عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 03-Aug-2004, 05:15 PM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
هنيدس الروقي
عبدالرحمن بن محمد بن هجهوج
رحمه الله
إحصائية العضو






التوقيت


هنيدس الروقي غير متواجد حالياً

افتراضي

سعادة الأخ الوليد الأسعدي حفظه الله
سعادة الأستاذ أجود حفظه الله
بعد التحية والتقدير ،،
أشكركم على المشاركة ونقول :
[align=justify]النصوص التي أشار أليها الاخ الوليد الأسعدي وفيها ذكر لآشور هنا هي نصوص توراتيه ، والتوراة كتبت أيام السبي البابلي قرابة 700 ق.م أبان أوج ازدهار وعظمة الأمبراطورية الآشورية ، والتوراة عندما تتحدث عن آشور فهي غالباً ما تعني الموقع (شمال العراق وشمال سوريا) ، كذلك المؤرخون الغربيون بعظهم ذكر أن الحقبة الآشورية تمتد من عصر سرجون السامي 2300 ق.م وحتى 300 ق.م ، ، ويعتبرون أن الدول السومرية والاكادية ثم الآشورية فيما بعد ليست مستقلة عن أسم آشور لان آشور في التوراة وعندهم في ثقافتهم تعني العراق ، كما أن كلمة آشور في ديانة الآشوريين المتأخرين تعني الآلهة القديمة ، أما كون الآشوريين من نسل آشور من سام أم لا ؟ فمن الصعب في ضوء تعميم المؤرخين هذا المسمى تحديد ذلك للأختلاطات التي حصلت في تلك المنطقة والحضارات التي مرت بها عبر 4500 عام ، وآشور كذلك هي آشوريا وهي سوريا . أما ابراهيم عليه السلام فكان في آشور (العراق) في أور لهذا يقال له آشوري نسبة إلى تلك البلاد ولكن نسب آبائه لا يمتد إلى الآشوريين وانما إلى البدو الرحل في شبة الجزيرة العربية آنذاك والذين استوطن بعضهم في آشور في وقت مضى كما سيأتي عند الكلام عن عصر الملك سرجون قرابة 2250 ق.م ، وفي سفر يشوع يقول : " 2وَقَالَ يَشُوعُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: «هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: آبَاؤُكُمْ سَكَنُوا فِي عَبْرِ النَّهْرِ مُنْذُ الدَّهْرِ. تَارَحُ أَبُو إِبْرَاهِيمَ وَأَبُو نَاحُورَ, وَعَبَدُوا آلِهَةً أُخْرَى. 3فَأَخَذْتُ إِبْرَاهِيمَ أَبَاكُمْ مِنْ عَبْرِ النَّهْرِ وَسِرْتُ بِهِ فِي كُلِّ أَرْضِ كَنْعَانَ," ـ يشوع 23/2ـ3 ، عبر النهر يعني العراق ، ولقد مر معنا في المقال أعلاه أن هاران مات في أور الكلدانيين (عبر النهر) وهذا يعني أن أسلافه القدماء ليسوا منهم وانما أتوا من مكان آخر (جزيرة العرب) .

عصر سرجون 2250 ق.م
هذا الرجل يقال أنه سامي من البدو الرحل ظهر في آكد فمزق شمل السومريين وكسر ملوكهم شر كسره ، فاستتبت له السيادة في جميع سهل شنعار (جنوب العراق) ودانت له المدن السومرية حتى مصب الرافدين ، وزحف برجاله من جبال عيلام الشرقية إلى جهة الغرب ، تابعين مجرى الفرات صعداً إلى سواحل البحر المتوسط ومنها إلى آسيا الصغرى حتى استولى على الهلال الخصيب ، وكانت سفن الفراعنة قد أحتلت في ذلك العصر مرافئ المدن الفينيقية .
وكان سرجون هذا أول قائد عظيم في تاريخ الجنس السامي وأول ملك أنشأ أمة عظيمة في آسيا الغربية تمتد بلادها من عيلام إلى البحر المتوسط ومن ثم شمالاً إلى الرافدين وكان لفتوحاته الباهرة تأثير شديد في نفوس سكان ما بين النهرين لم يمحه مر السنين وتراخي الحقب ، وخلفه أبناؤه واستولوا على ما كان قد فتحه من البلدان وأضاف اليها أحدهم المسمى نارام سين فتوحات جديدة . واضطرت فتوحات سرجون قبائلة الرحل أن يغيروا منهاج معيشتهم القديمة تغييراً تاماً ، فأكره أولئك الرعاة الذين اعتادوا جوب البراري والقفار وشن الغارات أن يهجروا عاداتهم القديمة التي منها التنقل من مكان إلى مكان ويقيموا كأهل الحضر في مساكن ثابته ، فغادروا سكنى الخيام وابتنوا لانفسهم بدلاً منها ، بيوتاً من اللبن العادي وامتزجت في هذه الدولة حياة الساميين اهل البادية بحياة الجبليين الذين لم يكونوا من أصل سامي ولما ضعف أمر الساميين في آكد هبت مدن الجنوب السومرية واستعادت استقلالها وذلك حوالي 2000 ق.م وجعلوا العاصمة مدينة (أور) القديمة وانصهر الساميون الذين تحضروا في عصر سرجون في الأمة الآكدية ـ السومرية وأصبحو منها .
------------------
تمثال سرجون : http://www.utexas.edu/courses/clubmed/sargon.jpg
خارطة لامبراطورية سارجون القديمة : http://www.ucm.es/info/antigua/Cartografia/sargon.jpg


وعموماً ، لا نستطيع أن نقول ان هناك شعب بعينه منذ 4500 عام حافظ على عرقه في منطقة تتالت عليها الحضارات المختلفه ، ولكننا نستطيع أن نقول ان المناطق التي تمر عليها الدول والحضارات المتتابعة تحتفظ بشئ من الثقافات القديمة المشهورة وبعض الاساطير القوية والمبهمة ، وما يهمنا في الحقيقة من هذا الموضوع هو إبراهيم عليه السلام ومحاولة تحديد عصره وعصر السيدة هاجر ... فالموضوع الذي نتكلم عنه هو الإفتخار السامي .

عصر سيدنا إبراهيم عليه السلام
ذكر القرآن الكريم في عصر يوسف عليه السلام بن يعقوب عليه السلام بن إسحاق عليه السلام بن إبراهيم عليه السلام ، وهو قريب من عصر ابراهيم عليه السلام عن مصر وحاكمها لقب (ملك) ولم يقل (فرعون) ، قال تعالى : ..(وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43) ...) ـ يوسف ، وقال تعالى في إشارة إلى أنه ملك وليس فرعون : (وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ (48)..) ـ يوسف ، وقال تعالى : ( وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ (54) قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) ..) ـ يوسف
والفرعون في مصر القديمة كما أطلق عليه القران هو الجبار المتكبر مدعي الألوهية ، أما الملك فيختلف ، ونستشف من هذا أن عصر ابراهيم عليه السلام كان معاصراً أو قبل بداية عصر الهيكسوس الساميين ومن معهم من الكنعانين الذي استولوا على مصر من الفراعنه وحكموا بين 1800ـ1550 ق.م وقضوا على ثقافة الطبقة الفرعونية الوسطى قرابة 1800 ق.م ....

العماليق (الهيكسوس) ...يحكمون مصر ...1800ـ1550 ق.م
قيل في التواريخ العربية أنهم من نسل عمليق بن لاوذ بن سام وقيل هم إخوة عاد ، وقيل ثمود من نسل عمليق بن لاوذ بن إرم بن سام ، وقيل أيضاً أن العماليق يخالطهم الحيثيين من الكنعانيين ، وبلاد العماليق القديمة هي على الساحل الشرقي لبحر القلزم وحتى حدود الشام .
وجاء عند مانيثون أنه وفد الى مصر ـ في نهاية عصر العائلة الرابعة عشر ـ من آسيا الجنوبيه جنس غريب عن المصريين لا يعترف بمعبوداتهم ولا بدياناتهم وفاجئو أهلها بالاغارة عليهم واستولوا عليها وتكاثر عدد هؤلاء الاقوام حتى ملؤا الأرض وصاروا كالجراد المنتشر وأخذوا يحرقون البلاد والمعابد وينهبون ما فيها ويقتلون المصريين فهاجر عندئذ فراعنة مصر إلى الجنوب وحكموا هناك بمدينة (طيبه) وأصبح باقي المصريين في ربق العبودية تحت حكم العمالقه الهيكسوس . وأما ملوك الهيكسوس ـ العائلة الخامسة عشر ـ فالمعروف منهم : الملك الأول (سلاطيس) حكم 19 سنه ، الملك الثاني (بنون) حكم 44 سنه ، الملك الثالث (أيخناس) حكم 26 سنه وسبعة أشهر ، الملك الرابع (أبابي) الأول حكم 61 سنه ، الملك الخامس (يانا) حكم 50 سنه وشهر واحد ، الملك السادس (أسس) وحكم 49 سنه وشهرين ، وهؤلاء الملوك بالقلم اليوناني (هيكسوس) أي الملوك الرعاه ، وبالقلم البربائي (حق شاسو) أي ملوك البوادي وكان معهم أخلاط كثيره من الكنعانيين وغيرهم وكانت اكبر قبيلة حاكمة عليهم تسمى بالقلم الهرمسي (خيتا) ، وذكر مانيثون جملة من تواريخهم في العائلة السادسة عشر الصانية والسابعة عشر وبعض الأحداث في تلك العصور حتى ضعفت دولتهم ، وظهر عليهم في نهاية دولتهم 1550 ق.م فرعون مصري من الجنوب ، من عائلة ملوكية قديمة فاسترجع حكم مصر منهم وهو الفرعون أحعمس أو ما ينطق (أحمس الأول) مؤسس العائلة الثامنة عشرة والتي حكمت 241 سنة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خارطة تقريبة لمملكة الهيكسوس : http://nefertiti.iwebland.com/hyksosmp.gif

وقد أختلف في تقدير زمن بقاء الهكسوس في مصر منذ بدايته وحتى نهايته حتى قيل انه قرنين من الزمان أو أكثر قليلاً 1770 إلى 1550 ق.م وقيل انه كان ثلاثة قرون 1850ـ1550 ق.م . وفي ذلك العصر أو ما قبله بقليل وتقريباً في الفترة بين 1900ـ 1800 ق.م كانت في تلك الايام بلاد آشور كمصر وغيرها من البلاد غارقة في الوثنية وعبادة الأجرام السماوية ....
... في تلك الايام كان أبونا إبراهيم عليه السلام في آشور ...

