعه في الحج، سيقابل بالرضا التام من قبل المعنيين، وأكد على بذل الجهود لإجبار الحسين في تنفيذ تعهداته من جانبه ...
واستجابة لهذه المساعي، أظهر الحسين موافقته لقدوم النجديين، إلا أنه طلب من الميجر (مارشال) الوكيل البريطاني في جدة أن يعين له أسماء القرى الوافدة للحج، وتجديد عدد الوافدين منهم لهذا الغرض، دون أن يتخلى عن تشكيه "وإنه غير مسؤول عما يقع في الحج هذه السنة" . وقد أعرب عبد العزيز بن سعود عن ارتياحه لهذا الموقف ووعد كوكس بتقليل عدد الوافدين للحج من رعاياه، تنفيذا لنصائحه، وأكد ثقته بتجنب أتباعه ما يكدر صفو الحج وعزمه في تعيين أخيه سعد أو مسعد رئيسا للوفد النجدي ليتولى مسؤولية قيادتهم. ورداً على استفسار كوكس عن الصلح مع الحسين أكد ابن سعود رغبته لذلك، وأشار الى نيته في مراسلة الحسين بواسطة أمير الحج بل وخوّل كوكس في إبلاغ الحسين شكره، لموقفه الأخيرن ورغبته في تحسين العلاقات... إلا أنه طالب الوكلاء البريطانيين في مكة بمراقبة الحج منعاً لما قد يسيء الظن أو يثير الاضطراب . وعلى أية حال فقد حج النجديون تحت إمرة أحد كبار أتباع ابن سعود (مساعد بن سويلم) بعد أن حدد عدد الوافدين إلى الحج كما جاء في توصيات كوكس السالفة . وساد شيء من التوادد بين الطرفين تبادل خلاله الجانبان بعض الرسائل الودية .
وأظهر الحسين ترحيبه بممثل ابن سعود والحجاج النجديين الذين قارب عددهم إلى (1800) شخص، وخص بعضهم بضيافته الملوكية . فكانت زيارتهم على قول (مارشال) المعتمد البريطاني في جدة ـ موفقة وناجحة .
لقد كان موقفاً وقتياً ذلك الذي أبداه الحسين، وهذا ما عهدناه عن العلاقات منذ البداية. حيث تردت مجدداً، ولعل ما ألهب فتيلها هذه الاونة، التوسعات التي تمادى فيها عبد العزيز بن سعود في الجزيرة. إذ لم يكتف الحسين باحتلال إمارة حايل ، وعمد إلى احتلال إمارة (أبها) في عسير ، فضلاً عن الهجمات التي أخذت تشنها قواته ضد شرق الأردن ومعان والسكة الحديدية. فكان ذلك مثار استياء الحسين وسخطه، حيث عاود احتجاجاته لدى السلطات البريطانية، وتساءل مستنكرا عما إذا كانت التجاوزات الأخيرة، هي ما يكافأ به جراء التزاماته بالمشورة البريطانية الأخيرة بشأن الحج وحفاوته بوفود السلطان ورعاياه الحجاج؟ وراح في برقيته التي وجهها الى المعتمد البريطاني في جدة ـ يعرب عن ريبته بالدور البريطاني في هذا الشأن. إذ أن "ابن سعود هو أضعف وأدنى أو أصغر من ان يهاجم قرية الدخنة الواقعة في قرية القسيم. إلا ان هذا عمل مرتب من أجل أهداف ونوايا خاصة... وأنا لا أجد مبرراً لمثل هذه النتائج... أريد توضيح وضعي وان أتبين ما حصلت عليه من هذه المعاملات المدهشة التي تربك كل إنسان في العالم" .
