الموضوع
:
حرب المليداء و " يامال صكة بقعا " سرد شيق !
عرض مشاركة واحدة
23-Nov-2007, 09:02 PM
رقم المشاركة :
2
معلومات العضو
ضمير كايف
عضو نشيط
إحصائية العضو
" المليدا " - المعركة
- الحلقة الثانية -
وهكذا- كما أشرت في ( الحلقة الأولى ) زاد الأمر سوءاً بعد " بقعا " بين أهل القصيم وآل الرشيد سنة بعد أخرى، ومن أهم ما حصل بعد بقعا بفترة قصيرة وقعة " الجوي 1261هـ / 1845م " بين ابن رشيد وأهل عنيزة حيث قتل فيها أميرعنيزة عبد الله بن سليم رحمه الله وهو أخ الأمير يحي الذي قتل في بقعا ووالد الأمير زامل الذي سيأتي ذكره. ثم تعقدت الأمورأكثر حينما توسعت حرب المصالح السياسية والإستراتيجية والإقتصادية بالصراع مع طرف ثالث هو الدولة السعودية الثانية، وجرت معها معارك مثل وقعة " اليتيمة 1265هـ / 1849م " و " حرب عنيزة الأول 1270هـ/ 1854م" ثم " حرب عنيزة الثاني كون المطر1279هـ/ 1863م " وغيرها وكانت
نتائجها كلها وبالاً على كل من عنيزة وبريدة على وجه الخصوص وعلى القصيم عامة.
وقد رافق ذلك حرب إعلامية حماسية بالشعر بين عنيزة بالذات وأهل العارض، وقادها عن عنيزة الفارس الشاعر " علي الخياط " الذي امتلأ قلبه حباً ودفاعاً عن بلده فكان يثير حماس أهل عنيزة بقصائده التي لا زالت مضرب المثل ويذكرها أو بعضاً منها كل من ينتمي إلى عنيزة.
في فترات من الهدوء نعمت المنطقة بشيء من الإستقرار والإستقلال النسبي، ولكن الحرب الأهلية بين أبناء الإمام فيصل التي زادت في بداية القرن الرابع عشر الهجري 1300هـ فما بعد، إضافة إلى زيادة نفوذ رجل آل رشيد القوي " محمد العبد الله بن رشيد " ، وانضمام القصيم في تلك الفترة إلى جانب الدولة السعودية، كل ذلك قاد إلى:
حرب المليدا:
لعل جو الضلفعة للدمار........ ولا يدب به الحيا دايم حاف
ترى السعيد اللي قعد له بدار ......... ولاحضركون المليدا ولا شاف
شاعرة عنيزة: " نورة المحمد الهطلاني "
قرر محمد بن رشيد أن يحسم الأمور لصالحه ويسيطر على كل نجد بكسرشوكة أهل القصيم وإخضاعهم أولاً، ثم القضاء على ما تبقى من الدولة السعودية الثانية.
حسن بن مهنا أمير بريدة أخذ يستفز ابن رشيد بالغارات المتكررة واستطاع أن يستميل إليه أمير عنيزة زامل بن سليم بالعودة إلى مصادقته وتكوين حلف معه باجتماعهم وأنصارهم في " نفود الغميس " حيث اتفقوا على حرب ابن رشيد ، وفي نفس الوقت تحالفوا مع الإمام عبد الرحمن الفيصل وأهل العارض بأن يأتوا ويحاربوا معهم. كانت هذه التطورات في أوائل عام 1308هـ .
ابن رشيد علم بهذه التحركات فصمم على ضرب هذا الحلف الثلاثي وتشتيته بأسرع ما يمكن قبل وصول أهل الرياض والعارض وسدير إلى القصيم. كان استعداده قوياً حيث استثار نخوة أهل الشمال وقبائل العراق من شمر والظفير وعنزة وغيرها وزحف بجيش قوي إلى القصيم حتى وصل إلى " القرعاء ".
من جانبهم أهل القصيم كانوا قد استعدوا استعداداً كبيراً وخرجوا من كل بلدانه بقيادة بريدة وعنيزة بانتظارأن ينضم إليهم أهل الرياض ومن معهم، وكانوا أيضاً قد تحصنوا في " القرعاء " بكثبانها الرملية التي تصعب حركة الخيل فيها، كما كانت بنادق القصمان فعالة بشكل جيد. ولهذا تمكنوا في حرب القرعاء من الإنتصارعلى ابن رشيد وصد هجومه القوي إضافة إلى تحييد جيش الفرسان لديه الذي شلت حركته، وكانوا يحرصون على المطاولة دون الدخول في معركة فاصلة وذلك بسبب انتظارهم وصول الإمام عبدالرحمن ومن معه، فبقوا في القرعاء أكثر من شهر، حيث كان جيش أهل العارض يسير ببطء باتجاه القصيم وينتظر في كل مكان يصل إليه انضمام محاربين من كل بلد.
أدرك ابن رشيد ومن معه أن المطاولة والانتظار ليسا في صالحه، وأنه لا بد من خدعة يقضي فيها على القصمان لوحدهم كما أشارعليه أحد أنصاره من زعماء القبائل " الذويبي " ( بأن يخرج القصمان من جحورهم) يقصد حفرالنفود التي احتموا بها وهي محاجي ومزابن حفروها ليتمترسوا فيها.
انسحب ابن رشيد بجيشه فجأة غرباً، وبعد فترة - ودون تفاصيل كثيرة – نزل في الطرف الشمالي من " المليدا" قرب الضلفعة.