لا أحب الآفلين ... الطريق إلى الوحدانية ...
قال تعالى : ..(وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا رَبِّي هَـذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79) ...) ـ الأنعام

حوار إبراهيم عليه السلام مع والده آزر (تارخ) ...
وقال تعالى : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً (41) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ ولا يُبْصِرُ ولا يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً (45) قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً (46) قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً (47) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيّاً (48) ..) ـ مريم
تقول المصادر العربية : ذكر تعالى ما كان بينه وبين أبيه من المحاورة والمجادلة وكيف دعا أباه إلى الحق بألطف عبارة وأحسن إشارة بين له بطلان ما هو عليه من عبادة الأوثان التي لا تسمع دعاء عابدها ولا تبصر مكانه فكيف تغني عنه شيئاً أو تفعل به خيراً من رزق أو نصر. ثم قال منبها على ما أعطاه الله من الهدى والعلم النافع وإن كان أصغر سناً من أبيه: (يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً) أي مستقيماً واضحاً سهلاً حنيفاً يفضي بك إلى الخير في دنياك وأخراك فلما عرض الرشد عليه وأهدى النصيحة إليه لم يقبلها منه ولا أخذها عنه بل تهدده وتوعده وقال : (أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ) قيل بالمقال وقيل بالفعال (وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً) أي واقطعني ، عندها قال له ابراهيم : (سَلَامٌ عَلَيْكَ) أي لا يصلك مني مكروه ولا ينالك مني أذى بل أنت سالم من ناحيتي ، قال البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يلقى ابراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة فيقول له ابراهيم ألم أقل لك لا تعصني؟ فيقول له أبوه فاليوم لا أعصيك فيقول ابراهيم يا رب إنك وعدتني أن لا تخزني يوم يبعثون وأي خزي أخزى من أبي الابعد؟ فيقول الله: إني حرمت الجنة على الكافرين . ثم يقال يا ابراهيم ما تحت رجليك؟ فينظر فإذا هو بذبح متطلخ فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار ، هكذا رواه في قصة ابراهيم منفرداً .

تكسير الأصنام ...
وقال تعالى : ..(وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ (51) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ (53) قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (54) قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (55) قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ (56) وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57)‏ فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلَّا كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58) قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60) قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61) قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ (63) فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ (65) قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلَا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67) قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70) وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71)...) ـ الأنبياء
تقول المصادر العربية القديمة : وضع الخليل عليه السلام في كفة المنجنيق مقيداً مكتوفاً ثم ألقوه منه إلى النار قال : حسبنا الله ونعم الوكيل . كما روى البخاري عن ابن عباس أنه قال : حسبنا الله ونعم الوكيل . قالها ابراهيم حين ألقي في النار، وقالها محمد حين قيل له : (إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء) آل عمران 173 - 174. عن أبي هريرة قال: قال صلى الله عليه وسلم ولما ألقي ابراهيم في النار قال : اللهم إنك في السماء واحد وأنا في الأرض واحد أعبدك . وذكر بعض السلف: أن جبريل عرض له في الهواء فقال: ألك حاجة؟ فقال: أما إليك فلا. ويروى عن ابن عباس وسعيد بن جبير أنه قال: جعل ملك المطر يقول: متى أومر فأرسل المطر؟ فكان أمر الله أسرع : (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) ، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : أي لا تضره . وقال ابن عباس وأبو العالية : لولا أن الله قال: (وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ) لأذى ابراهيم بردها . وقال كعب الأحبار: لم ينتفع أهل الأرض يومئذ بنار ، ولم يحرق منه سوى وثاقه. وقال الضحاك: يروى أن جبريل عليه السلام كان معه يمسح العرق عن وجهه لم يصبه منها شيء غيره، وقال السدى: كان معه أيضاً ملك الظل. وصار ابراهيم عليه السلام في ميل الجوبة، حوله النار،وهو في روضة خضراء والناس ينظرون إليه. لا يقدرون على الوصول إليه، ولا هو يخرج إليهم فعن أبي هريرة أنه قال: أحسن كلمة قالها أبو ابراهيم إذ قال لما رأى ولده على تلك الحال: نعم الرب ربك يا ابراهيم. وروى ابن عساكر عن عكرمة: أن أم ابراهيم نظرت إلى ابنها عليه السلام فنادته: يا بني، إني أريد أن أجيء إليك، فادع الله أن ينجيني من حر النار حولك. فقال: نعم. فأقبلت إليه لا يمسها شيء من حر النار، فلما وصلت إليه عانقته وقبلته ثم عادت. وعن المنهال بن عمرو أنه قال: أخبرت أن ابراهيم مكث هناك إما أربعين وإما خمسين يوماً، وأنه قال: ما كانت أياماً وليالي أطيب عيشاً وإذ كنت فيها، ووددت أن عيشي وحياتي كلها مثل إذ كنت فيها، صلوات الله وسلامه عليه. فأرادوا أن ينتصروا فخذلوا، وأرادوا أن يرتفعوا فاتضعوا، وأرادوا أن يغلبوا فغلبوا، قال الله تعالى: (وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ) وفي الآية الأخرى (الأسفلين) ففازوا بالخسارة والسفال ، هذا في الدنيا ، وأما في الآخرة فإن نارهم لا تكون عليهم برداً ولا سلاماً، ولا يلقون فيها تحية ولا سلاماً .

الخروج من آشور .. ووعد الرب في أرض كنعان ...
وخرج إبراهيم عليه السلام ومعه لوط عليه السلام وأهله إلى أرض كنعان ، جاء في التكوين : " 1وَقَالَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ: «اذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ أَبِيكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُرِيكَ. 2فَأَجْعَلَكَ أُمَّةً عَظِيمَةً وَأُبَارِكَكَ وَأُعَظِّمَ اسْمَكَ وَتَكُونَ بَرَكَةً. 3وَأُبَارِكُ مُبَارِكِيكَ وَلاَعِنَكَ أَلْعَنُهُ. وَتَتَبَارَكُ فِيكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ». 4فَذَهَبَ أَبْرَامُ كَمَا قَالَ لَهُ الرَّبُّ وَذَهَبَ مَعَهُ لُوطٌ. وَكَانَ أَبْرَامُ ابْنَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً لَمَّا خَرَجَ مِنْ حَارَانَ. 5فَأَخَذَ أَبْرَامُ سَارَايَ امْرَأَتَهُ وَلُوطاً ابْنَ أَخِيهِ وَكُلَّ مُقْتَنَيَاتِهِمَا الَّتِي اقْتَنَيَا وَالنُّفُوسَ الَّتِي امْتَلَكَا فِي حَارَانَ. وَخَرَجُوا لِيَذْهَبُوا إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ. فَأَتُوا إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ. 6وَاجْتَازَ أَبْرَامُ فِي الأَرْضِ إِلَى مَكَانِ شَكِيمَ إِلَى بَلُّوطَةِ مُورَةَ. وَكَانَ الْكَنْعَانِيُّونَ حِينَئِذٍ فِي الأَرْضِ. 7وَظَهَرَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ وَقَالَ: «لِنَسْلِكَ أُعْطِي هَذِهِ الأَرْضَ». فَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ الَّذِي ظَهَرَ لَهُ. 8ثُمَّ نَقَلَ مِنْ هُنَاكَ إِلَى الْجَبَلِ شَرْقِيَّ بَيْتِ إِيلٍ وَنَصَبَ خَيْمَتَهُ. وَلَهُ بَيْتُ إِيلَ مِنَ الْمَغْرِبِ وَعَايُ مِنَ الْمَشْرِقِ. فَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ وَدَعَا بِاسْمِ الرَّبِّ. 9ثُمَّ ارْتَحَلَ أَبْرَامُ ارْتِحَالاً مُتَوَالِياً نَحْوَ الْجَنُوبِ." تكوين 12/1ـ9
وقال السدي : وذكر أنه لما قدم الشام أوحى الله إليه إني جاعل هذه الأرض لخلفك من بعدك، فابتنى ابراهيم مذبحاً لله شكراً على هذه النعمة. وضرب قبته شرقي بيت المقدس .