والواقع أن ما نوه إليه الحسين في عباراته الأخيرة واحد من الحقائق الملموسة في السياسة البريطانية التي لا تقر إنهاء النزاع بين حلفائها لعقم هذه الخطوة في الستراتيجية البريطانية وتقديراتها البعيدة في المنطقة. وهي بإبقائها على الوضع القلق أكثر تحكماً ومرونة في تحقيق أهدافها لحين مجيء الفرصة المناسبة للإستغناء عن هذه اللعبة لأخرى، ولعل هذا ما يفسر استفسار الحكومة البريطانية من الحسين ـ في مثل هذا الوقت من توتر العلاقات ـ في خطاب سري عما إذا كان الأخير مستعداً لقبول بعض التعديلات في مشروع معاهدة 1921 التي كانت تنوي عقدها معه . والواقع ان الحسين لم يبخل تحليل ما أدركه من هذا اللغز في رده على الاستفسار البريطاني في 17 حزيران 1923 بقوله (قد تحقق ظنه الآن بأن الغيظ والغضب علينا من بريطانية العظمى بشأن المعاهدة هو من جهة المواد المتعلقة بعبد العزيز بن سعود، وهذه المسألة نقول عنها إلا شيئاً واحداً هو ان عظمتها ترجح عبد العزيز بن سعود علينا، فهل من يقول، إذا لم ترو أننا نكون معه على ما كان عليه الآباء والأجداد في المادة والمعنى خذوا البلاد كلها وسلموها إليه ولا تبقى عليه مؤاخذة أو معاتبة وهل من موجب بعد هذا مشاركة بريطانية له على ما يسفك من الدماء وما ينهب لإعانتها له بالمال والسلاح) . ولم تتحرج جريدة القبلة من الإشارة إلى هذه الحقيقة عند تعرضها لبعض الصحف العربية التي تمادت في تهويل النزاع الحجازي ـ النجدي، حيث اتهمت هذه الصحف بالتواطؤ، ومحاولة منها لخلق النزاعات والاقتتال في هدف النيل من القضية الفلسطينية وتأسيس الوطن القومي لليهود في فلسطين، بينما ينصرف العرب الى تناحراتهم الداخلية . هذا إذا علمنا ان الحسين لم يمتنع من اتهام بريطانيا هذه الفترة ـ من كونها سبباً في خلق الوطن القومي لليهود ، وكررت ذلك جريدته الرسمية في أعدادها المختلفة ...
وعلى اية حال فإن الحسين ـ في استئنافه لموقفه السابق من ابن سعود ـ لم يستغن عن اسلوبه القديم، والتمسك بقضية الحج من جديد في محاولة لتلبية مطاليبه فتارة يعتذر عن قبول النجديين خشية الإخلال بالأمن، وتارة يوافق على قبول عدد معين منهم، وأخرى يشترط مجيئهم عن طريق البحر كباقي الحجاج. وبالمقابل اتصل عبد العزيز ابن سعود بصديقه كوكس في 2 كانون أول 1923، ويعرب عن عجزه في تحديد رعاياه كالسابق، ويكرر موقفه هذا في 28 كانون الثاني 1923، فيما يرفض الحسين اقتراح السلطات البريطانية في عقد صلح مع عبد العزيز ابن سعود ما لم يتنازل عن المناطق التي احتلها من بلاده .
لقد كان طبيعيا ان تعبر السلطات البريطانية عن امتعاضها لعودة الحسين إلى مناوراته من جديد، وأوضحت دار الاعتماد البريطانية في جدة في مذكرتها إلى وزارة خارجية الحجاز في حزيران 1923، بصورة غير مباشرة موقف الملك حسين السلبي ـ خلال تعرضها لقضية الحج ـ في وقت ظلت فيه الحكومة البريطانية تضغط على عبد العزيز بن سعود لتحديد عدد رعاياه من الحجاج، وتساءلت المذكرة عن السنوات التي منع فيها أهالي نجد من أداء فريضة الحج حتى الآن، وذلك بسبب الطلب الشخصي للملك حسين، الذي كان يجابه المساعي البريطانية بالإصرار وعرقلة هذه المحاولات. وأضاف (جرفتي سميث) المعتمد في جدة في مذكرته هذه إلى ما يعنيه إرجاء تسوية هذه القضايا من عرقلة لتثبيت الأوضاع السياسية في البلاد العربية .