هنا يقال بأنه وقع الخلاف بين أهل القصيم فمنهم من رأى العقل والحكمة في الإكتفاء بانتصارهم في القرعاء وأن ما يحصل من انسحاب هو خطة حربية للإيقاع بهم، ورأى هذا الرأي زامل أمير عنيزة ومن معه، ولكن للأسف تغلب الرأي المعاكس الذي تبناه حسن بن مهنا أمير بريدة والذي يقال بأنه عير زامل بالجبن والخوف
وأ قنعه أن ابن رشيد انسحب راجعاً إلى بلاده، فاضطر زامل كما روي عنه – أمر وأراده الله- لمجاراة ابن مهنا، ( وهذا تقريباً نفس ما حصل في بقعا بين يحي السليم أمير عنيزة وعبد العزيزآل أبوعليان أمير بريدة الذي صمم وقتها على محاربة ابن رشيد في حائل.)
المهم أن أهل القصيم اندفعوا بمن معهم وراء جيش ابن رشيد حتى وصلوا سهل المليدا وهو مكان مناسب جداً لتصول فيه الخيل وتجول وكان ذلك يوم 13 جماد ثاني 1308هـ ( فبراير1891 م)، هنا طبق ابن رشيد الجزء الثاني من الخطة فارتد عليهم جيشه يتقدمه عدد كبيرمن الإبل المسماة " المسيوقة "، البارون نولده المبعوث الروسي الذي زارالمنطقة بعد سنة ونصف فقط من العركة، وقد سبق التعريف به، قدرعدد هذه الإبل بعشرين ألف في كافة الإتجاهات. والمسيوقة هي إبل تغطى عيونها وتدفع في المقدمة لتحمي المشاة خلفها وتتلقى الضربات الأولى من العدو، وفي نفس الوقت أيضاً هاجم فرسان ابن رشيد المختبئون مشاة القصمان الكثيرين من الجهة المقابلة فوقع أهل القصيم في الفخ وأطبقت عليهم كماشة جيش لا يرحم.
كانت معركة " المليدا " بإجماع الروايات مذبحة هائلة بكل المقاييس لم يمرعلى أهل القصيم أسوأ منها، حتى ولا " كون المطر" التي قتل فيها الكثير ولكن أثرها لا يقاس بالمليدا. لم يوفرفرسان ابن رشيد أحداً، فكانوا يلاحقون فلول مشاة القصمان المهزومين وقتلوا منهم الكثيربحيث لم ينته النهارإلا وقد فقد القصمان وخاصة أهل عنيزة خيرة رجالهم وعلى رأسهم الأمير زامل بن سليم رحمه الله الذي قتل بينما تمكن ابن مهنا أمير بريدة من الفرار ( قبض عليه ابن رشيد فيما بعد وسجنه في حائل حتى مات)، كذلك قتل أميرالمذنب صالح الخريدلي.
كانت هزيمة شنيعة وضربة ليس لأهل القصيم فقط، بل وأيضاً للإمام عبد الرحمن وجيشه الذي كان قد وصل منطقة الزلفي قادماً وعلم بماحصل فرجع بسرعة إلى الرياض واستعد للخروج منها بأهله والإتجاه شرقاً لأنه أدرك أن دوره سيأتي لا محالة فإن ابن رشيد قادم إليه ولا شك بعد أن يكسرشوكة القصمان ويثبت الأوضاع في القصيم وما يليها لصالحه،
ولهذا تعتبر" المليدا " في نظر بعض المؤرخين بداية المرحلة الأخيرة لنهاية الدولة السعودية الثانية، وقد تمت النهاية فعلاً بعد عدة أشهر (1309هـ ) حيث زحف ابن رشيد على الرياض وكان آل سعود قد خرجوا منها قبل وصوله. ( وهذا موضوع آخر ليس هذا مجاله.)
لا مقارنة إطلاقاً بين تخطيط ابن رشيد المحكم وقوة جيشه ومصادرالتموين المتعددة لديه، وبين اختلاف الرأي لدى أهل القصيم وقلة عددهم وندرة مصادرالتموين - وهذا الغريب في الأمر- على الرغم من كونهم في بلادهم وديارهم. - وسآتي على ذلك وغيره من ملاحظات فيما بعد إن شاء الله. –
قتلى عنيزة وغيرها في المليدا:
لم تسلم بيوت كثيرة جداً في عنيزة وبريدة وغيرهما من جميع طبقات المجتمع من أن يكون أحد أفرادها أو أكثر ممن قتلوا في المليدا وخاصة معظم البيوتات المشهورة. هذا ويتداول بعض الناس منذ مدة طويلة قائمة بأسماء قتلى عنيزة من هؤلاء أو أكثريتهم على الأصح، وقد سبق لي رؤيتها، وسأنشر الأسماء إن وصلتني قريباً إن شاء الله أو يتفضل أحد ممن هي لديهم بنشرها،
لأن المهم وما أركزعليه أنها فاجعة كبيرة بقيت آثارها زمناً ولا زالت حيث ذهب في هذه المعركة فضلاء وخياروزهرة رجال وشباب أهل عنيزة وغيرها في القصيم. كما أشير أيضاً إلى تكرارأهل القصيم وخاصة عنيزة وبريدة لنفس أخطاء سابقة وسبحان الله على نفس الوتيرة. ولله الأمر من قبل ومن بعد.
هذه بإيجاز - وتجنباً لزيادة الإطالة - قصة ملحمة المليدا
يتبع الحلقة الثالثة والأخيرة
ضمير
ضمير كايف
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى ضمير كايف
البحث عن المشاركات التي كتبها ضمير كايف