مناظرة إبراهيم عليه السلام مع أحد ملوك الدنيا ...
قال تعالى : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258) ...) ـ البقرة
أما الملك العظيم الذي حاج ابراهيم في ربه فلم تبين التواريخ العربية القديمة من هو ، ولكننا وجدنا في بحوثنا خلط في العصور عند الاقدمين وفي الأسرائيليات فمنهم من قال انه النمروذ ابن كنعان في عصر تبلبل الألسن وهو كلام لا يستقيم بل محال لان عصر ابراهيم كان بعد تبلبل الالسن بقرون طويلة جداً ، كما أن الآشوريين في ذلك الوقت كانو يعبدون الكواكب والأصنام وليس البشر ، أما عند مجاهد وغيره فقالوا : " وكان أحد ملوك الدنيا " وادعى الربوبية وقد يكون آخر الفراعنه من الاسرة الخامسة عشر 1900 ق.م ، والارجح أن ابراهيم عليه السلام عاش في تلك الفترة . وبربط الروايات القديمة مع بعضها نستنتج أنه كان في عصر إبراهيم عليه السلام جوع (أي قحط وشدة وغلاء) فارتحلوا ، وقد روى عبدالرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم: أن النمرود (أو الفرعون الاخير او الذي قبله من الاسرة 15) كان الناس يفدون إليه للميرة (الطعام) فوفد إبراهيم في جملة من وفد من الناس للميرة ، وكان لا يعطي الميره لأحد حتى يقر بألوهية الملك ، ولما دعا ابراهيم الخليل هذا الجبار إلى عبادة الله وحده لا شريك له حمله الجهل والضلال وطول الآمال على انكار الصانع ، فحاج ابراهيم عليه السلام في ذلك ، فلما قال إبراهيم عليه السلام : ربي الذي يحيي ويميت . قال : أنا أحيي وأميت . قال قتادة والسدى ومحمد بن إسحاق : يعني أنه إذا أتى بالرجلين قد تحتم قتلهما ، فإذا أمر بقتل أحدهما وعفا عن الآخر ، فإنه قد أحيا وأمات الآخر . وهذا ليس بمعارضة الخليل ، بل هو كلام خارجي عن مقام المناظرة، ليس بمنع ولا بمعارضة، بل هو تشغيب محض، وهو انقطاع الحقيقة، فإن الخليل استدل على وجود الصانع بحدوث هذه المشاهدات من إحياء الحيوانات وموتها على وجود فاعل ذلك الذي لا بد من استنادها إلى وجوده ضرورة عدم قيامها بنفسها ، ولابد من فاعل لهذه الحوادث المشاهدة من خلقها وتسخيرها، وتسيير هذه الكواكب والرياح والسحاب والمطر وخلق هذه الحيوانات التي توجد مشاهدة ثم إماتتها، ولهذا قال إبراهيم عليه السلام (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ) . فقول هذا الملك الجاهل: (أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ) ، إن عنى أنه الفاعل لهذه المشاهدة فقد كابر وعاند ، وإن عنى ما ذكره قتادة والسدى ومحمد بن إسحاق فلم يقل شيئاً يتعلق بكلام الخليل ، إذ لم يمنع مقدمة ولا عارض الدليل . ولما كان انقطاع مناظرة هذا الملك قد تختفي على كثير من الناس ممن حضره وغيرهم، ذكر دليلاً آخر بين وجود الصانع وبطلان ما ادعاه الملك الجاهل وانقطاعه جهرة: (فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ) أي هذه الشمس مسخرة كل يوم تطلع من المشرق كما سخرها خالقها ومسيرها وقاهرها، وهو الله الذي لا إله إلا هو خالق كل شيء، فإن الذي يحيي ويميت هو الذي يفعل ما يشاء ولا يمانع ولا يغالب، بل قد قهر كل شيء ودان له كل شيء، فإن كنت كما تزعم فافعل هذا، فإن لم تفعله فلست كما زعمت ، وأنت تعلم وكل واحد أنك لا تقدر على شيء من هذا ، بل أنت أعجز وأقل من أن تخلق بعوضة أو تنصر منها. فبين ضلاله وجهله وكذبه فيما ادعاه ، وبطلان ما سلكه وتبجح به عند جهلة قومه، ولم يبق له كلام يجيب الخليل به، بل امتنع وسكت لهذا قال: (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) ، ولم يعط ابراهيم من الطعام كما أعطي الناس . بل خرج وليس معه شيء من الطعام ، فلما قرب من أهله عمد إلى كثيب من التراب فملأ من عدليه وقال : أشغل أهلي إذا قدمت عليهم ، فلما قدم وضع رحاله ، وجاء فاتكأ فنام ، فقامت امرأته سارة إلى العدلين فوجدتهما مملوءين طعاماً طيباً فعملت منه طعاماً ، فلما استيقظ ابراهيم وجد الذي قد أصلحوه ، فقال : أنى لكم هذا؟ قالت : من الذي جئت به ، فعرف أنه رزق قد ساقه الله عزوجل لهم .

سارة والآية التي ضربت الملك ...
تقول تواريخ العرب وكتبهم : كان جوع (أي قحط وشدة وغلاء) فارتحلوا إلى مصر، وذكروا قصة سارة مع ملك مصر ، وكانت سارة من أحسن النساء وأجملهن ، وكانت تقية مطيعة لزوجها ولا تعصيه في شيء ، وأن ابراهيم قال لها : قولي : أنا أخته، وذكروا إخدام الملك إياها هاجر وكان ابراهيم عليه السلام من وقت ذهب بها إلى الملك قام يصلي لله عزوجل ، ويسأله أن يدفع عن أهله ، وأن يرد بأس هذا الذي أراد أهله بسوء، ودعت الله عز وجل ، فعصمها الله وصانها ، لعصمة عبده ورسوله ابراهيم عليه السلام ، فلما رأى فرعون ساره بذلك الجمال الرائع أهوى إليها ليتناولها بيده ، فيبست يده إلى صدره . فلما رأى فرعون ذلك أعظم أمرها وقال : سلي ربك أن يطلق يدي ، فلن آذينك . فقالت سارة : اللهم إن كان صادقا فأطلق له يده . فأطلق الله يده . وقد فعل ذلك ثلاث مرات قصد أن يتناولها فيبست يده . ثم وهب فرعون مصر جارية اسمها هاجر إلى سارة إجلالا لما رآه من مكانتها السامية عند الله تعالى . وقال الإمام أحمد حدثنا علي بن حفص عن ورقاء هو ابن عمر اليشكري عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات قوله حين دعي إلى آلهتهم فقال إني سقيم وقوله بل فعله كبيرهم هذا وقوله لسارة إنها أختي قال ودخل إبراهيم قرية فيها ملك من الملوك أو جبار من الجبابرة فقيل دخل إبراهيم الليلة بامرأة من أحسن الناس قال فأرسل إليه الملك أو الجبار من هذه معك قال أختي قال فأرسل بها قال فأرسل بها إليه وقال لا تكذبي قولي فإني قد أخبرته أنك أختي وليس على الأرض مؤمن غيري وغيرك فلما دخلت عليه قام إليها فأقبلت توضأ وتصلي وتقول اللهم إن كنت تعلم أني آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط على الكافر. قال : فغط حتى ركض برجله. قال أبو الزناد قال أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أنها قالت اللهم إن يمت يقال هي قتلته قال : فأرسل . قال : ثم قام إليها قال فقامت توضأ وتصلي وتقول اللهم إن كنت تعلم أني آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلى على زوجي فلا تسلط على الكافر . قال : فغط حتى ركض برجله . قال أبو الزناد وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أنها قالت : اللهم إن يمت يقال هي قتلته قال : فأرسل . قال : ثم قام إليها . قال : فقامت توضأ وتصلي وتقول اللهم إن كنت تعلم أني آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط علي الكافر . قال : فغط حتى ركض برجله . قال أبو الزناد وقال أبو سلمة عن أبي هريرة أنها قالت : اللهم إن يمت يقل هي قتلته قال : فأرسل . قال فقال في الثالثة أو الرابعة : ما أرسلتم إلي إلا شيطانا أرجعوها إلى إبراهيم وأعطوها هاجر . قال : فرجعت فقالت لإبراهيم أشعرت أن الله رد كيد الكافر وأخدم وليدة " أ.هـ تفرد به أحمد من هذا الوجه وهو على شرط الصحيح وقد رواه البخاري عن أبي اليمان عن شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم به مختصرا . ثم إن إبراهيم عليه السلام رجع من بلاد مصر إلى أرض التيمن ، وهي الأرض المقدسة التي كان فيها ، ومعه أنعام وعبيد ومال جزيل ، وصحبتهم هاجر القبطية المصرية .
وجاء في التكوين عن الرحلة إلى مصر : " 10وَحَدَثَ جُوعٌ فِي الأَرْضِ فَانْحَدَرَ أَبْرَامُ إِلَى مِصْرَ لِيَتَغَرَّبَ هُنَاكَ لأَنَّ الْجُوعَ فِي الأَرْضِ كَانَ شَدِيداً. 11وَحَدَثَ لَمَّا قَرُبَ أَنْ يَدْخُلَ مِصْرَ أَنَّهُ قَالَ لِسَارَايَ امْرَأَتِهِ: «إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ امْرَأَةٌ حَسَنَةُ الْمَنْظَرِ. 12فَيَكُونُ إِذَا رَآكِ الْمِصْرِيُّونَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: هَذِهِ امْرَأَتُهُ. فَيَقْتُلُونَنِي وَيَسْتَبْقُونَكِ. 13قُولِي إِنَّكِ أُخْتِي لِيَكُونَ لِي خَيْرٌ بِسَبَبِكِ وَتَحْيَا نَفْسِي مِنْ أَجْلِكِ». 14فَحَدَثَ لَمَّا دَخَلَ أَبْرَامُ إِلَى مِصْرَ أَنَّ الْمِصْرِيِّينَ رَأَوُا الْمَرْأَةَ أَنَّهَا حَسَنَةٌ جِدّاً. 15وَرَآهَا رُؤَسَاءُ فِرْعَوْنَ وَمَدَحُوهَا لَدَى فِرْعَوْنَ فَأُخِذَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى بَيْتِ فِرْعَوْنَ 16فَصَنَعَ إِلَى أَبْرَامَ خَيْراً بِسَبَبِهَا وَصَارَ لَهُ غَنَمٌ وَبَقَرٌ وَحَمِيرٌ وَعَبِيدٌ وَإِمَاءٌ وَأُتُنٌ وَجِمَالٌ. 17فَضَرَبَ الرَّبُّ فِرْعَوْنَ وَبَيْتَهُ ضَرَبَاتٍ عَظِيمَةً بِسَبَبِ سَارَايَ امْرَأَةِ أَبْرَامَ. 18فَدَعَا فِرْعَوْنُ أَبْرَامَ وَقَالَ: «مَا هَذَا الَّذِي صَنَعْتَ بِي؟ لِمَاذَا لَمْ تُخْبِرْنِي أَنَّهَا امْرَأَتُكَ؟ 19لِمَاذَا قُلْتَ هِيَ أُخْتِي حَتَّى أَخَذْتُهَا لِي لِتَكُونَ زَوْجَتِي؟ وَالْآنَ هُوَذَا امْرَأَتُكَ! خُذْهَا وَاذْهَبْ!». 20فَأَوْصَى عَلَيْهِ فِرْعَوْنُ رِجَالاً فَشَيَّعُوهُ وَامْرَأَتَهُ وَكُلَّ مَا كَانَ لَهُ " تكوين 12/10-20 .
ونلاحظ هنا اتفاق بين روايات العرب وسفر التكوين وأن هناك جوع حصل في الأرض وأن الله ضرب الملك بآية عظيمة أخافته ، وفرعون كلمة تقترن بالجبابره الذين ادعوا الربوبية من ملوك مصر لهذا قد يكون هذا الشخص من آخر ملوك الأسرة الرابعة عشر 1900 ق. م تقريباً والذي سقطت بعده مصر في أيدي الهكسوس قرابة 1800 ق.م والله تعالى أعلم .

