عندما نتكلم عن الفن الأدبي , يجب أن نختصر الكلام في حدود الموضوع .
وإختصار هذا الموضوع هو :
إن القصص القصير , نعم القصص القصير وليس [ القصص القصيرة ] لأن جمع القصص يكون بالتذكير وليس التأنيث .
وللتصغير يقال لكل مقصوص ضئيل : قصاصه . فيؤنث
ومنها قص الأثر والقاص أسم يطلق على متتبع الأثر , والصياد يسمى قاص , ويجب أن يكون قاصاً ماهراً لكي يستطيع أن يصيد الشوارد .بتتبع أثرها .
فلاتكون القصة القصيرة قصة بمعناها إن لم تتحقق بعض الأمور ومن أهمها :
الإختصار وأن تكون الكلمات مناسبة للمعنى لا تزيد ولا تنقص , بحيث لو حذفت كلمة واحدة _ مهما طال النص _ يتغير المضمون . ولو زادت كلمة واحدة بانت للنقاد بجلاء ووضوح فيتم تنبيه القاص بها .
كالقصيد تماماً .
بعكس الحكايات والأخبار التي تعتمد أسلوب التشويق والإثارة والألغاز ويتم من خلالها تسلية المستمع والقارئ .
القصة يستحسن أن تبتعد عن الكلمات الشاعرية والبلاغية _ من حيث المفردة وليس العبارة _ بعكس الشعر الذي يستحسن فيه بلاغة المفردة , وجلاء العبارة أو المقطع .
فيمكن أن تستخدم كلمات مثل ( سفينة , نجاه , يتمايل , وشك ) لمعنى بليغ وشاعري في مثال كهذا غير منسوب إلى نصوص معروفة ( أقبل راكباً الجمل وكأنه يقود سفينة على وشك النجاة ) .
فتجد أن المفردات بسيطة ولكن العمق في المعنى يفرض على القارئ العمق في التفكير أيضاً .
فلا ترى المعاني أخذت أبعاداً كثيرة فلم تتحول السفينة لفظياً إلى " فلك " والجمل لم يتحول "مطية , أو ذلول ..إلخ " والركوب لم يتحول لفظياً إلى " إعتلاء أو إمتطاء "كلمات واضحة وتقريرية وبسيطة تجتمع في عبارة أو جملة طويلة فتصبح ذات عمق شاعري وإبداعي يختلف حسب إختلاف الإبداع من مثال إلى مثال آخر . ولا أريد جلب أمثلة لكتاب معروفين لكي لا يخرج الموضوع عن مساره .
وتكمن قوة الملاحظة أو التمييز في المثال في صورة ( على وشك النجاة ) , لتحقيق ذروة فنية تتصل بتوالي الأحداث . فلو قال على وشك الغرق سوف ينقطع التواتر الأسلوبي وقد يصعب توصيل العبارة بما يليها وتختل ترتيب الأحداث . فالقدوم على ظهر جمل يعتبر حدث , ويحمل شخصية قادمة سوف تحتل موقعها في أحداث القصة , والتشبيه بسيط لا يثير الدهشة بقدر ما يحاول إثارة المزيدة من التفكير والعمق .
هنا تكمن المعادلة الحقيقية لشاعرية القصص . طبعاً حسب حظوط المبدعين وإختلافهم , كالشعراء وإختلافهم تماماً .
وأيضاً يوجد فروق نوعية بين الشعر والقصة الجميع يعرفها .
فكل حكايات أو مسرودات تستخدم أسلوب التشويق والمماطلة والمبالغات في المعاني أو الألفاظ لا يمكن إعتبارها قصص ..
قد تكون : طرائف , نكت , حكايات جرائد , إشاعات ...إلخ
ولكن لا يتم إدراجها ضمن القصص القصير .
والقصة كالقصيدة .في تعدد مشاربها وإختلاف مستوياتها وقدرتها على التأثير .. يوجد قصيدة " لا تملك من الشعر إلى الوزن فقط " ويوجد قصيدة المعنى واللغة والإبداع الحقيقي . فتكون مشهورة ورائجة بين الناس بإختلاف ذائقة الجمهور .
وأكتفى بهذا القدر ..
ويسعدني الإجابة على كل جميع الإستفسارات والأسئلة التي تدور في فلك السرد عموماً .
فمتى ضمنت وجود قراء مهتمين سوف أتوسع أكثر في هذا الموضوع .
وحتى لو كانت الأسئلة إمتحان _ مافيش مشكلة أبداً _
تحياتي للجميع .