وعن محاولة تسوية هذا النزاع فإن لابد وان بحث فيصل مع أخيه الأمير عبد الله لدى زيارته الأردن عام 1923 هذه الأوضاع رغم تظاهره (فيصل) بتجرد هذه الزيارة من أية أهداف سياسية ـ رداً على استفسار المندوب السامي هنري دوبس ـ لكنه بيّن تدهور علاقة كل من والده وأخيه مع السلطان عبد العزيز بن سعود والخسائر التي تكبدتها عائلته من جراء الهجمات الوهابية على الأردن والحجاز، ودعا إلى تدخل بريطانيا في الأمر نظراً لعجز عبد العزيز بن سعود عن مخالفة الأوامر البريطانية، ومن هنا فإن أي تحسن في هذه العلاقات بعيد الاحتمالات دون بريطانيا . ولم يكن لهذه الدعوة أي استجابة، فيما استأنفت القوات الوهابية هجماتها وتجاوزت في تشرين الاول 1923 على الخط ما بين نقطة مداين صالح والمدينة المنورة (على بعد ثمانين ميلا من المدينة المنورة) وقامت بتخريب الخط المذكور ونهب موجودات المحطات المقامة حديثا لتأمين نقل الحجاج، فضلا عما ذهب جراء ذلك من الارواح والاموال. وقد ظل الوهابيون يرابطون في مواقعهم ويحاصرون الحدود الشمالية للمدينة . وقد ابلغ فيصل برقيا من عمان ومكة بهذه الاعتداءات فاحتج لدى السير هنري دوبس المندوب السامي في بغداد عن التجاوزات الاخيرة في وقت تبذل فيه المساعي للصلح واتهم بريطانيا بمحاباة عبد العزيز بن سعود، الذي لم يلتزم بتعهداته في تامين طرق الحج. وتساءل فيصل فيما اذا كانت بريطانيا تسمح بمثل هذه الاعمال، ام انها ما زالت تكن احترامها للاماكن المقدسة . وكرر فيصل عدم ارتياحه للتجاوزات الاخيرة خصوصا وان له رعايا يؤمون الحج سنويا، قد تعرض ارواحهم او مملكاتهم لهذه المخاطر. واتهم بريطانيا بصورة غير مباشرة، في قدرتها على ردع عبد العزيز بن سعود خصوصا وان لها من الرعايا المسلمين ما يقارب 100 مليون نسمة هم بحاجة الى تأمين سبل اتمام حجهم للأماكن المقدسة واضاف " انني على اعتقاد تام بأن ما يرتكبه السلطان من الاعمال لا ينطبق على رغبة حكومة جلالة الملك وما هو الا نتيجة ما يرى المشار اليه (ابن سعود من التساهل ولو انه رأى الشدة اللازمة لما تجاسر على هذه الاعمال). واستشهد بتراجعه عن العراق وشرقي الاردن بعد استخدام القوة معه، واوضح ان السلام لن يعود الى الجزيرة دون هذا السبيل. وطالب فيصل دوبس بإبلاغ حكومته للاسراع في ما يكفل ايقافه عند حده . ونبهه الى الحشود التي اعدها عبد العزيز بن سعود على حدود المدينة واغارتها على الحدود الشمالية والغربية منها. وتشبث بالحكومة البريطانية لردع هذه التحركات . وكرر مناشدته من جديد في 30 تشرين الاول، واوضح لدوبس الخسائر التي الحقها الوهابيون بسكة الحديد، حيث تمكنوا من تدمير (10كم) منها، فضلا عن تخريبهم لجميع المحطات الواقعة بين مداين صالح والعلا والبدايع، على ضوء ما جاءه في برقية اخرى من عمان وطالب الحكومة البريطانية الاعلان عن موقفها الصريح بأسرع وقت ممكن، وأعرب عن ثقته في عزم بريطانية على دفع الكارثة عن المدينة