ولا شك أن بني اسرائيل هم ابناء عمومتنا نحن العدنانيين ولا شك انهم يعلمون تمام العلم أن محافظتهم على نقاء عرقهم وإرثهم لم ياتي من فراغ فهناك وعود وبركات من الرب نزلت على الاجداد ، الا أننا نعترض على ثقافتهم العنصرية التي دأبوا عليها منذ القدم والتي يركزون فيها دائماً على أن اسحق هو إبن إبراهيم أما أسماعيل الأكبر سناً فهو عندهم إبن الجارية وأن أمه حاميه لهذا فنسله لا يرتقي إلى نسل ساره ، وقد تكلمنا عن مغزى اسقاط اللعنه من قبل على كنعان بن حام ، وعندما تكون المسأله عنصرية فلن نلام على عنصريتنا هنا أيضاً لان أبونا هو إبراهيم وليس أبوهم فقط ، والحقيقة أن التوراة تكذب ما يدعون وإن حاولوا تزويرها منذ أن دونوها 700ق.م ، ثم إن الحقيقة الكبرى التي لن يستطيعوا انكارها هو أن نسل إسماعيل عليه السلام لم يضطهد ولم يستعبد على مر الزمن كما حصل لنسل إسحاق عليه السلام بل كان نسل إسماعيل عليه السلام سيداً في أرضه منذ أن ولد وحتى الآن ، بعكس نسل إسحاق الذي اضطهد واستعبد على مر الزمن في مصر والسبي الآشوري ثم محتقراً في عصر الرومان والعصور التي تليه في أوروبا وغيرها من البلاد إلى القرن ما قبل الماضي .. فمن هو الشعب السيد هنا ؟؟؟؟.. ثم هم يظنون أن كثرة الانبياء فيهم انما لتميز جنسهم ، والحقيقة أن كثرة انبيائهم هو بسبب كثرة إعوجاجهم لهذا ابتلاهم الله بنكبات كثيره وسخرهم في إيدي الأمم الأخرى .
نعود للموضوع الأصلي .

زواج إبراهيم عليه السلام من هاجر القبطية ..
المراءة في العرف القديم وعاء يحمل البذره وإن كانت تضيف على البذره بعض الصفات إلا أن البذرة في المحصلة النهائية هي في الأصل للرجل فهي خرجت من صلبه . والآقباط هم من نسل مصرايم بن حام بن نوح عليه السلام كما مر أعلاه ، والفراعنه القدماء هم من نسل مصرايم ، فعندما يهدي الملك هاجر القبطية لسارة وأبراهيم فهذا دليل على ان الذي اهدى هاجر إلى ابراهيم انما هم الهيكسوس إذ لا يعقل ان يقوم الفراعنه بهذا العمل وهذا دليل ان ذلك حصل في بداية عصر الهيكسوس كما تكلمنا من قبل ، فهل رحل إبراهيم إلى مصر مرتين ؟؟؟ مرة لوحده قبل احتلال الهيكسوس لمصر حين ناظر الجبار في ربه !! ومرة أخرى بأهله للميرة في بداية عصر الهيكسوس !!.. الله أعلم ، ونعود للكلام عن هاجر ونقول : جاء في التكوين : "3فَأَخَذَتْ سَارَايُ امْرَأَةُ أَبْرَامَ هَاجَرَ الْمِصْرِيَّةَ جَارِيَتَهَا مِنْ بَعْدِ عَشَرِ سِنِينَ لإِقَامَةِ أَبْرَامَ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ وَأَعْطَتْهَا لأَبْرَامَ رَجُلِهَا زَوْجَةً لَهُ. 4فَدَخَلَ عَلَى هَاجَرَ فَحَبِلَتْ. " تكوين

ملاك الرب يظهر لهاجر ويبشرها بإسماعيل....
ملاك الرب لا يظهر إلا للقديسين والطاهرين والصالحين والمقبولين من قبل الرب ، يقول التكوين عن ظهور ملاك الرب لهاجر : " 10وَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: «تَكْثِيراً أُكَثِّرُ نَسْلَكِ فَلاَ يُعَدُّ مِنَ الْكَثْرَةِ». 11وَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: «هَا أَنْتِ حُبْلَى فَتَلِدِينَ ابْناً وَتَدْعِينَ اسْمَهُ إِسْمَاعِيلَ لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ سَمِعَ لِمَذَلَّتِكِ. 12وَإِنَّهُ يَكُونُ إِنْسَاناً وَحْشِيّاً يَدُهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ وَيَدُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ وَأَمَامَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ يَسْكُنُ». 13فَدَعَتِ اسْمَ الرَّبِّ الَّذِي تَكَلَّمَ مَعَهَا: «أَنْتَ إِيلُ رُئِي». لأَنَّهَا قَالَتْ: «أَهَهُنَا أَيْضاً رَأَيْتُ بَعْدَ رُؤْيَةٍ؟» 14لِذَلِكَ دُعِيَتِ الْبِئْرُ «بِئْرَ لَحَيْ رُئِي». هَا هِيَ بَيْنَ قَادِشَ وَبَارَدَ. 15فَوَلَدَتْ هَاجَرُ لأَبْرَامَ ابْناً. وَدَعَا أَبْرَامُ اسْمَ ابْنِهِ الَّذِي وَلَدَتْهُ هَاجَرُ «إِسْمَاعِيلَ». 16كَانَ أَبْرَامُ ابْنَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ سَنَةً لَمَّا وَلَدَتْ هَاجَرُ إِسْمَاعِيلَ لأَبْرَامَ. " 16/10-16

ميلاد إسحاق عليه السلام ...
قال التكوين : " 2فَحَبِلَتْ سَارَةُ وَوَلَدَتْ لإِبْرَاهِيمَ ابْناً فِي شَيْخُوخَتِهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَكَلَّمَ اللهُ عَنْهُ. 3وَدَعَا إِبْرَاهِيمُ اسْمَ ابْنِهِ الْمَوْلُودِ لَهُ الَّذِي وَلَدَتْهُ لَهُ سَارَةُ «إِسْحَاقَ». 4وَخَتَنَ إِبْرَاهِيمُ إِسْحَاقَ ابْنَهُ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ كَمَا أَمَرَهُ اللهُ. 5وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ ابْنَ مِئَةِ سَنَةٍ حِينَ وُلِدَ لَهُ إِسْحَاقُ ابْنُهُ. 6وَقَالَتْ سَارَةُ: «قَدْ صَنَعَ إِلَيَّ اللهُ ضِحْكاً. كُلُّ مَنْ يَسْمَعُ يَضْحَكُ لِي». 7وَقَالَتْ: «مَنْ قَالَ لإِبْرَاهِيمَ: سَارَةُ تُرْضِعُ بَنِينَ حَتَّى وَلَدْتُ ابْناً فِي شَيْخُوخَتِهِ!» 8فَكَبِرَ الْوَلَدُ وَفُطِمَ. وَصَنَعَ إِبْرَاهِيمُ وَلِيمَةً عَظِيمَةً يَوْمَ فِطَامِ إِسْحَاقَ." تكوين 21/2ـ8

