مَكرك لا
كيف يمكننا زراعة مفاهيم وترسيخ تجارب تحفز في قلوب الأبناء نباهة تثير العقول على التفكير الماكر .
المكر هو الحيلة , أو الإحتيال للتغلب على مشكلة حسب مفهومي الشخصي للمكر .
وقد يكون لكل إنسان حقل خاص لتجارب ماكرة في الحياة .
المكر لا يكون إلا بالتظليل . أو صرف الإنتباه لموضوع لأجل تحقيق غاية تخدم هدف موضوع أخر .
كأن يقول االثعلب للغراب أسمعنى صوتك الجميل وأطربني في الوقت الذي يكون في فم الغراب سمكة .
عندما يبدأ الغراب في الغناء لن يفكر بالسمكة التي سوف تسقط لصالح حظ الثعلب .
ومن هذا المبدأ أقول أن المكر الحقيقي يكمن في تحويل حظ الأخرين لصالحك .
كثيراً ما أرتبط الثعلب بصفة المكر , بالرغم من طبيعته البسيطة كأي حيوان صائد . أو بالأحرى حيوان يجتهد للحصول على مايريد وأخذ مال الغير بإستحقاق مبني على تفريطهم بما يملكون .
أي أن المكر هو كيف تجعل الأخرين يفرطون في أستحقاقاتهم الطبيعية . كأن يكون في منقار الغراب سمكة ويطلب الثعلب منه الغناء .
سوف يحصل الثعلب على وجبة جاهزة , وقد يحصل الغراب على بعض المجاملة والتصفيق والتشجيع أيضاً . ما البأس في ذلك عندما يكون غناء الغراب مرهون بسقوط سمكة تصلح وجبة لذيذة في بطن الثعلب .
أرود الفكرة من جانب أخر أو إتجاه أخر :
متى لا يكون للمكر فائدة ؟
عندما يكون الثعلب في القفص , حتى لو غنى الغراب لن يكون في سقوط السمكة فائدة . عندها من الأسلم أن لا يغني الغراب .
أن اللذي يشغل الثعلب هو كيف يخرج من القفص , أو على الأقل كيف يتدبر طعامه . كأن يجذب إليه فأر أو عصفور صغير , يخرج لسانه بحركات سريعة لكي يوهم العصافير أن لسانه دودة , مع إتقان شديد لتمثيل دور الميت . يقترب العصفور لكي ياكل لسان الثعلب متوهماً أنه حشرة فيكون طعاماً للثعلب . فليس من المكر أن يفكر الثعلب بوجو غراب يرمي السمكة بعد إيهامه بأنه يمتلك صوت شجي ومطرب .
الذئب مقارنةبالثعلب , هل يوجد خاصية توجد في الثعلب ولا توجد في الذئب ؟!
بالإضافة لكل ما يملكه الثعلب فإن الذئب لا يستخدم أسلوب المكر فقط , بل يدمج المكر مع الذكاء والقوة بالإضافة إلى الصبر .
الذئب حيوان صبور جداَ ومتأني وهادئ جداً عندما يريد هدف .
وإذا قلنا أن الذئب قريب للكلب المستأنس , فإن الأخير لا يملك إلا القوة والذكاء , ويفتقد للمكر والقدرة على الإحتيال .
مثلاً : يقوم الذئب بنفخ الهواء من رئته في جحر الجربوع , بعد تحديد موقعه ومكان خروجه بناء على ما ينصت ويتشمم . وعندما يخرج الجربوع يبادره بلطمه سريعة . فإن أخطأت لا يكلف نفسه كثيراً في مطاردة جربوع .
ولكن الكلب ينفخ بنفس الطريقة وعندما يخرج الجربوع يثب خلفه ويطارده حتى يتعب وينهكه الجري ويرجع ولسان حاله يقول " يلعن أمه ما قدرت أمسكه ياشيخ ... طيب يوم أنك ما تقدر تمسكه ليش تطارده " .
هذا الكلب مجهود بدني فقط وذكاء لا يستفيد منه شخصياً .
