الأخ الفاضل ابو رامي .................. الموقر
اعذرني على الإطالة فالبحث يستدعي مني هذا القدر مع أني اختصرته لهذا الحد
أول هجرة لبني سعد بن بكر بن هوازن إلى الحديبية مروراً بالمدينة النبوية ومن ثم إلى العراق والمغرب العربي ، ومصر ومواطن بني سعد بن بكر بن هوازن في وقتنا الحاضر المغرب العربي وفي العراق الجريح ولا زالت هذه القبيلة بهذا المسمى في بلاد الرافدين وقد تشيع غالب هذه القبيلة وقد أخرج أحد أفرادها كتاب عن هذه القبيلة مؤلفة جاسم محسن ملا عبود باسم (هوازن وبنو سعد) موجود في الأسواق
يذكر فيها بطون قبيلة بني سعد بن بكر بن هوازن ومن الأدلة التي تؤكد هجرتها إلى تلك النواحي كثيرة جداً في البداية نذكر خروجهم من ديارهم في البهيتة وقرن المنازل وأوطاس وتلك النواحي إلى المدينة النبوية في عهد النبي صلى الله علية وسلم اولاُ :
وفد ضمام بن ثعلبة على النبي صلى الله عليه وسلم من قبل قبيلة بنو سعد بن بكر بن هوازن والقصة معروفة وموجودة في كتب السير
ومنها ماورد في كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد : عن سرية على بن أبي طالب إلى بني سعد بن بكر بن هوازن بفدك :
قال ابن سعد : (( ثم سرية على بن أبي طالب إلى بني سعد بن بكر بفدك في شعبان سنة ست من مهاجر رسول الله صلى الله علية وسلم ، قالوا : بلغ رسول الله صلى الله علية وسلم أن لهم جمعاً يريدون أن يُمدوا يهود خيبر ، فبعث إليهم على بن أبي طالب في مائة رجل ، فسار الليل وكمن النهار حتى انتهى إلى الهمج ، وهو ماء بين خيبر وفدك وبين فدك والمدينة ست ليال ، فوجدوا به رجلاً فسألوه عن القوم فقال : أخبركم على أنكم تؤمنوني فدلهم ، فأغاروا عليهم فأخذوا خمسمائة بعير وألف شاة وهربت بنو سعد بالظُعن ورأسهم وبر بن عُليم فعزل علي صفي النبي صلى الله عليه وسلم لقوحاً تُدعى الحفذة ثم عزل الخمس وقسم سائر الغنائم على الصحابة وقدم المدينة ولم يلق كيداً .
وقد ذكر الشيخ حمد الجاسر ـ رحمة الله ـ في كتابة في شمال غرب الجزيرة ما نصه " أنها ما تعرف بالوقت الحاضر بالحائط والحويط شمال شرقي المدينة المنورة والظاهر أن قسماً من بني سعد بن بكر كان يقيم في هذه المنطقة في بداية ظهور الإسلام أو كانوا ظعائن رحل يقضون فترة الشتاء في هذه المنطقة "
وقد ذكر السمهودي المتوفى سنة 911هـ نقلاً عن ابن شبة خبرًا يفيد بوجود بني سعد بن بكر في المدينة المنورة حيث يقول:" ونقل ابن شبة في تأديب عمر ابن الخطاب الرعية في أمر دينهم أنّ رجلاً من أشجع يقال له بقيلة كان غازيًا، فبلغه أنّ جَعْدة بن عبدالله السلمي يحدث النساء، وأنّ جواريه يخرجن إلى سلع فيحدثهن، ثم يعقل الجارية ويقول: قومي في العقال فإنه لا يصبر على العقال إلا حصان، فتقوم ساعة ثم تسقط، فربما تكشفت، فكتب الأشجعي إلى عمر:
أَلاَ أَبْلِغْ أَبَا حَفْصٍ رَسُولا
فَمَا قُلص تَقُمْنَ مُعْقلاَتٍ
قلائصُ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ
يُعقِلُهُـنَّ جعْـدَةُ مِنْ سُلَيْمٍ فِدًى لَكَ مِنْ أَخِي ثقة إِزَارِي
قفَا سَلعٍ لمخْتَلفِ النِّجَـارِ
أَوْ اسْلم أَوْ جُهَيْنَة أَوْ غفَارِ
مُعِيـدًا يَبْتَغِي سَقْطَ الْعَذَارِي
... فدعا عمر بجعدة فقال: أنت لعمري كما وصف "أبيض شيظمي"، وسأله فأقرّ، فضربه مائة معقولاً، وغرَّبه إلى الشام، فكُلِّم فيه، فأذن له على أن لا يدخل المدينة.."(1)
وقد ذكر الباحث عبدالقدوس الأنصاري في كتابة (( بني سليم )) أن من بني سعد بن بكر من كانوا في بوادي المدينة المنورة مجاورين لغفار بن كنانة وجهينة وخزاعة وغيرها في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنة
ثانياُ : الهجرة الثانية في القرن الثاني الهجري نذكر منها قول أبو وجزة السعدي في رحيل قومة :
عفت مر من أحياء سعد فأصبحت ..... بسابس ، لا نار ، ولا نبح نابــــح (2)
فــأجــراع أوســاف فالاعوص كله ..... فبينة ، فالروضات ، حتى المقازح
كــأن لــم بـيـن الـثـنـيـة مـنــهـــم ....... وتقتد حــزم من غــريب ورائــــح
يعلق الأستاذ تركي القداح على هذا البيت بقولة " يفهم من هذا البيت أن بني سعد بن بكر بن هوازن هاجرت ديارها في زمن هذا الشاعر أبو وجزة السعدي المتوفي 130 هـ
خاصة أنّ أبن شبّة المتوفى سنة 262هـ يقول:" وعن شرقي خطة مزينة.. بنو سليم بن منصور أيضًا، وسعد ابن بكر بن هوازن بن منصور إلى دار خلدة بن مخلد الزُّرَقِي. وأدنى دار أمّ عمرو بنت عثمان بن عفان، إلى بيوت نفيس بن محمد، مولى بني المعلى في بني زُريق من الأنصار، إلى أن تلقى بني مازن بن عَدِيّ بن النجار؛ فهؤلاء الذين نزلوا مع مزينة، ودخل بعضهم في بعض. ونزلوا جميعًا لأن دارهم في البادية واحدة(3)
وقد روى أبو علي الهجري في كتابه"التعليقات والنوادر" عن رواة منهم وسماهم سعد الحضنة(4). وكان الهجري في المدينة المنورة في مطلع القرن الرابع الهجري تقريبًا.