ملاك الرب يظهر لهاجر مرة أخرى ...
قلنا أعلاه أن ملاك الرب لا يظهر إلا للقديسين والطاهرين ، وهاهو بحسب كتبهم يظهر مرة أخرى لهاجر وابنها اسماعيل ، قال التكوين : " 9وَرَأَتْ سَارَةُ ابْنَ هَاجَرَ الْمِصْرِيَّةِ الَّذِي وَلَدَتْهُ لإِبْرَاهِيمَ يَمْزَحُ 10فَقَالَتْ لإِبْرَاهِيمَ: «اطْرُدْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا لأَنَّ ابْنَ هَذِهِ الْجَارِيَةِ لاَ يَرِثُ مَعَ ابْنِي إِسْحَاقَ». 11فَقَبُحَ الْكَلاَمُ جِدّاً فِي عَيْنَيْ إِبْرَاهِيمَ لِسَبَبِ ابْنِهِ. 12فَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «لاَ يَقْبُحُ فِي عَيْنَيْكَ مِنْ أَجْلِ الْغُلاَمِ وَمِنْ أَجْلِ جَارِيَتِكَ. فِي كُلِّ مَا تَقُولُ لَكَ سَارَةُ اسْمَعْ لِقَوْلِهَا لأَنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ. 13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضاً سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ». 14فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحاً وَأَخَذَ خُبْزاً وَقِرْبَةَ مَاءٍ وَأَعْطَاهُمَا لِهَاجَرَ وَاضِعاً إِيَّاهُمَا عَلَى كَتِفِهَا وَالْوَلَدَ وَصَرَفَهَا. فَمَضَتْ وَتَاهَتْ فِي بَرِّيَّةِ بِئْرِ سَبْعٍ. 15وَلَمَّا فَرَغَ الْمَاءُ مِنَ الْقِرْبَةِ طَرَحَتِ الْوَلَدَ تَحْتَ إِحْدَى الأَشْجَارِ 16وَمَضَتْ وَجَلَسَتْ مُقَابِلَهُ بَعِيداً نَحْوَ رَمْيَةِ قَوْسٍ لأَنَّهَا قَالَتْ: «لاَ أَنْظُرُ مَوْتَ الْوَلَدِ». فَجَلَسَتْ مُقَابِلَهُ وَرَفَعَتْ صَوْتَهَا وَبَكَتْ. 17فَسَمِعَ اللهُ صَوْتَ الْغُلاَمِ. وَنَادَى مَلاَكُ اللهِ هَاجَرَ مِنَ السَّمَاءِ وَقَالَ لَهَا: «مَا لَكِ يَا هَاجَرُ؟ لاَ تَخَافِي لأَنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ لِصَوْتِ الْغُلاَمِ حَيْثُ هُوَ. 18قُومِي احْمِلِي الْغُلاَمَ وَشُدِّي يَدَكِ بِهِ لأَنِّي سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً عَظِيمَةً». 19وَفَتَحَ اللهُ عَيْنَيْهَا فَأَبْصَرَتْ بِئْرَ مَاءٍ فَذَهَبَتْ وَمَلَأَتِ الْقِرْبَةَ مَاءً وَسَقَتِ الْغُلاَمَ. 20وَكَانَ اللهُ مَعَ الْغُلاَمِ فَكَبِرَ وَسَكَنَ فِي الْبَرِّيَّةِ وَكَانَ يَنْمُو رَامِيَ قَوْسٍ. 21وَسَكَنَ فِي بَرِّيَّةِ فَارَانَ. وَأَخَذَتْ لَهُ أُمُّهُ زَوْجَةً مِنْ أَرْضِ مِصْرَ. " 21/9-21
لماذا قبح كلام ساراي في عيني إبراهيم ؟؟؟.. الجواب لانه يحب اسماعيل لهذا جاء في التوراه عن الذبيح : خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ الَّذِي تُحِبُّهُ !!! ، وهذا طبعاً قبل ان يولد اسحاق عليه السلام ، وفبركت هذه الآية واسقطت على اسحاق ، ولكن اسحاق عليه السلام لم يكن مولوداً في ذلك الوقت بل وحيد ابراهيم آنذاك هو اسماعيل عليه السلام فضلاً عن أن الاختبار يكون في أنفس الاشياء أما الاشياء التي لها بديل فلا يكون فيها ابتلاء عظيم ، كما ان الآنبياء معصومون عن الخطاء فكيف يقال أن اسحاق هو الأبن الوحيد الذي يحبه ابراهيم بينما اسماعيل اكبر من اسحاق بثلاثة عشر عاماً !!! هل نقول ان التوراه تعلم قارئها التفريق بين الابناء !!! .. ونحن ليس هدفنا هو نقد الكتاب المقدس ونصوصه ولكن المنطق السليم والصحيح هو ما ورد في القران فالذبيح هو اسماعيل الذي لم يكن لابراهيم غيره آنذاك والا ما فائدة الاختبار اذا كان هناك ابن غيره !! .
قال تعالى : (فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102)‏ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111) وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ (112) ..) ـ الصافات : 101 -112 .

جاء في المقالة الرائعة " من هو الذبيح ؟؟ اسماعيل أم أسحاق " :
" روى الحاكم فى المستدرك عن معاوية بن أبى سفيان قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه أعرابى فقال : يا رسول الله ، خلفت البلاد يابسة والماء يابسا، هلك المال وضاع العيال ، فعد على مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين . قال : فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه . وقد ذكره الزمخشرى فى الكشاف ، وقال الزيلعى فى تخريج أحاديثه : غريب . وفي المواهب وشرحها للزرقاني وابن جرير وابن مردويه والثعلبي في تفاسيرهم عن معاوية ابن أبي سفيان قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه أعرابي، فقال يا رسول الله خَلَّفتُ البلاد يابسا، والماء يابسا، وفي نسخة الكلأ يابسا، وخلفت المال عابسا، هلك المال وضاع العيال، فعد عليَّ مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه، والحديث حسن بل صححه الحاكم والذهبي لتقوّيه بتعدد طرقه . وجاء فى كتب السيرة أن عبد المطلب نذر إن رزقه الله عشرة بنين ليذبحن أحدهم قربانا لله ، وذلك عندما منعته قريش من حفر زمزم ولم يكن معه إذ ذاك إلا ولده الحارث ، وعندما رزق بالبنين وأراد أن يوفى بنذره جاءت القرعة على عبد الله " والد النبي صلى الله عليه وسلم بعد " حتى افتدى أخيرا بمائة من الإبل ، ولهذا روى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " أنا ابن الذبيحين " أى إسماعيل الذى أمر الله أباه إبراهيم بذبحه ، وعبد الله والده ، الذى كان سيذبح .

إزاء هذه المرويات اختلف العلماء فى الذبيح الأول هل هو إسحاق أم إسماعيل ؟
يقول إبن كثير في قصص الأنبياء ص109- 110: فمن حكى القول عنه بأنه إسحاق : كعب الأحبار , وروي عن عمر والعباس وعلى وابن مسعود , وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد وعطاء والشعبي ومقاتل وعبيد بن عمير , وأبي ميسرة وزيد بن أسلم بن شقيق , والزهري والقاسم وابن أبي بردة , ومكحول , وعثمان بن حاضر والسدي والحسن وقتادة , وابن أبي الهذيل وابن سابط , وهو اختيار ابن جرير , وهذا عجب منه وهو أحدث الروايتين عن إبن عباس - ولكن الصحيح عنه وعن أكثر هؤلاء - أنه إسماعيل عليه السلام ، وقال مجاهد وسعيد والشعبي ويوسف بن مهران وعطاء وغير واحد عن ابن عباس : هو إسماعيل عليه السلام ، وقال ابن جرير : حدثني يونس , أنبأنا ابن وهب , أخبرني عمرو بن قيس , عن عطاء بن أبي رباح , عن ابن عباس أنه قال : المفدي إسماعيل , وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود ، وقال عبد ابن الإمام أحمد , عن أبيه : هو إسماعيل . وقال ابن أبي حاتم : سألت أبي عن الذبيح فقال : الصحيح أنه إسماعيل عليه السلام . قال ابن أبي حاتم : وروي عن علي وابن عمر وأبي هريرة , وأبي الطفيل , وسعيد بن المسيب , وسعيد بن جبير , والحسن ومجاهد , والشعبي , ومحمد بن كعب , وأبي جعفر محمد بن علي , وأبي صالح أنهم قالوا : الذبيح هو إسماعيل عليه السلام ، وحكاه البغوي أيضا عن الربيع بن أنس الكلبي وأبي عمرو بن العلاء .