ولا أعرف لماذا أستطرد في هذه البعثرة .
إلا أنني رأيت اليوم من يحتضن كلب , وأنا أكره الكلاب كره شديد , كره غير طبيعي ممزوج بإشمئزاز .
ما الذي يخطر ببالي عندما أجد أحدهم برفقة كلب , سواء في صندوق سيارة مقناص أو داخل طوق ينتهي بيد أحدهم يتباهى بإمتلاك كلب .
اليوم رأيت كلب .. كلب حقيقي يحتفي به مجموعة من الأجانب الهنود ويعطونه حليب , وهم فرحين به . يوجد أطفال يتحلقون لرؤية الكلب وهو يشرب حليب ويفزعون عندما يهرب الجرو داخل المحل ويلوذ يقدم من أعطاه طبق الحليب .
عندها فقط , ووراء قدم من أعطاه الحليب , رأيت الكلب يرخي رأسه على يديه يشعر بالأمان .
هذا هو : أمان الكلاب .
وهكذا تشعر الكلاب بالأمان وراء أقدام الأخرين ..
فلا يلومني أحد في كره الكلاب .
أنا أقصد الكلاب الحيوانات " الكلاب ما غيرها " ولا أتجه لمقصود أو أعرض بأحد .
من جد أكره الكلاب , وأكرة أسلوب الكلب في تدبير شؤون طعامه وأمنه وسلوك مجتمع الكلاب .
اليوم شفت كلب قريب جداً مني وكنت مجبراً على البقاء حتى ينتهي الفني من تصليح سيارتي .
شعرت بغضب , وحنق , مشيت زعلان من الغرابي
لأني شفت كلب !
شوفة الكلب تزعلني
ولا أحد درى عني !
مدري ليه أقولها , ولكن لو ما قلتها يمكن يضرني عدم كتابة هذا الكلام .
أصرخ أقول الكلاب تستفزني . كلب يمشي في الشارع يثير عندي كل هذه المشاعر العدوانية .. مجرد رؤية كلب .. من بعيد .
يارب لطفك .. وأنت تعلم كيف أرى هذا المخلوق فلا تجعله غريماً لي يوم القيامة .
صدقوني :
حتى إيذاء الكلاب أو نهرها أو رميها , لا أقوم به , كيف أكون خصماً لكلب يوم القيامة .
الأسد :
كل ما شفته أزم شفتي وأصدر نحوه صوت مستفز للرجال , الأسد بالرغم من قوته إلا أنه إتكالي ولا يصيد لنفسه إلا قليلاً وزائد أنه لا خاتمه ولا صحبه معه , فهو يقوم بأكل المصابين من أفراد مجموعته .
كذا .. إذا مرض خويه أو تعرض لإصابه يأكله ويوفر الصيد ليوم ثاني

.
بين الغباء , والبلادة ,والحذر , والذكاء ,والإنتهاز , والإستغلال ..
يكون المكر , خاصية لا تتحقق إلا باللعب الفردي , وتقديرات الموقف وإختيار أفضل الممكنات لتحقيق الهدف .
بالإضافة لكل ما يتمتع به الذئب والثعلب . فإن النمر يسمو بنفسه بوثبات تتجاوز 11 متر . لتكون مهاراته الفردية لا تحتاج إلي أخر يعاونه .
فهو إنعزالي : قبيلة بمفردة . ومن أهم ما يميزه أنه لا يصدر له صوت عندما يتألم .
ولا يشاركه أحد في صيده يفكر بهذا قبل أن يثب على فريسته يلتفت ويتأكد من خلو المكان وأنه سوف يأخذ الوقت الكافي لكي يسحب فريسته ويرفعها إلى شجره , ويقدر وزنها وكل التفاصيل اللازمة للحصول على وجبه غذائية جيدة ونزيهة ولا تجعله صياداً للأخرين .
ثم يتوكل على الله ويثب .
لأدري لماذا أنقرض النمر من جزيرة العرب . هل لأننا نعيش جماعات كثيرة ؟!
واللهي مدري ..
لا احد يعيش بمفرده في جزيرة العرب .