المقدسة. واشار فيصل الى ان ما يهدف اليه هو قطع بريطانيا لعلاقاتها معه وكذلك الحال بالنسبة لمواصلاته مع الاحصاء ومنع الكويت من اغاثته بالارزاق والذخائر, الامر الذي يكفل ردعه عن أي عدوان. وقد هدد فيصل باستفزازه المسلمين في العراق لاداء واجبهم الديني في هذه القضية، وهو يؤجل هذه الخطوة لحين تسلمه موقف الحكومة البريطانية وقرارها بهذا الشأن . كما وبعث رئيس الوزارة العراقية بمذكرة مماثلة للمندوب السامي البريطاني ضمنها قلق الحكومة والاهالي للاحداث القائمة على حدود الحجاز واثر ذلك على العلاقات البريطانية العراقية والنجدية البريطانية على السواء، وطالب بإبلاغ ذلك الى حكومته ولسلطان نجد معا، واتخاذ ما يكفل بإرجاع الوهابيين الى مواقعهم بعد ان ظلوا يحاصرون المدينة من الشمال . واعقب فيصل رئيس وزرائه بمذكرة اخرى الى دوبس بواسطة رئيس ديوانه (رستم حيدر)، ضمنها مضمون برقية اخيه الامير علي التي تسلمها في 7 تشرين الثاني 1923، عن هجوم الوهابيين الذي اشرنا اليه ، اضاف فيها صعوبة التفاهم مع عبد العزيز بن سعود دون تخلي الاخير عن الخط الحديدي . وعلى اية حال فإن الصيحات الاخيرة. قادت بالتالي الى ايداع معالجة النزاع الى مؤتمر اقترح عقده في الكويت للنظر في الوصول الى اتفاق معين بين الاطراف المتنازعة.
3ـ مشكلة آل عايض: وقبل الخوض في مؤتمر الكويت لا بد من الالتفات هنا الى وجه آخر للنزاع الحجازي النجدي، واكب النزاع الذي انتهينا منه توا.
ذلك هو النزاع حول امارة (آل عايض) في مدينة (أبها) في عسير . اذ كان هؤلاء ـ وبعد ان أمسوا سادة المنطقة بعد رحيل العثمانيين عنها ـ في تقارب مع الملك حسين . ولعل هذه التقارب اصبح اكثر اهمية بعد تدهور علاقات الحجاز ونجد في اعقاب معركة تربة، وتنافس الطرفين في دعم مواقعهما في شتى الجهات الامر الذي انعكس تأثيره على اوضاع عسير السياسية وربطها بهذا النزاع، خصوصا وان عسير كانت تخضع في إدارتها هذه الآونة لقوتين سياسيتين هما آل عايض في عسير السراة وعاصمتهم أبها، والادريسي سالف الذكر في عسير تهامة وعاصمته صابيا .
فقد سعى عبد العزيز بن سعود ـ ولدعم الفوائد التي جناها من معركة تربة ـ الى السيطرة على مرتفعات عسير والواحات المحيطة بها ، وهو تحرك يبدو صائبا ـ كما فسره (فلبي) ـ كرد فعل للتطورات المتمثلة بقيام الحكومة الهاشمية المحيطة به في العراق وشرق الاردن، فضلا عن عدوه الجاثم في حايل، ومن هنا جاءت حركاته باتجاه عسير ثم حايل والاردن والحجاز تباعا . ولعل في التجاوب الذي أبداه محمد بن علي الادريسي، ما حفز عبد العزيز بن سعود في التفاف صوب عسير. فالادريسي ولخشيته من نشاط الحسين ودعمه لآل عايض ضده ، فضلا عن مطامع جاره الامام يحيى في بلاده ، اندفع لمخالفة ابن سعود وانتهى معه باتفاقية تعاون في آب 1920 . استثمرها سلطان نجد بشكل فعلي في مايس 1921 حينما وجه قواته نحوا آل عايض وتمكن من دحرهم واسر سيدهم الحسن بن عايض ونقله الى الرياض .