و ما ذهب اليه الجمهور هو أن الذبيح إسماعيل ، ومما يؤيد رأيهم ما يأتى :
1 - أن إبراهيم عليه السلام لما أنجاه الله من النار وهاجر من أرض العراق إلى الشام (وقال إنى ذاهب إلى ربى سيهدين )ـ الصافات : 99 ، وبما تقدمت به السن ولم ينجب طلب من ربه أن يهب له ولدا فاستجاب الله له (رب هب لى من الصالحين . فبشرناه بغلام حليم )ـ الصافات : 100 ، 101 ، وكان هذا الغلام من هاجر المصرية وهو بالشام ، وهو إسماعيل ، ولما لم تنجب زوجته الأولى دخلت الغيرة قلبها فأمره الله أن يبعد عنها هاجر وولدها ، فأسكنهما فى موضع مكة، وامتحنه بذبحه لما بلغ معه السعى وكان ذلك الامتحان فى مكة . أما ابنه إسحاق فجاءت البشارة به بعد أن بشره الله بإسماعيل ، كما تدل عليه الآيات التى ذكرت الرؤيا والبدء فى الذبح ثم افتداء الله إسماعيل بذبح عظيم ، وانتهت بمدح إبراهيم ثم ذكرت البشارة بإسحاق . والامتحان يكون بذبح الابن البكر الذى جاء بعد شوق طويل ، لا بالولد الثانى الذى لا يصل حبه إلى ما وصل إليه حب الأول .
2 - وأن إبراهيم عاش سلسلة من الامتحانات أكثرها يتصل بهاجر وولدها إسماعيل ، حيث أسكنهما بواد غير ذى زرع ، مسلما أمرهما إلى الله ، يعيش بعيدا عنهما فى الشام ، ويزورهما على فترات ، ثم يتصاعد الامتحان بأن يرى فى المنام أنه يذبح فلذة كبده ، وما ذلك إلا إسماعيل ، ولنتصور حال إبراهيم لو تم الذبح كيف يترك هاجر وحيدة فى مكان ليس فيه من الأنس ما فى الشام حيث يستقر به المقام ، إن سلسلة هذه الامتحانات المترابطة تؤكد أن الذبيح هو إسماعيل .
3- وأن هناك اختلافا فى الظروف التى بشر بها إبراهيم بكلا ولديه إسماعيل وإسحاق فالبشارة بإسماعيل كانت عند هجرته من أرض العراق وبطلب من الله أما البشارة بإسحاق فكانت عندما جاءته الملائكة فى طريق مرورها إلى قوم لوط ، وهى فترة كان فيها إسماعيل مع أمه هاجر بعيدين عن البيت ، الذى لم يكن فيه إلا سارة التى عجبت أن يولد لها وهى عجوز عقيم وبعلها شيخ كبير، ولم يكن هناك طلب منهما لهذا الولد والامتحان بذبح من طلبه وتشوق إليه امتحان أشد .
4 - أن الشروع فى ذبح إسماعيل صاحبته أحداث تدل على أنه هو المقصود بالذبح وليس إسحاق ، ذلك أن الروايات تقول : إن إبراهيم أخذ ولده وخرج به من البيت ليذبحه بعيدا عن أمه فلقيهما الشيطان فى الطريق وسول لهما عدم الاستجابة، فرجمه إبراهيم فى أكثر من مكان ، ومنه كانت شعيرة رمى الجمار من شعائر الحج ، وذلك فى مكة وليس فى الشام .
5 - عندما بشر الله إبراهيم وسارة بإسحاق عن طريق الملائكة ، جاء فى البشارة (ومن وراء إسحاق يعقوب) ـ هود : 71 ، يعنى أن إسحاق سيولد ويكبر ويتزوج ويولد له يعقوب ، فهل يعقل بعد الاطمئنان على حياة إسحاق أن يذبحه أبوه ؟ إنه لو ذبحه فمن أين يكون يعقوب ؟ هذا دليل قوى على أن الذبيح هو إسماعيل .
6 - أن البشارة بإسماعيل وصفته بأنه غلام حليم ، أما البشارة بإسحاق فوصفته بأنه غلام عليم ، وصفة الحلم تتناسب مع من أطاع أمر ربه وصدق رؤيا أبيه فلم يغضب ولم يعص ، وهو إسماعيل . وصفة العلم غالبة فى نسل إسحاق ويعقوب وبنى إسرائيل .
7 -أن النبى صلى الله عليه وسلم سئل عن الأضاحى فقال " سنة أبيكم إبراهيم " رواه أحمد وابن ماجه وأبو العرب هو إسماعيل بن إبراهيم ، وليس إسحاق ابن إبراهيم ، كما هو معروف والقرابين كانت تذبح فى مكة وليس فى الشام استجابة لدعوة إبراهيم ربه (فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون) ـ إبراهيم : 37 ، (وأذن فى الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق . ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله فى أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير . ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق ) ـ الحج : 27 - 29 .
8 -أن كبار العلماء من السلف قالوا : إن الذبيح هو إسماعيل كما روى ذلك عطاء بن أبى رباح عن ابن عباس ، ومجاهد عن ابن عمر، والشعبى يقول : رأيت قرنى الكبش فى الكعبة ( كذا ) وعمر بن عبد العزيز استدعى يهوديا بالشام أسلم وحسن إسلامه فشهد بأن الذبيح إسماعيل . وأبو عمرو بن العلاء سأله الأصمعى عن الذبيح فقال له : أين ذهب عقلك ، متى كان إسحاق بمكة؟ إنما كان إسماعيل بمكة وهو الذى بنى البيت مع أبيه والمنحر بمكة . يقول الآلوسى بعد أن ساق أقوال العلماء فى ذلك : والذى أميل إليه أن الذبيح إسماعيل لأنه المروى عن كثير من أئمة أهل البيت ولم أتيقن صحة حديث مرفوع يقتضى خلاف ذلك ، وحال أهل الكتاب لا يخفى على ذوى الألباب .
هذا هو ما أثير حول هذا الموضوع لخصته (الكاتب) من كتب السيرة، ومن زاد المعاد لابن القيم وغيره من المصادر، ينتهى إلى أن الذبيح هو إسماعيل ، وما سبق فى ذلك هو اجتهادات واستنباطات يؤيدها حديث الحاكم عن معاوية بعدم إنكار الرسول صلى الله عليه وسلم على من ناداه بابن الذبيحين ، كما يؤيدها ما روى عنه صلى الله عليه وسلم من قوله " أنا ابن الذبيحين " .
9- حرفت التورة اسم الذبيح وجعلته إسحق بدلاً من إسماعيل ، إلا أن من قام بذلك لم يستطع تغيير القانون الأساسى للميراث ونقاط أخرى ألخصها فى الآتى :
أقسم الله بذاته قائلاً: "16وَقَالَ: «بِذَاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هَذَا الأَمْرَ وَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ 17أُبَارِكُكَ مُبَارَكَةً وَأُكَثِّرُ نَسْلَكَ تَكْثِيراً كَنُجُومِ السَّمَاءِ وَكَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ وَيَرِثُ نَسْلُكَ بَابَ أَعْدَائِهِ 18وَيَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِي»."ـ تكوين 22: 16-18
جاء قسم الله ولم يكن إسحاق بعد قد ولِدَ ، حيث إن الفارق فى العمر بينهما هو ( 14 ) عاماَ: "16كَانَ أَبْرَامُ ابْنَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ سَنَةً لَمَّا وَلَدَتْ هَاجَرُ إِسْمَاعِيلَ لأَبْرَامَ."ـ تكوين 16: 16 و "5وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ ابْنَ مِئَةِ سَنَةٍ حِينَ وُلِدَ لَهُ إِسْحَاقُ ابْنُهُ."ـ تكوين 21: 5.

