الخامس: أن فيه حملاً للسلاح على المسلمين، وقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ژ

لا يُشر أحدكم إلى أخيه بالسلاح فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار) ولمسلم عنه أيضاً قال: قال رسول الله ژ

من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهي، وإن كان أخاه لأبيه وأمه) فإذا كان هذا في حمل السلاح والإشارة به، فكيف بمن استعمله ضد المسلمين؟! وقد صح عنه ژ أنه قال

من حمل علينا السلاح فليس منّا) خرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.السادس: أن فيه ايذاءً للمسلمين. وقد قال الله تعالى {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} وصح عنه ژ أنه قال

المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده).
السابع: أن في هذه الأعمال تفرقة لصف المسلمين، ووحدة كلمتهم التي هم أحوج ما يكونون إليها في زمن تكالبت فيه الأمم عليهم يبغونهم الغوائل، ويتربصون بهم الدوائر، وقد قال سبحانه:{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ }. وقال سبحانه {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}.أخيراً فإننا نوصي المسلمين جميعاً، ومن وقع في شيء من هذه الأعمال، أو وقع في روعه لوثة من هذا الفكر أن يتقي الله عزّ وجلّ في نفسه وفي إخوانه المسلمين، وأن يتوب إلى الله عزّ وجلّ، ويقلع عن كل ذنب اقترفه، ويرجع إلى جادة الصواب والحق، ويكون صفاً مع إخوانه ضد أعدائهم المتربصين بهم، وألا يكون معول هدم لكيان الأمة.
كما نحذر كل مسلم من تكفير اخوانه المسلمين بغير حق. وقد قال النبي ژ في حديث أبي ذر رضي الله عنه

من دعا رجلاً بالكفر أو قال يا عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه) رواه البخاري ومسلم.وباب التكفير باب فتنة ومزلة، وأهل السنّة والجماعة فيه وسط بين المرجئة الذين يقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب، وبين الخوارج الوعيدية المكفرين بكل كبيرة، وله ضوابط وشروط يجب تحققها، وموانع يجب انتفاؤها، يعلمها المحققون من أهل العلم.
وليعلم أيضاّ أن مفارقة الجماعة، وشق عصا الطاعة كبيرة من كبائر الذنوب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ژ أنه قال

من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، فمات مات ميتة جاهلية) رواه مسلم. وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله ژ

من فارق الجماعة شبراً فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه) رواه الإمام أحمد وأبو داود.
كما أن على كل مسلم الرجوع فيما أشكل عليه إلى العلماء الربانيين، وسؤالهم، والصدور عن رأيهم، وقد قال الله عزّ وجلّ {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}، وقال سبحانه:{وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ }، كما أننا نحذر الجميع من التسرع الى الفتيا، وقفوا ما لا علم لهم به، وقد قال سبحانه:{وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} وقال سبحانه وتعالى: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ {116} مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
ختاما فإن النصيحة واجبة للمسلمين عامة وخاصة، والسعي في الإصلاح بالمنهج الشرعي - وفق كتاب الله وسنّة رسوله ژ - طريق الرسل، ومنه ورثتهم من العلماء الربانيين، فعلى كل ساع في الإصلاح أن ينهج طريقه، وأن يحذر العوج والسبل المضلة {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.