ومن الطبيعي ان يستاء الحسين لهذا الحدث، فاتصل بالمعتمد البريطاني في جدة يطالبه بالضغط على عبد العزيز بن سعود والادريسي للعودة الى حدودهما التي كانا عليها قبل الحرب العالمية او خلالها . فيما راح نجله فيصل ـ خلال وجوده في الحجاز ـ واكد مخاوف والده وقلقه في رسالة بعثها للمعتمد البريطاني في اليوم التالي . ولم يقف الحسين عند هذا الحد، وراح يمد (حسن بن عايض) بالمال والسلاح ، بعد ان تمكن من الوقوف في وجه عبد العزيز بن سعود والسيطرة على المنطقة مجددا ، الا ان مقاومة ابن عايض لم تصمد طويلا وتمكنت القوات النجدية في دحره في حزيران 1922. وبسط سيطرتها ثانية على بلاده وطرده منها وتمكنت الاقتراب من ميناء القنفذة الحجازي في الحدود الجنوبية، وخيمت بالقرب منه .
كان للاحداث الاخيرة صداها المعتاد في نفس الحسين، وشرع من جديد في دعم ابن عايض، الذي جاءه لاجئاً، وبعث الى عسير بحملة من قواته النظامية والبدوية ، واصلت سيرها الى أبها وقامت بقصف حاميتها النجدية. وفي الوقت الذي ردت فيه الحامية بالمثل تمكن فيصل نجل عبد العزيز بن سعود وقائد القوات النجدية، من مشاغله القوات الحجازية واستدراجها الى كمين وضعه لهذا الغرض، استطاع بعدها كما يبدو من الحاق الهزيمة بقوات الحسين وتشتيتها .
الحقت إمارة (أبها) بسلطنة ابن سعود نهائيا ولم تفلح المحاولات المشتركة التي بذلها الحسين وابن عايض لاسترداد ما فقداه .
كان الحسين كما أوضحنا معارضا لاي نصر وهابي في عسير، منذ بداية تغلغلهم الى الداخل، وعبر ذلك في احتجاجاته، وعدها هدفا لقطع مواصلات الحجاج الوافدين من جنوب الجزيرة ، وراح مطالبا سلطان نجد بالانسحاب عن المناطق التي احتلها في عسير من آل عايض ، دون جدوى.
وكان من الطبيعي وبحكم عدائه لابن سعود، ان يحتضن الحسين الاوساط المناوئة للسلطان من مشايخ وزعماء القبائل التي كانت ترده للتشاور بصدد الاوضاع الداخلية في عسير .
4ـ فشل مؤتمر الكويت 1923-1924: كان المؤتمر الذي عقدته بريطانية في الكويت في تشرين الثاني 1923، يعد آخر محاولة لحل النزاع وانما كلا من العراق وشرق الاردن ايضا لمعالجة مشاكلهما مع عبد العزيز بن سعود.
فقد وجه الكولونيل نوكس (Co. Knox) ـ احد الموظفين الانكليز في الخليج ورئيس المؤتمر المؤمل ـ دعوته الى الملك حسين لايفاد من يمثله في المؤتمر، الا ان الحسين رفض الدعوة، وابتدأت الجلسة يغياب الممثل الحجازي ولعل مرد هذا الموقف يرجع الى احتلال عبد العزيز بن سعود لبعض اراضيه ، إضافة إلى وضوح الأمور ـ على حد اعتقاده التي سيبحها المؤتمر ، بينما وافق عبد العزيز ابن سعود الاشتراك في المؤتمر شريطة اقتصار الممثلين المشاركين على تمثيل مصالح بلادهم فقط . وهو يهدف ـ بلاشك ـ تشتيت الموقف الموحد المؤمل اتخاذه من قبل ممثلي الحكومات الهاشمية.