وبهذا نعلم أنهم نزحوا منذ وقت مبكر لعله قبل سنة 130هـ أي قبل وفاة شاعرهم أبي وجزة السعدي الذي أشار إلى رحيلهم في إحدى قصائده المشهورة كما مر معنا
وثيقة لعلوان الجار الله السعدي من شيوخ بني سعد بن بكر بن هوازن في العراق قبل حوالي مائة عام سمَّى فيها فروعًا من بني سعد مما يؤيد وتعضد انتقالهم إلى العراق
أضف إلى ذلك أنّ قبر حليمة السعدية في مقبرة البقيع فكيف تكون قبيلتها شرق مكة في البوباة وتدفن في المدينة؟! كما أنّ لسان وشاعر بني سعد أبو وجزة السعدي، الذي قال له عمر بن الخطّاب: أتريد الرجوع إلى قبيلتك سليم، فرفض ذلك لأنهم سيعيرونه، دفن في المدينة( 5 )، ثم هناك جمع من أعلام بني سعد بن بكر يوصفون بعد ذكر اسم أحدهم بالسعدي المدني والمديني مثل: أبي وجزة، شاعر بني سعد بن بكر، وعبدالله بن جعفر السعدي وغيرهم(6)، كل هذا ألا يدل على شيء؟؟
قال أبو العباس أحمد بن علي القلشندي ( ت 821 هـ ) في نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب عن بني سعد بن بكر بن هوازن ..... وقد افترق بنو سعد في الإسلام ولم يبق لهم حي فيطرق إلا أن بأفريقيا من بلاد المغرب فرقة بنواحي باجة يعسكرون مع جند السلطان .
قال خير الدين الزركلي في كتابة الأعلام عن سعد بن بكر بن هوازن (( ..... وكانت منازل بني سعد بن بكر في الحديبية وأطرافها ومنهم بنو جودي كانوا في البيرة بالأندلس )) . انتهى
الهوامش
) 1) وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى، لنور الدين علي بن أحمد السمهودي، تح. محمد محيي الدين عبدالحميد، بيروت: دار إحياء التراث، [د.ت]، 1/764.
(2) منتهى الطلب من أشعار العرب، جمع محمد بن المبارك بن محمد بن ميمون، المتوفى 597هـ؛ تحقيق د.محمد نبيل طريقي، دار صادر، بيروت، 1999م، 8/230؛ وانظر: ديوان أبو وجزة السعدي، جمع ودراسة وليد محمد السراقبي، منشورات المجمع الثقافي بالإمارات، ص114 وما بعدها.
( 3) تاريخ المدينة المنورة، لأبي زيد عمر بن شبة النميري البصري؛ تحقيق فهيم محمد شلتوت، طبعه ونشره السيد حبيب محمود أحمد،-ط 2،[د.ت]، 1/265
( 4) التعليقات والنوادر، ط1، 1413هـ/1992م،1/ 75،25.
( 5 ) نزهة الجليس، للموسوي، مكتبة المعارف، الطائف،1/68؛ والطبقات الكبرى، لمحمد ابن سعد بن منيع الهاشمي البصري المعروف بابن سعد، تح. محمد عبدالقادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1410هـ/1990م، 5/395
( 6 ) انظر: الكنى والأسماء، لمسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري أبو الحسين (ت261هـ)؛ تح. عبدالرحيم محمد أحمد القشقري، ط1، المدينة المنورة: الجامعة الإسلامية، 1404هـ، 3/1077؛ والإكمال، لعلي بن هبة الله بن أبي نصر بن ماكولا (ت475هـ)، ط1، بيروت: دار الكتب العلمية، 1411هـ، 3/91؛ ولسان الميزان، لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت852هـ)؛ تح. دائرة المعرف النظامية، الهند، بيروت: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1406هـ/1986م، 7/442؛ وتهذيب التهذيب، لابن حجر العسقلاني، ط1، بيروت: دار الفكر،11/305؛ وتهذيب الكمال، ليوسف بن الزكي عبدالرحمن أبو الحجاج المزي (ت742هـ)؛ تح. د. بشار عواد معروف، ط1، بيروت: مؤسسة الرسالة، 1400هـ/1980م، 32/201؛ وفتح الباب في الكنى والألقاب، لابن حجر العسقلاني؛ محب الدين الخطيب، بيروت: دار المعرفة، 1/49، 185.