وأبرام المذكور فى الفقرة الأولى هو إبراهيم الذى ذكِرَ فى الفقرة التى تليها ، فقد غيَّرَ الله سبحانه وتعالى اسمه قائلاً: "5فَلاَ يُدْعَى اسْمُكَ بَعْدُ أَبْرَامَ بَلْ يَكُونُ اسْمُكَ إِبْرَاهِيمَ لأَنِّي أَجْعَلُكَ أَباً لِجُمْهُورٍ مِنَ الأُمَمِ." تكوين 17: 5 ، يقول اليهود إن الابن الوحيد والبكر (تغيرت فى التراجم إلى الابن المفضَّل) لم يكن إسماعيل قط ، لأن إسماعيل ابن الجارية ، وعلى ذلك يكون إسحاق هو الابن الحقيقى لإبراهيم. والعجيب أن التوراة لم تقل أبداً إن إسماعيل ابن غير شرعى لإبراهيم ، فهذه سارة امرأة إبراهيم أيقنت أنها لن تنجب لإبراهيم نسلاً فآثرت أن تزوجه بهاجر: "وَأَمَّا سَارَايُ امْرَأَةُ أَبْرَامَ فَلَمْ تَلِدْ لَهُ. وَكَانَتْ لَهَا جَارِيَةٌ مِصْرِيَّةٌ اسْمُهَا هَاجَرُ 2فَقَالَتْ سَارَايُ لأَبْرَامَ: «هُوَذَا الرَّبُّ قَدْ أَمْسَكَنِي عَنِ الْوِلاَدَةِ. ادْخُلْ عَلَى جَارِيَتِي لَعَلِّي أُرْزَقُ مِنْهَا بَنِينَ». فَسَمِعَ أَبْرَامُ لِقَوْلِ سَارَايَ. 3فَأَخَذَتْ سَارَايُ امْرَأَةُ أَبْرَامَ هَاجَرَ الْمِصْرِيَّةَ جَارِيَتَهَا مِنْ بَعْدِ عَشَرِ سِنِينَ لإِقَامَةِ أَبْرَامَ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ وَأَعْطَتْهَا لأَبْرَامَ رَجُلِهَا زَوْجَةً لَهُ. 4فَدَخَلَ عَلَى هَاجَرَ فَحَبِلَتْ. وَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهَا حَبِلَتْ صَغُرَتْ مَوْلاَتُهَا فِي عَيْنَيْهَا."ـ تكوين 16: 1-4 ، وتقول : " 15فَوَلَدَتْ هَاجَرُ لأَبْرَامَ ابْناً. وَدَعَا أَبْرَامُ اسْمَ ابْنِهِ الَّذِي وَلَدَتْهُ هَاجَرُ «إِسْمَاعِيلَ». 16كَانَ أَبْرَامُ ابْنَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ سَنَةً لَمَّا وَلَدَتْ هَاجَرُ إِسْمَاعِيلَ لأَبْرَامَ."ـ تكوين 16: 15-16 ، إذن فـ (ساراى) أعطت (هاجر) لـ (أبرام) رجلها زوجة له ، أى إن نسلها يجب أن يكون نسلاً شرعياً، ويؤكد ذلك: "13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضاً سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ»"ـ تكوين 21: 13، أى إن الله اعتبر إسماعيل من نسل إبراهيم. وعلى ذلك يكون إسماعيل هو البكر. وعندما غارت سارة من هاجر: "10فَقَالَتْ لإِبْرَاهِيمَ: «اطْرُدْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا لأَنَّ ابْنَ هَذِهِ الْجَارِيَةِ لاَ يَرِثُ مَعَ ابْنِي إِسْحَاقَ». 11فَقَبُحَ الْكَلاَمُ جِدّاً فِي عَيْنَيْ إِبْرَاهِيمَ لِسَبَبِ ابْنِهِ. 12فَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «لاَ يَقْبُحُ فِي عَيْنَيْكَ مِنْ أَجْلِ الْغُلاَمِ وَمِنْ أَجْلِ جَارِيَتِكَ. فِي كُلِّ مَا تَقُولُ لَكَ سَارَةُ اسْمَعْ لِقَوْلِهَا لأَنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ. 13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضاً سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ»."ـ تكوين 21: 10-13 ، وفى برية بئر سبع "17فَسَمِعَ اللهُ صَوْتَ الْغُلاَمِ. وَنَادَى مَلاَكُ اللهِ هَاجَرَ مِنَ السَّمَاءِ وَقَالَ لَهَا: «مَا لَكِ يَا هَاجَرُ؟ لاَ تَخَافِي لأَنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ لِصَوْتِ الْغُلاَمِ حَيْثُ هُوَ. 18قُومِي احْمِلِي الْغُلاَمَ وَشُدِّي يَدَكِ بِهِ لأَنِّي سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً عَظِيمَةً»."ـ تكوين 21: 17-18 ، سأجعله أمة عظيمة. فالأمة تختلف عن الشعب. فالأمة هى عدة دول يجمعهم شىء مشترك : مثل اللغة أو الدين فنقول الأمة العربية أى البلاد الناطقة باللغة العربية ، ونقول الأمة الإسلامية أى الدول التى تُدين بالإسلام.
وإذا قرأت نص الذبيح فى (تكوين 22: 2) تجد أنه يقول له: خذ ابنك وحيدك الذى تحبه. فلو كان وُلِدَ إسحاق ، فلا يمكن أن يكون له ابن وحيد ، أو لكان سأله أيهما ! ولو أراد الله بالذبيح إسحاق أو لو كان إسحاق قد ولِدَ عند هذا الإختبار الصعب ، أو لو كان الذبيح غير محبوب ومقبول عند أبيه ومرضى عليه منه ، فلا تتبقى قيمة للأضحية! ولو كان يحب إسحاق فقط لكان نبى الله ظالماً ، ولكان إلهه أيضاً ظالماً أن يُشجعه على التمادى فى الظلم بهذه التسمية! ولما قبح الكلام فى عينى إبراهيم عندما طردت سارة هاجر وابنها.

هل كان إسماعيل مغضوباً عليه أو محروماً من الميراث؟
على العكس. ندرك قمة الحب لإسماعيل عند إبراهيم فى هذه النصوص: "18وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِلَّهِ: «لَيْتَ إِسْمَاعِيلَ يَعِيشُ أَمَامَكَ!» 19فَقَالَ اللهُ بَلْ سَارَةُ امْرَأَتُكَ تَلِدُ لَكَ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ إِسْحَاقَ. وَأُقِيمُ عَهْدِي مَعَهُ عَهْداً أَبَدِيّاً لِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ. 20وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَقَدْ سَمِعْتُ لَكَ فِيهِ. هَا أَنَا أُبَارِكُهُ وَأُثْمِرُهُ وَأُكَثِّرُهُ كَثِيراً جِدّاً. اثْنَيْ عَشَرَ رَئِيساً يَلِدُ وَأَجْعَلُهُ أُمَّةً كَبِيرَةً."ـ تكوين 17: 18 ، و "10فَقَالَتْ لإِبْرَاهِيمَ: «اطْرُدْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا لأَنَّ ابْنَ هَذِهِ الْجَارِيَةِ لاَ يَرِثُ مَعَ ابْنِي إِسْحَاقَ». 11فَقَبُحَ الْكَلاَمُ جِدّاً فِي عَيْنَيْ إِبْرَاهِيمَ لِسَبَبِ ابْنِهِ. 12فَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «لاَ يَقْبُحُ فِي عَيْنَيْكَ مِنْ أَجْلِ الْغُلاَمِ وَمِنْ أَجْلِ جَارِيَتِكَ. فِي كُلِّ مَا تَقُولُ لَكَ سَارَةُ اسْمَعْ لِقَوْلِهَا لأَنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ. 13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضاً سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ»."ـ تكوين 21: 10-13 ، أى سيكون عهدى الأول مع إسحاق وفى نسله ، ثم سيكون من بعد ذلك فى نسل إسماعيل، لهذا عمل اليهود ألا ينتهى هذا العهد ، وأرادوا خلع صفة المسيح الرئيس (المسيا) على عيسى عليه السلام ، لكى لا ينتظروا المسيا ، خاتم الأنبياء ، الذى سينهى شريعتهم ، ويأتى بالدين الخاتم لكل أهل الأرض. "وهذه مواليد إسماعيل بن ابراهيم الذى ولدته هاجر المصرية جارية سارة لإبراهيم" ـ تكوين 25: 12 وعند وفاة إبراهيم "ودفنه إسحق وإسماعيل ابناه فى مغارة المكفيلة"ـ تكوين 25: 7 ، والاشتراك فى الدفن يعنى الاشتراك فى الميراث.

