عبد الرحمن الراشد
التقارير الواردة من داخل المدينة الصغيرة غرب بغداد تثير مخاوفنا تؤكد ان معركة مقبلة واكثر دموية من سابقتها ستنشب في الفلوجة.
فقد حصلت هذه البلدة على اكثر مما اخذه مقتدى الصدر بجيشه واتباعه، بما في ذلك تعيين ضابط سابق ارضاء للمقاتلين. منحت الفلوجة فرصة زمنية طويلة لترتيب اوضاعها، وكلفت فرق من داخلها بحمايتها وجمع اسلحتها، ووافق الاميركيون على الانسحاب منها وتراجعوا عن مطلبهم الاساسي بان خروجهم مشروط بتسليم قتلة المقاولين الذين مثل بجثثهم.
وكأفلام الغرب الاميركي دائما هناك مواجهة اخيرة مع الخارجين عن القانون، وغالبا تقوم المعركة على اكتاف الاهالي مع المنقذ البطل بعد فشل «الشريف»، او رجل امن البلدة. التقارير الصحافية من داخل الفلوجة تتحدث عن تشكل ميليشيات بادارة اجانب يعتقد انهم عرب، تماما كما كان يحدث في افغانستان يوم ادار شؤونها الوافدون في ضيافة تنظيم «القاعدة». فان كان المدد البشري والعسكري الذي وصل الى الفلوجة من التنظيم اياه فان هذا يعني ان المعركة الكبيرة لم تبدأ بعد، وان كان كل ما يحدث في داخلها من مظاهر التسلح وادارة المعارك حماسا محليا وموقفا سياسيا فان معركة صغيرة هي الاخرى في الطريق.
لا نعتقد ان هذه المدينة ستسلم من الاذى بعد ان كثرت معاركها بين شرطتها وشباب «الآر بي جي» الذين يحتلون الاركان ويحرسون مكاسبهم الارضية.
فهل «القاعدة» بالفعل عمدة المدينة وشرطتها ومحكمتها؟ وهذا ما تشير اليه الاوصاف الاخبارية عن حال الداخل. لكن الاميركيين يرفضون لسبب مجهول الاعتراف بنفوذ «القاعدة» مفرقين اللوم على البعثيين والقوى المحلية الصغيرة مع الاشارة الى مسلحين اجانب. ورغم هذا الانكار الدائم فان بصمات التنظيم المرعب تجدها في كل مكان من العراق، وبشكل اكثر وخصوصا في الفلوجة. والاميركيون ينكرون منذ عملية السفارة الاردنية ومقر بعثة الامم المتحدة وجود «القاعدة» مستثنين بعض عمليات الاختطاف المنسوبة لابو مصعب الزرقاوي.
ان كانت الانباء القائلة بوجود «القاعدة» صائبة فان الفلوجة ستكون ساحة معركتها الحاسمة لاحد الطرفين. ففي المواجهات الماضية بدا واضحا ان المقاتلين يملكون كفاءة قوات صدام المنحلة، ويملكون جسارة وانتحارية المنتسبين لتنظيم افغانستان.
ان كان مقاتلو الفلوجة عراقيين يدافعون عن مدينتهم فسيستمر التعاطف العربي معهم، وان بانت انها قوات «القاعدة» المتقدمة فاننا سنرى ردود فعل مختلفة. حكومات المنطقة بلا استثناء ستسعى لرؤية تحويل الفلوجة الى مقبرة كبيرة لانها تدرك ان كل الاتجاهات الاربعة مهددة ان عاشت «القاعدة» حرة.