جدد المسؤولون الإنكليز دعوتهم إلى الحسين لحضور المؤتمر في دورته الثانية التي ابتدأت في 19 كانون الأول 1923. واجتمع كل من السير (هربرت صموئيل) المندوب السامي البريطاني في فلسطين، والسير كلبرت كلايتون السكرتير العام لحكومة فلسطين، بالملك حسين في عمان خلال زيارته لها في سنة 1924، وتمكنا من إقناعه ولكن بشروط يصعب تنفيذها. فقد وافق الحسين على إيفاد نجله الأمير زيد ممثلاً عنه في المؤتمر، شريطة إيفاد عبد العزيز بن سعود أحد أبنائه أيضاً ولم يكتف بذلك واشترط انسحاب جميع الحكام العرب في الجزيرة ـ ويريد بذلك عبد العزيز بن سعود بالدرجة الرئيسية ـ إلى ما كان عليه آباؤهم وأجدادهم فكان على ابن سعود بيت القصيد ـ التنازل عن واحتي الخرمة وتربة وإمارة (حايل) لآل رشيد وإمارة (أبها) لآل عايض والجوف لشرقي الأردن، وهي مناطق كان قد احتلها منهم عنوة . بيد أن الانكليز ـ كما يبدو ـ لم ينقلوا هذه الشروط لابن سعود كاملة . واكتفوا بما يمكن نقله. إذ أبلغ (نوكس) عبد العزيز ابن سعود بموافقة الحسين الإشتراك في المؤتمر، وعزمه الى إيفاد ممثله في المؤتمر، بما في ذلك تعهده بمنع أتباعه من التجاوز على الأراضي النجدية، شريطة التزام السلطان بذلك ولما كان الحسين قد اختار نجله (زيد) ممثلاً عنه في المؤتمر، فإن الضرورة تستوجب ـ كما طلب المسؤولون الإنكليز من السلطان ـ ان يوفد أحد أبنائه أو أقربائه ممن هم في منزلة الأمير زيد، ويتمتع بثقة السلطان الكافية ، إلا ان عبد العزيز بن سعود رفض دعوة (نوكس) بحجة ثقته التامة بمندوبيه، ولا يجد ما يبرر إبدالهم بأحد أبنائه أو أقربائه ، فلم يسع حكومة الحجاز إلا ان تقابل هذا الموقف بالرفض أيضا ، ليكون ذلك آخر أمل في طريق تفاهم الطرفين.
وتجدر الإشارة هنا ان كلاً من الوفدين العراقي والأردني حاولا تسوية الأمر بين نجد والحجاز باقتراحهما انسحاب القوات النجدية عن المناطق الحجازية التي احتلتها وكذلك من جهات عسير، إلا ان الإقتراح قوبل بالرفض من الجانب النجدي، الذي تمسك برأيه بأن يعالج كل من العراق والأردن في المؤتمر مشاكلهما الحدودية مع نجد على انفراد ولا يحق لهما التدخل في النزاع النجدي الحجازي لعدم وجود من يمثل الحجاز في المؤتمر ، وبذلك جاءت مجهودات ذلك المؤتمر إلى نهاية فاشلة بصدد تسوية المشكلة بين الحجاز ونجد. وأصبح أمراً واضحاً تقريباً ان السيف سيكون البديل لتسوية الأمر مستقبلاً . وقد نوهت سلطة نجد إلى هذا البديل في ختام هذه المفاوضات، بأن لا مبرر لإلقاء اللوم على نجد "إذا اتخذت وسائل أخرى أضمن لحياتها واحفظ لمركزها" .















رد مع اقتباس