هل ابن الجارية كان من المغضوب عليهم ؟
وإلا فماذا نقول عن (دان) و (نفتالى) ابنى يعقوب من بلهة جارية راحيل؟ وماذا نقول عن (جاد) و (أشير) ابنى يعقوب أيضاً من زلفة جارية ليئة؟ إن هؤلاء من الأسباط الاثنى عشر ، ذرية يعقوب عليه السلام ، واقتران يعقوب لبلهة جارية راحيل ، وزلفة جارية ليئة مماثل لاقتران إبراهيم لهاجر جارية سارة.
فتقول التوراة بشأن (دان) و (نفتالى) أن راحيل : " 3فَقَالَتْ: «هُوَذَا جَارِيَتِي بَلْهَةُ. ادْخُلْ عَلَيْهَا فَتَلِدَ عَلَى رُكْبَتَيَّ وَأُرْزَقُ أَنَا أَيْضاً مِنْهَا بَنِينَ». 4فَأَعْطَتْهُ بَلْهَةَ جَارِيَتَهَا زَوْجَةً فَدَخَلَ عَلَيْهَا يَعْقُوبُ 5فَحَبِلَتْ بَلْهَةُ وَوَلَدَتْ لِيَعْقُوبَ ابْناً 6فَقَالَتْ رَاحِيلُ: «قَدْ قَضَى لِيَ اللهُ وَسَمِعَ أَيْضاً لِصَوْتِي وَأَعْطَانِيَ ابْناً». لِذَلِكَ دَعَتِ اسْمَهُ «دَاناً». 7وَحَبِلَتْ أَيْضاً بَلْهَةُ جَارِيَةُ رَاحِيلَ وَوَلَدَتِ ابْناً ثَانِياً لِيَعْقُوبَ 8فَقَالَتْ رَاحِيلُ: «قَدْ صَارَعْتُ أُخْتِي مُصَارَعَاتِ اللهِ وَغَلَبْتُ». فَدَعَتِ اسْمَهُ «نَفْتَالِي»." ـ تكوين 30: 3-8
وتقول التوراة بشأن (جاد) و (أشير): " 9وَلَمَّا رَأَتْ لَيْئَةُ أَنَّهَا تَوَقَّفَتْ عَنِ الْوِلاَدَةِ أَخَذَتْ زِلْفَةَ جَارِيَتَهَا وَأَعْطَتْهَا لِيَعْقُوبَ زَوْجَةً 10فَوَلَدَتْ زِلْفَةُ جَارِيَةُ لَيْئَةَ لِيَعْقُوبَ ابْناً. 11فَقَالَتْ لَيْئَةُ: «بِسَعْدٍ». فَدَعَتِ اسْمَهُ «جَاداً». 12وَوَلَدَتْ زِلْفَةُ جَارِيَةُ لَيْئَةَ ابْناً ثَانِياً لِيَعْقُوبَ 13فَقَالَتْ لَيْئَةُ: «بِغِبْطَتِي لأَنَّهُ تُغَبِّطُنِي بَنَاتٌ». فَدَعَتِ اسْمَهُ «أَشِيرَ»."ـ تكوين 30: 9-13
وقد حُسِبوا ضمن أولاده الشرعيين ، فكيف يعترفون بهؤلاء أبناء شرعيين ليعقوب وينكرون ذلك على إسماعيل؟! وإلا لقلنا أن نبى الله ، أبو الأنبياء ، إبراهيم عليه السلام كان عنده ابن غير شرعى من الحرام؟ حاشاه أن يزنى أبو الأنبياء عليه السلام. وهؤلاء هم أبناء يعقوب الاثنى عشر: "وَكَانَ بَنُو يَعْقُوبَ اثْنَيْ عَشَرَ: 23بَنُو لَيْئَةَ: رَأُوبَيْنُ بِكْرُ يَعْقُوبَ وَشَمْعُونُ وَلاَوِي وَيَهُوذَا وَيَسَّاكَرُ وَزَبُولُونُ. 24وَابْنَا رَاحِيلَ؛ يُوسُفُ وَبِنْيَامِينُ. 25وَابْنَا بِلْهَةَ جَارِيَةِ رَاحِيلَ: دَانُ وَنَفْتَالِي. 26وَابْنَا زِلْفَةَ جَارِيَةِ لَيْئَةَ: جَادُ وَأَشِيرُ. هَؤُلاَءِ بَنُو يَعْقُوبَ الَّذِينَ وُلِدُوا لَهُ فِي فَدَّانَِ أَرَامَ."ـ تكوين 35: 22-26 ، ومن الدلائل الجلية أن (دان) ابن بلهة جارية راحيل جاء من ذريته شمشون ، ذلك الإنسان الممسوح بالروح القدس منذ ولادته ، وقد كان قاضياً لبنى إسرائيل لمدة 20 سنة ، فها هو ملاك الرب يبشر امرأة منوح العاقر بولادتها لشمشون قائلاً: "5فَهَا إِنَّكِ تَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً, وَلاَ يَعْلُ مُوسَى رَأْسَهُ, لأَنَّ الصَّبِيَّ يَكُونُ نَذِيراً لِلَّهِ مِنَ الْبَطْنِ, وَهُوَ يَبْدَأُ يُخَلِّصُ إِسْرَائِيلَ مِنْ يَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ»."ـ القضاة 13: 5 ، وأيضاً : " 24فَوَلَدَتِ الْمَرْأَةُ ابْناً وَدَعَتِ اسْمَهُ شَمْشُونَ. فَكَبِرَ الصَّبِيُّ وَبَارَكَهُ الرَّبُّ. 25وَابْتَدَأَ رُوحُ الرَّبِّ يُحَرِّكُهُ فِي مَحَلَّةِ دَانٍَ بَيْنَ صُرْعَةَ وَأَشْتَأُولَ."ـ القضاة 13: 24-25 ، "وهو قضى لاسرائيل عشرين سنة" ـ القضاة 16: 31
ويدافع (جيمس هيستنج) عن حق البكورية لإسماعيل فيقول: لقد جانب التوفيق كُتَّاب سِفر التكوين ، أولئك الذين حاولوا أن يجعلوا نسل إسماعيل واستحقاقه لحقوق البكورية أقل مرتبة زعماً أن انتماءه لأمه هاجر جارية إبراهيم يفقده حق البكورية ، وبهذا الصنيع فهم يغفلون قانون الأسرة الواضح الصريح المنصوص عليه فى التوراة فى سفر التثنية ؛ ووفقاً لهذا القانون فإن حقوق الابن البكر لا يمكن إسقاطها بسبب الوضع الاجتماعى للأم. هذا الحق الشرعى قد بيَّنَه الناموس بالنسبة للرجل الذى يجمع أكثر من زوجة. فتقول التوراة: "1إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ امْرَأَتَانِ إِحْدَاهُمَا مَحْبُوبَةٌ وَالأُخْرَى مَكْرُوهَةٌ فَوَلدَتَا لهُ بَنِينَ المَحْبُوبَةُ وَالمَكْرُوهَةُ. فَإِنْ كَانَ الاِبْنُ البِكْرُ لِلمَكْرُوهَةِ 16فَيَوْمَ يَقْسِمُ لِبَنِيهِ مَا كَانَ لهُ لا يَحِلُّ لهُ أَنْ يُقَدِّمَ ابْنَ المَحْبُوبَةِ بِكْراً عَلى ابْنِ المَكْرُوهَةِ البِكْرِ 17بَل يَعْرِفُ ابْنَ المَكْرُوهَةِ بِكْراً لِيُعْطِيَهُ نَصِيبَ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ مَا يُوجَدُ عِنْدَهُ لأَنَّهُ هُوَ أَوَّلُ قُدْرَتِهِ. لهُ حَقُّ البَكُورِيَّةِ." ـ تثنية 21: 15-17

ويُستنتَج من كل ما سبق أنه :
لم يكن هناك ابناً بكراً لإبراهيم عليه السلام إلا إسماعيل. أن إسماعيل من أبناء إبراهيم المقربين إلى إسماعيل والمرضى عنهم لدى الله سبحانه وتعالى ، فقد استجاب الله لدعاء أبيه فى إكثار نسله ، وباركه (أى جعل النبوة فى نسله). وأنه لو كان إسحاق قد ولِدَ قبل رؤيا الذبح ، لما كان لها معنى فى إثبات حب إبراهيم لله ، لأنه سيكون فى هذه الحالة عنده البديل. وأن بشارة الله بميلاد إسحاق هى مكافأة لإبراهيم عليه السلام على طاعته لله. وأن بنو إسرائيل قد وضعوا إسحاق بدلاً من إسماعيل ، ليكون هو شعب الله المختار الذى افتداه الله ليرث الأرض الموعودة ، وإبعاد أى نسل آخر ينازعها هذا الميراث. لذلك صحح عيسى عليه السلام هذه المفاهيم بقوله: "42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ»." متى 21: 42-44 ، ولذلك أراد اليهود أن يتخلصوا أيضاً من عيسى عليه السلام واتهموه أنه هو المسيا المنتظر، وكان رد عيسى عليه السلام أنه رفض هذه الفرية ، ولذلك برأه بيلاطس ، إلا أن اليهود أصرَّوا على صلبه ، فتدخلت العناية الالهية التى كان يحظى بها دائماً ونجته.
ولو كان إسحاق هو الذبيح ، لاتخذ بنو إسرائيل من الفداء سنة لهم ولذكروها فى مناسبات مختلفة ، ولكننا نجد أن الفداء عند بنى إسرائيل يرتبط بالخروج من مصر ، ولا نجد إشارة من قريب أو بعيد لذكرى فداء إسحق: "«وَيَكُونُ مَتَى أَدْخَلَكَ الرَّبُّ أَرْضَ الْكَنْعَانِيِّينَ .. .. 12أَنَّكَ تُقَدِّمُ لِلرَّبِّ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ وَكُلَّ بِكْرٍ مِنْ نِتَاجِ الْبَهَائِمِ الَّتِي تَكُونُ لَكَ. الذُّكُورُ لِلرَّبِّ. .. .. 14«وَيَكُونُ مَتَى سَأَلَكَ ابْنُكَ غَداً: مَا هَذَا؟ تَقُولُ لَهُ: بِيَدٍ قَوِيَّةٍ أَخْرَجَنَا الرَّبُّ مِنْ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ. 15وَكَانَ لَمَّا تَقَسَّى فِرْعَوْنُ عَنْ إِطْلاَقِنَا أَنَّ الرَّبَّ قَتَلَ كُلَّ بِكْرٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بِكْرِ النَّاسِ إِلَى بِكْرِ الْبَهَائِمِ. لِذَلِكَ أَنَا أَذْبَحُ لِلرَّبِّ الذُّكُورَ مِنْ كُلِّ فَاتِحِ رَحِمٍ وَأَفْدِي كُلَّ بِكْرٍ مِنْ أَوْلاَدِي."ـ خروج 13: 11-16 . " أ.هـ


يتبع ـ


في القادم إنشاء الله :

هاهي العصا بيدنا فلا تكونو متكاسلين
.... الفرعون تحوتمس الثالث ....
1450 ق.م















التوقيع
اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي
أ‡أ،أٹأ¦أ‍أ*أڑ أ¥أڈأ*أ¥ أ£أ¤ أ‌أ‘أ¥أ¦أڈأ*
رد مع اقتباس